أصبحت الحاجة لتجديد الخطاب الديني في مصر من أهم القضايا الشائكة والملحّة التي تسعى الدولة لدعهما، حيث نوّه الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة تجيد الخطاب الديني في الكثير من لقاءاته بالمناسبات التي تستدعي الحديث في هذه المسألة، وأبرزها حديثه أثناء الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، مع لفيف من علماء الأزهر على رأسهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة.
وشهدت مواقع التواصل الإجتماعي، في الأيام الماضية، منذ أسبوعين، جدلًا كبيرًا حول مسألة حساسة وهي "الجنس في الجنة"، مما أدى إلى حالة من هيجان وسخط شريحة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول علماء الدين على القنوات الفضائية الجدل حول هذه القضية، واستماتة كل طرف لفرض وجهة نظره من إثبات أو نفي المتعة الجنسية في الجنة، مما يدل على فهمهم لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتجديد الخطاب بشكل خاطئ.
وحدثت مشادات كلامية على مرات متقطعة بين الإعلامي عمرو أديب، والداعية خالد الجندي، حول مسألتين أولهما كان قانون حظر النقاب، والآخر الذي أثار الجدل بشكل أكبر كان "الجنس في الجنة".
ماذا قال خالد الجندي عن "الجنس في الجنة"؟
أثارت فتوى الجندي حول العلاقات الجنسية في الجنة والمتعة والانجاب، سخط رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعدد كبير من المواطنين الذين وصفواهذه المسألة بأنها بعيدة كل البعد عن اهتمامات الشعب المصري الذي يسعى جاهدًا في مواجهة الإرهاب الغاشم الذي تتصدى له البلاد، لكن الشيخ خالد الجندي عرض آراء المهتمين بهذه القضية ومنتقديها على مواقع التواصل الإجتماعي بشكل هادئ وغير متوقع، حيث قال في برنامجه "لعلهم يفقهون"، أن فتوته كشفت الكثير من أعداء الاسلام، كما أصابت الجماعات الإرهابية بضربة في مقتل وعلى رأسهم تنظيم داعش الإرهابي، الذين كانوا يستغلون الشباب عند استقطابهم، بغسل عقولهم أن هناك متعة جنسية كبيرة مع الحور العين سيحصلون عليها عند استشهادهم في العمليات التي يقومون بها، موضحًا أن مناقشة قضية "الجنس في الجنة" كشفت مخططاتهم وعملت على تنوير عقول الجاهلين بهذه المسائل.
وأوضح الجندي، أن مبادرته بمناقشة مسألة "العلاقات الجنسية في الجنة"، تلبية لدعوى الرئيس السيسي، كانت ضرورية للغاية نظرًا لعدم إلقاء الشيوخ والعلماء المصريين الجاهلين كثيرًا بأمور دينية بالًا لدعوى الرئيس للتجديد، مستنكرًا الجمود الذي يعيش فيه العلماء من الحفظ للنصوص القديمة وعدم التطوير ومواكبة العصر، حيث اتهم الجندي بعض الشيوخ بمقاومة تطوير الخطاب الديني وتجديده، ولكن يبدو أن الجندي فهم رسالة الرئيس بشكل خاطئ، لأنه دعى إلى حب الوطن والإنسانية ومحاربة الإرهاب، وليس الجدل في المسائل الغيبية، وظهر ذلك جليًا في تعقيب الرئيس على وزير الأوقاف بالتزامه بموضوع "الخطبة الموحدة"، مطالبه بضرورة التجديد.
وكشف الجندي، أنه لم ولن يتراجع عن حديثه الذي كان في إطار عقائدي وليس آراء شخصية تعبر عنه، قائلُا "اللى يصرخ يصرخ، واللي يلطم يلطم، واللي يشنق نفسه يشنق، أنا مش هسكت على باطل، ومن يشتم فالشتيمة تحت أقدامنا"، وذلك لأن الجنة تختلف عن الحياة الدنيا، وما تحتوي عليه الجنة مغاير عما نعايشه في حياتنا من مأكل ومشرب وممارسة جنسية، مشيرًا إلى أن بها أكل ومتعة مختلفة، ولكن الجهلاء لا يعلمون كل هذا وروجوا المعلومات المغلوطة نظرًا لجهلهم بما تحويه العقيدة الإسلامية من أسرار، حيث إن أمر المتعة الجنسية واردًا جدًا وأتى في أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم أن الشخص الواحد يفض 100 عذراء في اليوم، على أن البكارة ليست غشاء، لأننا نطلق على الأرض كلمة "بكر".
