في مثل هذا اليوم 7 ديسمبر من عام 1953 صدور العدد الأول من جريدة "الجمهورية"، التي أسستها حكومة ثورة يوليو في عام 1953، وأشرف عليها الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ لتعبر عن فكر وتوجهات ثورة يوليو. وكتب السادات ذكرياته عن تأسيس الجريدة، في مقال نشر على صفحات الجمهورية في الاحتفال بمرور عام على تأسيسها، وذلك يوم 7 ديسمبر 1954م، وقال إنه ذهب لزيارة جمال عبد الناصر يوم 4 يوليو 1953م في مستشفى الدكتور مظهر عاشور، بعد أن أجريت لعبد الناصر عملية استئصال الزائدة الدودية، وإنهما تحدثا عن صحافة الثورة، وكلفه عبد الناصر بالإشراف على إصدار أول صحيفة يومية تصدرها ثورة يوليو؛ لتتبنى أفكارها، وطلب السادات مهلة للتفكير؛ لأن إصدار جريدة يومية أمر شاق جدا، ويحتاج لاستعدادات كثيرة. وكان السادات قبلها عمل في دار الهلال، ولكن إصدار صحيفة يومية يحتاج إلى مطابع وعمال وأسرة تحرير، وتوزيع وإعلانات، وبعد يومين أخبر السادات الزعيم عبد الناصر أن المهمة مستحيلة، فرد عليه: إذًا كيف قمنا بالثورة وسط كل المصاعب التي كانت حولنا؟ مؤكدا أن الثورة لا بد أن تكون لها صحافتها، وشدد على أن الجريدة لا بد أن تصدر قبل نهاية العام.
تأسيس جريدة الجمهورية
أخذ السادات يتردد على دار الهلال طوال شهر يوليو 1953م؛ ليستمع إلى نصائح الخبراء في الصحافة، ومع بداية شهر أغسطس عام 1953م استأجر شقتين بالطابق الخامس في العمارة رقم 36 بشارع شريف، وبدأ الاجتماع مع فريق عمل تم اختياره للجريدة، منهم حسين فهمى، الذى كان أول رئيس تحرير، وبدأ التحضير للجريدة في سبتمبر، وأحضر السادات صحفا مصرية وعربية وأجنبية؛ للاستفادة منها، واحتاجت الجريدة إلى كميات كبيرة من الورق لم تكن موجودة في مصر، فكات لا بد من التعاقد مع إحدى الشركات العالمية للحصول على كميات الورق المطلوبة، وتم تذليل الصعاب، وتولى السادات منصب مدير عام الجريدة.
حملة إعلانية في الصحف المصرية للترويج لجريدة الجمهورية
وبدءا من شهر أكتوبر 1953م بدأت حملة إعلانية في الصحف المصرية تروج لصدور جريدة الجمهورية. وتم شراء دار صحيفة الزمان، وكانت في 11 شارع الصحافة، والتي كانت أخبار اليوم تطبع بها، ولعدة أسابيع استمر العمل في الأعداد التجريبية، حتى استقروا على الشكل النهائي، وفي الثانية بعد منتصف الليل، تسلم السادات أول عدد للجريدة، وتوجه فى الصباح الباكر من يوم الاثنين 7 ديسمبر 1953م إلى منزل عبد الناصر، وسلمه العدد الأول من الجريدة، وعلى الفور كانت الجمهورية في أيدي الباعة بالشوارع و الميادين.
ولأنها تأسست لخدمة أفكار الثورة؛ جعلت الأولوية للمقالات، وشهدت الجريدة أقلام رواد الفكر، أمثال: طه حسين، محمد مندور، لويس عوض، خالد محمد خالد، إضافة إلى رجال الثورة وأساتذة الجامعات، ودخلت الجريدة منافسة قوية مع الأهرام وأخبار اليوم والمصري، وكتب السادات في عددها الأول مقالا بعنوان "الجمهورية "، جاء فيه:
هذه الجمهورية تشق طريقها إليك بين الصحافة العربية، وتشق طريقها واضحا، لا تخبط فيه ولا التواء ولا مجاملة ولا تحامل. لقد حددت أهدافه أو آلت على نفسها ألا تنفذ هذه الأهداف إلا بسلطان الصدق وفى ضوء الوضوح، وهى بهذا السلطان وهذا الضوء خليقة بقيادة وتوجيه الوعى في كل مرفق من مرافق الوطن.
إنها جريدة حرة حرية الثورة التي تضيء طريقها بنار الحق، ونار الحق تحرق الأصنام، وتحرق المفاسد، وهى جريدة قوية قوة الثورة التي تخط طريقها إلى أهدافها عازمة مطمئنة.