اعلان

المتاجرة في مصائر الموتى.. تبوير الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مقابر في سوهاج

راود حلم الثراء السريع بعض المواطنين، من قاطني قرى محافظة سوهاج، خاصة ملاك الأراضي الزراعية المجاورة للمقابر، حيث يتمنى الجميع أن يبيت ويصبح ثريا في ليلة واحدة، ما دفعهم إلى اللجوء لتقسيم تلك الأراضي وعرضها للبيع كمقابر، مستغلين فى ذلك الأمر، قلة عدد وضيق المقابر الموجودة بالقرى، واحتياج الأهالي الشديد لها، وعدم وجود بديل إلا بتلك المنطقة، حيث لا يمكن بناء مقابر في أماكن أخرى.

يؤكد أحد كبار عائلات إحدى القرى، أنه يوجد لكل عائلة بالقرية عدد قليل من المقابر، بالمقارنة بأعداد العائلة، ويعاني الكثير منهم فى كثير من الأحيان، فى وقت الكوارث التى قد تودي بأرواح العديد من الأشخاص في وقت قصير، مما يجعل بعض العائلات تقع في مأزق شديد حتى يتمكن من مواراة الفقيد، وقد تحدث المناوشات بين العائلات وبعضها على تلك المقابر المحدودة، أو بين العائلة الواحدة.

استغل بعض الأهالي ظروف رقعة القرية المحدودة، ووجود مقابر واحدة للقرية، وعدم التمكن من إقامة مقابر أخرى لصعوبة التصريحات المطلوبة، مما جعلهم يتمكنون من التحكم فى أسعار المقابر، التى تم التعدي على الأراضي الزراعية الساطعة الخضرة وإقامتها عليها.

شرع أهالي تلك المقابر الجديدة فى البيع، حيث سعر المقبرة الواحدة التى تبلغ 10 أمتار مربعة 40 ألف جنيه مصري، وبدا فى التزايد بعد ذلك، حتى وصل الى 45 الف جنية ،ثم وصل اخيرا الى 65 ألف جنيه.

يقول "محمود أحمد" فلاح، أحد ساكني إحدى قرى طهطا، إن عائلته تعانى من مشكلة المقابر وقلة عددها، مما دفعهم إلى شراء 4 مقابر، سعر المقبرة 40 ألف جنيه، بالإضافة إلى تكلفة البناء، حيث تكلف المقبرة الواحدة، ما يقدر بحوالي 50 ألف جنيه، وأن العائلة فرضت عليه 1500 جنيه، وهو رجل لا يملك إلا قوته، مما دعاهم لتقسيط تلك المبالغ، قائلًا: إن أصحاب الأراضي قاموا باستغلال احتياج الناس للمقابر، ووضعوا أرقام مهولة دون رقيب من أـحد، خاصة أنه لا يجاور المقابر إلى أراضيهم.

مضيفًا أنه عندما بدأ بائع المقابر البيع، بمبلغ 45 ألف جنيه للمقبرة، قام المالك المجاور له، بتقسيم أرضه الزراعية أيضًا وبيعها بسعر أقل من السابق، وصل للمقبرة الواحدة 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى تكلفة البناء والتشييد، وإن عائلته اضطرت إلى شراء بعض المقابر، وتم تقسيم المبالغ على عدد الأفراد بالعائلة.

يقول "محمد على" أحد ساكني القرية، إن عائلته لم تشترى من بائع المقابر الأول أو الثاني، ولكن اشترت من بائع آخر مجاور لهم، حيث استغل انتهاء السابقين من بيع مقابرهم ونفاد العدد الموجود، وقام برفع الأسعار إلى 65 ألف جنيه قائلًا "اللي مش عاجبه مياخدش"، وبالفعل باع لبعض الراغبين، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث بزغ بائع ملاصق له، وقام بتقسيم أرضه وبيع المقبرة بـ 45 ألف جنيه، مما اضطر البائع الثالث، للنزول إلى سعر الأخير، حتى يتمكن من بيع المقابر التى قام بتقسيمها.

ويضيف، أنه بسبب وجود بعض المناوشات بين بعض المشتركين في المقابر، تم ترك المتوفى لفترة قد تصل إلى ساعات، نتيجة الاختلاف وعدم الاتفاق على الدفن، لتأكيد كلا الطرفان ملكيتهما للمقبرة، مما دعا الأمن للتدخل وفض المشاجرة، ومواراة الميت بعد تدخل رجال الخير بالقرية، فجعل ذلك الأهالي يقومون بالشراء بالإجبار بأي ثمن لتلاشى المشاكل.

وأكد "السيد عبدالحليم" مدرس، بقرية الواقات بمركز طما، أن أحد الرجال الأغنياء المجاورين للمقابر، قام بتبوير أراضيه الزراعية، وقام بتقسيمها، وبدأ البيع فيها بأسعار عالية فوق طاقة كثير من أهالى القرية، بالإضافة الى وجود مساكن ملاصقة لتلك الأراضي، مما يؤثر عليهم كثيرًا.

يقول "سالمان أحمد" أحد المشايخ، على هؤلاء التجار مراعاة الله ورسوله فى التعامل مع العباد، حيث لا يصل بنا الحال إلى المتاجرة فى الموتى، ولا الفقراء، حيث الفقير لا يستطيع تجميع تلك المبالغ الباهظة لشراء مقبرة، وخاصة إن كان عدد أسرتهم قليل.

ويقول على عيسى، "أنا رجل فقير ولم أستطع الدفع مع عائلتي فى تلك المبالغ التى لم نسمع بها من قبل، وعلى بائعي تلك المقابر الرأفة بالفقراء، حتى لا ننكسر بين أفراد عائلتنا بسبب عدم مقدرتنا على المشاركة فى الدفع، مضيفًا "احنا فقرا دنيا وفقارة أخرة، يمكن ميرضوش يدفنونا ويرمونا عشان مدفعناش".

مؤكدًا، أنه يوجد بعض العائلات والأسر بالقرية، لا تتمكن من الشراء لارتفاع الأسعار، وتكتفى بالمقابر القديمة ومشاكلها مع الشركاء الآخرين، مضيفًا بالرغم من كل ذلك، لم يتدخل أي مسؤول لمواجهة ارتفاع تلك الأسعار التى اجتاحت البقعة الخضراء من أراضي القرى.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً