كما هو دأب دار الإفتاء المصرية دومًا في علاقتها بالوطن وأهله، وبالمسلمين عامة، تقدم الدار بشكل دقيق ومفصل كشف حساب لمسيرة عام في خدمة الإسلام والمسلمين، وتضع بين أيدي صناع القرار والمراقبين والباحثين والمتابعين أبرز جهود الدار في مجالات الفتوى وتصحيح الوعي المجتمعي ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، وبيان صحيح الدين والتصدي للمشكلات الدينية التي تواجه المجتمع، والعمل على بناء إطار ديني داعم ومساند للأمة المصرية ومؤسساتها الرافعة، والدافعة نحو التقدم والتطور والنمو، والتي أثمرت عن صدور أكثر من مليون فتوى تعالج كافة مناحي الحياة وتجيب عن تساؤلات المسلمين في كل مكان.
كما شمل هذا العام جولات مكوكية لفضيلة مفتي الجمهورية في إطار سعيه الدءوب للتواصل مع العالم ولتصحيح صورة الإسلام والمسلمين، حيث شملت تلك الجولات زيارات هامة للنمسا والولايات المتحدة الأمريكية وباكستان والجزائر والإمارات والسعودية، التقى خلالها بعدد من الرؤساء والقيادات والمفكرين وأصحاب القرار، وقدم الدعم العلمي والشرعي للمسلمين في مختلف الدول.
وقد شهد هذا العام 2018م صدور طفرة واسعة في تطوير وتحديث دار الإفتاء ورفع كفاءتها لتلبية الاحتياجات المتزايدة في الداخل والخارج، وتم استحداث إدارات جديدة تواكب العصر وتسهم في إيصال الرسالة الإفتائية للكافة، وإصدار عدد من الدراسات النوعية الهادفة لتفكيك الفكر المتطرف ودحض دعاوى الإرهابيين، وإطلاق المؤشر العالمي للفتوى كأول مؤشر من نوعه مَعْنيٍّ برصد فتاوى أي محيط جغرافي تتوافر فيه المظاهر الإحصائية العامة لمعرفة ما يدور في فلك الحقل الإفتائي العالمي وفق أهم وأحدث وسائل التحليل الاستراتيجي، إضافة إلى كشف الستار عن مشروع "المرجع العام للمؤسسات الإفتائية" الذي يعد اللبنة الأساسية في بناء نظام المؤسسة أو الهيئة الإفتائية .
1- عدد الفتاوى خلال 2018م:
حول الفتاوى التي أصدرتها دار الإفتاء في العام 2018م، ذكر التقرير أن عدد الفتاوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية بلغ أكثر من مليون فتوى شملت كل ما يهم المسلم في مناحي حياته المختلفة.
2- مؤتمر التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق:
نظمت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التابعة لدار الإفتاء المصرية مؤتمرًا دوليًّا برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية تحت عنوان: "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق"، وقد استمرت فعالياته على مدار ثلاثة أيام بمشاركة وفود من مفتين وعلماء ومؤسسات دينية من 73 دولة على مستوى العالم.
وشهد المؤتمر إطلاق مشروعات عملاقة أبرزها:
- المؤشر العالمي للفتوى
يهدف المؤشر العالمي للفتوى أول ما يهدف لمعرفة ما يدور في فلك الحقل الإفتائي العالمي وفق أهم وأحدث وسائل التحليل الاستراتيجي، وكذلك ما تكتبه وتطلقه المنظمات المتطرفة من فتاوى وإصدارات للرد عليها بأسلوب علمي دقيق يسهم في تجديد الخطاب الديني.
- المرجع العام للمؤسسات الإفتائية
وهو يعد نواة لموسوعة إفتائية عالمية تتناول بالتنظير والتطبيق ما يتعلق بالإفتاء وتكون مصدرًا رئيسًا لوضع المعايير والقواعد الحاكمة للعملية الإفتائية، ليظل الإسلام في طليعة الأيديولوجيات الموجهة لسمات التطور الحضاري.
3- (53) دراسة علمية تدحض شبهات المتطرفين
أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية نحو (53) دراسة وتقرير وإصدار علمي خلال العام 2018، لمواجهة وتفكيك الفكر المتطرف والرد على ادعاءات المتطرفين، وتناولت تلك الدراسات تحليل مضمون لمختلف الإصدارات التكفيرية والمتطرفة الصادرة عن الجماعات التكفيرية.
4- التدريب وتأهيل المسلمين:
حفاظًا على منهجية الإفتاء الصحيح في مواجهة نوازل العصر الحديث، وإيمانًا بدورها الفعال في التجديد الفقهي، أقامت دار الإفتاء المصرية عددًا من برامج التدريب من أجل نشر قيم الإفتاء المنضبط الذي يحقق مقاصد الشرع الشريف ويرسخ للأمن المجتمعي، حيث بلغت البرامج المنفذة من قِبل دار الإفتاء المصرية خلال 2018 أربعة برامج أساسية داخل مصر وخارجها.
أبرزها: تدريب أئمة بريطانيا وإمدادهم بمهارات وعوم الإفتاء - برنامج تدريب الطلاب التايلانديين على (تفكيك الفكر المتطرف) - برنامج تحسين المهارات الإفتائية للعاملين في مجال الشئون الإسلامية بدولة ماليزيا - إضافة إلى البرنامج التأهيلي للمقبلين على الزواج - بجانب برنامج تدريب الوافدين.
