مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا بوتيرة سريعة وكبيرة، ومع معدل التضخم المقدر أن يصل إلى مليون في المئة بحلول نهاية العام الحالي، تضحي كثير من النساء بالنفيس والغالي مقابل الخروج من البلاد، وأثرت هذه الأزمة الغير المسبوقة التي تشهدها البلاد لأول مرة في تاريخها على انحدار في قيمة العملة وشح المواد الغذائية فضلا عن حالة التوتر سياسي وتبادل الاتهامات بين السياسيين حول السبب في هذه الأزمة.
غادر نحو 2.3 مليون شخص البلاد منذ عام 2014 وهم يشكلون 7% تقريبا من سكان فنزويلا، وذلك في أكبر عملية نزوح جماعية تشهدها أميركا اللاتينية، وأصبح مشهد نزوح آلاف مألوفا فيوميا يتجه إلي البلدان المجاورة مثل كولومبيا، ويتحملون خلال رحلتهم الجوع والتعب والإرهاق، وأصبح التسول أو البحث عن الطعام في القمامة على جوانب الطريق شئ لابد منه ليستكملوا رحلتهم وحياتهم، وبدون وجود جوازات سفر بحوزتهم أو تصريح عمل يلجأ الوافدون من سكان فانزويلا إلى أداء أي عمل حتى لو كان لديهم شهادات وتخصصات علمية عليا، فهدفهم هو الرضى بأقل الطعام للبقاء علي قيد الحياة.
ويشير موقع "فوكس نيوز" أنه في إحدى البلدات الحدودية، أصبح الأمر طبيعيا وجود فتيات يحملن لافتات مكتوب عليها "نحن نشتري الشعر"، حيث تضطر الكثيرات ممن يأسن من السيدات إلى بيع شعورهن بأثمان بخسة تترواح بين عشرة دولارات و30 دولارا، ليتطور الأمر معه إلى حد لا يكاد العقل يصدقه، فتلجأ فتيات صغيرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاما يقدمن "خدمات جنسية" مقابل 7 دولار عن كل "خدمة"، فيما تمارس آخريات البغاء والدعارة.
ووفقا لـ "فوكس نيوز" وقع الكثير من النساء والفتيات وحتى الرجال ضحايا الإتجار بالبشر، فالنساء أصبحن أداة جنسية رخيصة لمهربي المخدرات وعصابات السلاح ، بعد أن أخذت منهن عصابات الرقيق الأبيض جوازات سفرهن وأوراقهن الثبوتية، بالإضافة لاغتصاب واستغلال فتية وشبان في تجارة العهر.
و بعض السيدات لم يجدن مناصا من بيع ما لا يخطر على عقل، وهو حليب صدروهن لتأمين لقمة العيش، من بعد عيشهن في بلد غني جدا، ويملك اقتصادا مزدهرا للغاية.
كما ارتفعت معدلات الانتحار بشكل كبير، حتى بين الأطفال، وإذا كان من المستحيل الحصول على أرقام محددة حيث ترفض الحكومة إصدار بيانات دقيقة فإن منظمة "سيكوداب" لحقوق الأطفال الفنزويلية تقدر أن هناك زيادة بنسبة 18 % على الأقل في أعداد المراهقين.
ويورد النازحون الفنزويليون المقيمون في كولومبيا إنه رغم الأوضاع الصعبة وغير الإنسانية التي يعانوها فيها، إلا أنهم يعيشون حاليا في بلد أكثر أمنا واستقرارا، ففي بلادهم يموت يوميا الكثير من الأطفال بسبب العديد من الأمراض كالملاريا والتهاب الكبد دون أي رعاية صحية، فالأهالي مشغولون طوال الوقت بمحاولة تأمين ما يسد الجوع، وفي النهاية تحرق جثث معظم الأطفال الذي يلقون حتقهم جراء المرض.
وأوضح لونس لويس غونزاليس، وهو رجل إطفاء سابق ومسعف عمره 31 عاما، أنه خاطر بالقدوم إلى كولومبيا في سعي منه لتأمين ما يكفي لعلاج ابنه، ذو الثلاث سنوات، وتابع :"تمكنت فقط من إرسال الأموال إلى عائلتي مرتين، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فأنا أقضي كل يومي متجولا في الشوارع لبيع الكعك، وأنام في بيت ضيق مع 70 شخصا آخرين في الليل، ولكنني أحاول جمع الأموال والعثور على تبرعات من أجل ابني"، فعدم إتاحة العلاج في وطنه، فقد كان يركز على شراء أي أدوية يمكن أن يجدها في السوق السوداء - من حبوب العلاج الكيميائي إلى القطرات الوريدية - لإرسالها مرة أخرى عبر الحدود الكولومبية.
أما ماريا أليخاندرا سالازار، البالغة من العمر 35 سنة، فهي حامل في شهرها السادس بتوأمين، واضطرت إلى تركت ابنتيها في كراكاس لبيع الحلويات في كولومبيا، وتأمل أن تحظى بولادة صحية وآمنة،أفادت أن كل فرد في أسرتها يعمل في وظيفتين ولكن ذلك لا يكفي لضمان البقاء على قيد الحياة.
من جهته، أشار ميجيل باريتو، المدير الإقليمي لأمريكا اللاتينية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن المستشفيات في الدول المجاورة - وخاصة كولومبيا ، التي تتحمل وطأة الفنزويليين،قد استوعبت ما يقدر بمليون مهاجر وطالب لجوء منذ ذلك الحين.
ويتابع: "لقد ارتفعت أعداء النساء اللواتي يعبرن الحدود للولادة بشكل كبير، ونتوقع زيادة سوء الأوضاع في عام 2019، لذلك نخطط لزيادة إمكانياتنا لمواجهة ذلك".