مازال هناك العديد من المنشآت الأثرية تحت الترميم، منذ أكثر من عشر سنوات ولم يتم افتتاحها بعد، وسط آتون من التصريحات للوزارة حول أولويات هذه المنشآت، غير أننا لم نلاحظ سوى هدم بعض هذه المنشآت مثل بيت مدكور وغيره من المنازل الأثرية، والأسبلة والمدارس.
ويعد سبيل "أحمد رفعت باشا" في شارع المشهد الحسيني، واحد من هذه المنشآت التي مازالت تحت الترميم منذ سقوط السقف، وأجزاء من الشبابيك في 2007، وحتى الآن لم تتخذ الوزارة خطوة واحدة للإنتهاء من ترميم هذا الأثر، الذي يعود للأمير أحمد باشا رفعت ولي العهد وأخو الخديوي إسماعيل، ليتحول السبيل بعدها إلى مثوى للحيوانات الضالة، وجراج لعربات الكارو، بعد أن أكلته الرطوبة ونخرت في أساسه الحشرات القارضة.
وكان الأمير أحمد، بنى هذا السبيل كعادة الأسرة العلوية في تخليد ذكراهم ببناء الأسبلة والتكايا، وكان هذا أمر مشهور في هذا الوقت، حيث ورثوا هذا التقليد عن العثمانيين.
يتكون البناء من سبيل مياه، وفوق المبنى مدرسة أو كتاب، ويعد السبيل تحفة فنية، حيث يتمتع السبيل الواقع أمام مسجد الحسين، بزخارف جمالية بألوان مختلفة رائعة، لكنه بسبب الإهمال تحول إلى مبنى مخرب تمامًا، مما شوه شكله الأثرى.
أما واجهة السبيل، فتحتوي على مجموعة من الزخارف التي يتوسطها آيات قرآنية "وسقاهم ربهم شرابا طهورا"، ومجموعة من النوافذ الحديدية على أشكال زهور وزخارف، كما أن السقف يحتوي على زخارف أيضًا، أما الدور العلوي، والذي سقط سقفه وجزء منه، فيحتوي على بلكونة من خشب الأرابيسك المطعم بالرخام والنحاس، على طراز فني يعود لعصر محمد علي.
ويقول أحد الباعة أمام السبيل، أن هذا الأثر تحت الترميم من قبل ثورة 25 يناير، موضحًا أن هناك العديد من المنازل بجانب السبيل تعرضت للهدم، مما دفع رئيس الحي لسند السبيل بعروق حديد حتى لا يسقط.
ويضيف عم محمد، الذي عاش بجوار مقام سيدنا الحسين منذ أكثر من ثلاثين عامًا، أن إحدى المعلمات من أصل تركي، تولت غدارة هذا السبيل والكتاب، وأشرفت على تعليمهم القرآن الكريم.
وتابع عم "محمد" في حديثه لـ"أهل مصر"، أن الحلواني الذي يملك فراشة أمام السبيل توفي منذ أيام، موضحًا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أعطاه هذه الفراشة أمام السبيل منذ الستينات، وعاش يكسب منها حتى توفي.
ويعد أحمد رفعت باشا (8 ديسمبر 1825 – 15 مايو 1858) هو الابن الكبير لإبراهيم باشا، ابن محمد علي، وكان من المفترض بموجب فرمان الوراثة أن يتولى حكم مصر بعد سعيد بن محمد علي بصفته أكبر أفراد الأسرة سنًا، ولكنه توفى في حادث.
ولكن بعد مقتل عباس الأول وتولي سعيد العرش، برز نجم إسماعيل، الذي لقى عطفًا كبيرًا من عمه الجالس علي العرش، حيث ولاه رئاسة مجلس الأحكام.
في سنة 1858، أقام سعيد باشا وليمة كبيرة بالإسكندرية، دعا إليها جميع أمراء الأسرة، بمن فيهم ولي العهد رفعت باشا، وبعد انتهاء الوليمة عاد رفعت باشا وبصحبته الأمير عبد الحليم بن محمد علي، وبعض رجال الحاشية بقطار خاص إلى القاهرة، وتصادف عند وصول القطار إلى كوبري كفر الزيات، أن الكوبري كان مفتوحًا لمرور السفن، ولم ينتبه السائق لهذا الخطر، فسقط القطار في النيل وغرق كل من فيه إلا الأمير عبد الحليم باشا، وبذلك وجد إسماعيل نفسه فجأة وليًا للعهد بحكم فرمان الوراثة.
يقول البعض، أنها كانت مؤامرة للإطاحة بالأمير أحمد رفعت، خاصة أن سعيد باشا كان يفضل عليه إسماعيل الذي جربه كثيرًا في إدارة بعض شئون الدولة، وكان خير سند له.