اعلان

تنمر "كي جي 2".. أطفال مصر "في سكة اللي يروح ما بيرجعش".. سوهاج: "التوحد" يجبر الأم على الذهاب لقضاء اليوم من نجلها بالمدرسة .. وفي الغربية كلمة "دمج" وصمة عار بالمدارس

صورة أرشيفية

احتلت مصر مرتبة كبيرة في انتشار ظاهرة «التنمر»، وأوضحت البيانات التحليلية أن 70% من الأطفال فى مصر يتعرضون للتنمر من زملائهم فى المدارس وما حولها من بيئة، كما أن هناك حوالى 50% من الأطفال حول العالم يتعرضون للتنمر، خاصة فى فترة المراهقة من 13 إلى 15 سنة.

«التنمر» شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف «فى الغالب جسديا»، هى من الأفعال المتكررة على مر الزمن والتى تنطوى على خلل قد يكون حقيقيا أو متصورا فى ميزان القوى بالنسبة للطفل صاحب القوة الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة.

وعرّف أحد العلماء التنمر المدرسى بأنه مجموعة من الأفعال السلبية من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل «التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم»، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدى كالضرب والدفع والركل أو حتى دون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدى مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته .

بدورها، أطلقت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، حملة «أنا ضد التنمر»، بالتعاون مع منظمة «اليونيسيف»، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، لتوعية الناس بأخطار ظاهرة «التنمر» على طلاب المدارس وإبراز دور المعلم وولى الأمر للمساعدة فى القضاء على هذه الظاهر.

وترصد «أهل مصر» فى هذا الملف انتشار ظاهرة «التنمر» فى عدد من المحافظات لتدق ناقوس الخطر لما تمثله تلك الظاهرة من خطورة على طلاب المدارس.

ـــ «التوحد» يجبر الأم على الذهاب لقضاء اليوم مع طفلها بسوهاج

فى سوهاج يقول «أ . ع» معلم وولى أمر تلميذ فى «الحضانة»، إن نجله يعانى من حالة «التوحد» وتم إلحاقه بإحدى الحضانات المجاورة للمنزل بإحدى قرى مدينة طهطا، وتذهب يوميا معه والدته وتبقى برفقته حتى تعود به إلى المنزل في نهاية اليوم الدراسى، لكنها لاحظت قيام المسؤولين فى الحضانة بتجاهل نجلها كثيرا ومحاولة عزله عن زملائه، لأنه لا يتكلم، على الرغم من أنه يعى ويفهم جيدا وكان يتحدث بشكل طبيعى لكنه أصيب بحالة جعلته يفقد الكلام ويصاب بالتوحد.

وأضاف أن ذلك جعل أولياء أمور الطلاب فى غضب شديد مما جعلهم يتحدثون لإدارة الحضانة لحسن معاملة نجله ودمجه مع زملائه، حتى يتاح له العلاج، فيما ذكرت والدة الطفل، أن جد الطفل وعمه قد يمنعاه من التواجد بينهم في حال حضور ضيوف للمنزل بسبب حركته الزائدة وعدم قدرته على الكلام وذلك «تنمر» بالطفل من قِبل الأسرة.

بينما قالت «إ. ن»، ربة منزل، إن ابنتها تعانى من تشوه فى شكل الجمجمة وذهبت للتقديم لها في أكثر من مدرسة، إلا أنه تم رفضها لوصفها أنها معاقة ذهنيا مع العلم أن تفكيرها سليم كليا وحركة جسدها طبيعية غير أن رأسها يوجد بها اختلاف عن باقى زملائها، إلا أن التربية والتعليم ترفضها وتريد أن تلحقها بفصول الدمج المخصصة للمعاقين ذهنيا برغم من كفاءة تفكيرها، مضيفة أنها تعتبر ذلك تنمرا من إدارة المدرسة على ابنتها مما يسبب لها أذى نفسيا كبيرا.

ويؤكد «ف. ع»، ولى أمر طالب فى الإعدادية، إن نجله يعانى من القصر فى القامة، مما جعل أصدقائه يتحدثون عنه ويلقبونه بألقاب سيئة، مما يعد تنمرا كبيرا منهم تجاه الطفل الأمر الذ ألحق به الأذى النفسى لدرجة أنه لا يرغب فى الذهاب للمدرسة، لذلك يجب على المعلمين الانتباه لتلك وحث الطلاب على قبول اختلاف الآخر مهما كان لأن ذلك ليس بيده.

أما «ع. ط»، إحدى معلمات رياض الأطفال، تقول إنه يوجد لديها بالحضانة فى التعليم العام بعض التلاميذ غير القادرين على الاندماج مع زملائهم ويتم الاستعانة بالأخصائى النفسى والاجتماعى لتدريبهم ومساعدتهم فى الاندماج برفقة الزملاء، بالإضافة أنه يتم تعليمهم من معلمات الحضانة كباقى الزملاء مع مراعاة الفروق الفردية بينهم، فى محاولة جادة لإدماجهم بين الزملاء لسرعه الاستجابة والعلاج وعودتهم إلى حياة طبيعية.

من جانبه نفى مصدر بمديرية التربية والتعليم فى سوهاج، وجود حالات تنمر بين الطلاب وإن وجدت فهى قليلة جدا ويتم معالجتها فى الحال، مضيفا أننا نسعى كثيرا لتعريف العاملين بالتنمر وأسبابه وطرق علاجه.

وأضاف المصدر، أن الطلاب الذين يعانون من بعض الإعاقات الذهنية يتم وضعهم في برنامج لدمجهم بين باقى الزملاء، ومن يرغب من الآباء وأولياء الأمور فى دمج أبنائه بمدارس التعليم العام مع الطلاب يتم دعمه ومساعدته فى ذلك، وهناك بعض أولياء الأمور يفضلون نقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة مثل الصم والبكم ومدارس الأمل وذوى الاحتياجات الخاصة فى سوهاج .

ـــ فى الغربية.. كلمة «دمج» وصمة عار بالمدارس.. والإيذاء النفسى يعرض التلاميذ للانطواء

ظهرت حالات كثيرة خلال السنوات السبع الأخيرة بمحافظة الغربية، وذلك بعد استحداث قسم الدمج فى مديرية التربية والتعليم، وتخصيص أماكن للطلبة فى المداس.

يقول «عادل. س» أحد أولياء الأمور، إن طفله قد تعرض للإيذاء النفسى، وذلك بعد دخوله مدرسة «الحسن والحسين» الابتدائية بالمحلة الكبرى، بسبب إصابته بإعاقة بدنية حيث «صوان الأذن اليمنى» غير موجود، ويسبب ضعف فى السمع، مضيفا أن ذلك الأمر يؤرقه ووالدته بسبب بكائه المستمر لسخرية زملائه من شكل أذنه.

وأضاف ولى الأمر، أنه أسرع فى إبلاغ الأخصائى النفسى، فسلوك الطفل تغير خلال الفترة التى دخل فيها المدرسة، فبعد أن كان متحمسا لدخول المدرسة أصبح انطوائيًا رافضا التعامل مع الجميع وامتنع عن الطعام، حتى لجأ للعمليات الجراحية، ولكن بعد فترة بدأ فى العودة لطبيعته مرة أخرى بعد عدة جلسات نفسية، لتقويم السلوك وتقبل الذات، حتى أنه ذهب للمدرسة وتحدث مع زملائه ونصحهم بتقبله وأن الله خلقه بهذه الصورة والله لا يخلق شيئًا قبيحًا.

وتقول ريماس عاطف، ربة منزل، إن والدتها قد توفت وتركتها هى وشقيقها الأصغر «عمرو»، وهو مصاب بمتلازمة «داون»، وكانت فى بداية زواجها، وواجهتها العديد من المشاكل خاصة أن والدتها كانت هى من تتعامل معه وترعاه، وأنه مع دخوله المدرسة الإعدادية بدأت المعاناة، حيث شقيقها مفرط فى الحركة ومحب للرياضة جدا، ورغم ذلك كان المعلمون دائما يمنعونه من المشاركة فى حصص الألعاب.

وأضافت، أنها بدأت التعامل مع شقيقها وقدمت له فى النادى وبدأ في ممارسة رياضة العدو ودخل الأولمبياد الخاصة أكثر من مرة وفاز بالميدالية الذهبية والبرونزية فى البطولات الخاصة، إلا أنه أيضا ما زال يعانى من «التنمر» من قبل زملائه.

الإسكندرية.. كوارث المدارس تدق ناقوس الخطر

انتشرت ظاهرة «التنمر» بشكل مخيف خلال الفترة الأخيرة بمدارس الإسكندرية، بأنواعه سواء لغوى أوجسدى أوعاطفى، وشهدت إحدى المدارس الخاصة الشهيرة بالإسكندرية مؤخرا واقعة قيام أحد الطلاب بالاعتداء بسلاح أبيض «كاتر» على زميله محدثا إصابة له في يده، كما شهدت إحدي المدارس أيضا قيام 4 أطفال بالهجوم علي طفل زميلهم والاعتداء عليه بالضرب وقاموا بالكتابة على يده، فى مشهد يكشف مدى تفشى وتمادى تلك الظاهرة داخل المدارس بشكل مقلق.

