مذكرة في أصول الفقه

نظر علماء الأصول إلى أصول الفقه بنظرتين لأنها مركب كلمتين كلمة (أصول) مضاف وكلمة (فقه) مضاف إليه وعلى ضوء هاذين النظرتين يمكن تعريف أصول الفقه :

النظرة الأولى :

نظرة باعتباره مفرديه ( أي باعتبار كلمة أصول وكلمة فقه)

تعريف الأصل :

الأصول جمع مفردها أصل .

وهو في اللغة ما يبنى عليه غيره مثل أصل الجدار وهو أساسه، وأصل الشجرة الذي يتفرع منه أغصانها قال الله تعالى { ألم ترى كيف ضرب الله مثلًا كلمةً طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء}سورة ‏ ‏إبراهيم‏: الآية‏24‏

والأصل في الاصطلاح له عدد من المعاني منها :

1 ـ الدليل : فإنك تقول أصل تحريم الزنا {ولا تقربوا الزنا} سورة الإسراء :الآية 32.

أي دليل تحريم الزنا هذه الآية .

2 ـ الراجح : فإنهم يقولون : الأصل في الكلام الحقيقة ، دون المجاز ، أي الراجح حمل الكلام على حقيقته .

3 ـ المقيس عليه : أي الذي يقاس عليه غيره ، فيقول : الخمر أصل النبيذ ، فالخمر :مقيس عليه و النبيذ : مقيس .

4 ـ القاعدة المستمرة : كقولهم ( أكل الميتة على خلاف الأصل) ، أي :خلاف القاعدة المستمرة من تحريم أكلها .

تعريف الفقه: ــــ

لغة : الفهم ومنه قوله تعالى{ واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي ‏}سورة ‏طـه : الآية‏27‏‏.‏ فمعني يفقهوا أي يفهموا .

وقال تعالى {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا ًمما تقول} سورة هود : الآية 91 . وقوله تعالى {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} سورة الكهف : الأية93

وقوله تعالى {فمال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثاً} سورة النساء : الآية 78

وقوله تعالى { وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} سورة الإسراء : الآية 44

وما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم{اللهم فقهه في الدين} رواه البخاري .

والفقه في الاصطلاح : معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية .

فالمراد (بالمعرفة) هي العلم والظن لان إدراك الأشياء إما أن تكون : ــــ

1) العلم : وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.

2) الظن : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح .

3) الشك : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مساو .

4) الوهم : وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح

5) الجهل البسيط : وهو عدم الإدراك بالكلية .

6) الجهل المركب : هو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه في الواقع

والمراد (بالأحكام الشرعية) هي الأحكام المتلقاة من الشرع كالوجوب والتحريم .

و الأحكام ثلاثة أنواع :

1) عقليه : مثل الواحد نصف الاثنين ، وكمعرفة أن الكل أكبر من الجزء فهذا الحكم غير داخل في علم الفقه لأنه حكم عقلي

2) حسية أو عادية : مثل النار محرقة كمعرفة نزول الطل في الليلة الشاتية إذا كان الجو صحوًا‏.‏

3) شرعية : مثل الصلاة واجبة .

والأحكام الشرعية هى ما تتوقف معرفتها من الشرع ولا تدرك إلا عن طريقه , وتقييد الأحكام بكونها شرعية يخرج الغير شرعية كالأحكام الحسية و العقلية .

والمراد (بالعملية) ما يصدر عن المكلف من الأفعال ,

لان الأحكام الشرعية بحسب متعلقاتها تنقسم إلى :-

1) الاعتيادية : وهى ما يتعلق باعتقاد الناس وتسمى أحكام اعتقاديه مثل الإيمان بالله وملائكته .

2) العملية : وهى ما يتعلق بأفعال الناس التي تصدر عنهم وتسمى أحكاما عملية مثل وجوب الصلاة

3) الأخلاقية : وهى ما تتعلق بتهذيب النفوس وتزكيتها وتسمى الأحكام الأخلاقية مثل وجوب الصدق وتحريم الكذب .

وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتيادية والأخلاقية .

والمراد (بأدلتها التفصيلية) أي أدلة الفقه المقرونة بمسائل الفقه التفصيلية , فيخرج به أصول الفقه لأن البحث فيه إنما يكون في أدلة الفقه الإجمالية .

النظرة الثانية: نظرة باعتبار كونه لقباً لهذا الفن المعين فعرفه (الأصوليين )

بعدة تعريفات نذكر منها ما يأتي:-

التعريف الأول :

هي القواعد التي يتوصل بها المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية .

شرح التعريف :

المراد (بالقواعد) : جمع مفرده قاعدة و القاعدة عبارة عن قضية كلية تشمل جزئيات كثيرة كقاعدة ( الأمر للوجوب) و( النهى للتحريم) وغيرها من القواعد . وبأخذ القاعدة في التعريف يخرج الأمور الجزئية .

المراد (التي يتوصل بها المجتهد) : أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الأحكام الفقهية من الدليل التفصيلي .

المراد (بالأحكام):جمع مفرده حكم والحكم إثبات أمر لاخر أو نفيه عنه ,

والأحكام بحسب طريق إثباتها ثلاثة أنواع .

النوع الأول : عقلي مثل الواحد نصف الاثنين .

النوع الثاني : حسي مثل النار محرقة.

النوع الثالث : شرعي مثل الصلاة واجبة.

المراد(بالشرعية) : هى ما تتوقف معرفتها على الشرع . وتقييد الأحكام بكونها شرعية يخرج الأحكام الغير شرعية وهى الأحكام العقلية والحسية.

المراد (بالعملية ): ما يصدر عن المكلف من الأفعال , لان الأحكام الشرعية بحسب متعلقاتها تنقسم إلى الاعتقادية والعملية والأخلاقية , وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتقادية والأخلاقية .

المراد (بالأدلة التفصيلية) : هي الأدلة الجزئية , وهى التي يتعلق كل دليل منها بمسألة مخصوصة , ويدل كل واحد منها على حكم معين , كقوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم }سورة النساء : الآية 23

حيث أنه دليل تفصيلي تعلق بمسألة معينة وهى الزواج بأمهات , وتفيد حكماً معيناً وهو حرمة الزواج بالأم .

التعريف الثاني:

علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد .

شرح التعريف : ــــ

فالمراد (بالإجمالية) هي القواعد العامة مثل مثل قولهم‏:‏ الأمر للوجوب أي أن الأمر إذا كان مجردا عن القرائن فإنه يفيد الوجوب ، فهذه القاعدة : الأمر للوجوب قاعدة إجمالية لأنها لم تشمل أمرا محددا بل هي عامة لكل أمر ، ومثلها قولهم : النهي للتحريم والصحة تقتضي النفوذ، فيخرج به أدلة الفقه التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة .

والمراد (بكيفية الاستفادة) أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الحكم .

وبتقييد (الاستفادة منها) يخرج القواعد التي لا يوصل البحث فيها إلى شئ بأن تكون مقصودة لذاتها مثل قاعدة ( العدل أساس الملك) , والقواعد يجب أن تكون شرعية وكونها شرعية تخرج القواعد التي ليست شرعية كقواعد النحو مثلاً .

والمراد (بحال المستفيد) معرفة حال المجتهد ، سمي مستفيداً لأنه يستفيد بنفسه الأحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد، فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك يبحث في أصول الفقه‏ .‏

التعريف الثالث :

القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية.

موضوع علم أصول الفقه:

يبحث علم الأصول في أربعة أمور هي:

1 ) الحكم ويشمل مباحث الأحكام التكليفية والوضعية.

2 ) الدليل ويشمل جميع الأدلة، كالقرآن، والسنة، والإجماع، والقياس وغيرها.

3 ) الاستدلال ويشمل جميع مباحث الألفاظ كالعموم والخصوص ، والحقيقة والمجاز ، والنص والظاهر، والمنطوق والمفهوم، وغيرها.

4 ) المستدل ويشمل مباحث الاجتهاد والتقليد.

الفرق بين علم الفقه وعلم أصول الفقه:

علم الفقه: يبحث في الأدلة التفصيلية وأفعال المكلفين

وعلم أصول الفقه: يبحث في الأدلة الإجمالية واستنباط الأحكام الشرعية منها

الفرق بين الأصولي والفقيه :

الأصولي يبحث عن القواعد الكلية , والنظر في الأدلة الإجمالية من حيث دلالتها على الحكم فهو ينظر في كيفيات هذه الأدلة وأحوالها من حيث كونها عامة أو خاصة , مطلقة أو مقيدة , أمراً أو نهياً , ويضع القواعد التي تبين الحكم لكل منها , فيبحث مثلاً في الأوامر فيجد قاعدة كلية وهى (كل أمر إذا تجرد من قرينة يفيد الوجوب) وهكذا النواهي يجد ( كل نهى إذا تجرد من قرينة يفيد التحريم ) , ويبحث في العام فيجد أن ( العام يتناول أفراده قطعاً ) .

أما الفقيه فهو يبحث في أدلة الفقه الجزئية ليصل من خلال ذلك إلى معرفة حكم من الأحكام الشرعية العملية .

فإذا ما أراد مثلاً معرفة حكم الصلاة , فإنه يبحث في الأدلة التفصيلية المتعلقة بالصلاة فيجد قول الله تعالى{ وأقيموا الصلاة}سورة البقرة: الآية43 , فينظر في هذا الدليل الجزئي فيجد فيه الأمر بالصلاة .

أهمية أصول الفقه : :

1) ضبط أصول الاستدلال وذلك ببيان الأدلة الصحيحة .

2) التمكن من الحصول على قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أساس سليم.

3) تيسير عملية الاجتهاد وإعطاء الحوادث الجديدة ما يناسبها من الحكم.

4) معرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الخلاف بين العلماء والتماس الأعذار لهم .

