في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، كان على العالم المصري الدكتور حاتم زغلول، أن يتخذ قرارًا مصيريًا، بعد حالة من عدم الرضا التي أصابته من الأوضاع الاقتصادية التي كانت في مصر خلال تلك الفترة، ليقرر السفر إلى كندا عام 1983 قبل إنهاء رسالة الدكتوراه، ليصبح بعدها واحدًا من العلماء الذين اعتبرتهم كندا كنزًا وطنيًا، حيث تمكن من اختراع تقنية «الواي فاي»، الذي سهل خدمة الإنترنت وساهم في زيادة سرعته ونقله للهواتف النقالة.
تفاصيل كثيرة رواها «زغلول» في حواره مع «أهل مصر» عن قصة سفره للخارج ونجاحه هناك، وعن الاختراعات الجديدة التي ستشهدها مصر الفترة المقبلة، وإلى نص الحوار..
- كيف توصلت إلى اختراع «الواي فاي»؟
البداية كانت عام 1989 أثناء تحضيري للدكتوراه في الفيزياء من كندا، قامت شركة التليفونات في الولاية التي كنت أقيم فيها «شركة اتصالات تيلاس»، بتعييني في مركز الأبحاث والتطوير، وطلبت مني أن أساعدها في تحديد التكنولوجيا التي سيستعملونها، والبحث عن وسيلة للارتقاء بالهواتف النقالة وزيادة سرعة الإنترنت حيث كانت تعمل وقتها بخدمة «التو جي» التي كانت أول تكنولوجيا رقمية في ذلك الوقت.
كان هناك 6 تكنولوجيات مقترحة، اكتشفت أنا وزميلي «ميشيل فتوشي»، أن كل تلك التكنولوجيات بها عيوب وغير مصممة بشكل جيد، ومن هنا كانت البداية والتي بنيت عليها قاعدة الواي فاي، لاقتراح ما يعرف بـ «WOFDM»، والتي تتيح الاتصال اللاسلكي عالي السرعة بين الأجهزة الإلكترونية وبعضها مثل الحواسيب الشخصية والهواتف المحمولة، ثم سجلت أنا وصديقي براءة اختراع، في أمريكا وكندا وسجلناه باسمنا.
وفي عام 1991 تم الإعلان رسميًا عن اختراع خدمة «الواي فاي»، وتم اختراع أول هاتف يعمل بـ«الواي فاي» عام 1993
- ما الذي ينقصنا حتى تصبح مصر من الدول المتقدمة في التكنولوجيا؟
ينقصنا تغييرًا جذريًا في منظومة متكاملة تؤثر على التكنولوجيا وتطورها، بداية من الشارع المصري، الذي لابد أن يكون ملائم لحياة المخترع ويساعده على الإبداع والابتكار، أيضًا تغيير نظام الجمارك في مصر، فلابد من فتح الباب أمام منتجات وقطع إلكترونية بشكل أكبر ويسمح بدخولها مصر، فيمكن تنظيم المراقبة على الأشياء التي تدخل مصر بدلًا من منع دخولها نهائيًا، وهذه ليست نظرة تشاؤمية وإنما نحن نستطيع في شهرين تحويل مصر من على ما هي عليه إلى دولة على بداية الطريق أن تكون متقدمة تكنولوجيًا.
- هل ستشهد مصر اختراعًا جديدًا في التكنولوجيا قريبًا؟
نعم.. حاليًا نعمل على تكنولوجيا جديدة وهي الـ«6 جي» والتي ستساهم في تغيير فلسفي وجذري في الشبكات، فسيكون تغيير في الشبكات وليس الهواتف، وسيتيح دخول الانترنت إلى 4 مليار شخص في الدول الفقيرة وتزويد المبيعات بصورة هائلة، حيث ستكون الشبكة أرخص إلى حد كبير وسيكون هناك موبايلات بأسعار أرخص وبإمكانيات عالية جدًا، فنحن نتعامل بمبدأ أن الموبايل لو إمكانياته ضعيفة جدًا ولكن تعرض لشبكة سريعة فإنه يبدأ في إظهار إمكانيات أكثر.
التكنولوجيا الجديدة لا تقتصر على اختراع موبايلات جديدة، وإنما إدخال «الواي فاي» وخدماته بشكل جديد، والجمع بين أكثر من تطبيق في آن واحد، على سبيل المثال المكالمات الدولية عبر برامج الـ«سكايب والإيمو والفايبر»، سيكون متاحًا جمعها في آن واحد كل على حسب دولته والمتاح بها.