أزهريون يعقّبون على حديث الجندي حول "الجنس في الجنة"
علق أزهريون على فتوى الجندي، كل حسب رؤيته ومنظوره، فمنهم من أفتى بوجود متعة في الجنة ولكنها بلا ألم مثلما يحدث في الدنيا، من الأكل لسد شهوة الجوع، والجماع لسد شهوة الجنس، حيث أكد رمضان عبدالرازق أحد علماء الأزهر، أن "الجنس في الجنة" موجود لكن ليس كما يحدث في الحياة الدنيا، بل بكيفية لا يعلمها إلا الله "جل جلاله"، بينما عقب آخرين على هذه المسائل بتركها جانبًا حتى يأذن الله لهم بلقاءه واكتشاف ما يعلمه الله وحده، ولكن الأكيد أن هناك متعة وراحة في الجنة يعلم ماهيتها الله وحده.
ما قاله عمرو أديب حول مسألة "الجنس في الجنة" التي تحدث عنها خالد الجندي.. وسبقها مسألة حظر النقاب
انتقد الإعلامي عمرو أديب، خلال تقديمه لحلقته ببرنامج "الحكاية"، المعروض عبر فضائية "mbc مصر، ما فجره الشيخ خالد الجندي حول مسألة "الجنس في الجنة"، قائلًا خلال لقاءه مع الدكتور سعد الهلالي للحديث حول تنظيم النسل، "عندنا قضايا مهمة محتاجها المجتمع وتيجي تلاقي شيوخ قاعدين يتكلموا عن الجنس في الجنة".
الرد الهجومي من خالد الجندي لعمرو أديب بعد اعتراضه على مسألة "الجنس في الجنة"
عقب الشيخ خالد الجندي على حديث عمرو أديب، حول مسألة الجنس في الجنة التي استهون بها، عند حديثه مع الدكتور سعد الهلالي حول مسألة تنظيم الأسرة، قائلا: " الإعلامي العظيم عمرو أديب فجأة قال الشيوخ عندنا بيتكلموا عن الجنس في الجنة، طيب يا عمرو موضوع تحديد النسل، مش ذنبي إنك صحيت النهارده تتكلم في الموضوع ده أنا صدعت الناس في برنامجي هنا بالموضوع ده، إحنا في خندق واحد من أجل الوطن إيه لزمته اللي عملته ده"، مؤكدًا أن حديثه حول الجنس في الجنة، أمرًا غاية في الأهمية، حيث إنه كشف الكثير من العفن المُغطّى للتنظيمات الإرهابية والأفكار المتطرفة لمستغلّي النساء على أنها وعاء للشهوة الجنسية ومكافأة يحصل عليها من يفجر نفسه من المستقطبين في التنظيمات الإرهابية التي على رأسها تنظيم داعش، موضحًا أن أخطر النماذج التي تروج لهذا الفكر موجودة في القنوات الفضائية بشريحة كبيرة على الساحة الإعلامية والمؤسسات الدينية.
ووصف الجندي تصريح عمرو أديب معه على أنه "نفسنة"، قائلًا: "أنا مش فاهم انت منفسن مني ليه بيظهر في عينك، عندك نفسنة مني ليه، إنت راجل ديمقراطي"، مشيرًا إلى أن عمرو أديب هاجمه من قبل بشكل غير مباشر على أن داعية مشهور يسعى وراء جماهيرية برفضه القاطع لحظر النقاب رغم عدم احتياجه للشهرة باعتراضه على قانون حظر لنقاب الذي يحاول مجلس النواب أن يصدر قرارًا بالتصديق عليه، قائلًا "أنا عاوز أعرف إنت مضايق ليه من رأيى.. خد بالك قعدة عشا ما بينا هتصفي الأمور".
