يعد شارع الصليبية المتفرع من شارع بورسعيد، من أهم الشوارع الأثرية في قلب القاهرة التاريخية، لما يحوي بداخله من كم عظيم من الآثار الموجوده به، ومع ذلك لم يتم وضعه على الخريطة السياحية والاهتمام به كما يهتم بشارع المعز رغم أنه يساويه من حيث كم الآثار.
الشارع بطول حوالى نصف كيلو متر، يصل بين ميدان صلاح الدين أمام مدرسة السلطان حسن، و ميدان السيدة زينب، وأطلق عليه المستشرقون شارع الصليبية نظرًا لتقاطع الشارع مع الشارع الأعظم.
ووسط الشارع المكتظ بالآثار، الذي تظنه من مجرد الحديث عنه أنه تحول لمتحف مفتوح يليق بعظمة الآثار التي يحويها، لكن الحقيقة لم تكن كذلك، فبمجرد المرور من الشارع حتى تشم رائحة القمامة النفاذة التي تصل إليك على بعد أمتار نظرا لكثرتها، ناهيك عن الضوضاء والمباني العشوائية الآيلة للسقوط التي تهدد آثار الشارع بالانهيار، فضلًا عن العديد من المخالفات في حق المباني الأثرية والتي تأتي في مقدمتها بناء منازل ملاصقة للمباني الأثرية بالمخالفة لقانون الآثار، بل تعدتها إلى الاستيلاء على أجزاء من أراضي تعود لبعض المباني الأثرية.
ولم يعد من الغريب أن تشاهد بقايا بعض الآثار التي تهدمت بالكامل ولم يتبقى منها سوى حائط أو جدار به نافذة أو باب أثري يرجع لعصر من العصور الإسلامية.
ملك الحاج عبد الحميد المليجي، مدرسة محمد علي الإعدادية بنين، يقع بين المدرسة وقطعة الأرض الفارغة والتي تم تسويرها بسور ملاصق لبقايا جدار أثري يعود للعصور الإسلامية الأولى، الجدار به نقوش إسلامية عبارة عن زخارف وورود ومجموعة من النجوم التي تعود للطراز الإسلامي، ونافذة عليا بها نقوش إسلامية.
كما يحتوي الجدار على باب به مجموعة من الزخارف الإسلامية ونافذة حديدية تعود لنفس الحقبة، أمام الجدار تل من بقايا الأحجار المتهدمة من الجدار تحيطها القمامة والحيوانات الضالة.
لم يعلم أحد من سكان شارع "مارسينا" شىء عن الجدار، إلا أنهم أجمعوا على أنه جدار لمبنى أثري يعود لعصر سلاطين المماليك، فيقول صاحب محل مخللات، أن وجهة هذا البناء الأثري تطل على الشارع الآخر ولكن الإهمال أدى لتهدم أجزاء منه.
وفي عدم إكتراث تقول إحدى السيدات، إنها ورغم من كونها من سكان حي السيدة زينب، لكنها لا تعلم شئ عن هذا الجدار، ولكن شارع الصليبية ملئ بالآثار، وربما يكون الجدار لسبيل أو مسجد أو مدرسة، موضحة أن هناك العديد من المساجد بالشارع تعرضت للهدم أيضا منذ زلزال 92.
وتبدأ المبانى الآثرية فى هذا الشارع بسبيل وكتاب الأشرف قايتباى ويعود تاريخه الى القرن التاسع الهجرى حوالى 1479 ميلادى وتمتاز واجهة السبيل بالعديد من الزخارف الاسلامية وهو من أروع اثار مصر الاسلامية ولقد حكم السلطان الأشرف أبو النصر قايتباى حوالى 18 عام .
يليه مدرسة من العصر المملوكى تسمى مدرسة قاتيباى المحمدى، وهو أمير من أمراء المؤيد شيخ حوالى عام 1413 ميلادى .
ويلى المدرسة خانقاه الأمير شيخو والخانقاه هى "المكان المخصص للمتصوفين" وهذه الخانقاه يرجع تاريخها الى عام 1349 ميلادى وهى تخص الأمير شيخو وهو أمير من أمراء الناصر محمد بن المنصور قلاوون، ويعلو الخانقاة قبة مبنية على الطراز السمرقندى ويمتاز العتب العلوى للخانقاة بإعادة استعمال أحجار من العصر المصرى.
ويلى خانقاه وجامع الأمير شيخو على الجانب الأيمن من الشارع سبيل أم عباس وهو مبنى على الطراز العثمانى وملحق به مدرسة حديثة من عصر أسرة محمد على وهو سبيل بنمبا قادن وهى أم الخديوى عباس حلمى.
ويلى هذا السبيل مدرسة من عصر السلطان الأشرف برسباى، وهذه المدرسة هى مدرسة ابن تغربردى وهو مؤرخ ومؤلفاته تعتبر مرجع هام لتاريخ مصر فى العصر الإسلامى.
ثم يليه بواقى من قصر السلطان قنصوة الغورى، وليس معنى هذا ان السلطان قنصوة الغورى كان يعيش فى هذا القصر بصفة أساسية، لأن القصر الرئيسى لسلاطين مصر دائما يكون داخل قلعة صلاح الدين.
ويليه مسجد أحمد بن طولون والذى يضم 41 باب دخول ويعتبر هذا الجامع ثالث جامع بنى فى العاصمة الإسلامية بمصر بعد جامع عمرو بن العاص وجامع العسكر، وبيت الكريتلية أو متحف جاير أندرسون .
يلي المسجد مدرسة الأمير صرغتمش وهو أمير من أمراء مصر فى العصر المملوكى البحرى وكان المسؤول عن تجهيز الملابس للسلطان الناصر محمد واستمر هذا الأمير حتى عصر السلطان الصالح صالح ابن السلطان الناصر محمد.
وبعد الإنتهاء من مدرسة الأمير صرغتمش، يتحول اسم الشارع من شارع الصليبة الى شارع مراسينا ويوجد فى هذا الجزء من الشارع مبنى له قبتين وهذا المبنى كان عبارة خانقاه سنجر وسلار تخص أميرين من أمراء السلطان المنصور قلاوون، وهما الأمير سنجر والأمير سلار الجاولى فى عام 1303 ميلادى.