اعلان

"السكة شمال".. الحلال الذي لا يريده الشباب.. "محمود" مدرس رياضيات صباحًا وسائق "توك توك" بعد الظهر.. "محمد" أصغر طالب بكلية الطب و"أشطر كهربائي في المنطقة"

كتب :

كتبت: منى حسن ـ نهى نجم ـ أسامة منصور ـ محمود عبدالحميد

على أبواب الجامعات يلقي الخريجون نظرة الوداع إلى كلياتهم، يشمرون عن ساعديهم مستعدين إلى المرحلة المقبلة من الحياة حيث دوامة العمل والبحث عن «رزق حلال» ثم زوجة وأسرة صغيرة، المستقبل المشرق يبدو مستحيلًا على أرض الواقع، فالغالبية العظمى تحجز مقاعدها على المقاهي منضمين إلى طلائع العاطلين في مصر، وتبقى قلة تصارع الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتتحدى الظروف فيحصلون على وظيفة يتقاضون منها «ملاليم» بشروط، أولها «ركن الشهادة على الرف»، بينما وجد البعض ضالته في «السكة الشمال» حيث الربح الوفير والعمل القليل.

«الشباب مش عايز يشتغل».. هكذا جاءت رسالة الحكومة واضحة في نظرتها لمشكلة البطالة التي تشير الأرقام الربع سنوية إلى تراجعها، ففي الوقت الذي أكد فيه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء نهاية أكتوبر الماضي، أن بعض الشباب ينتظرون العمل في وظائف الحكومة براتب ألف جنيه في حين أن بعض الوظائف في القطاع الخاص برواتب 4 آلاف جنيه لا تجد من يشغلها، كان الوضع في «سوق العمل» مغايرًا، فانقسم الشباب إلى ثلاثة شٌعب، الأولى تصارع لقمة العيش، والثانية استسلمت للبطالة، أما الثالثة فوجدت أن لا خير سوى في «المشي البطال» وانتزاع «القرش» بطرق غير شرعية..

«أهل مصر» قررت فتح ملف البطالة من زاوية مغايرة، فوفقًا للتقارير التالية فإن قطاع واسع من الشباب فقد الشغف والأمل، في مقابل الحصول على الربح السريع، كما تطرقت التقارير إلى فرص العمل «الحلال» التي يعزف عنها الشباب..

«أكل العيش مر».. «كريم» بائع غزل البنات ببكالريوس هندسة

16 سنة دراسية وقد تكون أكثر، يذاكر فيها الطالب المصري ليل نهار، ساعيًا للحصول على شهادة تمكنه من الحصول على وظيفة بعد التخرج، لكن يظل الوضع كما هو عليه لعام أو أكثر بعد التخرج، ليجد الشاب نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما المكوث مكتوف الأيدي إلى حين ظهور وظيفة تتماشى مع شهادته الجامعية، وثانيهما الاتجاه إلى أي عمل يكفل له مصاريفه ويحفظ له كرامته، دون أن يلتفت إلى مدى قرب هذا العمل من فكره وطبيعته، بدلًا من المكوث بجوار أهله بتلك السهولة.

«الشهادة الجامعية ليست الوسيلة الأفضل للحصول على وظيفة تؤمن العيش الكريم».. تلك أولى الحقائق التي يصطدم بها خريجو الجامعات، فيختار البعض الخيار الثاني، فنجد المهندس الذي يعمل بالصيدلية وخريج كلية الآداب الذي يعمل سائق «توك توك»، والصيدلي الذي يعمل «نقاش»، وغيرها من المهن التي لا تمس دراستهم بصلة، رافعين شعار «الشغل مش عيب والكليات مبتأكلش عيش».

«لكل مجتهد نصيب».. حكمة آمن بها محمود علي، خريج كلية الآداب جامعة القاهرة عام 2008، لكنها لم تتحقق له، بعد رحلة البحث عن وظيفة مدرس «دراسات اجتماعية»، وفقًا لتخصصه الدراسي بقسم التاريخ بالجامعة، ليجد نفسه يعمل مدرسًا للرياضيات بإحدى المدارس الحكومية، لعدم وجود أماكن فارغة سوى في هذا القسم.