وقالت إحدى أولياء الأمور، إنه عند حدوث مشكلة ما بين نجلها وأحد أصدقائه تقوم بالتواصل مع ولى أمره وإعلامه بمشكلة نجله وكل منهما يبدأ في توعية نجله وتعليمه معنى الصداقة وكيفية حب واحترام أصدقائه، مضيفة أنه فى حالة تعرض الطالب لحالة تنمر من بعض أصدقائه فعليه أن يأخذ موقفًا منهم وأن يتجنبهم، وإذا استمروا فى ممارساتهم يتم التواصل مع أولياء أمورهم وإخطارهم بما حدث، مؤكدة أن هناك كوارث تحدث كل يوم داخل المدارس بسبب مشاجرة الطلاب مع بعضهم البعض.

وفى هذا الصدد، شهدت مدينة الإسكندرية إطلاق برنامج «كتف فى كتف»، وذلك بالجهود الذاتية بالاعتماد على عشرات المتطوعين من الخبراء فى المجالات النفسية والتربوية والاجتماعية والكشفية، لتفعيل خطة منظمة «اليونيسف» ووزارة التربية والتعليم للقضاء على ظاهرة التنمر فى المدارس، وتحويلها من شعارات توعوية إلى برنامج تطبيقى قادر على خلق بيئة مدرسية آمنة.

ويسعى القائمون على البرنامج إلى حوكمته كأول برنامج تطبيقى يتم تنفيذه فى المدارس المصرية للوقاية من التنمر والعنف المدرسى، وذلك بغرض تقديم نموذج قابل للتكرار والتطبيق فى كافة أنحاء الجمهورية، وقابل للتطويع وفقًا لمعطيات البيئة الاجتماعية.

كما أطلقت هبة أحمد شاهين، مديرة مركز لتنمية مهارات المرأة والطفل بالإسكندرية، وإحدى أولياء الأمور، مبادرة «أنا ضد التنمر» فى الإسكندرية وتهدف لزيادة الوعى لدي المؤسسات التعليمية وأولياء الأمور والطلاب بخطر التنمر والعمل على القضاء عليه منذ الصغر، وفى السنوات الأولى من التعليم الابتدائى، حيث تتشكل فيها اللبنة الأولى من شخصية الطفل.

وقالت «شاهين»، إن من يقع عليه التنمر قد يصل به الأمر إلى الانتحار، لذلك فإن مناهضة التنمر تستوجب الاهتمام بجميع الأطراف والمشاركة وعمل ورش متخصصة لإنهاء الأزمة كليا، مضيفة أن ظاهرة التنمر انتشرت بشكل كبير فى المدارس، ولكن هناك حالة من التعتيم على الأمر.

وأكدت، أن التنمر ليس أمرا سهلا كما يعتقد البعض، وليس من السهل أن يتخطاه الطالب، فالأمر يحتاج لبذل جهود كبيرة من أجل مواجهة تلك الظاهرة، مشيرة إلى أنه يتم إبلاغ خط «نجدة الطفل» بكل حادثة تنمر يتعرض لها أطفال الإسكندرية يتم رصدها داخل المدارس، كمحاولة للتصدى لتلك الظاهرة التي تؤثر بالسلب على من يقع ضحية للتنمر.

وفى ذات السياق، قال هانى ناصف، رئيس مبادرة «علمنى من فضلك» بالإسكندرية، إن ظاهرة التنمر انتشرت بشكل خطير في مدارس الإسكندرية خاصة الحكومية، حيث تنتشر بين طلاب المرحلة الابتدائية خاصة بين طلاب الصف الثالث والرابع الابتدائي نظرا لتغير المنهج الدراسى والمعلمين، ويبدأ الطلاب في الخروج عن سيطرة المعلمين وشعورهم بأنهم أصبحوا كبارًا ويبدأن فى تكوين مجموعات ويعكفون على اضطهاد أحد زملائهم الذى يعانى من ضعف في الشخصية أو من إعاقة جسدية أو من طلاب الدمج وغيره، ويمارسون أعمال العنف تجاهه.