5) بيان ضوابط الفتوى وشروط المفتى وآدابه .

6) الوقوف على سماحة الشريعة ويسرها , والابتعاد عن الجمود المترتب على دعوى إغلاق باب الاجتهاد.

سبب وضع العلماء لعلم أصول الفقه ومن أول من وضعه :

إن سبب حمل العلماء على إنشاء هذا العلم إنه عندما كثرة الفتوحات الإسلامية واتسعت رقعة الإسلام أدى ذلك إلى اختلاط الأمة العربية بغيرها من الأمم فدخل في اللغة العربية الكثير من المفردات غير العربية فكثر تبعاً لذلك الاشتباه والاحتمال في فهم النصوص , كما أدت كثرة الفتوحات إلى وجود الكثير من الحوادث التي لم تكن موجودة من قبل والتي لم يرد ما يبين حكمها .

و أول من وضع هذا العلم هو الأمام الشافعي رحمه الله تعالى في أواخر القرن الثاني الهجري .

طريقة العلماء في وضع قواعد هذا العلـم :

الطريقة الأولى : طريقة الأحناف :

علماء الأحناف رحمهم الله ينظرون في الفروع الفقهية في مذهب الإمام أبي حنيفة ويتتبعونها ثم يضعون القواعد الأصولية على مقتضى فروع مذهبهم ، فهم يعتبرون القواعد مسخرة للفروع ، ولهذا جاءت كتبهم غنية بالفروع الفقهية .

الطريقة الثانية : طريقة الجمهور :

جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة ينظرون في أدلة الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة مع استصحاب البراءة الأصلية ، ويضعون الأصول على مقتضى الأدلة ، ولم يراعوا في ذلك مذهب معين بل المؤلف نفسه لم يراعي مذهبه ، وعليه فالفروع مسخرة للقواعد ، ولكنهم لم يتعمقوا في الفروع .

الطريقة ثالثة : الجمع بين الطريقتين .

الأحكام الشرعية

تعريف الأحكام‏:

‏ الأحكام‏ جمع حكم .

والحكم لغة :‏ المنع ومنه قيل للقضاء حكم لأنه يمنع من غير المقتضى به ، وسمي القاضي حاكماً لأنه يمنع من الظلم ، وسمي لجام الدابة حكمة لأنه يمنع من جماحها.

قال تعالى: { ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم ) سورة الشورى : الآية 14 . أي لفصل وحكم بينهم .

وقال تعالى: { وقضي بينهم بالحق ) سورة الزمر: الآية 75 . أي حكم .

والحكم اصطلاحاً:

التعريف الأول :

هو ما دل عليه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع.

التعريف الثاني : -

هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير أو على جهة الوضع

شرح التعريف الثاني :

المراد ( بالخطاب ) ما يشمل خطاب الله وخطاب غيره من الأنس والجن والملائكة , وبإضافة لفظ الجلالة قيد يخرج خطاب غير الله سبحانه وتعالى

المراد (ما يتعلق بأفعال المكلفين) المكلفين جمع مفرده مكلف , والمكلف هو كل بالغ عاقل بلغته الدعوة وكان أهلاً للخطاب , ولم يمنعه من التكليف مانع .وتقييد بالمتعلق بأفعال المكلفين قيد يخرج الخطاب المتعلق بغير أفعال المكلفين كالتعلق بذات الله عز وجل في مثل قوله تعالى { شهد الله أنه لا إله إلا هو }سورة آل عمران :الآية 18 .

ومثل المتعلق بالجمادات كقوله تعالى { وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي } سورة هود : الآية 44 .

والتكليف يشمل الصغير وذلك لإن ماله تجب فيه الزكاة ، فهذا حكم يتعلق بمال الصبي لأنه مكلف في الأصل ولكن وجد مانع وهو الصغر .

المراد (على جهة الطلب أو التخيير أو الوضع) يعنى أن خطاب الشرع تارة يقتضى الطلب وتارة يقتضى التخيير وتارة يكون شيئاً موضوعاً للدلالة على شئ .

فالطلب يدخل فيه الأمر والنهى ( الأمر طلب فعل والنهى طلب ترك ) وقد يكون الطلب على سبيل الإلزام وهو الواجب أو على سبيل الأفضلية وهو المندوب , وكذلك النهى قد يكون على سبيل الإلزام وهو الحرام وقد يكون على سبيل الأفضلية وهو المكروه , أما على سبيل التخيير فهو المباح

وأما على جهة الوضع فهو وضع الشرع شيئاً للدلالة على شئ آخر مثل الشرط والسبب والمنع والصحيح والفاسد .

أقسام الأحكام الشرعية

خطاب الشرع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طلب تخيير وضع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفعل الترك الإباحة الأحكام الوضعية

ـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

الوجوب الندب التحريم الكراهة

أقسام الأحكام الشرعية :

تنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين هما :-

القسم الأول : الأحكام التكليفية : ـــــ

وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير .

القسم الثاني : الأحكام الوضعية : ـــــ

وهو جعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً أو مانعاً أو صحيحاً أو فاسداً.

أمثله تمثيل من الحكم التكليفى والحكم الوضعي :

يمكن أن يجتمع الحكم التكليفى والحكم الوضعي في نص واحد ويمكن أن يفترقا

1) أمثلة يجتمع فيهما كلاً من الحكم التكليفى والحكم الوضعي :

المثال الأول : ـــــ

قول الله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما }سورة المائدة :الآية38 .

فإن في هذا المثال وجوب قطع اليد وهو حكماً تكليفياً وفيه جعل السرقة سبباً في قطع اليد وهو حكماً وضعياً .

المثال الثاني : ـــــ

قول الله تعالى { وإذا حللتم فاصطادوا} سورة المائدة : الآية 2 .

فالحكم التكليفى هو إباحة الصيد بعد التحلل من الإحرام , والحكم الوضعي هو جعل هذا التحلل سبباً في الإباحة .

2) مثال ينفرد فيه الحكم التكليفى :

مثل قول الله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة }سورة البقرة : الآية 43 , فإن هذه الآية تتضمن حكماً تكليفاً فقط وهو وجوب الصلاة والزكاة .

3) أمثلة ينفرد فيه الحكم الوضعي :

المثال الأول : ما جاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسوله صلى الله عليه وسلم{لا تقبل صلاة بغير طهور }رواه مسلم , فإن هذا الحديث متضمن حكماً وضعياً فقط وهو جعل الطهارة شرطاً لصحة الصلاة .

المثال الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم { القاتل لا يرث }رواه الترمذي وابن ماجه وفيه ضعف , فإن هذا الحديث يشمل على حكم وضعي , وهو جعل القتل مانعاً من الميراث .

القسم الأول : الأحكام التكليفية

تعريف الحكم التكليفي :

هو : خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير .

فالمراد (بالطلب) هو طلب الفعل أو طلب الترك .

وطلب الفعل : أما أن يكون طالباً جازماً كالواجب ، وأما طلباً غير جازماً كالمندوب

وطلب الترك : أما أن يكون طالباً جازماً بالترك كالحرام وإما طلباً للترك جازماً غير جازم كالكراهة .

والمراد (بالتخيير) التسوية بين الفعل والترك كالمباح .

أقسام الحكم التكليفي :

ينقسم الحكم التكليفى إلى خمسة أقسام هي :-

القسم الأول : الواجب ويسمى : فرضاً ــ فريضة ــ حتماً ــ لازماً .

القسم الثاني : المندوب ويسمى : سنة ــ مسنوناً ــ مستحباً ــ نفلاً ـــ تطوعاً .

القسم الثالث : المحرم ويسمى‏ :‏ محظورًا أو ممنوعًا‏.‏

القسم الرابع : المكروه .

القسم الخامس : المباح ويسمى : حلالاً ــ جائزاً .

القسم الأول : الواجب

الواجب لغــــــــــــة: الساقط واللازم‏ يقال: وجب البيع أي لزم البيع، ويأتي بمعنى الساقط يقال: وجب الحائط إذا سقط ومنه قوله تعالى :{فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها} سورة الحج :الآية 36

أي إذا سقطت على الأرض بعد نحرها.

واصطلاحاً: ما يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه.

وقيل‏ : هو ما أمر به الشرع على وجه الإلزام فيثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه . كإعفاء اللحية .

شرح التعريف :

المراد (ما أمر به الشرع) يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كلاً من المحرم والمكروه والمباح ، لأن المحرم والمكروه منهي عنه وليس مأمور به ، والمباح لا يتعلق به أمر ولا نهي .

المراد (على وجه الإلزام ) يخرج ما أمر به الشرع لا على وجه الإلزام وهو المندوب .

المراد ( يثاب فاعله امتثالاً ) يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له .

المراد (يستحق العقاب تاركه )أي إن تاركه يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.

* أقسام الواجب :

يمكن تقسيم الواجب باعتبارات :-

(1) باعتبار المكلف (الفاعل ): ـــ

وينقسم إلى واجب عين وواجب على الكفاية :

فالواجب العيني : ــ هو ما طلب فعله من كل واحد من المكلفين بعينه كالصلاة والصيام فيجب على كل فرد مكلف أن يأتي به .

والواجب الكفائي: ــ ما طلب فعله من المكلفين ، بحيق لو قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين, فإن لم يقم به أحد أثموا جميعأً. مثل: صلاة الجنازة و الجهاد في سبيل الله ، فإن ذلك واجب على الأمة الإسلامية ، لنشر دين الله وحماية الإسلام ، وديار المسلمين ، فإن قام به بعض الأمة سقط الإثم عن الآخرين أما إذا تركوه أثموا جميعاً إذا لم يوجد إلا العدد الذي يقوم به ، لأنه يتحول إلى واجب عيني .