«الحصة بـ5 جنيه.. بواقع مرتب شهري 400 جنيه».. هكذا وجد محمود صاحب الثلاثين عامًا، نفسه مجبرًا على العمل في وظيفة ثانية بجانب مدرس الرياضيات، لأنها لا تكفي احتياجاته اليومية، مما جعله يفكر في العمل كسائق «توك توك» لتوفير مصاريفه اليومية، ليصبح بذلك «مدرس رياضيات صباحًا، وسائق توكتوك بعد الظهر».

وظيفتان بعيدتان تمامًا عن مجال دراسته الذي أحبه واختاره بإرادته، ولكن «ما باليد حيلة»، إضافة إلى التعليقات الساخرة التي يتلقاها بشكل يومي من تلاميذه في الفصل، يقول «محمود»: «اعمل إيه أحسن من قعدة البيت.. الشغل مش عيب وربنا يسهل والاقي وظيفة في مجالي ومرتبها يكفيني».

«أكل العيش مر».. هذا كان مبدأ كريم صابر، خريج كلية الهندسة عام 2011، عندما ضاق به الحال بعد أن ظل يبحث عن وظيفة في مجال دراسته لمدة عامين بعد التخرج، قضاهما في اللف على المكاتب الهندسية بحثًا عن وظيفة، فلم يجد سوى تدريب لمدة 3 شهور بإحدى الشركات، نظير مقابل مادي لم يتعدى الـ400 جنيه، ليصل به الحال في نهاية المطاف بالتنازل عن حلمه بأن يكون مهندسًا، والبحث عن مشروع يمكنه من مسايرة الحياة المعيشية، ليصبح بائعًا لـ«غزل البنات».

«اكتسبتها من خلال مشاهدة الإنترنت في برنامج رجل صيني يقوم بصناعة تلك الحلوى، فنقلتها وتعلمتها، وفتحت لي باب رزق».. هكذا استمد «كريم» فكرة مشروعه التي عوضته عن حلمه، مشيرًا إلى أنها تدر له دخلًا ماديًا معقولًا، تمكنه من الصرف على نفسه بدلًا من «قعدة البيت»، مشيرًا إلى أنه يبحث عن وظيفة أخرى بجانبها.

«مبتأكلش عيش».. قالها حسن عامر بصوت مهموم، بعد أن دفعته غلاء المعيشة والظروف الاقتصادية الصعبة إلى ترك وظيفته كمحامي، والعمل كسائق على سيارة «ميكروباص»، ليتحول لقبه بذلك من «متر» إلى «سواق».

لم يكن استسلام «حسن» وتنازله عن مهنته بالأمر السهل، ولكن هو قرار جاء بعد معافرة استمرت لمدة لا تقل عن 3 سنوات، فبعد حصوله على تقدير عام امتياز في كلية الحقوق، تدرب على أيدي أحد المحامين «الكبار» دون مقابل، على أمل التعيين بعد ذلك ولكنه لم يحدث، نظرًا لعدم قدرة المكتب على استيعاب عدد إضافي من الموظفين في ذلك الوقت.

أيام وشهور قضاها «حسن» أمام المحاكم، انتظارًا لأن يقوم أحد المواطنين بعمل توكيل له واللجوء إليه لإنهاء مشكلاته العالقة، ليتقاضى أتعابه نظير ذلك، وشاركه في ذلك العشرات بل والمئات من المحامين الذين يمكثون على القهاوي الموجودة خارج المحاكم، آملين في الحصول على رزق لهم.

غلاء أسعار وظروف معيشية صعبة، ومصاريف دروس خصوصية لأشقائه الصغار، بجانب أخواته البنات اللاتي تحتجن إلى تجهيزهن، كل تلك الأسباب دفعت «حسن» إلى العمل على سيارة والده «الميكروباص»، ليأخذ دوره بين السائقين في الموقف، ويقوم بتحميل الركاب وتوصيلهم مكان ما يشاؤون: «بعمل في اليوم حوالي 300 جنيه وبقى ليا زبائن تطلبني مخصوص».

