شخصيته القوية الممتزجة بلين القلب، كانت سببًا في إجماع الطلاب على حبه، منذ أن تولى رئاسة جامعة القاهرة، بعد تجربة ثرية خاض بها في بحور العلم والفلسفة، لتشهد جامعة القاهرة 4 سنوات تحت مظلة فيلسوف مصري كبير، وواحدًا من رواد علم فلسفة الدين في العالم العربي.
هو أول من حصل على الدكتوراه ثم الأستاذية في فلسفة الدين، وكتابه «مدخل إلى فلسفة الدين» يعد أول كتاب من نوعه في الفكر العربي، قدم بأعماله رؤية جديدة لتاريخ الفلسفة الغربية، تتجاوز الصراع التقليدي منذ بداية العصور الحديثة، ووصفه الفيلسوف المصري حسن حنفي قائلا: «روح الفارابي القويمة تعود من جديد في محمد عثمان الخشت».
بابتسامته التي لا تفارق وجهه رغم الهموم المثقلة على كاهله بحكم منصبه كرئيس لجامعة القاهرة، استقبل «الخشت» محررة «أهل مصر»، في حوار اتسم بالوضوح والصدق، تحدث فيه عن خطة تطوير الجامعة ومسابقة الرئيس وانتخابات اتحاد الطلاب، وغيرها من الأمور التي تجري على ألسنة الطلاب، وإلى نص الحوار..
- ما تعليقك على مسابقة الرئيس السيسي لطلاب الجامعات؟
مبادرة مهمة جدًا لأنها تربط اهتمام الطالب وتركيزه باحتياجات الدولة، نحن نحتاج إلى ربط التعليم والبحث العلمي بما تحتاجه مصر من أجل أن تتطور، أحد أهم الجبهات لتطوير مصر هو التحول إلى حكومة ذكية وليس مجرد حكومة إلكترونية، بحيث تجرى كل الخدمات والمصالح الحكومية عبر أبليكشن على الموبايل، وهذه تجربة موجودة في العديد من الدول المتقدمة، فتلك المسابقات تعمل على التنافس بين الطلاب مما يعمل على إسراع عجلة التقدم، وأثق بأن الطلبة ستستطيع تقديم أفكار رائعة في هذا الإطار.
المليون جنيه المخصصة للجائزة ستكون حافز كبير للطلاب لدفعهم للمشاركة في هذه المسابقة، وهناك بعض الطلاب لديهم استعداد لدخول المسابقة حتى لو كان المقابل شهادة تقدير معنوية فقط، فالذي سيستفيد من المسابقة ليس الفائز فقط، وإنما جميع الطلاب المشاركين.
نحن نحتاج أن يكون لدينا ثقافة التقدم، فمن الممكن أن يكون لدينا كل أدوات التقدم، ولكن الناس تفتقد لثقافة التقدم وبالتالي لن يستطيعوا الاستفادة منها، فنحتاج إلى نشر ثقافة الخدمات الذكية.
- ما تفاصيل سباق الدراجات الذي ستشهده مدينة الطالبات بالجامعة؟
مدينة الطالبات بجامعة القاهرة، تشهد لأول مرة في مصر إدخال سباق دراجات بها، نحاول عمل تقليد جديد في المدن الجامعية، حاليًا نعمل على شراء مجموعة كبيرة من الدراجات، ستكون في مدن الطالبات، وسيكون مسموح للطالبة ركوبها في أي وقت داخل المدينة الجامعية.
في المدن الجامعية نمتلك 14 ألف طالب وطالبة في جامعة القاهرة، والتي تعد أكبر مدن جامعية في مصر، مدينة الطالبات في الجيزة تعد أكبر مدينة جامعية للطالبات على مستوى مصر، وقمت بعمل اجتماع موسع واستعرضت خريطة الأنشطة الطلابية، وقمت بتعيين نائبة لمديرة المدينة، تختص بالأنشطة الطلابية، عملنا لن يقتصر فقط على الرياضة وممارسة الأنشطة الفنية، وإنما سيتم استضافة مجموعة من البرنامج الرئاسي ومن الأكاديمية الوطنية للتدريب، ليقوموا بتدريب الطالبات في المدن الجامعية لجامعة القاهرة، حتى تخرج الطالبة مهيئة لسوق العمل.
من وجهة نظري الإنسان لديه طاقة لابد أن يتسامى بها في الاتجاه السليم، ممكن يعبر عنها في الفن أو الثقافة أو الرياضة، لكن الطالبة التي ستظل منكفئة على نفسها وعلى الكتب والدراسة فقط دون ممارسة أي أنشطة، ستكون معرضة لمشكلات الكبت والإحباط والحصر النفسي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الإرهاب أو الانحراف.
فالعلم ليس وحده هو من يصنع الشخصية، العلم هو جزء من الشخصية، فنحن نعمل على شخصية الطالب حتى نقدر تقديم مواطن صالح متكامل الشخصية.
- كيف استعدت جامعة القاهرة لامتحانات الفصل الدراسي الأول؟
بدأنا بنظام «البابل شيت» منذ العام الماضي، وأكثر من نصف الكليات حاليًا تقوم بتطبيقه، ولكن قمنا بتزويد سؤال على «البابل شيت» وهو سؤال حل المشكلات، وهذا لأني أريد أن أعلم الطالب كيف يفكر، هذا العام نحن لا نستهدف «البابل شيت» فقط، وإنما سيكون جزء من الامتحانات وليس الكل، وذلك لأن «البابل شيت» يقيس بعض القدرات لدى الطالب وليست جميعها، فهو يقيس القدرة على الفهم ولكن لا يقيس القدرة على التحليل والمقارنة، فهدفنا هذا العام هو الوصول إلى «الامتحانات الموضوعية»، والتي ستشمل أسئلة الاختيار من متعدد، وسؤال حل المشكلات، وسؤال الإجابة القصيرة، والسؤال المقالي.
- ما رأيك في تجربة «تجارة المنصورة» في تطبيق الامتحانات الإلكترونية؟
هي فكرة جيدة وجديدة ومحدودة التطبيق، ونحن أيضًا في جامعة القاهرة سنطبق تجربة جديدة، بداية من الفصل الدراسي الثاني المقبل، وهي تطبيق منهج التفكير النقدي لأول مرة على كل طلاب جامعة القاهرة الفرقة الأولى فقط، بكل الكليات، كل الطلاب ستدرس نفس المنهج، لأن هدفي هو تعليم الطلاب طريقة التفكير النقدي، وأيضًا سيكون الامتحان open book، فسيدخل الطلاب برفقة الكتب.
- ما الإجراءات التي تتخذها الجامعة لمنع الغش في الامتحانات؟اتخذنا العام الماضي مجموعة من الإجراءات لمنع الغش في الامتحانات داخل جامعة القاهرة، وكانت نتيجتها أنه لم يحدث تسريب للامتحانات، بالإضافة إلى انخفاض نسبة الغش، وكان من ضمن الإجراءات ممنوع كتابة الامتحان على أي جهاز متصل بالإنترنت، وممنوع تداول الامتحانات بين الأستاذة عن طريق أي وسيلة من وسائل التواصل كـ«الفيس بوك» أو «الواتس»، أيضًا اتخذنا إجراءات بأن توضع الامتحانات صباح يوم الامتحان، وفي حالة الأعداد الكبيرة فستكون هناك لجنة لطباعة أوراق الامتحان، ويتم وضعها في ظرف وحفظها داخل خزنة، هناك أيضًا كاميرات لمراقبة لجان الامتحانات، وأيضًا سيكون للأمن الإداري دور في تأمين المباني من الخارج، وحول لجان الامتحانات.العام الماضي رصدنا ما يقرب من 170 حالة غش، وهو يعد رقم قليل جدًا نظرًا لأنه من إجمالي 260 ألف طالب بالجامعة، فنسبة الغش بالجامعة انخفضت بنسبة كبيرة بعد تطبيق تلك الإجراءات.- ما رأيك في إقبال الطلاب على انتخابات اتحاد الطلاب هذا العام؟لاحظت خلال جولاتي، أن الإقبال على الانتخابات كان متوسطًا، فالطلاب كانوا يحضرون امتحانات الـ«ميد تيرم» في العديد من الكليات ثم يذهبون إلى الانتخابات، ولكن كان هناك نسبة كبيرة أيضًا شاركوا وكان هناك منافسة قوية، وخاصة في الجولة الأخيرة لانتخابات رئيس الاتحاد ونائبه، كان مسرح كلية الحقوق ممتلىء بالطلبة، وكان هناك 4 طلاب يتنافسون على منصب رئيس الاتحاد، و4 آخرين على منصب النائب، أيضًا الأصوات كانت متقاربة من بعضها لبعض فكانت منافسة شرسة بين الطلاب، فأرى أن تجربة الانتخابات الطلابية هذا العام انضج من العام الماضي، لأني لا أفضل أن يفوز رئيس الاتحاد بالتزكية، بالرغم من أن التزكية هي إحدى سمات الديموقراطية، ولكن هذا العام أسعدني التنافس الموجود بين الطلاب.- هناك انتقادات للجامعة بأن النشاط الثقافي بها يقتصر على الحفلات الغنائية فقط.. ما تعليقك؟بالعكس.. نحن قمنا العام الماضي بأكثر من 370 ندوة ثقافية وفكرية، أيضًا جامعة القاهرة شهدت منذ فترة قصيرة ندوة كبيرة مشتركة مع وزير الأوقاف، عن التفكير المتطرف، كل ما في الأمر أن الحفلات الفنية للمغنين تشتهر أكثر من الندوات، ولكن الجامعة توفق بين الحفلات الفنية والندوات الثقافية والمؤتمرات، وافتتحت مؤخرًا مؤتمر التحول من النظري إلى العمل، ومؤتمر آخر بعنوان الكتابة عبر الحدود.- هناك تخوفات من زيادة أسعار الخدمة المقدمة في قصر العيني مقابل التطوير.. ما تعليقك؟ليس له علاقة إطلاقًا.. فتطوير مستشفيات قصر العيني الذي نعمل عليه حاليًا ليس له علاقة برفع أسعار الخدمة أو مجانية الخدمة.