5- الفضاء الإلكتروني والطفرة الهائلة:
تعتبر صفحة دار الإفتاء المصرية على الفيس بوك النافذةَ الكبرى والأهم لدار الإفتاء المصرية، وقد أطلقت في عام 2010، وحصلت على التوثيق والاعتماد من إدارة الفيس بوك بالولايات المتحدة الأمريكية لتكون بذلك أول مؤسسة إسلامية في مصر والعالم تحصل على الاعتماد بعد أن تخطى عدد المشتركين فيها حاجز سبعة ملايين وثلاثمائة ألف متابع.
6- صورة الدار في الإعلام:
بلغ عدد المواد الصحفية المنشورة في الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت التي تتناول أخبار الدار أكثر من (72) ألف قصاصة وخبر ومادة صحفية، تناولت مواقف الدار المتنوعة وتعاطيها مع مختلف القضايا، إضافة إلى نشر الفتاوى الحديثة والمستجدات الفقهية التي تنشرها الدار، بالإضافة إلى مقالات فضيلة المفتي وعلماء الدار لتصحيح المفاهيم وإيصال صحيح الدين إلى مختلف فئات المجتمع المصري والمسلمين حول العالم.
بجانب كشف حساب العام المنصرم، تقدم دار الإفتاء المصرية جملة من المشروعات المستقبلية التي تشكل تصور المؤسسة الإفتائية لعملية النهوض الإفتائي ومعالجته وفق أطر علمية دقيقة ومدروسة، وأبرز تلك المشروعات:
1- مشروع إدارة ومعايير الجودة في المؤسسات الإفتائية:
مما لا ريب فيه أن الإفتاء يُعد من أهم المجالات التي ينبغي العناية بتطبيق إدارة الجودة في مؤسساته، وتتمثل أهمية تطبيق أنظمة الجودة في المؤسسات الإفتائية في: رفع مستوى الأداء، وتحسين نوعية الخدمة، وتخفيض تكاليف التشغيل، والتحسين المستمر وتطوير إجراءات وأساليب العمل وتحليل الأخطاء، ووجود مناخ علمي أفضل، وتطوير المهارات القيادية والإدارية لقادة المؤسسة، والرؤية الواضحة لكل مكان في المؤسسة الإفتائية، ومنع حدوث مشكلات كإجراء وقائي بدلًا من العمل على تصحيح الأخطاء.
ولذا، نشأت فكرة تطوير مشروع «معايير الجودة في المؤسسات والهيئات الإفتائية» كمرجع نظري يحوي تطبيقًا عمليًّا لتحقيق معايير الجودة كما أُسِّسَ لها في هذا المرجِع.
2- دليل مواجهة التطرف:
إصدار الدليل المرجعي الأول من نوعه لمواجهة التطرف والتعامل مع الأفكار والأشخاص المتطرفين، وهو دليل علمي شامل يحتوي على تشريح كامل للتطرف ومراحله المختلفة، ومقولاته المرددة، والرد عليها، إضافة إلى السبيل للتعامل معه والخروج منه، ويحتوي الدليل أيضًا على موسوعة للمفاهيم المتطرفة المؤطرة للتطرف، وتصحيحها، وموسوعة شاملة للتنظيمات التكفيرية، والأدوار المختلفة للتعامل مع مشكلة التطرف سواء على مستوى الأسرة والمجتمع، أو على مستوى المؤسسات وهيئات الدولة، أو على مستوى المجتمع المدني والعمل الخيري.
كما يشمل الدليل قائمة بالمؤسسات والهيئات التي يمكن الرجوع إليها لطلب المساعدة لمواجهة التطرف، وكيفية التواصل معه، حتى يكون الدليل خير معين لمواجهة هذه المشكلة الملحة التي باتت تشكل تهديدًا وجوديًّا للعالم بأسره.
3- مشروع إنشاء المركز الاستراتيجي لدراسات التشدد:
إنشاء وتأسيس مركز بحثي وعلمي لإعداد الدراسات العلمية والاستراتيجية المعنية بمكافحة وتفكيك الفكر المتطرف ومقولاته وأحكامه، ذلك عبر عدد من الإصدارات والمنشورات والكتابات العلمية، يرتكز على أسس علمية رصينة ويعالج مشكلات التشدد والتطرف الخاصة بالمسلمين حول العالم، ويقدم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهة تلك الظاهرة الآخذة في الزيادة، ومحاربتها والقضاء عليها، آخذًا في عين الاعتبار الخصوصيات والسياقات المرتبطة بتنوع الحالات وتعددها، واختلاف المناطق والبلدان، ويكون الذراع البحثية للمؤسسة الإفتائية الكبرى في العالم فيما يتعلق بقضايا التشدد والتطرف التي تضرب العالم أجمع وتهدم الإنسان والعمران.
4- مشروعات التوسع في التدريب:
تهدف دار الإفتاء المصرية خلال العام 2019 إلى التوسع في التدريب وإطلاق البرامج التدريبية وفتح أفق أوسع واستهداف فئات جديدة بالتدريب والتأهيل؛ وذلك في برامج إعداد المفتي عن بعد والتأهيل للمتصدرين للفتوى، فضلًا عن تطوير منصة "هداية" لخلق بيئة علمية آمنة يأمن فيها الناس على أنفسهم وأولادهم في تعلم الإسلام الصحيح؛ حيث تعمل على تزويد المسلم في كل مكان بكل ما يحتاجه من معارف وعلوم ومهارات، وكذلك محاربة الأفكار المتطرفة والهدامة من خلال تحويل الردود العلمية المنهجية التي قام بها كبار العلماء الى برامج وصور الكترونية تتناسب ثقافة العصر.