الاسم طلاب جامعة والمهنة «صنايعية»: «الشهادة لا بتقدم ولا بتأخر»

«الشغل الحلال مش عيب».. شعار رفعه طلاب الجامعات لكسب الرزق، فالعمل أثناء فترة الدراسة قد يكون تجربة ممتعة ومفيدة لبعض الطلاب، إلا أنه يكون خيارًا إجباريًا لآخرين ممن تتزايد عليهم أعباء المصاريف الدراسية، بجانب مصاريف الحياة اليومية خاصة المغتربين، ممن حملوا على عاتقهم تولي الإنفاق على أنفسهم، أما البعض الآخر فيرى أن انتظار العمل بالشهادة الجامعية لن يجدي نفعًا، بعد أن وجدوا الشهادة بلا قيمة فعلية لمن سبقوهم من الخريجين، فما كان لهم سوى أن يسلكوا بأنفسهم طريق العمل أثناء الدراسة، حتى لا يجلسوا مع من سبقوهم في صفوف العاطلين.

«اللي يشتغل بإيده ربنا يساعده ويزيده».. مقولة اعتمد عليها محمد إبراهيم، الطالب بالفرقة الأولى بكلية الطب، والذي ساقه التنسيق ليغترب عن أهله بمحافظة كفر الشيخ، ويستقل بجوار كليته بجامعة القاهرة، ليحمل على عاتقه مسؤولية الإنفاق على نفسه، خاصة أن كلية الطب من الكليات التي تحتاج إلى مصروفات كثيرة، ربما لا تستطيع أسرته تدبيرها، مما جعله يبحث عن «شغل إضافي» بجانب دراسته.

يد تمسك سماعة والأخرى «عدة الشغل»، تجده متجولًا في أوقات فراغه وإجازاته بين المنازل وشقق العرسان الجدد، عاملًا في صيانة وتركيب الكهرباء بالوحدات السكنية، غير مكترثًا بنظرة الجميع إليه، حتى تحولت مهنة «الكهربائي» لديه من وظيفة يحتاج إليها إلى هواية مفضلة لديه، ليصبح «أصغر طالب بكلية الطب وأشطر كهربائي في المنطقة».

ردود أفعال مختلفة تلقاها صاحب الـ18 من العمر، فالبعض تساءل كيف تكون دكتور وفي نفس الوقت «كهربائي»؟ ، والبعض الآخر اعتبره قدوة لابد أن يحتذى بها من منطلق أن «الشغل مش عيب»، إلا أن «محمد» - كما يروي - يعتبر أنه طالما كانت المهنة أو الصنعة «حلال» وتغنيه عن الحاجة، فلا أهمية لكلام ونظرة الناس، مؤكدًا أن هذا لا يتنافى مع البقاء على حلمه بأن يكون دكتور جراحة وأورام ممتاز.

ومن الطب إلى الهندسة، قفزت جهاد علي فوق العادات والتقاليد، لتعمل «كاشير» بإحدى الكافيهات بجانب دراستها بكلية الهندسة، رغم رفض عائلتها، إلا أن ما شجعها على العمل أن مالك الكافية مهندس، كما أن زملائها العاملين بالكافيه خريجي كليات العلوم والتجارة، لتتخذ قرارًا بالاستقلال بنفسها ومحاولة منها لكسب خبرة بالعمل لتحقيق أحلامها، مع إيجاد مصدر رزق إضافي لها.

«إن لم تتمكن من الحصول على وظيفة تتناسب مع مؤهلك ومستواك الاجتماعي، اصنع لنفسك مجالًا للنجاح وابدأ ولو بمشروع بسيط».. تلك هي رسالة «جهاد» للشباب، مشيرة إلى أنه يجب عليهم البحث عن الفرصة المتاحة التي يستطيعون من خلالها كسب الرزق الحلال وتحمل أعباء المعيشة.

