يُعد سوق الجمعة بالمحلة الكبرى، ملاذ الفقراء ومحدودي الدخل، من أهالي الغربية عامة، وأهالي المحلة الكبرى بشكل خاص، كل شتاء وبالتحديد ركن البالة، فمع تعويم الجنية، رافقه انفجار في أسعار كل شيء، وخاصة الملابس الشتوية، المستوردة والمحلية التي تعتمد على خامات معظمها مستورد.
فمع موجة الغلاء يصوب المواطن البسيط، وجهته غالبا إلي ما يتناسب مع دخله ويعينه علي ظروف الحياة متغاضيا عن شراء الملابس الجديدة، والباله هي استيراد الملابس التي استغنت الدول الأوربية والخليجية عنها ، ولا يستخدمونها أو بها عيوب صناعة، ولكنها تتناسب تماما مع ظروف المواطن المصري، والتي تنقسِم لـ"كريمة، ودرجة أولى، ودرجة ثانية"، وتترتب من الأجود للأقل جودة، فالكريمة الأخف استعمالاً، والأكثر جودة.
واللافت للنظر أن الفترة الأخيرة، قد شهدت تزاحم الطبقة المتوسطة وميسوري الحال الفقراء على سوق البالة، "أهل مصر" تتجول في السوق لتنقل لكم الواقع المر وتعايش الأمر على أرض الواقع.
سوق الجمعة، بمدينة المحلة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية، يقصده أسبوعيا آلاف المواطنين، نظرا لتوافر كل شيء به من الإبرة للصاروخ، كما هو متعارف في اللغة الشعبية الدارجة هنا، ولكن الأغلبية العظمى في فصل الشتاء تقصد، سوق البالة، والذي إذا تجولت به وجدت كل ما تتمناه من ملابس بمختلف أنواعها والبطاطين ومشتقاتها، واللافت للنظر أن السوق متنوع ما بين المحلات، والباعة الجائلين كلا منهم متخصص في نوع ما من الملابس.
البداية عندما التقينا "رضا شحاته"، صاحب محل للبالة بوسط السوق، حيث قال لأهل مصر: "السوق انضرب خلاص وحركة البيع قلة مش هانقول ماتت الحمد لله ماشية لكن مش زي زمان المستعمل حاليا بسعر الجديد زمان، وأغلى كمان، تخيلي أن القطعة الى كنت بشتريها ب 2 جنيه وابيعها بـ10 و 15 ، بقيت بشتريها ، بـ43 وأبيعها 65، ودي ارخص حاجه حاليا، وفي فصل الصيف أما الشتوي، فأقل جاكيت حاليا بنبيعه 280 جنية وبعد فصال كمان"، وعن أماكن الاستيراد، قال شحاته " إيطاليا وبلجيكا لأنهم شبهنا غلابه أوربا وذوقهم تقريبا شبهنا.
وأضاف "شحاته" فى البدايه كان الطن المستورد لا يزيد عن 35 ألف جنيه ، لكن الأن وصل لأكثر من 75 ألف على حسب حاله ونوعيه البضائع ، وأيام الأوكازيون نفتح المحلات ونفترش الشارع ونبيع الملابس بالكيلو ، ويبدء سعر الكيلو من 80 جنيه حتى 150 جنيه.
وفي أثناء جولة أهل مصر بالسوق، تحدثنا مع "سيد حسين" موظف بإحدى الشركات الحكومية الخدمية، بمدينة سمنود، قال" الحال على القد ويادوب نكسي نفسنا بهدمتين من هنا مش علشاني انا من 3 سنين مجبتش جاكت جديد، الكلسون بيسترنا في الشتاء والحمد لله، انما الأولاد ملهمش ذنب، وبفرحهم بحاجه، وقلت انزل اشتري أول ماقبضت قبل ما المرتب يتصرف، وعن السعار قال "والله بثمن اسعار الجديد زمان بس مقدرش اشتري الجديد الآن".
أما مفاجأة اليوم، كانت سيدة يظهر عليها علامات الراحة المادية، فهي مهندمة الملبس، وتردي نظارة شمسية ماركة مشهور، اقتربت منها محررة أهل مصر وسألتها عن سبب تواجدها هنا، في البداية رفضت الحديث، والتصوير، لكنها عادت لتتحدث بدون تسجيل أو تصوير.
وقالت: "جئت إلي هنا لأشتري جاكيت لابنتي الجامعية ، لأن هذه الماركة التى اشتريتها تتخطى 3700 جنيه، لو اشتريته جديد، لكن هنا اشتريته بـ 900 جنية، وقابل ما اروح هاروح على دراي كلين اغسله واكويه، وارجعه اكنه جديد، واروح اشتري حاجه رخيصة من محل ملابس شهير، واستغل الشنطه بتاعته، واحط فيها الجاكيت بعد دورة التنظيف، وأقدمه لابنتي، حتى لا أكسر فرحتها بالملابس الجديدة وحتى لا أشعر بحرج أمامها.