وأضاف «ناصف»، أن تلك الممارسات قد تؤدى إلى إصابة الطالب بالإحباط والنفور من التعليم وعدم الذهاب إلي المدرسة والشعور بالانطوائية خاصة إذا كان يعانى من إعاقة، فإن ذلك قد يحطمه نفسيا، مطالبا بضرورة الالتفاف حول تلك الظاهرة والقضاء عليها بطرق حديثة مجربة من قبل وناجحة ليتم القضاء عليها بصورة نهائية، وذلك من أجل خلق جيل واعٍ يكون نواة للغد، قادرا عى الابتكار والتطوير من أجل بناء الوطن والنهوض به.

فى السياق ذاته، أكدت الدكتور نبيلة السيد، أستاذ بقسم الصحة النفسية بجامعة سوهاج، أنه لابد من العمل على القضاء على التنمر وعلاج تلك الظاهرة والانتباه لها فى المدارس وفى المنازل، مضيفة أن كثيرا من المعلمين يؤثرون سلبيا فى معاملاتهم على الطلاب المختلفين عن أقرانهم بالمدارس، وأيضا فى المنازل على أولياء الأمور تقبل أبنائهم بما هم عليه والسعى لعلاجهم ودمجهم بالآخرين، وعدم صب الغضب عليهم بسبب تصرفاتهم أو أشكالهم.

وفى هذا السياق، قالت هبة شومان، أخصائية نفسية، إنهم كثيرا ما يواجههم مشكلات التنمر على ذوى الاحتياجات الخاصة بالمدارس، سواء من الطلاب أو المعلمين، فالطلاب دائما كانوا يوجهون إليهم كلمة «دمج» وكأنها «شتيمة»، موضحة أن من أساسيات عملها دخول لجان الامتحان لقراءة ورقة الأسئلة، فكانت تتردد على مسامعها جملة «سيبيهم يامس دول دمج، كدا كدا من هيحلوا حاجة»، وهو ما كان يوثر فى نفسية الطالب صاحب الإعاقة.

وأضافت «شومان»، أن من أكثر الأطفال الذين يعانون من «التنمر» هم ذوو الإعاقة الحركية و«متلازمة داون»، وذلك بسبب الشكل الظاهرى، حتى وصل الحال بإحدى الطالبات إلى حالة من الهياج وضرب وعض زميلاتها، فما كان منها إلا عزلها فترة زمنية لتهدأتها، ومن ثم إعادة دمجها بين زميلاتها فى الفصل، ومن هنا نشأت فكرة مبادرة «H E»، وهى عبارة عن توعية الطلاب الطبيعين بحالة الأطفال ذوى الإعاقة ولكن بصورة بسيطة.

وأوضحت، أنها فى بداية المبادرة أعطت الطلاب كلمة مكتوبة على ورقة وهى «التنمر» وطلبت من كل طالب البحث على الإنترنت عن معنى تلك الكلمة ومفرداتها، وفى اليوم التالى بدأ كل طالب فى شرح الكلمة، ومن هنا تمكنوا من استيعاب معنى ما يفعلون، كما اصطحبت الأطفال الطبيعين مع زملائهم من طلاب الدمج فى رحلات لمدارس التربية الفكرية، لرؤية زملائهم ذوى الإعاقة الأشد لتقديرهم ما هم فيه، والتعود على حسن التعامل مع زملاءهم.

وأكدت، أن منظمة «اليونسيف» قدمت عددًا من التدريبات فى مجال منع «التنمر» بالنسبة للطلاب الطبيعين، لكنها حاولت توجيه تلك التدريبات لمجال ذوى الإعاقة الذين يعانون من تلك الظاهرة، فأول تدريب كان بجامعة عين شمس عن التوحد وتنمية الذكاء، والآخر بجامعة الإسكندرية عن وسائل التعلم.

ومن جانبه، قال محمد السباعى، المسؤول عن لجان الدمج بوزارة التربية والتعليم، إن القسم يتلقى شهريا عددًا من الشكاوى من قبل الأخصائيات النفسيات بالمدارس على مستوى الجمهورية، وبناء عليه يبدأ بإعداد برامج تأهيل ووسائل توعية للطلاب الطبيعين والمدرسين على حد سواء، كما تم توقيع بروتوكول مع منظمة «اليونيسيف» وتجهيز مقرات بكافة مديريات التربية والتعليم لتدريب المعلمين على التعامل مع الأطفال ذوى التأخر الذهنى ووسائل إيضاح لكافة المواد العلمية.

وأضاف «السباعى»، أنه بالنسبة للطلاب يتم وضع برامج توعوية وأنشطة مشتركة بين أطفال الدمج والأطفال العاديين وتكليف البعض بإعداد مجلات الحائط مرة كل شهر عن ذوى الاحتياجات الخاصة.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً