شهدت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم انعقاد الاجتماع المشترك لوزراء السياحة ووزراء الثقافة في الدول العربية، في حضور الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز؛ رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة العربية السعودية، وأحمد أبو الغيط؛ الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، والدكتورة رانيا المشاط؛ وزيرة السياحة.
وقال الدكتور مصطفى الفقي إن مكتبة الإسكندرية منارة الفكر والمعرفة، وجسر التواصل بين الثقافات والحضارات، تؤمن بأهمية التلاقي والتفاعل بين الثقافة وكافة القطاعات التنموية، بهدف ارتقاء ورفعة أمتنا العربية.
ولفت الفقي إلى أن مكتبة الإسكندرية لديها العديد من الشراكات مع دول وجهات ومؤسسات عربية في مجال الثقافة والتراث والمعرفة، وأنها ستشهد في الفترة المقبلة انفتاحًا أكبر على العالم العربي من خلال أنشطتها المستقبلية.
وفي كلمته، أعرب الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، عن سعادته لانعقاد هذا الاجتماع الهام في مصر وتحديدًا بمكتبة الإسكندرية العريقة، لافتًا إلى أنه يتابع التجربة المصرية عن قرب، وأنه شديد الإعجاب بالحراك الإيجابي في كافة المجالات تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد أن الهدف من هذا الاجتماع هو التأكيد على حتمية التضامن بين قطاعي الثقافة والسياحة في العالم العربي، وتقديم رؤية فعالة لتوظيف هذا التفاعل في الجانب الاقتصادي، والاستفادة من الأثر الاقتصادي الناتج عن العناية بالتراث الحضاري واستثماره.
وأكد أن أهم ما يميز الثقافة هو جانبها الإنساني، فهي ليست مجرد تراكم للمعرفة بل تجربة إنسانية تفاعلية عميقة، لافتًا إلى أهمية خروج الحركة الثقافية من كونها متقوقعة داخل الكتب وأن يتداولها الناس بشكل ملموس ومرئي، ومن هنا تتحول الثقافة لركيزة أساسية في قطاع السياحة.
وقال إن المملكة العربية السعودية قدمت رؤية مستوحاة من الحراك السياحي الذي يشهده العالم من خلال ربط السياحة بالتراث الحضاري والثقافة، ومن هنا جاء إنشاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي تؤمن بأهمية التداخل بين الثقافة والسياحة، وعقدت العديد من الشراكات في هذا المجال.
وأشار أيضًا إلى إطلاق "برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري"، الذي يركز على حماية المواقع التاريخية والتراثية والترويج لها، وبناء المتاحف، وفتح مسارات لاستكشاف الآثار. ولفت إلى وجود شراكة بين برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري مع قطاع الآثار في مصر للقيام بعمليات استكشاف أثرية وتنظيم المعارض.
من جانبه، أكد أحمد أبو الغيط؛ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن عالمنا العربي يتميز بتنوع وتعدد مصادره، فهو يحتضن ذاكرة البشرية منذ عهدها الأول، مؤكدًا أن هذا الإرث الحضاري يُحملنا مسئولية الحفاظ علية، وصيانته والتعريف به والترويج له.
ولفت إلى أن المناخ الأمني والسياسي كان له أثر كبير على قطاع السياحة، إلا أننا يمكن أن نلمس تغير في الأحوال في الآونة الأخيرة، ونلاحظ تنامي الجهود لفتح مجالات الاستثمار السياحي في المنطقة العربية، فلدينا العديد من الكنوز غير المستغلة ويجب أن نفكر في كيفية الترويج لها.
وأكد أن تطوير القطاع السياحي يستلزم وعيًا ثقافيًا، ويحتاج خطة طويلة الأجل، ليست تجارية واستثمارية فحسب، بل أيضًا ثقافية تهدف إلى ارتقاء الشعوب وإيصال ثقافتها وحضارتها إلى خارج حدودها. وشدد على أننا أحوج ما نكون بتنمية الوعي بالسياحة، وبناء ثقافة حاضنة لهذا النوع من الاستثمار.
وأعرب عن أمله أن يخرج هذا الاجتماع بنتائج ملموسة لإنشاء منظومة متكاملة تعزز أوجه التلاقي بين قطاعي السياحة والثقافة في الوطن العربي. ولفت إلى أنه سيتم عرض تلك الرؤية العربية على المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدورة الاستثنائية للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت يناير المقبل، تمهيدًا لعرضها في اجتماع القمة العربية في مارس 2019.
من جانبها، قالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، إن تلاقي قطاعي الثقافة والسياحة وبناء شراكات حقيقية في هذا المجال يعد من الأولويات الملحة، فهناك حاجة عاجلة للمحافظة على التراث العربي والاهتمام بالمواقع التراثية، وتأصيل الهوية العربية وتعزيزها لدى الشباب، وتعريفهم بملامح الحضارة العربية والإسلامية في ظل التحديات التي تهدد هويتهم.
ولفتت إلى أن هذه المبادرة العربية تتزامن مع تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية التضامن بين القطاعات المختلفة، وفي ظل توجيهاته لتحفيز الاستثمار في قطاعي السياحة والثقافة وتعزيز الهوية الوطنية. وأكدت أن التعاون بين القطاعين سيكون له أثر كبير في دعم الاقتصاد، من خلال ووضع آليات وخطط لتنمية قطاع التراث الثقافي، وتدريب الأيدي العاملة للنهوض بالعنصر البشري، وجذب الاستثمارات في القطاع التراثي، وتشجيع السياحة بين الدول العربية.
من جانبها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة، أن السياحة تعد من القطاعات الرائدة في مصر، لافتة إلى "برنامج الإصلاح الهيكلي لتطوير قطاع السياحة"، والذي يعد أحد محاوره الترويج للسياحة باستخدام الأساليب الحديثة، والتوعية الثقافية من خلال المنصات الرقمية، والتركيز على مبادرات الانفتاح بين الشعوب، لتعزيز الأمن والسلام، مؤكدة أن "المتحف المصري الكبير" يعد من أبرز الأمثلة على حالة المزج بين الثقافة والسياحة، من خلال خلق الشغف بالمعرفة والانفتاح على الثقافات.