كذلك تعليم الناس أمور دينهم وإفتاؤهم فيما أشكل عليهم ، والفصل بينهم في خصوماتهم، إذا لم يوجد إلا نفر قليل ممن تتوفر فيهم الشروط ، فإنه يجب عليهم أن يقوموا بهذه المهمة على سبيل التعيين .

(2) باعتبار وقت أدائه : ـــ

وينقسم إلى قسمين واجب مطلق وواجب مقيد :

فالواجب المطلق(الموسع) : وهو ما طلب الشرع فعله وكان وقته متسعاً له ولغيره. مثل أوقات الصلاة، فإن وقت الظهر مثلاً: يتسع للإتيان بصلاة الظهر، ويبقى وقت طويل يمكن للإنسان أن يأتي فيه بأعمال أخرى ومثل الكفارات فإن وجبت كفارة اليمين على شخص فإن له أن يؤديها متى شاء .

والواجب المقيد (المضيق) : ما طلب الشارع أدائه وعين لهذا الأداء وقتاً محدداً أو ما كان وقته لا يتسع لغيره من جنسه. كالصلوات الخمس وصيام رمضان الذي أوجبه الله تعالى بقوله: { يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } سورة البقرة : الآية 183. فإن شهر رمضان لا يتسع لغير صيامه ، لأن الشهر لا يمكن أن يصام مرتين ، ولذلك سمي مضيقاً ولذا يجب على المكلف أن يصوم هذا الشهر ، ولا يجوز له التأخير إلا لعذر كما قال الله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر } سورة البقرة : الآية 185.

3) باعتبار الفعل نفسه (المكلف به ) : ـــ

وينقسم إلى قسمين واجب معين وواجب مبهم :

فالواجب المعين: ما طلب الشارع من المكلف فعله بعينه. مثل : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، فإن الله تعالى قد طلب من المكلف أن يأتي بهذه العبادات بعينها ، ولا يجوز أن يأتي ببدل عنها.

والواجب المخير: هو ما طلب الشارع من المكلف أن يأتي بأمر من أمور معينة مثل: خصال كفارة اليمين ، فقد أوجب الله تعالى على من حنث في يمينه أن يكفر بخصلة من خصال ثلاث ، هي المذكورة في قوله تعالى{ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمنكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمن فكفرته إطعام عشرة مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة} سورة المائدة : الآية 89 .

فقد ذكر الله تعالى في الآية أو الواجب واحد من أمور ثلاثة: الإطعام ، أو الكسوة , أو العتق، فإذا أتى المكلف بواحد من هذه الثلاثة فقد خرج من عهدة التكليف وبرئت ذمته.

* الفرق بين الواجب والفرض :

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن لافرق بين الفرض والواجب وقالوا إن هذين اللفظين مترادفين , وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن الفرض غير الواجب فلفرض ما ثبت بدليل قطعي , والواجب ما ثبت بدليل ظني .

وعلى هذا يكون من ترك قراءة شئ من القرآن في الصلاة تكون صلاته باطلة , لأن القراءة فرض لثبوتها بدليل قطعي وهو قوله تعالى{فاقرءوا ما تيسر من القرآن }سورة المزمل : الآية 20 .

وأما من ترك قراءة الفاتحة فقط فإن صلاته تكون صحيحة لأن قراءتها ليست فرضاً وإنما هي واجبة فقط , لأنها ثابتة بدليل ظني كما في حديث عبادة بن الصامت قال قال رسول صلى الله عليه وسلم { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب }رواه البخاري ومسلم.

القسم الثاني : المندوب

المندوب لغة‏:‏ من الندب إلي الشيء أي الدعاء إليه .

ومن ذلك الشاعر :

لا يسألون أخاهم حين يندبهم للنائبات على ما قال برهانا

و اصطلاحًا‏:‏ هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام فيثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه . كسنن الرواتب .

شرح التعريف :

المراد (ما أمر به الشرع ) يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كلاً من المحرم والمكروه والمباح ،لأن المحرم والمكروه منهي عنه وليس مأمور به ، والمباح لا يتعلق به أمر ولا نهي .

المراد (لا على وجه الإلزام) يخرج ما أمر به الشارع على وجه الإلزام وهو الواجب .

المراد (فيثاب فاعله امتثالاً) يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له .

المراد (ولا يعاقب تاركه )أي إن تارك المندوب لا يعاقب على تركه له .

القسم الثالث : المحرم

المحروم لغة‏:‏ الممنوع ،أي أن المحرم في لغة العرب الممنوع ، فإن العرب تقول حرمت كذا أي منعته ، ومنه حريم البئر أي الجزء الذي يمنع بجوار في حدود البئر .

واصطلاحًا‏:‏ ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام فيثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله . كإسبال الثياب بالنسبة للرجال‏ .

شرح التعريف :

المراد (بما نهى عنه الشارع ) يخرج ما أمر عنه الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح .

المراد (على وجه الإلزام) يخرج ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام وهو المكروه .

المراد (يثاب تاركه امتثالاً ) يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له .المراد (يستحق العقاب فاعله) أي إن فاعله يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.

القسم الرابع : المكروه

المكروه لغة‏:‏ المبغض .

و اصطلاحاً : ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام فيثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله . كالأخذ والإعطاء بالشمال .، وكالنهي عن الشرب قائماً، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن الشرب قائماً}

رواه مسلم

فهذا محمول على الكراهة على الصحيح من أقوال العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين جواز الشرب قائماً بفعله صلى الله عليه وسلم حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: { شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائماً من زمزم } رواه البخاري ومسلم .

شرح التعريف :

المراد (بما نهى عنه الشارع) يخرج ما أمر به الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح

المراد (لا على وجه الإلزام) يخرج ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام وهو المحرم .

المراد (يثاب تاركه امتثالاً) يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له .

المراد ( ولا يعاقب فاعله ) أي إن فاعل المكروه لا يعاقب ولكن هذا لا يعني أن نتهاون بالمكروه لأنه يخشى أن يكون هذا المكروه سلماً إلى المحرم كما أن المعاصي الصغار وسيلة للكبائر والكبائر وسيلة إلى الكفر ولهذا يقولون المعاصي بريد الكفر أي موصلة للكفر .

القسم الخامس : المباح

المباح لغة‏:‏ المعلن والمأذون فيه .

واصطلاحاً: ما خير المكلف بين فعله وتركه.

وقيل هو: ما لا يتعلق به أمر ولانهى لذاته . أي لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب

شرح التعريف :

المراد (ما لا يتعلق به أمر )خرج به الواجب والمندوب .

المراد (ولا نهى ) خرج به المحرم والمكروه .

المراد ( لذاته ) يخرج ما لو تعلق به أمر لكونه وسيلة لمأمور به أو نهى لكونه وسيلة لمنهي عنه فإن له حكم ما كان وسيلة له من مأمور أو منهي وهذا لا يخرج عن كونه مباح في الأصل ( مثل شراء الماء الأصل فيه الإباحة لكن إذا كان يتوقف على الوضوء للصلاة صار شراؤه واجباً فإذا أمر الشرع بشيء فهو أمر به و أمر بما لا يتم إلا به ) .

المراد (لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب) أي إن فعله وتركه لا يترتب عليه عقوبة ولا ثواب

القسم الثاني : الأحكام الوضعية

تعريف الحكم الوضعي:

هو خطاب الله تعالى المتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء ، أو شرطاً له ، أو مانعاً منه ، أوصحيحاً ، أو فاسداًً

ومعنى هذا: أن الله تعالى شرع أشياء ونصبها أدلة على إثبات حكم أو نفيه ،فالحكم يوجد بوجود سببه ، وتوفر شرطه، وانتفاء مانعه، وينتفي بانتفاء سببه ، أو تخلف شرطه، أو وجود مانعه.

وسمي وضعياً ، لأنه موضوع من قبل الشارع فهو الذي قرر مثلاً أن السرقة سبب لقطع اليد ، والوضوء شرط لصحة الصلاة، وقتل الوارث مورثه مانع من الإرث.

أقسام الأحكام الوضعية:

ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام هي : ــ

القسم الأول : السبب .

القسم الثاني : الشرط .

القسم الثالث : المانع .

القسم الرابع : الصحة .

القسم الخامس : الفساد .

القسم الأول : السبب

السبب لغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره.

واصطلاحاً : هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم . أي أن السبب إذا وجد وجد الحكم، وإذا تخلف تخلف الحكم . مثل دخول وقت الصلاة فإنه سبب في وجوبها فيلزم من دخول الوقت وجوب الصلاة متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع , ويلزم من عدم دخول الوقت عدم وجوب الصلاة.

وكالسرقة هي سبب لقطع اليد، فإذا لم يسرق لم تقطع يده ، وإذا سرق قطعت يده .

وكشهود رمضان جعله الله سبباً لإيجاب الصوم، قال تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .

القسم الثاني : الشرط

الشرط لغة : العلامة .

قال تعالى : (فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها}سورة محمد :الآية18 . أي علاماتها .

واصطلاحاً هو: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود . كاستقبال القبلة للصلاة فإنه شرط لصحتها ، فيلزم من عدم استقبالها عدم صحة الصلاة ، ولا يلزم من وجدها وجود الصلاة .

وكالطهارة للصلاة، شرط في صحتها ، قال تعالى: { يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } سورة المائدة : الآية 6 .

فإذا انعدمت الطهارة لم تصح الصلاة ، وإذا وجدت الطهارة لا يلزم من وجودها وجود الصلاة .

القسم الثالث : المانع

المانع لغة : الحائل أي الذي يحول بينك وبين الشيء .

و اصطلاحاً هو: ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود . كالحيض فإنه يلزم من وجوده عدم صحة الصلاة ولا يلزم من عدمه صحة الصلاة ولا عدمها.

فلا بد في وجود الحكم الشرعي من توفر ثلاثة أمور وهى :-

(1) وجود السبب (2) وجود الشرط (3) انتفاء المانع .