«بنت بمية راجل».. هكذا يرى الناس آلاء الغنيمي صاحبة الـ20 عاما، والتي تدرس بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتعمل كبائعة «كب كيك»، أمام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، بالسادس من أكتوبر، حيث تحمل صندوقا حول رقبتها به أشكال جميلة من قطع الكيك، تبحث عن من يتذوق منتجاتها، لتجلب الرزق وتساعد نفسها بالتعليم.

«اللى ودانى للكلية مجموع الثانوية العامة، ولم تكن حلمي، وأنا مكملة فيها لأحصل على شهادة حتى لو مش هشتغل بيها».. لم تتخلى «آلاء» عن حلمها بأن تصبح شيف للحلويات، بل اختارت أن تكافح من أجله بجانب دراستها، لتقف يوميًا لبيع الحلويات بعد انتهاء يومها الدراسي، من الساعة الواحدة ظهرًا إلى الخامسة مساءً، لترجع إلى بيتها وتستمر بصنع الكب كيك للفجر في تحضير منتجات اليوم المقبل.

ويقول الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الشهادة الجامعية هي بداية ومسوغ للعمل ولكن للحصول على وظيفة مميزة وبأجر أعلى يجب على الخريج عدم الاكتفاء بالشهادة بل البحث عن تطوير ذاته ومهاراته بالحصول علي دورات تدريبية في مجالات مختلفة مثل الكمبيوتر و«السوشيال ميديا» واستخدامات التكنولوجيا الحديثة.

وأكد المرسي، في تصريح لـ«أهل مصر»، أن الشهادة الجامعية ما زالت مطلوبة، وما زال التخصص مطلوب رغم تدني الأجور وتضاؤل فرص العمل.

أما عن العمل أثناء الدراسة، فيقول أستاذ الإعلام: «أنا أفضل التدريب أثناء الدراسة وليس العمل، إلا إذا كان الطالب في ظروف صعبة ويستطيع التوفيق بين العمل والدراسة».

وتابع «المرسي»: «أما عن العمل في غير مجال التخصص فإنه يمكن اعتبارها مرحلة استثنائية مع السعي الدائم للعمل في مجال التخصص».

أكشاك مرخصة وقروض من الدولة لمساعدة الشباب: «بس اللي عايز يشتغل»

مبادرات ومشروعات تطرحها الدولة لتوفير فرص عمل للشباب وتقليل نسب البطالة، سواء عن طريق القروض المقدمة أو توفير عربات طعام أو أكشاك مرخصة ومطورة لهم، وغيرها من المشروعات التي تحرص الدولة على تقديمها للشباب، فوزارة التنمية المحلية من أكثر الوزارات التي تسعى دائمًا لتوفير فرص عمل للشباب بكافة المحافظات بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة المتناهية الصغر.

ضخ 160 ألف مشروع

ويسعى دائمًا جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر لرفع معدل تمويل المشروعات وضخ المزيد من القروض والمزايا، فكل الخدمات التي يقدمها الجهاز هي حقيقة ويتم تطبيقها على أرض الواقع، خلال الـ6 شهور تم ضخ تمويل لـ160 ألف مشروع أي ما يقارب 305 ألف فرصة عمل.

ولم يكتفي جهاز تنمية المشروعات الصغير بضخ قروض للشباب، بل انشأ الجهاز 4 آلاف مصنع للصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال عام على الأكثر لتوفير أكثر من 40 ألف فرصة عمل للشباب.

ليس فقط جهاز تنمية المشروعات الصغيرة من يقدم قروضًا ويوفر فرص عمل، ولكن هناك بعض المبادرة التي أطلقتها الدولة للتيسير على الشباب وتحقيق أهدافهم حتى أن يقفوا على أرض صلبة ويبدأوا حياه مستقرة.

مبادرة مشروعك

أطلقتها الدولة برعاية وزارة التنمية المحلية، وساهمت خلال الفترة الماضية منحت قروضًا تجاوزت قيمتها 8 ملايين جنيه، منذ بدء مبادرة «مشروعك» لتوفير فرص عمل للشباب بالمحافظات عن طريق إقامة مشروعات صغيرة بعد الحصول على قروض مناسبة من صندوق المبادرة، ووفرت المبادرة حتى الآن نحو 206 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتعمل الوزارة مع 6 بنوك بينهم حالة تنافس لدعم المشروعات.

كيف اقترض محمد أحمد 25 ألف جنيه من المبادرة؟

وقال محمد أحمد، صاحب أحد محل ملابس، إنه قدم في حي الزيتون طلب لمبادرة «مشروعك» لسحب قرض بقيمة 25 ألف جنيه، وطلب الحي منه بعض الأوراق المتمثلة في صورة بطاقة الرقم القومي والضامنين وإيصال مرافق، وصورة من عقد الإيجار أو التمليك مثبت التاريخ أو موثق من الشهر العقاري، بالإضافة إلى خطاب من الوحدة المحلية.

وأكد محمد أنه تم الرد فورًا دون تأخير وتم إقراضه الـ25 ألف جنيه بفوائد 5% فقط، والتقسيط على 3 سنوات وحصل على القرض بعد تقديم الأوراق بشهر، معتبرًا أن الأمر في غاية البساطة لكن العديد من الشباب يستسلمون إلى البطالة ويتجاهلون الحلول التي أمامهم.

كيف اقترض وائل أحمد مليون جنيه من «مشروعك»؟

بينما كان حلم وائل أحمد، بورشة لصناعة الأثاث المعدني، وذهب إلى أقرب حي له المطرية وتقدم بطلب قرض بقيمة مليون جنيه، وتم الموافقة عليه بفائدة 5% والتقسيط على 3 سنوات أي يسدد 35 ألف شهريًا.

وعلق أن الأوراق المطلوبة منه هي صورة بطاقة ضريبية وسجل تجاري وتحديد الموقف المالي، وصورة من عقد الشركة ودراسة جدوى، صورة بطاقة الرقم القومي والضامنين وخطاب من التأمينات الاجتماعية بفتح ملف للمنشأة والتأمين على صاحب المنشأة، وخطاب موجه من الوحدة المحلية بمنطقته الجغرافية وعقد إيجار أو تمليك.

منح أكشاك مطورة

تمنح الدولة أكشاك مطورة و مرخصة للشباب ليستخدموها بعيدًا عن التجول في الشوراع لبيع بضائعهم أو أكشاك غير مرخصة تشغل الصريف والطريق العام، وتمنح الدولة الأكشاك للشباب بكافة المحافظات بالتقدم في أقرب حي أو مركز أو مدينة لهم.

وتتمثل في تقديم عدد من المستندات والأوراق ومنهم صورة بطاقة الرقم القومى مع الإطلاع على الأصول صورة البطاقة الضريبية مع الإطلاع على الأصل ، صورة ترخيص الكشك مع الإطلاع على الأصل وصورة من الإيصال الدال على الرسوم المستحقة، رسم هندسى أو كروكي لموقع الإشغال، ويوجد قسط على 3 سنوات أو أكثر ويدفع في الشهر 500 جنيهًا بدلًا من 3 آلاف جنيه.

مصانع تبحث عن شباب للعمل: «جيل اليومين دول عايز فلوس وهو نايم»

تشهد المناطق الصناعية تراجعًا في أعداد العمالة خلال المرحلة الماضية، بسبب اختلاف الأوضاع المالية واختلاف الأوضاع الاجتماعة والثقافية للشباب، ما نتج عنه تراجعًا في الإنتاج داخل العديد من القطاعات المختلفة، وتتعدد الأسباب التي تكشف سر بعد الشباب عن العمل داخل المصانع، والتي يكشف عنها العديد من المصنعين.

