أهل مصر في منزل مُدرس الفلسفة "بالرقص والطبلة": تلاميذي في طب وهندسة.. والحصة بـ "10 جنيه" (فيديو وصور)

داخل منطقة أوسيم بمحافظة الجيزة، منزل بسيط يحمل بين أروقته مُدرس في مطلع الثلاثينيات، المكان يبدو لداخله أول مرة أنه بيت مهجور، أو ربما منزل مُغلق منذ سنوات، على الجانب الآخر الطلاب يستعدون لدخول الحصة، والمُدرس يداعبهم: «عملت إيه النهاردة ياض أنت وهو احكولي بسرعة قبل ما ندخل نبدأ الحصة»، ثوان معدودة ويدخل الطلاب إلى غرفة لا تتعدى عرضها 4 أمتار وطولها 6 أمتار، محتواها لا يزيد عن «طربيزة كبيرة وكام دكة»، منتظرين بدء الشرح على طريقتهم الخاصة.

المُدرس يبدأ في تصفُح الملزمة التى أعدها خصيصًا للطلاب لتسهيل المنهج عليهم، وتحديد الدرس الجديد ثم يعاود سريعًا الشرح باختصار: «يلا اجهزوا هنبدأ حافظين طبعًا» والطلاب يسارعون في الإجابة عليه: «بطريقتنا مينفعش منبقاش حافظين»، أحد التلاميذ يبدأ في «الطبل على الطربيزة» بطريقة معينة معلنًا بدء الدرس، وزملائه في صوت واحد يُسمعون المُقرر على طريقة «تيكا تيكا».

«تيكا تيكا»، نغمات أغنية ظهرت خلال مقطع فيديو، انتشر بشكل جنوني عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بعد أن أظهر المقطع مدرس مادة الفلسفة لطفي السيد، يُحفظ الطلاب المنهج بـ «الغناء والرقص»، المقطع أثار غضب البعض الذين فسروا المشهد بأنه يضر نظام التعليم وعقول الطلاب في المستقبل، وأمام هذا النقد قررنا زيارة الرجل في محل تدريس المادة ووسط طلابه.

«دي مش أغنية ولا مهرجان زي ما الناس أشاعت، دي فكرة طالب خلص ثانوية عامة السنة اللي فاتت اسمه مصطفى عادل».. كلمات بدأ بها لطفي أبو زيد مُدرس الفلسفة، حديثه معنا، واصفًا بداية الفكرة في الأساس، موضحًا أنه أثناء شرح الباب الثاني في مادة الفلسفة، احتوى أحد الدروس على مصطلح «البيوتيكا»، ووجد الطالب صعوبة في نطق المصطلح فاقترح على مدرسه تغير المصطلح بكلمة «تيكا تيكا» لسهولة نطقها وحفظها، علاوة على دراسته للغلة الفرنسية بطريقة المسرح الغنائي، فهناك عالم يدعى "سلوندايك" أقر بأن التعلم بالموسيقى يساعد في عملية التعلم.

«السوشيال ميديا» أصبحت الآن وسيلة انتشار سريعة، «لطفي» تفاجأ بطرق أحد تلاميذه باب منزله في الساعة الثالثة عصرًا، ليخبره بانتشار جنوني لمقطع فيديو خاص به على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وهو يشرح للطلاب، المُدرس سريعًا تمكن من معرفة الطالب الذي صور مقطع الفيديو، وذهب إلى والده ليخبره بأن فعل ابنه غير مقبول، ما دفع أبيه إلى عقابه ومن ثم عقاب المُدرس صاحب الفيديو هو الآخر، لأن المقطع تم تصويره دون أذن «لطفي».

ومع انتشار مقطع الفيديو على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تعرض لطفي أبو زيد، لانتقاد كبير وحظى الرجل أيضًا على إشادة آخرين، لكن الإشادة والدعم كانوا أكثر من النقد «لطفي» أخبرنا أنه تلقى عدة اتصالات من أولياء أمور الطلاب وآخرين لا يعرفهم، وجميعهم أيدوا الفكرة شكلًا ومضمونًا، لأنها تساعد الطلاب على حب المادة ودراستها، ومن ثم سيصبح النجاح «حاجة أكيدة».

الطلاب أنفسهم هم من يطلبون هذه الطريقة في تعلم وحفظ المادة، ربما هذه الكلمات كانت مفاجأة لنا، فطلاب المادة أنفسهم يجدون صعوبة في حفظ المواد الدراسية ومحتواها، أما بهذه الطريقة فيكون الوضع أسهل بكثير، «لطفي» تابع حديثه: «أكبر دليل على نجاح الفكرة إني كان عندي طلاب وطالبات أصبحوا الآن في كلية الطب ومن أمثلهم الدكتورة إحسان، وآخرين في كليات الهندسة والألسن وغيرهم».

تطوير الفكرة قد تكون في ذهن لطفي أبو زيد، لكن الرجل نفى ذلك، معللًا أنه يكتفى فقط باستخدام النغمات الموسيقية في الحفظ وليس الأغاني نفسها، وأنه ضد فكرة استخدام التنورة أو «الدي جي» في الشرح، فالاكتفاء بغناء الكلمات المتواجدة بالكتيب تكفي لجعل الطالب يحب المادة ويحفظها بسهولة.

أسعار الدروس دائمًا ما تكون محل تساؤل واهتمام خاصة من قبل أولياء الأمور، لذلك حرص مُدرس الفلفسة على إيضاح الأسعار وكشفها للعلن، يقول إن سعر الحصة الواحدة لطالب أو طالبة الثانوية العامة 10 جنيهات فقط، فأغلب سكان المنطقة متوسطى الدخل، وإذا وجد ميسورًا بينهم لا يهمه تحقيق ربح قد ما يهمه المسامهة في تحصيل الطالب درجات مرتفعة وحب المادة، بالإضافة إلى حرصه على تقليل العبء على أولياء الأمور، بعد ارتفاع أسعار دورس المواد الثانوية في الأونة الأخيرة، مستطرد: «بعمل حصص بالمجان وهدفي تعليم الطلاب وبس».

الاعتذار عادة ما يكون أمر مطلوب، خاصة إذا كان صاحبه يعرف خطأه، لذلك حرص «لطفي» على توجيه الاعتذار لمنتقدي مقطع الفيديو، عقب ظهوره يرقص وسط الطلاب، فالطبيعي أنه يغنى كلمات الدرس بشكل موسيقي يساعد طلابه على الحفظ فقط، لكن الفيديو المنتشر عبر «السوشيال ميديا» قام بالتفاعل مع الطلاب، لأن معظمهم جيرانه ومعارفه، ما يجعل الأمر بالنسبة له وكأنه في بيته.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
"البرلمان" يستأنف مناقشة قانونا لجوء الأجانب والإجراءات الجنائية اليوم