النظام الجديد سيكون طريقة توصيل الميديا، فسيحل محل التلفزيون والراديو، وسيوصل للمستخدم المعلومات «متفصلة عليه»، بكل احتياجاته، أيضًا ستجعل تلك التكنولوجيا الحاسب الآلي تتمتع بذكاء اصطناعي أكثر من جوجل، فسنتمكن من الوصول إلى المعلومات التي تصل لها جوجل ونتخطاها، ونقدم خدمات للناس مناسبة لهم ولاحتياجاتهم، فالتليفون سيكون رفيق الشخص يساعده في كل احتياجاته الشخصية والعملية واليومية، ليصبح الاتصال يخدم الإنسان وليس المعلنين،
التكنولوجيا الجديدة ستشمل تغيير للشبكات وستندرج تحتها كل الشبكات الموجودة حاليًا، ستحتوي على أسس للتعليم الإلكتروني، وأسس للرعاية الصحية الإلكترونية، الدواء الإلكتروني، أيضًا سيستطيع الأب معرفة ماذا يفعل ابنه على الشبكة، وغيرها من الخدمات الجديدة التي ستشهدها التكنولوجيا.
- متى ستكون تلك التكنولوجيا الجديدة جاهزة للتطبيق؟
حاليًا بدأنا بتكوين فريق العمل على تلك التكنولوجيا الجديدة، والذين وصل عددهم إلى 15 عضوًا حتى الآن، وأتوقع أن يصلوا خلال الشهرين المقبلين إلى 300 شركة، وسيكون مركزنا مصر وسيكون لنا دور كبير في خروج هذا النظام الجديد للنور وللعالم كله.
بدأنا في تركيب الشبكات ولكن «السوفت وير» الخاص بها غير جاهز حاليًا بنسبة 100%، ولكن أتصور خلال سنة سيكون جاهز، وخلال الـ6 أشهر القادمة سيتم الإعلان عن شبكات جديدة، وخلال سنة سنعلن عن ظهور تكنولوجيا «6 جي» بشكل كامل.
- ماذا عن التجسس عبر الهواتف المحمولة؟
التليفونات والإنترنت هم أكبر جواسيس علينا، والتليفون يتنصت على كل شيء يتم من خلاله، حتى لو البطارية ليست داخلها جهاز التجسس تستطيع تشتغيل التلفون، وهذا بالمثل بالنسبة للانترنت، فيجب أن نكون على دراية أنه لا يوجد خصوصية على الهواتف المحمولة أو ما يتم على الإنترنت وجوجل، لأنها معروفة ويمكن الوصول إليها بسهولة، حيث يتم تسجيل كل البيانات من شبكات GSM ويمكن منها معرفة المتصل والمتلقي ومدة المكالمة، والكثير من الحكومات تستخدم هذه الطريقة في التجسس على دول أخرى.
- هل العقلية المصرية لديها القدرة على منافسة الاختراعات العالمية؟
المصريون بلا شك من أفضل المخترعين في العالم، فنحن نمشي بمبدأ «الحاجة أم الاختراع»، ونحن قدمنا للعالم اختراعات وابتكارات كثيرة جدًا، مثل «الواي فاي»، وأيضًا الدكتور طاهر الجمل والذي يعد من أكبر علماء التشفير في العالم، والدكتور ياسر أبو مصطفى، المعروف بأبحاثه وأنشطته التعليمية في مجال التعلم الآلي، والدكتور محمد سند هو عالم مصري طور «الويرلس الداخلي» للكمبيوتر و«الإيريال» غير الظاهر للموبايل، وغيرهم من الباحثين والمخترعين الذين أثبتوا أن مصر لديها القدرة على المنافسة في مجال التكنولوجيا.
- رسالتك للموهوبين والمخترعين الصغار؟
أهم شيء أن الاختراعات يصحبها علم، فلابد أن يعي الشخص بأهمية الاختراع وكيف يعمل وما الفائدة التي ستعود منه، وبالنسبة للمخترعين يجب أن يسجلوا براءة اختراعهم بأكاديمية البحث العلمي، ويبدأون في تنفيذ اختراعاتهم وتحويلها إلى منتجات، وأيضًا أن يكونوا على دراية بالتسويق، أيضًا الاهتمام بالعلوم والرياضيات، ولا يحمل هم الماديات لأنها سوف تأتي مع النجاح الذي سيحققه.