ويقول الدكتور حسن الشريف، أحد مصنعي المنطقة الصناعية بشق الثعبان، إن هناك العديد من فرص العمل المختلفة، بمرتبات يومية مجزية للغاية تتراوح بين 100 إلى 200 جنيه للشباب داخل المنطقة الصناعية، إلا أن الشباب لم يعد يحتمل الضغوط الكبيرة داخل مراحل الإنتاج العمل خلال المرحلة الحالية، موضحا أن التطور التكنولوجي ساعد المصانع في الحافظ على الطاقة الإنتاجية.

وأوضح «شريف»، أنه لولا وجود آلات جديدة تقلل من الطاقة العمالية، لكان الإنتاج داخل المصانع المختلفة قل بصورة كبيرة، فسابقا الشباب كان قوة حقيقية لسوق العمل، ويعملون بصورة تخدم التصنيع، إلا أن الشباب حاليا لم يعد يقتنع بأى مرتب، ولم يقتنع سوى بأنه لا يريد العمل إلا بأقل المجهودات مقابل الحصول على مئات الجنيهات، وهو ما يعد كارثة حقيقة تهدد القطاع الصناعي المصري خلال المرحلة الحالية.

من ناحية أخرى قال المهندس هشام كمال رئيس جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة بالقاهرة، إن العمل داخل المنطقة الصناعية بالألف مصنع تعاني من عدم تواجد العمالة، نظرا للبعد المكاني عن المناطق السكنية، موضحًا أنه بالرغم من توفير وسائل المواصلات للمنطقة الصناعية من أجل الحصول على العمالة المختلفة، إلا أن الوضع داخل المنطقة الصناعية لا يزال خطير للغاية، مشيرا إلى أن شباب المرحلة الحالية على الرغم من توافر العديد من فرص العمل المختلفة، إلا أنه لا يوجد رغبة كبيرة في العمل داخل المصانع من جانب الشباب، لا نعرف السبب الرئيسي.

وأوضح كمال أن الوضع الحالي يحتاج لمعالجة واضحة وتدخل من الدولة لجذب الشباب للمناطق الصناعية، من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية، موضحا أن الدولة في حاجة ماسة لمزيد من الجهود التصنعينة، وتغير الثقافة لدى المصانع يعد وسيلة جديدة من الدولة لجذب الشباب للعمل داخل المناطق الصناعية، مشيرًا إلى أن إطلاق حملات التوعية سيقضي على تلك الأفكار السلبية التي توجد داخل الشباب.

من ناحية أخري قال محمد الشواديفي الخبير الاقتصادي، إن فرص العمل الحالية كبيرة للغاية، وذلك بسبب اتباع الحكومة للعديد من الإجراءات الإصلاحية من إنشاء حقيقي وتطوير للبنية التحتية وتخصيص المصانع المختلفة، موضحا أن معدلات البطالة تراجعت لنحو 10%، خلال المرحلة الماضية، ولكن ما زال هناك العديد من الشباب الذين بحتاجون إلى أعمال ميسرة عبر المكاتب بأموال كثيرة، ما أدى في النهاية إلى عدم الدخول لسوق العمل، واعتبار «القهوة» هي الملجأ لهؤلاء الشباب.

على الجانب الآخر يرى محمد أسامة، عامل 21 عامًا، أن أصحاب المصانع حاليًا يستغلون الشباب بصورة كبيرة، قائلا: «عازوين يشغلونا 12 و15 ساعة بـ 60 و70جنيه، يعملوا إيه دول لشاب عاوز يتجوز ويكون نفسه»، موضحًا أن أصحاب المصانع لا يفرق معهم سوى العمل، ولا ينظرون سوى لاستغلال الشباب، فهناك العديد من المصانع التي تدمر صحة الشباب، ولا أحد ينظر سوى لتحقيق المكاسب المالية.

ويقول إبراهيم الدسوقي، 25 عاما، أحد العمال، إن العمل داخل المناطق الصناعية مرهق للغاية، والمقابل المادي ضعيف، موضحا أن الشباب حاليًا يقومون بالعمل لتوفير مبلغ نحو 20 ألف جنيه، وبعدها يقومون بشراء «توكتوك» أي ينشئ مشروعًا صغيرًا من أجل التغلب على عقبة العمل لدى الآخر.