فإذا تخلف أمر من هذه الأمور انتفى الحكم الشرعي .

مثاله: إذا قتل الأب ابنه عمداً فإنه لا يقتص منه، لأنه قد قام مانع منه، وهو الأبوة فإنها مانعة من القصاص.

القسم الرابع : الصحة

تعريفها لغــة: السلامة.

واصطلاحاً : ما ترتبت أثار فعله عليه شرعاً في العبادات أو العقود.

إطلاقات الصحة:

تطلق الصحة على أمرين:

صحة في العبادات.

صحة في العقود.

فالصحة في العبادات :

المراد بها: كل عبادة أديت امتثالاً لأمر الشارع وسقط بها القضاء.

دليلها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} رواه مسلم .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى: فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود ، ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه، ثم قال: فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشريعة موافقاً لها فهو مقبول ، ومن كان عمله خارجاً عن ذلك فهو مردود.

فمن أدى الصلاة في وقتها ، تامة شروطها، وأركانها، وواجباتها ، فهي صحيحة.

والصحة في العقود :

المراد بها : ترتب الأثر المقصود من العقد عليه.

فمن اشترى بيتاً في ذلك شروط صحة البيع فقد صح البيع وترتب عليه أثره من انتقال الملك إلى المشتري ، واباحة انتفاعه به ، وتصرفه. فيه.

أي أن الصحة لا تتم إلا بتمام الشروط وانتفاء الموانع ، فلو تمت الشروط وانتفت الموانع إلا مانعا واحدا فلا يصح ، وبالأمثلة سيتضح الأمر .

مثال فقد الشرط في العبادة : أن يصلي بلا طهارة .

أي أنه لو صلى صلاة مكتملة الأركان مستوفية الشروط إلا الطهارة لم تصح لأنه أخل بشرط من شروط صحتها لأن من شرط صحة الصلاة الطهارة لها كما قال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}. سورة المائدة : الآية6.

وما جاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: {لا يقبل الله صلاة بغير طـهور} رواه مسلم .

ومثال فقد الشرط في العقد : أن يبيع ما لا يملك .

أي أن يبيع شخص ما لا يملك البيع ، فلو باع بيعاً مستوفياً الشروط إلا أنه ليس المالك ولا أذن له المالك فإن هذا العقد لا يصح .

ومثال وجود المانع في العبادة : أن يتطوع بنفل مطلق وقت النهي .

فلو تطوع إنسان بصلاة نفل تطوعا لله مستوفيا شروطه وأركانه لكن في وقت نهي كبعد صلاة العصر، فإنه لا يصح لأجل وجود مانع من الصحة وهو : وقت النهي .

ومثال وجود المانع في العقد : أن يبيع من تلزمه الجمعة شيئا ًبعد نداء الجمعة الثاني فلا يصح بيعه إلا على وجه يباح وهو كل ما دعت الضرورة إليه ، لوجود مانع من صحة البيع وهو النداء الثاني للجمعة وهو الذي يكون بعد صعود الخطيب المنبر لأن البيع في هذا الوقت منهي عنه .

القسم الخامس : الفساد

الفساد لغة : هو تغير الشيء عن حالته السليمة إلى حالة السقم.

واصطلاحاً : ما لا تترتب آثارفعله عليه في العبادة أو العقود.

إطلاقات الفساد:

يطلق الفساد على أمرين:

فاسد في العبادات.

فاسد في العقود.

فالفساد في العبادات : وهو ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب فكل عبادة أديت بخلل في شروطها أو أركانها أو لم تنتف موانعها فإنها تكون فاسدة ، فلا تبرأ ذمة فاعلها ، ويظل مطالبا بأدائها .مثال : الصلاة قبل وقتها ، فإنها فاسدة بالرغم منه قد يكون صلى صلاة تامة من حيث الأركان مستوفيا ً الركوع والسجود وكل الأركان لكنها فاسدة لإخلاله بشرط من شروط صحة الصلاة وهو دخول الوقت .

والفاسد في العقود : ما لا تترتب آثاره عليه ، كبيع المجهول .فإنه بيع فاسد لأن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن بيع الغرر}رواه أبي داود كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

الفرق بين الباطل والفساد:

ذهب جمهور العلماء إلى عدم التفريق بين الفاسد والباطل وأنهما سواء إلا في مسألتين هما:

الأولى : في الإحرام : فالفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الأول ، والباطل ما ارتد فيه عن الإسلام نسأل الله السلامة والعافية.

الثانية : في النكاح: فالفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح بغير ولي ، والباطل ما أجمع العلماء على بطلانه كزواج الرجل أخته من الرضاع ، أو نكاح المعتدة فإنه باطل بإجماع العلماء قال تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } سورة البقرة : الآية 235.

أقسام الحكم باعتباره موافقة الدليل أو خلافه

يمكن تقسيم الحكم باعتباره موافقة الدليل أو خلافه

إلى قسمين هما: ـــ

القسم الأول : العزيمة

تعريف العزيمة لغة: مشتقة من العزم ، وهو القصد المؤكد ، ومنه قوله تعالى: { ولم نجد له عزماً} سورة طه : الآية 115.

أي قصداً بليغاً متأكداً ، ومنه سمي بعض الرسل أولوا العزم. ويطلق العزم على القطع ومنه قوله تعالى: { فإذا عزمت فتوكل على الله}.سورة آل عمران : الآية 159 .

أي إذا قطعت الرأي فتوكل على الله في إمضاء أمرك.

واصطلاحاً: الحكم الثابت بدليل شرعي الخالي عن معارض.

شرح التعريف: المراد (بالحكم الثابت) ما يخرج غير الثابت وهو المنسوخ ، لأنه ليس مشروعاً أصلاً فلا يسمى عزيمة ويتناول جميع الأحكام التكليفية.

المراد ( بدليل شرعي) يخرج الثابت بدليل عقلي، فإنه لا تستعمل فيه العزيمة ولا الرخصة.

المراد ( الخالي عن معارض) بأن لا يثبت دليل شرعي يخالف هذا الحكم.

كوجوب الصلاة تامة في أوقاتها في الحضر ، ووجوب صوم رمضان ، وتحريم شرب الخمر .

حكم العمل بالعزيمة:

العمل بالعزيمة واجب ، لأنها الأصل وثبتت بالدليل الشرعي، ولا يجوز تركها إلا إذا وجد معارض أقوى فيعمل به وهذا ما يسمى بالرخصة كما سيأتي.

القسم الثاني: الرخصة

تعريف الرخصة لغــة: مشتقة من الرخص وهو اليسر والسهولة.

واصطلاحاً: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. وذلك كقصر الصلاة الرباعية في السفر، والجمع بين الصلاتين في السفر والمطر ، وإباحة أكل الميتة للمضطر ، وجواز المسح على الخفين وغير ذلك.

شرح التعريف:

المراد (ما ثبت على خلاف دليل) يخرج مما ثبت على وفق الدليل فإنها لا يسمى رخصة بل عزيمة كالصوم في الحضر.

المراد ( لمعارض راجح) يخرج مما كان لمعارض غير راجح إما مساو ، أو قاصر عن المساواة فإن كان مساوياً لزم التوقف حتى يثبت المرجح ، وإن كان قاصراً عن مساواة الدليل الشرعي فلا يؤثر ، وتبقى العزيمة على حالها.

أسباب الرخصة:

للرخصة أسباب سبعة، هي :

1) السفر : ومن رخصه قصر الصلاة الرباعية ، والفطر في رمضان ، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها ، وجواز صلاة النافة راكباً.

2) المرض: ومن رخصه ، التيمم عند التضرر باسعتمال الماء ، أو الخوف من زيادة المرض ، وكذلك صلاة المريض على حسب حاله قاعداً أو مضطجعاً أو بالإيماء.

3) الإكراه: ومن رخصه: العفو عن التلفظ بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان.

4) النسيان: ومن رخصه صحة صوم من شرب أو أكل ناسياً في نهار رمضان، ويسقط الإثم بسبب النسيان في كثير من المسائل.

5) الجهل : ومن رخصه: جهل الشفيع بالبيع فإنه معذور بتأخر الشفعة ، وكذلك إذا أسلم الكافر ثم شرب الخمر مباشرة جاهلاً بحكمها فإنه يدرأ الحد عنه لجهله بالحكم.

6) العسر وعموم البلوى: ومن رخصه: الصلاة مع وجود النجاسة اليسيرة المعفو عنها، كدم القروح، والدمل ونحوهما، وجواز مس الصبيان للمصحف دون طهارة لأجل التعلم. ويعتبر العسر وعموم البلوى من قبيل الأعذار بشرط عدم تعارضه مع نص شرعي فإن تعارض فلا اعتبار له.

7) النقص: ومن رخصه: عدم تكليف الطفل والمجنون لنقص عقليهما، وعدم تكليف النساء ببعض ما يجب على الرجال ، كالجمعة ، والجماعة، والجهاد في سبيل الله ، وتحمل الدية ونحو ذلك.

أقسام الرخصة:

تنقسم الرخصة إلى خمسة أقسام هي:

1) رخصة واجبة: مثل : التيمم للمريض، والأكل من الميتة للمضطر ، فإنه واجب دفعاً للهلكة عن نفسه ، لأن النفوس ملك لله تعالى ، وأمانة عند المكلفين يجب حفظها ، قال تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم }سورة النساء : الآية 29 .

2) رخصة مندوبة: مثل : قصر الصلاة الرباعية للمسافر ، لحديث يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : قال تعالى: { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } سورة النساء :الآية 101 ، وقد أمن الناس فقال : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: {صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته } رواه مسلم .