هجوم عمرو أديب على خالد الجندي من قبل في مسألة قانون حظر النقاب
وسبق أن عقب أديب على موقف الجندي حول مسألة حظر النقاب، التي استنكرها الجندي ووصف النقاب بالحرية الشخصية، ولكن كان حديث عمرو أديب حول النقاب أنه لا يتماشى مع الشعب المصري في ظل الظروف الحالية التي تمر بها مصر، قائلًا "أنا ضد النقاب بشكل واضح؛ لأن من حق المواطن أن يكون آمنًا ومطمئنًا.. والمسألة ليست دينية، أنا لست رجل دين، لكنها قضية تعلق بالمجتمع وأمنه ويجب أن يكون النقاب غير معترف به ويحظر من الجامعات والمصالح الحكومية، كما يحق للجهات المعنية أن تكشف وجه أي أحد منتقب للتعرف على هويته، فإن السيدة حتى عند قبر الرسول نفسه لا تنتقب"، مشددًا على أنه ليس ضد الحجاب، ولكن ضد النقاب بشكل واضح.
ولم ينكر أديب احترامه وتقديره لآراء رجال الدين تجاه هذه القضية، قائلًا "رجال الدين على دماغنا، وبنسترشد بيهم في كل حاجة، لكن لازم يساعدونا عشان المجتمع يقف على رجله.. أنا مش ضد أنها تقعله خالص .. تمشي في الشارع منقبة هي حرة، لكن في المصالح الحكومية لأ"، مستنكرا رأي خالد الجندي في تأييده للنقاب، قائلًا: "في شيوخ تسعى وراء الشهرة مع إنهم مش محتاجين شهرة، والطريقة اللي اعترضوا بيها على حظر النقاب بها كانت توحي بذلك".
كما ناشد أديب البرلمان وقتها، بعدم التراجع عن قانون حظر النقاب الذي تراجعت عنه النائبة البرلمانية غادة عجمي، بعد تقدمها بمشروع قانون حظر ارتداء النقاب، التي عزمت بعد تراجعها عنه على التقدم بمشروع قانون آخر جديد يحظر النقاب في الأماكن العامة والمصالح الحكومية، ويتضمن توقيع غرامات مالية تصل إلى 1000 جنيه في حالة ارتدائه في الأماكن العامة.
رد الشيخ خالد الجندي على عمرو أديب حول رفضه لقانون حظر النقاب
لم يعترض الجندي الشيخ على منع النقاب في المؤسسات الحكومية التي يكون فيها تعامل مباشر مع الجماهير، حيث إنه أخبر أديب في مداخلة هاتفية ببرنامج "الحكاية المعروض عبر "MBC مصر"، منذ عدة أيام، أنه يتفق مع الاعلامي عمرو أديب على عدم التدخل في حرية المواطن في الشارع، ومنع تواجد المنتقبات في المصالح والمؤسسات الحكومية مثل الصحة والمدارس والشهر العقاري وأي مؤسسة يتم فيها التعامل مع المواطنين، ولكن لها الحرية في التجول كما تريد الأماكن العامة.
وطالب حينها الجندي، المسئولين بالتركيز مع النساء اللاتي ترتدي أشياء خادشة للحياء من هوت شورت وبناطيل مقطعة ومايهوات، بوضع قانون لهم بعدم خدش الحياء العام، بدلًا عن الإنشغال بمسألة النقاب، لأن فرض قانون يحظر النقاب ويترك هذه النماذج يهدد السلام الإجتماعي قائلًا: "انت بتستفز الناس.. انت بتعرض سمعة مصر للإهانة وإنهم يقولو المصريين بيجروا ورا المنقبات وسايبين المايوهات.. إرفعوا أيديكم عن الفضيلة"، مستنكرًا عدم وجود حس وطني لدى واضعي قانون حظر النقاب بهذا الشكل.