مغامرة «أهل مصر» تكشف مافيا «الشركات الوهمية»

«شركة كبرى تُعلن عن حاجتها لأفراد ومشرفي أمن في القاهرة الكبرى والمحافظات».. لافتة مكتوب عليها العبارة السابقة تغزو الشوارع وعربات المترو، يصادفها المواطن أينما حل، لكن بتتبع مصدرها تحدث المفاجأة الكبرى، فيكون وراءها شركات وهمية تسعى إلى النصب على الشباب حديثي التخرج، مستغلين حلم الحصول على وظيفة الذي يداعبهم بعد التخرج.

أجرت «أهل مصر» زيارة إلى مقر إحدى الشركات التي تُعلق هذه الإعلانات، وفقًا للعنوان المكتوب في الإعلان، هي عبارة عن شقة دور أرضي ذو مساحة صغيرة، وبها موظفة، أعطت لنا استمارة للانضمام إلى العمل، وبعد ملء البيانات المطلوبة، والتي تشمل الاسم رباعيا، والمؤهل، والعمر، والموقف من التجنيد، طلبت دفع مبلغ مالي قدره 150 جنيهًا، رسوم الاستمارة.

وعند الاستسفار حول موعد استلام الوظيفة، أبلغتنا بمجرد الانتهاء من إجراء المقابلات، سيتم على الفور استلام أوراق التعيين، كمشرف أمن في إحدى فنادق الجيزة الشهيرة مقابل 1800 جنيه شهريا والعمل 8 ساعات، بالإضافة إلى مجموعة من الحوافز والعلاوات.

وتمر الأيام، دون أن يقوم المعنيين بالشركة بالرد علينا، وعند الاتصال على الرقم الذي أعطته لنا موظفة خدمة العملاء بالشركة، تفاجئنا أن الرقم مُغلق، وهو ما دفعنا للذهاب إلى مقر الشركة بالسيدة زينب، وهنا كانت الطامة الكبرى، فلم نجد لافتة الشركة التي كانت تزين مقرها بالخارج، ووجدنا بابها مُغلق، وبسؤال قاطني العمارة، أبلغونا أنهم قاموا بوقف نشاطهم والذهاب إلى مقر آخر، دون معرفتهم بالعنوان الجديد.

وهنا تبينت الحقيقة التي لا تحمل سوى وجهًا واحدًا، وهو أن هذه الشركات ما هي إلا حيلة جديدة لجني الأموال بطريقة غير مشروعة وبأسرع وسيلة، مستغلين الظروف الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وطوابير العاطلين الذين يزداد يوميا، وحاجة الكثير لفرصة عمل يسد بها رمقه.

ضحايا وقعوا فريسةً للنصب:

أحمد يوسف، 24 عامًا، دبلوم صنايع، قال إنه تقدم هو ومجموعة من أصدقائه للعمل في إحدى شركات التوظيف، بعد أن اطلع على إعلانه في محطة المترو، وأثار الإعلان دهشته باستلام العمل في أقل من شهر، موضحًا أنه تقدم هو وأكثر من 12 فردًا من أصدقائه لشغل وظيفي مشرفي إنتاج في إحدى المصانع بمدينة العاشر من رمضان، التابعة للشركة صاحبة الإعلان، وقام بدفع 200 جنيه رسوم ملء استمارة العمل، مضيفًا أنه انتظر أكثر من شهر بعد إجرائه المقابلة لاستلام العمل، وهو لم يحدث، مما دفعه للذهاب إلى مقر الشركة قبل أن يتفاجئ أنها أوقفت نشاطها ولم يعلم أحد عنوان القائمين عليها.

