سادت حالة من الجدل خلال الأيام الماضية في ولاية لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد قرار إزالة تمثال الرحّالة الإيطالي الشهير، ومُكتشف أمريكا الشمالية من القرن الخامس عشر، مثلما اشتهر خلال القرون الماضية-، فبرغم بقاء التمثال بحديقة جراند بارك في الولاية الأمريكية لمدة 45 عامًا، إلا أنه تم سحبه بعد الإحتجاجات المُتكررة من جماعات السكان الأصليين في أمريكا على الاحتفال بماضي البحار الإيطالي، الذي يعتبرونه سببًا لإبادة جماعية أنهت أسلوب حياتهم، وانتشر مقطع فيديو عبر وسائل الإعلام الأمريكية، يظهر خلاله عشرات من السكان الأصليين بالولاية الأمريكية يزيلون تمثالا من البرونز للمستكشف الإيطالى كريستوفر كولومبوس من وسط حديقة جراند بارك، وكان اتحاد نقابات جنوب كاليفورنيا قد أهدى التمثال إلى إدارة الولاية سنة 1973.
رغم حمل كولومبوس للقب "مكتشف أميركا" في العرف الثقافي الشعبي، إلّا أن هذا المعلومة خاطئة تاريخيًا فأول من وصل القارة الأمريكية من البشر هم شعوبها الأصلية الذين هاجروا إليها واستوطنوها. ووفقًا للأدلة الأثرية والوراثية فإن أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية كانت آخر قارتين يسكنها البشر وتشير الدراسات الوراثية للشعوب الأصلية أن السكان الأصليين للأمريكتين، تشاركوا النشأة وتطوراتها بدايةً من الانعزال الحاصل في بيرنجيا . واستمر انعزال الشعوب الأصلية في بيرنجيا لنحو 20 ألف سنة، تبعًا لما تُشير إليه الأدلة. وفي حادثة قضت على الدلائل، بدأت المجلدات في الذوبان قبل حوالي 16 ألف سنة، ما سمح للناس الاتجاه صوبَ الجنوب والشرق نحو ما يُعرف الآن بكندا.
من شخصيته جاء وحي اسم كولومبيا
في مدينة جنوة الإيطالية وُلد كلومبوس، وبجامعة بافيا درس علوم الطبيعة والفلك والرياضيات.. تأثُّر كلومبوس بالطبيعة تجاوز حدود المعرفة، فهي تُناسب طبيعته الإستكشافية المُغامرة، عبر المحيط الأطلسي، ووصل إلى الجُزر الكاريبية في 12 أكتوبر 1492 كرحلة أولية.. أما الرحلة الثانية، كانت طريقه لاكتشاف العالم الأمريكي الجديد في العام 1498.. بعض الآثار تدل على وجود اتصال بين القارة الأوروبية والأمريكية حتى قبل رحلة كولومبوس لتلك الأرض بوقت طويل، ومن شخصيته جاء وحي اسم بلد "كولومبيا".
مدونات كلومبوس البحرية تكشف عن رحلاته
تولدت لدى الرحّالة الإيطالي فكرة هذه الرحلة والرغبة في تحقيقها للشهرة والثراء أيضًا، فضلاً عن تعصبه لكاثوليكيته، إذ وُلد ولديهِ الرغبة في ايجاد طريق آخر غير الطرق التي تمر ببلاد المُحمديين على حد تعبيره في مدوناته البحرية.. بذل جهدًا كبيرًا في الدراسة البحرية العملية الحديثة وقتها. كما أقر علماء عصره أن العبور إلى شبه القارة الهندية وقارة آسيا لا يقتصر فقط على الرحلات المتجهة حيثُ الشرق، ولكن إمكانية الوصول ممكنة بالإتجاه ناحية الغرب وذلك لكروية الأرض.
انطلاقًا من وجهة النظر هذه، قرّر كلومبوس المغامرة معتمدًا على أحدث خرائط أهم علماء عصره الإيطالي باولو توسكانيلي، واكتشف ما تُسمى اليوم جزر الباهاماس إلا أنه أطلق عليها اسم "سان سيلفادور"، والتي كانت أولى الخطوات للوصول إلى كوبا.
وصوله إلى الهند .. وعقد اتفاقية مع ملوك اسبانيا
كان باعتقاد كولومبس أنه وصل إلى ما يسمى بالهند الغربية، وكانت رحلاته موفقة حيث استطاع إحضار الذهب الكثير، وامتلاك العديد من الجزر التي سميت بالهندية. ملك وملكة إسبانيا كانا في غاية الفرح لما توصل إليه البحار المكتشف كولومبس.. وفي 30 أبريل من العام 1492 وقّع الملوك الكاثوليك الإسبان إتفاقية مع كريستوفر، جاء فيها أن كولومبوس “كمكتشف للجزر والقارات في البحر والمحيط وانطلاقًا مما سبق سيُمنح رتبة أمير البحار والمحيطات كقرار ملكي يسري في جميع أنحاء البلاد. و يضاف إلى ذلك أنه سيمنح 10% من الذهب والبضائع التي سيحضرها معه بدون أية ضرائب.
ولأنه كان توّاقًا لاكتشاف ما هو أبعد، لم يتوقف كولمبوس وعاد ليُبحر ثانية من موانئ إسبانيا بإسطول – وهو ميناء مكون من 17 سفينه- يرافقه 1500 بحار، وكانت سفنه مجهزة بتموين يكفيهم 6 أشهر.. كسابقتها لم تبؤ هذه الرحلة بالفشل، فقد اكتشف جزر جديدة، من ضمنها ما يعرف اليوم بجزر الأنتيل ومن بعدها البحر الكاريبي من الجهة الجنوبية لكوبا. كل ذلك في سبيل بحثه عن الهند.