- إلى أين وصل مشروع تطوير مستشفيات أبو الريش؟نحن لدينا أكثر من مشروع للتطوير، فنحن نطور بعض الوحدات في أبو الريش المنيرة، وأبو الريش الياباني، ونطور أبو الريش للعيادات الخارجية، فالأرض التي يتم عليها التطوير موجودة بين مجموعة من العمارات، فالحفر سيؤدي إلى خلخلة الأساسات، فنحن نعمل حاليًا على بناء حوائط ساندة وعلى حقن التربة، حتى لا تؤثر على العمارات المجاورة، وبعد الانتهاء من ذلك سيتم البدء في بناء العيادات الخارجية لمستشفى أبو الريش، ولن يزيد عن سنة ونصف حتى يتم الانتهاء منه.- هل ما زال قرار منع التدريس بالنقاب جاريًا؟ وهل هناك نية لتطبيقه على الطالبات داخل الجامعة؟ نعم القرار ما زال ساريًا على أساتذة التدريس داخل الجامعة، ولا توجد أي نية لتطبيقه على الطالبات داخل الجامعة، ولكن هذا لا يعني أنه منع للنقاب، فهناك بعض المواقع المغرضة قامت بـ«تحوير الكلام» وإننا نعمل على منع النقاب، ولكن هذا غير صحيح، فالقرار يوصي بمنع النقاب في المستشفيات وأثناء عملية التدريس، وفي جامعة القاهرة مسموح بدخول الطالبات والأساتذة بالنقاب من البوابات، ولكن يمنع فقط للأساتذة أثناء عملية التدريس، ولم نتلق أي اعتراض لأنها مسألة تتعلق بالعملية التعليمية، فالأمور تسير بشكل طبيعي داخل جامعة القاهرة.- هل ستسمح الجامعة بممارسة أي عمل حزبي داخلها؟ لا طبعًا.. الجامعة هي مجال لصنع الوعي وهي بيت ومظلة للمصريين جميعًا، فالجامعة فوق الحزبية، وفوق الطائفية، فلو سمحنا لبعض الأفراد بالدخول في الخلافات الحزبية فستتحول الجامعة إلى ساحة عراك وصراع.- لماذا فكرت في إنشاء المسرح الفرعوني للطلاب؟ المسرح الفرعوني سيتم تنفيذه في ملاعب الجامعة، وكان هدفي عمل مسرح مفتوح يكون الدخول له مجانًا للطلبة، فجامعة القاهرة تمتلك فرق مسرحية من طلاب الجامعة من أعظم ما يكون، فالمسرح المغلق كان به بعض المشكلات والخطورة، فجاءت فكرة المسرح الفرعوني المفتوح، وسيقوم الطلاب بالتدريب عليه وقتما يشاؤون في ساحات مفتوحة.- إلى أين وصل العمل في جامعة القاهرة الدولية؟ ومن الفئة المستهدفة بها؟انتهينا من بناء الدور الأول، ومن المتوقع افتتاحها خلال عامين، لأن البرامج والدرجات العلمية والهيكل الإداري جاهز، فنحن الآن في مرحلة البناء، وهناك فئتين مستهدفتين في جامعة القاهرة الدولية، فهناك 50% منح مجانية للطلاب المتفوقين من الثانوية العامة، وهناك 50% مدفوعة التكاليف، ونستهدف بها الطلاب الوافدين الأجانب، وحتى يتم من خلالها الصرف على الـ50% الآخرين.- أنت مع أم ضد مقترح إلغاء مجانية التعليم؟ أنا في الأصل مع المجانية، لكن في هذه المرحلة التاريخية لابد من تطوير مفهوم المجانية، فلا يجوز إعطاء مجانية للأغنياء، فهم يدفعون مصاريف باهظة في التعليم الثانوي، فهناك من يستحق المجانية في التعليم.-إلى من يرجع الفضل في ترتيب الجامعة في المراتب الأولى في التصنيفات العالمية؟لأساتذة الجامعة طبعًا.. والباحثين وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بها، فبجهودهم وإتقانهم وحرصهم على تقدم أنفسهم، هم السبب في تقدم الجامعة، وهذا سيعود طبعًا بالنفع على تحسن سمعة الجامعة، فجامعة القاهرة احتلت المرتبة الأولى في السمعة الأكاديمية، وفي التوظيف نحن من أفضل 300 جامعة على مستوى العالم، وفي التخصصات نحن نملك تخصصات اقتربت من سقف المئة، الهندسة المعمارية والصيدلة 101 على العالم، الطب 230 على مستوى العالم، ونحن نسعى للتحول إلى جامعة من جامعات الجيل الثالث بدرجة 100%، ونحن نسير بقوة في ذلك الطريق، كما أننا نقوم بالعديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول آخرها مع جامعة هيروشيما باليابان وجامعة شنغهاي بالصين والتي تحتل المرتبة الـ56 على مستوى العالم، وأيضًا مع أكاديمية شنغهاي للبحث العلمي والتي تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم في البحث العلمي.