وحال يوسف لم يختلف كثيرا عن الشاب الأربعيني أبوالحسن عبادي، 42 عاما، الذي تقدم لشغل وظيفة مراق كاميرات أمن، وفقًا لإعلان أثار دهشته في إحدى عربات المترو مقابل 3 آلاف جنيه شهريا علاوة على مجموعة من المزايا والتأمينات الاجتماعية، وهو مادفعه للذهاب إلى مقر الشركة، وتفاجئ أن هناك أكثر من 100 شخص تقدموا لشغل هذه الوظيفة، ومع ذلك وعدهم صاحب الشركة، أن الشركة ستقوم بتعيين جميعهم من خلال المصانع والفنادق المتعاقدة معها.

ويضيف أبو الحسن، على الرغم أنه تعرض للكثير من محاولات النصب والاستغلال من جانب هذه الشركات، إلا أنه هذه المرة لم يأتي بخياله أنه سيتعرض لمحاولة جديدة، حيث إن الشركة هذه المرة، لم تتلقى منهم رسوم استمارة شُغل وظيفة، وإنما بالفعل قامت بمجرد الانتهاء من المقابلات اللازمة، بتشغيلهم في الوظيفة المناسبة لهم.

ويتابع: بالفعل استلمت العمل في مصنع بالمنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر، وكان المرتب متفق عليه هو 1800 جنيه شهريا، ومع نهاية الشهر وجدت المرتب هو 700 جنيه فقط، وعند سؤالي عن سبب الخصم أبلغونا أنه هو المرتب المتفق عليه مع الشركة، ولا يحق له سؤال الإدارة عن المرتب المتفق، إلا أن الاتفاق (العقد) مبرم بينه وبين الشركة وليس المصنع، وهو ما دفعه في نهاية الأمر إلى ترك الوظيفة بعد أن وُجد نفسه يعمل لأكثر من 12 ساعة مقابل مبالغ زهيدة جدا، دون علاوات أو تأمينات كما تم وعدهم.

القانون لا يحمي المغفلين:

حسين الجبالي، محام بالنقض ورئيس مؤسسة مبادرة الحق للدفاع عن العمال، قال إنه تقدم ببلاغ للنيابة الأموال العامة وإلى هيئة مترو الأنفاق، حمل رقم 12051 لسنة 2018، يتهم فيه القائمين على مثل هذه الشركات الوهية بالنصب والاستغلال، وتحقيق أرباح غير مشروعة، بعد وقوع مئات الشباب لحيلة نصب من جانبهم.

وأشار إلى أنه تقدم بإخطار للسيد رئيس هيئة مترو الأنفاق، بضرورة إزالة الإعلانات التي تزدحم بها جدرات محطات المترو والعربات، والتي تستغل هذا المرفق الحيوي للترويج لأنشطتها غير المشروعة، ونجحت في إيقاع المئات من الشباب وجمعت منهم مبالغ مالية تصل بالملايين.

وتابع أنه للأسف القائمين على مثل هذه الشركات «بير السلم» محترفين في مجال النصب، حيث يتعمدون على إخفاق هوياتهم وأسمائهم الحقيقية، ويقدمون للناس بيانات خاطئة، ويحسنون اختيار موظفة خدمة العملاء، الذي يقع على عاتقها الدور الكبير في استقطاب العملاء من خلال حسن التحاور معهم والرد على استفساراتهم.

تعديل العقوبات لتحقيق الردع:

من جهته طالب أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية حقوق القاهرة الأسبق، محمود كبيش، بضرورة إجراء تعديل تشريعي في قانون العقوبات، بعد تزايد معدلات جرائم النصب والاستغلال التي تقع من جانب البعض من معدومي الضمير.

وأضاف «كبيش»: أن العقوبات التي تضمنها قانون العقوبات بشأن جرائم النصب والاستغلال تقدر بالحبس ما بين 3 و5 سنوات، وهو ما لا يحقق الردع الكافي للمتهمين، كما أن القانون سمح للمتهمين بإسقاط الدعاوى الجنائية المرفوعة عليه حال قيامه بالتصالح مع الجناة ورد المبالغ التي استولى عليها، لافتًا إلى أن هذا النص يفتح الباب أمام ارتكاب جرائم النصب والاستغلال، وبعدها يقوم الجاني بالتصالح مع الجناة.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً