مع بداية عام 2019 بدأ العالم بأكمله في الانتفاض مرة اخرى ولكن هل تلك الانتفاضات لصالح الدول أم لضررها، عقب ثورات اربيع العربي في 2011 تغيرت الحكومات وساءت أحوال بعض الدول بسبب الإرهاب ودخول أخرى في صراعات مع تدخل اللوبي الاجنبي بشئون تلك الدول الداخلية، ففي ليبيا بدأت الدولة في استعادة عافيتها السياسية حيث بدأت أولى خطواتها في الانتخابات لتحقيق الاستقرار، أما اليمن فتنتظر نهاية مفاوضات السويد التي قد دعا لها مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي لجلوس كافة أطراف الصراع المتمثلين في التحالف العربي بقيادة السعودية والحوثيين لإيجاد حل لإنقاذ البلد المنكوب، فيما بدأت سوريا في تهدئة الاوضاع بعد القضاء على معظم معاقل داعش وتدخل مصر بمبارات وقف إطلاق النار في بعض المدن السورية، وفي نفس السياق قامت مصر أيضاً بعدة مبادرات المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس لتهئة الأوضاع في غزة وأجبرت إسرائيل الشهر الماضي على وقف إطلاق النار على قطاع غزة لمنع حرب رابعة على المنطقة، تبقى في الدول العربية تونس التي أفاقت من سباتها العميق متأخراً فعقب ثورة 2011 استولى حزب النهضة التونسي الإخواني بقيادة "راشد الغنوشي" على بعض مقاليد الأمور في تونس، ورغم الإطاحة بالإخوان المسلمين في جميع الدول التي ركبوها عقب ثورات الربيع العربي، إلا أن تونس أفاقت متأخراً وبدأت حركة "السترات الحمراء" في الخروج مرة أخرى للقضاء على ذيول الإخوان في بلدهم، وعلى الجانب الآخر من العالم بعد استقرار المنطقة العربية إلى حد كبير، بدأت أوروبا في الاشتعال كالمثل القائل "طباخ السم بيدوقه" فما فعلته الدول الغربية من حياكة المكائد واشعال الصراعات في الشرق الأوسط بدأ ينقلب عليها ففي فرنسا مازالت المظاهرات مشتعلة رغم محاولة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في تهدئة الاوضاع والتراجع عن قراراته بشأن زيادة الوقود، وفي بلجيكا ايضاً عملت نفس الحركة على تنظيم المظاهرات، أما في برطانيا فتواجه أزمة اقتصادية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ولم تسلم المانيا من الانتفاضات التي جلبتها أوروبا على نفسها ايضاً حيث يوجد أزمة استدعت استقالة انجيلا ميركل بعد 18 سنة كمستشارة ألمانيا عن الحزب المسيحي الديمقراطي.
"السترات الحمراء" في تونس
عقب فضيحة الغرفة المظلمة التابعة لحزب النهضة التونسي يقيادة راشد الغنوشي، وكشف سرقة ونهب الأخوان لما تبقى من مقدرات الدولة، أعلنت منظمات مدنية وطلابية في تونس تنظيم سلسة مسيرات، ستبدأ الإثنين القادم، بسترات حمراء "تشبهاً بمظاهرات فرنسا"، وذلك للضغط على حكومة يوسف الشاهد للكشف عن حقيقة الجهاز السري للإخوان التابع لحزب النهضة أواستقالته بعد كشف حزب النداء التونسي التابع للرئيس القائد السبسي عن فضائح حزب الإخوان.
ووفقاً لصحيفة لوبيزيان الفرنسية فإن تلك المسيرات ستكون بالآلاف وستضم أعضاء المجتمع المدني، وعلى رأسها الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد المدني لمناهضة الإخوان، ومئات المحامين والحقوقيين.
وقد بدأ القضاء التونسي التحقيق في الجناح العسكري التابع لحزب النهضة الإخواني الذي خطط لجرائم اغتيال المعارضين للجماعة الإرهابية وكان أخر تلك الخطط لاغتيال الرئيس التونسي.