3) رخصة مباحة: مثل: الجمع بين الصلاتين للمسافر في غير عرفة ومزدلفة فإنه سنة. وكذلك إباحة السلم ، والإجارة ، والعرايا هي (بيع الرطب على رءوس النخل بقدر كيله من التمر خرصاً فيما دون خمسة أو سق بشرط التقايض) فالشارع أجازها ورخص فيها سداً لحاجة الناس ودفعاً للحرج عنهم.

4) رخصة مكروهة: مثل : السفر لأجل أن يترخص بالفطر والقصر فقط ، ليس له غرض إلا ذلك.

5) رخصة الأولى تركها: كاحتمال الأذى فيمن يكره على التلفظ بكلمة الكفر بلسانه فيجوز له أن يترخص والأولى له الصبر والتحمل ولو بلغ الأمر إلى قتله ، لأنه حال المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

الفرق بين العزيمة والرخصة:

تتفق العزيمة والرخصة بأن كلاً منهما قد ثبت بنص شرعي.

ويفترقان بأن العزيمة أصل الأحكام التكليفية ، أما الرخصة فهي استثناء من هذا الأصل تبيح ذلك.

مصادر الاستدلال

الأدلة المعتبرة شرعاً هي الكتاب , والسنة , والإجماع , والقياس , وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف إذ يوافق بعضها بعضاً ويصدق بعضها بعضاً لأن الجميع حق , والحق لا يتناقض , كما أن جميع هذه الأدلة ترجع إلى الكتاب .

فالكتاب دل على حجية السنة , والكتاب والسنة دلا على حجية الإجماع , وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس , لذلك مصدر هذه الأدلة هو القرآن .

الأدلة

الأدلة جمع دليل ، والدليل لغة يطلق على ما يستدل به ،أي : ما يكون به الإرشاد كالعلامات التي توضع على الطريق ، فتسمى دليلاً ، أي : التي يستدل بها على الطريق.

واصطلاحاً: ما يمكن التوصل بالنظر الصحيح فيه إلى حكم شرعي.

الدليل الأول : القرآن الكريم

تعريف القرآن الكريم: هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المعجز، المتعبد بتلاوته ، المنقول إلينا نقلاً متواتراً. حقيقة حروفه ومعانيه , ليس كلامه الحروف دون المعانى ولا المعانى دون الحروف , كما قال الله تعالى { وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }سورة التوبة : الآية 6 .

تكلم الله به قولاً وأنزله على نبيه وحياً وآمن به المؤمنون حقاً, وهو كتاب الله تعالى الذى جعله آية باهرة,ومعجزة قاهرة , وحجة باقية إلى قيام الساعة , وقد تكفل الله سبحانه وتعالى القرآن من التبديل و التحريف فقال جل شأنه {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}سورة الحجر : الآية 9 .

وقد انعقد الإجماع على أن القرآن نزل على النبى صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام فى اليقظة ولم ينزل منه شى فى المنام, بلفظه ومعناه.كما قال تعالى {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين }سورة الشعراء: الآيتان 194،193.

والقرآن أنزله الله تعالى ليكون كتاب هداية وإرشاد ، وليكون منهاجاً للأمة، تحكمه في كل شؤونها ، في عقيدتها ، وعبادتها، ومعاملاتها، واقتصادها، وسياستها، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.

والقرآن كله نزل باللغة العربية وهذا مما يمتاز به القرآن الكريم عن بقية الكتب السماوية الأخرى من التوراة و الإنجيل وغيرهما .

كما قال الله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه }سورة إبراهيم : الآية 4. وقوله تعالى { وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين } سورة الشعراء: الآيات 192ــــ195.

وقوله تعالى { وكذلك أنزلناه حكمًا عربيا } سورة الرعد: الآية 37 .

وبمقتضى هذه الخاصية فإن ما ترجم من القرآن إلى غير اللغة العربية لا يسمى قرآناً وبالتالي لا يصح الاعتماد عليه في استنباط الأحكام الشرعية سواء كانت الترجمة حرفية أو غير حرفية .

حجيته القرآن الكريم :

القرآن حجة يجب على كل مسلم العمل بما فيه ، لا يخالف في ذلك أحد من المسلمين ، فمن أنكره أو أنكر شيئاً منه فهو كافر بإجماع المسلمين.

إعجازه القرآن الكريم :

القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد تحدى به فصحاء العرب وبلغاءهم على أن يأتوا بمثله أو بمثل آية منه ، فما استطاعوا ، ولن يستطيعوا.

تعبدنا الله بتلاوته ، كما تعبدنا بتحكيمه في كل شؤوننا الخاصة والعامة ، فرداً وجماعة ودولة.

حفظه:

لهذا الكتاب منزلة رفيعة ، فقد تكفل الله بحفظه من الزيادة والنقصان والتحريف والتبديل وغير ذلك ، قال تعالى: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } سورة الحجر : الآية 9 . ولقد حاول أعداء الإسلام على مر العصور تحريفه والنقص منه إلى أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل ، قال تعالى واصفاً كتابه: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} سورة فصلت : الآية 42 .

القراءة الشاذة: وهي ما جاء منقولاً إلينا نقلاً غير متواتر من القراءات ، كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: ( فصيام ثلاثة ايام متتابعات). فكلمة (متتابعات) لم تنقل نقلاً متواتراً وإنما نقلت نقل آحاد عن ابن مسعود رضي الله عنه فهذه ليست من القرآن الكريم قطعاً ، لأنها لو كانت من لنقلت إلينا نقلاً متواتراً.

والراجح والله أعلم : أنه يحتج بها على ما دلت عليه من الأحكام ، لأن الراوي لها يخبر أنه سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كانت غير قرآن فلا أقل من أن تكون سنة سمعها الصحابي وظن أنها من القرآن ، وهي ليست منه وإنما هي شرح من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المحكم والمتشابه في القرآن الكريم :

لقد ورد وصف القرآن إنه كله محكم فقال تعالى { الر كتابٌ أحكمت آياته }سورة هود :الآية 1. بمعنى أنه متقن غاية الإتقان في أحكامه وألفاظه ومعانيه , فهو غاية في الفصاحة والأعجاز .

وكما ورد وصفه أنه متشابه قال تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا}سورة الزمر : الآية 23 . بمعنى أن آياته تشبه بعضها بعضاً في الأعجاز والصدق والعدل .

وورد أيضا من أن القرآن منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه قال الله تعالى { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب وأخر متشابهاتٌ فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب }سورة آل عمران : الآية 7 .

وقد ذهب بعض السلف إلى أن المحكم هو ما لم يحتمل من التأويل غير وجه واحد والمتشابه ما احتمل من التأويل أكثر من وجه .

وذهب بعضهم إلى أن المحكم ما اتضح معناه والمتشابه ما لم يتضح معناه وغيرها من الأقوال . ولكن كانت طريقتهم في التعامل مع المحكم والمتشابه متفقه وقالوا الواجب أن يرد المتشابه إلى المحكم ,كما قالوا إن القرآن ليس فيه ما لا معنى له , كما اتفقوا على أن جميع ما في القرآن يفهم معناه ويمكن تدبره وإنه ليس في القرآن مالا يمكن أن يعلم معناه أحد

دلالة القرآن على الأحكام

للقرآن الكريم جانبان :

الجانب الأول : جانب الثبوت .

والجانب الثاني : جانب الدلالة .

إما من حيث ثبوت القرآن الكريم فقد اتضح مما سبق أنه كله متواتر قطعي الثبوث .

وإما من حيث الدلالة على الأحكام فينقسم إلى قسمين :

1) أن يكون قطعي الدلالة :

ومعنى ذلك أن لا يحتمل اللفظ إلا معنى واحداً فيتعين حمله عليه ومن ذلك :

1) آيات المواريث :

منها قوله تعالى { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولدٌ فإن كان لهن ولدٌ فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولدٌ فإن كان لكم ولدٌ فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث }سورة النساء : الآية 12 .

فإن النصف والربع والثمن والثلث و السدس مقادير محدودة لا تحتمل أكثر من معنى واحد ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد .

2) آيات الحدود :

منها قوله تعالى {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة }سورة النور: الآية 2 , وقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون }سورة النور: الآية 4 .

فإن المائة جلدة والثمانين ومثلهما ليس لها سوى معنى واحد وليس للاجتهاد فيها مجال.

2) أن يكون ظني الدلالة :

ومعنى ذلك أن يحتمل اللفظ عدة معاني فلا يتعين حمله على واحداً منها ومن ذلك :

قول الله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}سورة النساء :الآية 23. فإن الإرضاع يحتمل أن يكون المرة الواحدة , ويحتمل المرات المتعددة , ولذلك اختلف الفقهاء في القدر المحرم من الرضاع فدلالة الآية على أن الرضاع مرة واحده محرم دلالة ظنية وليست قطعية .

3ـ وقد يكون النص الواحد من القرآن قطعي الدلالة باعتبار وظني باعتبار آخر .

ومثال ذلك قوله تعالى { ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين }سورة المائدة : الآية6 . فإن دلالة هذه الآية على أصل المسح قطعية , ودلالتها على القدر المطلوب مسحه من الرأس ظنية , ولذلك اتفق الفقهاء على أن مسح الرأس في الوضوء مطلوب واختلفوا في القدر المطلوب مسحه .

الدليل الثاني : السنة

تعريف السنة لغة: هي الطريقة والسيرة ، محمودة أو غير محمودة.

كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: { من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء}.رواه مسلم .

و اصطلاحاً : ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن , وهذا يشمل قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وكتابته وإشارته وهمه وتركه .

مثال للسنة القولية : قوله صلى الله عليه وسلم { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه} رواه البخاري .

والسنة الفعلية : ما جاء عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه}رواه البخاري .

والسنة التقريرية: والمراد بها أن يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على شيء ولا ينكره. كقوله صلى الله عليه وسلم للجارية { أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنةٌ}رواه مسلم , فأقرها الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك .

وما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: { لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي، لم يرد منا ذلك ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف أحداً منهم} رواه البخاري.

و كتابته صلى الله عليه وسلم : ما جاء عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر وقال فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين }رواه البخاري .

وإشارته صلى الله عليه وسلم , كما جاء عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسًا وصلى وراءه قومٌ قيامًا فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا}رواه البخاري

و همه صلى الله عليه وسلم : ما جاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم} رواه البخاري .

والمقصود بالترك , هو تركه صلى الله عليه وسلم فعل أمر من الأمور , وهى أنواع :ـ

منها التصريح من الصحابة بأنه صلى الله عليه وسلم ترك كذا , أو لم يفعل كذا , كقول الصحابي في صلاة العيد , عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { صلى العيد بلا أذان ولا إقامة }رواه أبي داود .

ومنها عدم نقل الصحابة للفعل الذي لو فعله صلى الله عليه وسلم لنقلوه إلينا , مثال ترك النبي صلى الله عليه وسلم التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة .

وهذه الأنواع السابقة : القولية, والفعلية, والتقريرية, والكتابية والإشارية , والهمية , والتركية، قد يدخل بعضها في بعض , فيدخل كل من الكتابة و الإشارة والهم والترك في الفعل .

أفعال النبي صلى الله عليه وسلم

يمكن تصنيف أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على النحو الآتي :

1) أفعال جبليه تصدر عنه بحكم الطبيعة كإنسان , وذلك مثل المشي والأكل والشرب والنوم ونحو ذلك وهذا القسم مباح , لأن ذلك لم يقصد به التشريع , لكن لو تأسى به متأسي فلا باس من ذلك ويثاب على قصد التأسي , كما ورد عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها قال ما هي يا ابن جريج قال { رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين ورأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية فقال له عبد الله بن عمر أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعرٌ ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته }رواه البخاري.

2) أفعال خاصة به صلى الله عليه وسلم , واختصاصيتها ثابت بدليل , كالجمع بين تسع نسوة وهذا القسم يحرم فيه التأسي به .

3) أفعال يقصد بها بيان التشريع كأفعال الصلاة والحج وغيرهما , وحكم هذا القسم تابع لما بينه فإن كان المبين واجباً كان الفعل المبين له واجباً وإن كان مندوباً فمندوب .

الأدلة على حجية السنة :

1) من القرآن :

• الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى { قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }سورة آل عمران : الآية 32 .

• ترتب الوعيد على من يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى

{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ }سورة النور : الآية 63 .

•الأمر بالرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا } سورة النساء : الآية 59 . وغير ذلك من الآيات .

ويبين الله تعالى أن مصدر السنة الوحي كالقرآن ، قال تعالى: { وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى } سورة النجم : الآيتان 4،3 .

2) من السنة :

ما جاء من حديث العرباض بن سارية قال قال رسول صلى الله عليه وسلم{ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والمحدثات فإن كل محدثة بدعةٌ و قال أبو عاصم مرةً وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالةٌ }رواه أبي داود وابن ماجة

وما جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم { دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم }رواه البخاري ومسلم.

وإجماع الصحابة ومن بعدهم من السلف والخلف الذين يعتد بقولهم على وجوب اتباع هديه وسنته في حياته وبعد موته ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

حالات السنة مع القرآن الكريم

إن للسنة المطهرة مع القرآن الكريم ثلاث حالات:

الحالة الأولى:

أن تكون السنة مقررة لحكم وموافقة للقرآن من كل وجه , ومن ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم {لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه } رواه الدار قطي , فإن الحديث يؤكد النهى في قوله جل وعلا { ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم }سورة النساء : الآية 29 .

فيكون هذا من توارد الأدلة على حكم واحد.

الحالة الثانية:

أن تكون السنة مبينة ومفصلة لما أجمل في القرآن من أحكام ، كما هو الحال في الصلاة فإن القرآن أمر بها على وجه الإجمال ثم جاءت السنة لبيان أوقاتها وشروطها وموانعها , وكذلك الحال في الزكاة والصيام والحج وغير ذلك من كل ما جاء مجملاً في القرآن تولت السنة شرحه وإيضاحه .

الحالة الثالثة:

أن تأتي السنة بأحكام سكت عنها القرآن الكريم.

كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها} رواه البخاري ومسلم.

فالنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها ،أو بينها وبين خالتها لم يأت نص في القرآن بتحريمه ، فاستقلت السنة بإثباته، وذلك لما يترتب عليه من العداوة والبغضاء بين ذوى الأرحام .

فهذه هي حالات السنة المطهرة مع القرآن الكريم ، يجب اعتبارها والأخذ بها عند أخذ الحكم الشرعي ، ولا يجوز بحال من الأحوال تركها أو التهاون فيما استقلت به من الأحكام ، فذلك هدم للدين وتعطيل لمصدر من مصادر التشريع ، دلت الأدلة وأجمعت الأمة واقتضت الضرورة اعتباره.

الدليل الثالث : الإجماع

الإجماع لغــة: الاتفاق : يقال: أجمع القوم على كذا ، إذا اتفقوا عليه.

واصطلاحاً: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، في عصر من العصور ، على حكم شرعي.

شرح التعريف:

(اتفاق المجتهدين) يخرج اتفاق غير المجتهدين، كالعوام والمقلدين فإنه لا يعتبر، والمراد بالمجتهدين هنا: من بلغ رتبة الاجتهاد ، بأن تكونت عنده ملكة علمية يستطيع بواسطتها استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة.

(بعد وفاته) إشارة إلى أن الإجماع لا يتحقق إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، لأن الحجة في حياته هي في أقواله وأفعاله وتقريراته، ولا اعتبار لقول أحد معه.

(في عصر من العصور) قيد الإجماع بهذا ، حتى لا يتصور أن المراد به الإجماع في كل العصور فيؤدي إلى عدم وقوع الإجماع إلى أن تقوم الساعة.

(على حكم شرعى ) يخرج اتفاقهم على حكم عقلي أو عادي أو لغوي ، لأن هذه لا مدخل لها في الإجماع.

الأدلة على حجية الإجماع:

الإجماع حجة شرعية يجب الأخذ به ، وتحرم مخالفته ، لأن في مخالفته تركاً لنصوص شرعية دلت على ججيته، كما في قوله تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً). ووجه الدلالة بهذه الآية أن الله توعد من يتبع غير سبيل المؤمنين بالعذاب الشديد , ولا يكون هذا الوعيد إلا على شيء محرم , فيكون اتباع سبيل غير المؤمنين محرماً , ويلزم من وجوب اتباع سبيل المؤمنين حجية الإجماع إذ المراد بسبيل المؤمنين ما يختارونه من قول أو فعل أو اعتقاد .

وقوله الله تعالى {وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا } سورة البقرة : الآية 143 .

ووجه دلالة هذه الآية أن الله امتدح هذه الأمة بأن جعلها خياراً , ولا يحسن هذا المدح إلا إذا كانوا على صواب , والصواب يجب اتباعه , وهو يدل على حجية الإجماع .

ومن السنة: وقد دلت نصوص كثيرة على حجية الإجماع، حيث أثبتت العصمة للأمة الإسلامية ، فيما أجمعت عليه، وأمرت المسلمين باتباع الجماعة في ذلك.

ومن أشهر هذه النصوص : قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ، ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار } رواه الترمذي والنسائي .

ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن الله تعالى قد شرف هذه الأمة بأن لا تجتمع إلا على هداية ، والهداية حق، والحق يجب اعتباره والأخذ به.

أمثلة على الإجماع:

إجماع العلماء على أن الصلوات الخمس فرائض ، كما أجمعوا على أن صلاة الصبح للآمن والخائف ركعتان في السفر والحضر.

وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم على المصحف الشريف الذي بين أيدينا، فقد جمعه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد انتشر هذا الأمر بين الصحابة ولم ينقل عن أحد المخالفة في ذلك.

وقد ألف العلماء كتباً في إثبات الإجماع ومسائله ، فمنها: كتاب الإجماع لابن المنذر ، وكتاب مراتب الإجماع لابن حزم ، وكتاب الإفصاح لابن هبيرة.

أنواع الإجماع :

يمكن تقسيم الإجماع باعتبارين هما :

أولاً : باعتبار ذاته :

وينقسم إلى : ــــ

1) الإجماع القولى وهو أن يتفق قول الجميع على حكم , بأن يقول الجميع مثلاً هذا حرام , أو هذا حلال .

2) الإجماع العملي وهو أن يتعامل المجتهدون جميعاً في عصر ما بنوع من المعاملة كأن يتعاملوا بالتجارة مثلاً فإن عملهم هذا يدل على أن ما عملوه مشروع ويفيد جوازه .

3) إجماع السكوت وهو أن يشتهر القول أو الفعل من البعض فيسكت الباقون عن إنكاره .

وقد اختلف العلماء على حجية إجماع السكوت فبعضهم اعتبره حجة والبعض الآخر لم يعتبره حجة وسبب الخلاف هو أن السكوت محتمل للرضا وعدمه ,

فمن رجح جانب الرضا وجزم به قال إنه حجة , ومن رجح جانب المخالفة وجزم به قال إنه لا يكون حجة .

لذلك لا يمكن إطلاق الحكم على إجماع السكوت بل لا بد من النظر في القرائن وأحوال الساكتين وملابسات المقام .

ثانياً : باعتبار قوته :

وينقسم إلى : ـــــ

1) الإجماع القطعي وهو ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس وتحريم الزنى , وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ولا كونه حجة , ويكفر مخالفة إذا كان ممن لا يجهله .

2) الإجماع الظني وهو ما لا يعلم إلا بالتبليغ والاستقراء وقد اختلف العلماء في إمكانية ثبوته , وأصح الأقوال ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه وهو أن الإجماع الذي ينضبط هو إجماع السلف الصالح وهم الصحابة والتابعون وتابع التابعون .

الدليل الرابع : القياس

القياس لغـــة : التقدير والمساواة .

واصطلاحاً: حمل فرع على أصل في حكم لعلة جامعة بينهما .

ومعنى ذلك أنه إذا وردت واقعة لم يرد في حكمها نص ولا إجماع ألحقت بواقعة أخرى ثبت حكمها بنص و إجماع لاشتراك الواقعتين في علة الحكم

أركان القياس:

للقياس أركان اربعة: الأصل، والفرع، والحكم ، والعلة.

الركن الأول : الأصل .

تعريفه: هو الواقعة التي ورد النص أو الإجماع بحكمها ، ويسمى المقيس عليه ، ومعنى ذلك: أن المسألة التي يراد القياس عليها تسمى أصلاً، ولابد من أن يكون حكمها ثابتاً بنص أو إجماع أو بهما جمعياً.

الركن الثاني : الفرع .

تعريفه: هو الواقعة التي لم يرد في حكمها شيء من نص أو إجماع ، ويراد إلحاقها بالأصل في الحكم ويسمى المقيس.

ومعنى ذلك: أن الحادثة الجديدة إذا بحث عن حكمها في النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يوجد ما يدل على حكمها ، بحثنا عن مسألة تشبهها قد ورد النص أو الإجماع على حكمها، فإذا وجدناها ألحقنا الحادثة الجديدة بالحادثة التي ورد فيها نص أو إجماع ، وسمينا الجديدة فرعاً ، والأخرى ، أصلاً.

الركن الثالث : الحكم .

ومعنى ذلك: أن يكون الحكم الذي ثبت في الأصل بنص أو إجماع من وجوب وحرمة غيرهما يراد نقله إلى الفرع الذي لم يرد فيه دليل عن الشارع بعينه,أما حكم الفرع فلا يعتبر ركناً لأن حكم الفرع ليس جزءاً من ماهية القياس, وإنما هو ثمرة القياس لأن ظهوره للمجتهد متأخر عن حكم الأصل .

الركن الرابع : العلة .

تعريفها: هي الوصف الظاهر المنضبط الذي بنى عليه الشارع الحكم في الأصل.

ومعنى ذلك: أن العلة التي بنى عليها الشارع الحكم في الأصل إذا وجدت في الفرع صار حكمهما واحداً لاشتراكهما في العلة التي هي مدار الحكم.

و هذا مثال يبين هذه الأركان الأربعة :

وهو قوله صلى الله عليه وسلم {القاتل لا يرث} رواه الترمذي وابن ماجه وفيه ضعف , فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الوارث إذا قتل موروثه ظلماً وعدواناً فإنه لا يرثه , فحرمان الوارث القاتل من الميراث حكم شرعي , فإذا بحث المجتهد عن علة هذا الحكم فإنه يجد إنها القتل المحرم , وحيثما وجدت هذه العلة غلب على ظنه وجود الحكم معها , لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً .

ولذلك إذا قتل الموصى له الموصى فانه يمنع من اخذ الوصية لوجود العلة وهى (القتل غير المشروع) .

• فقتل الوارث موروثه : هو الأصل المنصوص على حكمه .

• ومنع القاتل من الميراث : هو حكم الأصل .

• والقتل المحرم : هو علة الحكم .

• وقتل الموصى له الموصى : هو الفرع .

* تنقيح المناط، تخريج المناط ، تحقيق المناط :

تنقيح المناط :

معنى تنقيح المناط تخليصه من كل ما ليس له دخل في العلية , ويكون ذلك عندما تكون العلة منصوصاً عليها وتكون مشتملة على أوصاف متعددة ولم يوجد ما يعين أحد هذه الأوصاف للعلية .

وهذا مثال :

قصة الأعرابي الذي جاء فزعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم واخبره بأنه جامع زوجته في نهار رمضان عمداً فأوجب عليه النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة .

فإيجاب الكفارة حكم شرعي على الأعرابي , والذي وقع فيه الأعرابي أمور متعددة هي :-

(1) الوقاع . (2) كونه من الأعراب . (3) كونه في زوجته . (4) كونه في رمضان معين . (5) كونه في نهار رمضان متعمداً .

فلكي يصل المجتهد إلى معرفة العلة التي أنيط بها هذا الحكم عليه أن ينقح هذه الأوصاف ويخلصها من كل مالا يصلح لأن يكون علة .

وبالبحث يتضح له أنه لا يصح واحد من تلك الأوصاف أن تكون علة لوجوب الكفارة سوى واحد , وهى الوقاع في نهار رمضان عمداً , وبذلك يتعين أن يكون هذا الوصف هو مناط الحكم الذي هو إيجاب الكفارة , غير أن الفقهاء اختلفوا في أن علة إيجاب الوقاع عمداً في نهار رمضان للكفارة , هل هو لخصوصية فيه فلا يجب في غيره بالأكل ونحوه عمداً ؟ أم إنه إنما كان علة لما فيه من انتهاك حرمة الشهر وعليه فإن الكفارة تجب في ما وجد الانتهاك .

تخريج المناط :

هو الاجتهاد في استخراج علة الحكم المنصوص عليه , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , ويتم تخريج المناط بأي مسلك من مسالك العلة عدا النص والإجماع .

وهذا مثال :

إذا ورد نص بتحريم الخمر , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , فإن المجتهد سيبحث عن علة التحريم , وهذا البحث يسمى تخريج المناط .

فتخريج المناط إذاً هو استنباط علة لحكم شرعي ورد به النص ولم يكن هناك نص ولا إجماع يثبت علته .

تحقيق المناط :

هو البحث لغرض إثبات علة الحكم المنصوص عليه في واقعة لم ينص على حكمها .

ومن ذلك :

المثال الأول : ورد النص بان علة اعتزال النساء في المحيض هو الأذى بقوله تعالى

{ويسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن }سورة البقرة : الآية 222 , فينظر المجتهد في تحقيق الأذى في النفاس , فإذا ما تحقق ثبت الحكم المنصوص عليه .

المثال الثاني : ثبت أن علة تحريم الخمر هي الإسكار , فإذا ما أرد المجتهد أن يعرف حكم شرب النبيذ , فعليه أن يثبت أنه مسكر , فمتى ما اثبت هذه العلة ظهر الحكم .

الأدلة على حجية القياس

ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن القياس حجة شرعية يجب الأخذ بها واستدلوا على ذلك بأدلة:

أولاً: من الكتاب:

الدليل الأول : قال الله تعالى { الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان }سورة الشورى : الآية 17 . والميزان ما توزن به الأمور ويقاس به بينها .

الدليل الثاني : قوله تعالى { كما بدأنا أول خلق نعيده }سورة الأنبياء : الآية 104 . فشبه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه .

الدليل الثالث : قوله تعالى{ والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابًا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور }سورة فاطر: الآية9 . فشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض وهذا هو القياس .

ثانياً : من السنة:

الدليل الأول : حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمها ماتت ولم تحج ، أفتجزئ عن أمها أن تحج عنها؟ قال: نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها ، ألم يكن يجزئ عنها؟ فلتحج عن أمها} رواه النسائي .

وجه الاستدلال بهذا الحديث :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قاس دين الله تعالى على دين الآدمي ، ففي أن كلاً منهما يقضي عن الميت بجامع الدين في كل منهما ، وهذا من القياس.

الدليل الثاني : حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود ، فقال: ( هل لك من إبل)؟ قال: نعم قال: ( ما ألوانها)؟ ، فقال: حمرٌ ، قال: ( هل فيها من أورق)؟ قال: نعم قال: (فأنى ذلك)؟ ، قال: لعله نزعة عرق، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه} رواه البخاري ومسلم .

وجه الاستدلال بهذا الحديث:

أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد الرجل إلى القياس، فقد سأله: هل في إبله الحمر من أورق؟ (وهو ما في لونه بياض إلى سواد، وقيل: الذي فيه سواد يميل إلى الغبرة.) فأجابه: نعم، فسأله ما سبب ذلك؟ فأجابه : لعله نزعة عرق ، فنبهه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يقيس حال ولده الأسود بحال الجمل الأورق ، في أن كلاً منهما نزعة عرق, وذلك هو القياس.

ثالثاً: من الآثار:

فقد ثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم قد قالوا بالقياس وعملوا به في قضايا كثيرة ، وانتشر ذلك بينهم ، ولم ينكره منكر فكان إجماعاً.

من ذلك ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه لأبي موسى الاشعري رضي الله عنه حيث قال فيه: {الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة ، ثم قس الأمور عند ذلك واعرف الأمثال واأشباه ، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق} رواه الدار قطني .

ومنه: قياس علي رضي الله عنه قتل الجماعة المشتركين في القتل على قطع أيدي الجماعة المشتركين في السرقة.

رابعاً: من المعقول:

فمن المعلوم أن النصوص من الكتاب والسنة جاءت مبينة لحكم الله تعالى ومبينة لعلة الحكم إما صراحة أو إيماء ً ، ولا تزال تستجد وقائع وحوادث تحتاج إلى بيان حكمها ولا يمكن الوصول إلى بيان حكمها ، إلا بإلحاق كل حادثة جديدة بشبيهتها التي ورد فيها النص إذا اتفقتا في العلة وهذا هو القياس.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ( وقد فطر الله سبحانه عباده على أن حكم النظير حكم نظيره وحكم الشيء حكم مثله, وعلى إنكار التفريق بين المتماثلين والجمع بين المختلفين ، والعقل والميزان الذي أنزله الله سبحانه شرعاً وقدراً يأبى ذلك ، ولذلك كان الجزاء مماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر فمن ستر مسلماً ستره الله ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة..).

أنواع القياس

يمكن تقسيم القياس إلى ثلاثة أقسام بثلاثة اعتبارات وهى :

(1) باعتبار قوته وضعفه :

ينقسم القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين هما :

القسم الأول :

القياس الجلي : وهو ما ثبتت علته بنص أو إجماع أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع .

من هذا التعريف يتضح أن العلة يجب أن تكون ثابتة بأحد الأمور الآتية :

• النص وهو الكتاب والسنة .

• إجماع العلماء على أن هذه هي العلة , لأن الإجماع سبقا لنا أنه حجة ودليل شرعي فإذا اجمع العلماء على أن هذه العلة لهذا الحكم صارت كالعلة التي نص عليها الشارع

•ما يقطع فيه ( أي يعلم علم اليقين أنه لا فرق بين الأصل والفرع) .

واليك هذا الأمثلة لهذه الأنواع الثلاثة : ـــــ

1) ما ثبتت علته بالنص : وهو قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس إلحاقاً على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بنص الدليل كما في عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال{ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي الخلاء فقال ائتني بثلاثة أحجار فوجدت له حجرين وروثه حمار فامسك الحجرين وطرح الروثه وقال هي رجس }رواه ابن ماجة . والرجس هي النجس .

2) ما ثبتت علته بالإجماع : وهو نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضى القاضي وهو غضبان , فإن قياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان ثبتت علته بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب

3) ما كان مقطوع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع ومثاله قياس تحريم إتلاف مال اليتيم بالبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما

القسم الثاني:

القياس الخفي : وهو ما ثبتت علته باستنباط ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع .

ومثال ذلك قياس الأشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل فإن التعليل بالكيل لم يثبت بنص ولا إجماع ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع إذ من الجائز أن يفرق بينهما بأن البر مطعوم بخلاف الأشنان .

(2) باعتبار إثبات أو نفي الحكم :

ينقسم القياس باعتبار إثبات أو نفي الحكم إلى قسمين هما :

القسم الأول :

القياس الطردي : وهو ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه .

ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { القاتل لا يرث } رواه الترمذي وابن ماجه وفيه ضعف , فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الوارث إذا قتل موروثه ظلمـاً وعدواناً فإنه لا يرثه ولذلك إذا قتل الموصي له الموصي فإنه يمنع من أخذ الوصية لوجود العلة وهى القتل غير المشروع .

القسم الثاني :

القياس العكسي : وهو إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه .

ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { وفي بضع أحدكم صدقةٌ قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزرٌ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرًا } رواه مسلم .

فاثبت النبي صلى الله عليه وسلم للفرع وهو الوطء الحلال نقيض علة الأصل وهو الوطء الحرام لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه , وإثبات للفرع أجراً لأنه وطء حلال كما أن الأصل وزراً لأنه وطء حرام .

(3) باعتبار صحته وبطلانه :

ينقسم القياس باعتبار صحته وفساده إلى ثلاثة أقسام هي :

القسم الأول :

القياس الصحيح : وهو ما جاءت به الشريعة في الكتاب والسنة وهو الجمع بين المتماثلين (أن تكون العلة موجودة في الفرع من غير معارض يمنع حكمها) .

القسم الثاني :

القياس الفاسد: وهو كل قياس دل النص على فساده , وكل من الحق منصوصاً بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد .

القسم الثالث :

قياس الشبه (القياس المتردد فيه بين الصحة والفساد) وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم وفيه شبه بكل منهما , فيلحق بأكثرهما شبهاً به ومثال ذلك العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة ؟

إذا نظرنا إلى هذين الأصلين (الحر والبهيمة) وجدنا أن العبد متردد بينهما , فمن حيث أنه إنسان عاقل يثاب ويعاقب وينكح ويطلق يشبه الحر , ومن حيث أنه يباع ويرهن ويوقف ويوهب ويورث ويضمن بالقيمة ويتصرف فيه يشبه البهيمة , وقد وجد أنه من حيث التصرف المالي أكثر شبهاً بالبهيمة فالحق بها .

شروط الاستدلال بالأدلة المتفق عليها

سبق وأن عرفنا أن الكتاب والسنة والإجماع والقياس من الأدلة المتفق عليها , ولكن هناك شروطاً يجب مراعاتها عند الاستدلال بكل منها وهذه الشروط هي :

شروط الاستدلال بالكتاب :

إن المستدل بالقرآن الكريم يحتاج إلى ثبوت دلالته على الحكم لأنه قد يستدل به مستدل ويكون هذا الدليل لا دلالة فيه على ما زعم .

شروط الاستدلال بالسنة :

1) صحت الدليل : وهى ثبوت سندها إلي النبي صلى الله عليه وسلم , لأن الأحاديث منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف .

2) صحت الاستدلال : لأن المستدل بالسنة يحتاج إلى ثبوت دلالته على الحكم كما هو الحال في القرآن الكريم .

شروط الاستدلال بالإجماع :

1) أن يثبت بطريق صحيح : بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء , أو ناقله ثقة واسع الاطلاع .

2) ألا يسبقه خلاف مستقر : فإن سبقه خلاف ولم يتراجع المخالف عن قوله فلا إجماع لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها , أما إن تراجع المخالف عن قوله ووفق ما اجمع عليه يكون إجماعاً لأن الخلاف لم يستقر .

شروط الاستدلال بالقياس :

حتى يكون الاستدلال بالقياس صحيح لابد من توفر الشروط التالية :

1)أن يكون حكم الاصل ثابتاً بنص أو إجماع أو بهما ، حتى يصح القياس عليه.

2) أن لا يكون حكم الأصل منسوخاً، فإن كان منسوخاً فلا يصح القياس عليه.

3) أن يكون حكم الأصل معقول المعنى، أي: أن نعرف العلة التي بني عليها الحكم في الأصل. فإذا كان غير معقول المعنى بأن كان تعبدياً ، فلا يصح القياس عليه، لعدم معرفة العلة. كقياس أكل لحم النعامة على أكل لحم الجزور في نقض الوضوء.

4) أن يكون الفرع مساوياً للأصل في العلة ، لأن المقصود تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع، وذلك يقتضي المساواة في العلة. أما إذا اختلفت العلة فلا يصح القياس كقياس التفاح على البر في جريان الربا ، وعلة جريانه في البر الكيل والتفاح غير الكيل.

5) أن يكون الفرع قد ثبت الحكم فيه بنص أو إجماع أو بهما، لأنه لا حاجة للقياس ، فالقياس لا يعتبر إلا عند عدم النص أو الإجماع ، ومن ثم قيل: ( لا قياس مع النص) وذلك كقياس جواز تزويج المرأة الرشيدة نفسها بغير ولي على جواز بيعها لمالها بغير إذن وليها. فهذا قياس فاسد لمصادمته النص وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم { لا نكاح إلا بولي}.

مراجع في علم أصول الفقه

1ـ الرسالة لأبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي .

2ـ الوجيز في أصول الفقه الدكتور عبد الكريم زيدان .

3ـ أصول الفقه عبد الوهاب خلاف .

4ـ أصول الفقه الإسلامي الدكتور وهبة الزحيلي .

5ـ الأصول من علم الأصول للشيخ محمد بن صالح العثيمين .

6ـ الواضح في أصول الفقه الدكتور محمد بن سليمان الأشقر.

7 ـ إتحاف ذوي البصائر شرح روضة الناظر .

8ـ والجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الراجح الدكتور عبدالكريم النملة

9ـ التأسيس في أصول الفقه مصطفى بن سلامة .

10ـ البلبل في أصول الفقه - مختصر روضة الناظرـ للطوفي .

11ـ شرح مختصر الروضة للطوفي .

11ـ الورقات لإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني .

12ـ شرح الورقات للشيخ عبدالله بن صالح الفوزان .

13ـ روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه لابن قدامة المقدسي .

14ـ مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد الأمين الشنقيطي .

15ـ رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة للشيخ عبدالرحمن السعدي .

16ـ جمع المحصول في شرح رسالة ابن سعدي في الأصول للشيخ عبدالله بن صالح الفوزان .

The scholars of the fundamentals looked at the fundamentals of fiqh with two views because they are composed of two words (assets) and the word (jurisprudence)

(هذه أسئلة اختبار مناسبة لما تحتوي هذه المذكرة )

أسئلة اختبار لمادة أصول الفقه للمستوى الثالث للدورة العلمبة الشرعية لعام 1428،27 ه بمكتب الربوة للدعوة وتوعية الجاليات .

يوم السبت 15/1/1428هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) يعرف أصول الفقه باعتبار كونه لقباً لهذا الفن المعين بأنه .............................................................................................................................

2) اذكر أربع من أهمية أصول الفقه :

.............................................................................................................................

.............................................................................................................................

3) عرف اصطلاحًا كلاً من :

. الحكم ألتكليفي ...........................................................................

المندوب ................................................................................................

المكروه ................................................................................................

العزيمة ..................................................................................................

4) ضع المصطلح المناسب للعبارات التالية ؟

* ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود هو.........

* ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود هو.........

* ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم هو ..........

* الجمع بين الصلاتين للمسافر في غير عرفة ومزدلفة تسمى رخصة ...............

5) اذكر مثال لكل ما يلي:

* الفاسد في العقود :

* السنة التقريرية :

* الواجب المخير :

* يجتمع فيه الحكم التكليفى والحكم الوضعي معاً :

* السنة القولية :

6) ينقسم الواجب باعتبار المكلف (الفاعل ) إلى قسمين اذكرهما مع التمثيل ؟

7) للرخصة سبعة أسباب، اذكر أربع منها مع التمثيل لكل سبب ؟

8) أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنواع اذكرها ؟

9) للسنة مع القرآن الكريم ثلاث حالات وضحها ؟

ـ

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة فلسطين وعمان(0-0) في تصفيات كأس آسيا لكأس العالم 2026 (لحظة بلحظة) | ضغط عماني