وكانت هيئة الدفاع في قضية اغتيال السياسيين بلعيد والبراهمي، قد اتهمت حزب النهضة بالضلوع بشكل مباشر في عمليات الاغتيال وسرقة آلاف الوثائق من وزارة الداخلية، وكشفت الهيئة عن "وثائق مودعة لدى القضاء التونسي، تتضمن تأكيدا لعمليات تجسس قامت بها حركة النهضة، من خلال تنظيم سري، يشرف عليه أحد قيادات الحركة ويدعى مصطفى خضر".
ومنذ تأسيس جماعة الإخوان في عشرينيات القرن الماضي استمر التنظيم على تشكيل جناح مسلح تحت مسمى "التنظيم الخاص" لاغتيال الخصوم السياسيين.
وأعلنت عدة دول جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا فيما أدرجت دول أخرى الأجنحة المسلحة التابعة للجماعة على قوائم الإرهاب.
وقد تسلم الإخوان خزينة الدولة سنة 2011، في مستوى نمو بقيمة 5% قبل أن يتراجع إلى أقل من 1% في 2017.
ويعتبر صندوق الكرامة هو محاولة من الإخوان لاستمالة قواعدهم الانتخابية على حساب الشعب، الذي بلغت نسبة الفقر فيه 20%، بمعنى أن هناك أكثر من 2 مليون تونسي يعانون من الفقر المدقع.
السترات الصفراء تصعد المظاهرات في فرنسا
مظاهرات ومواجهات مع الشرطة لأكثر من أسبوعين، أغلق فيها محتجو "السترات الصفراء" الطرق في احتجاج شعبي ضد زيادة ضرائب السولار وارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد الاحتجاج تحول إلى أحد أكبر التحديات التي واجهها ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرا.
امتدت حالة الغضب أمس، إلى أكثر من 200 مدرسة ثانوية ومعهد وبعض الجامعات في اليوم الرابع من حركة احتجاج طرحت مطالب مختلفة عن مطالب "السترات الصفراء".
وتحول العديد من المظاهرات الطلابية إلى أعمال شغب، فأحرقت صناديق قمامة، وأصيبت سيارات بأضرار، واشتبك المتظاهرون مع الشرطة في مختلف المدن في جميع أنحاء فرنسا في مشاهد تذكر بأعمال الشغب التي شهدتها باريس السبت الماضي.
وقد أثارت الضريبة على الثروة والتأجيل المتكرر لفرض ضريبة الوقود التي عُلقت ثم ألغيت، حالة من الاختلاف داخل الحكومة الفرنسية.
وطالب ماكرون الذي تنصبّ عليه الانتقادات خلال المظاهرات، رسمياً، الأحزاب السياسية والنقابات وأصحاب الشركات بتوجيه "دعوة صريحة وواضحة للهدوء".
من جانب آخر، رحب متظاهرون فرنسيون بقرار ماكرون، لكنهم قالوا إنه قد لا يكون كافيا لاحتواء غضب الجمهور.
أزمة استقالة مريكل وشق الصف الألماني
إن تراجع المركزية السياسية الحزبية في ألمانيا ينذر بالتغيرات الكبيرة، ليس فقط بالنسبة للبلد نفسه بل للبلدان الأخرى كذلك، في حين أن حزب اليمين البديل لألمانيا لا يزال بعيدًا عن السيطرة على الناخبين الألمان ، فإن دعمه العام المتزايد سيجبر أيًا كان في النهاية على أن يكون طرفًا في السلطة للتصرف بشكل أكثر إيجابية تجاه اليمين، مقارنةً بالسياسات الأكثر يسارًا، من مغادرة حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، ومع تركيز الخطاب السياسي الألماني حول القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط بسبب مشاركة برلين المعقدة في مثل هذه الصراعات ، من المرجح أن يكون للاتجاهات السياسية في البلاد تأثير كبير على مستقبل تلك المنطقة.