يثور التساؤل لدى كثيرين عن ما هى أركان الإيمان ؟ وما هو الفارق بين أركان الإسلام وأركان الإيمان ؟ نقول إن أول ركن من أركان الإيمان هو الاعتقاد بأن لهذا الكون رباً واحداً تفرد بخلقه وملكه وتدبيره وتصريف شئونه رزقاً وقدرة وفعلاً وإحياء وإماتة ونفعاً وضراً لا رب سواه، يفعل وحده ما يشاء ويحكم ما يريد، يعز من يشاء ويذل من يشاء ، بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم ، غني عما سواه ، له الأمر كله وبيده الخير كله ، ليس له شريك في أفعاله ، ولا غالب له على أمره ، بل الخلق جميعاً بمن فيهم الملائكة والإنس والجن عبيد له ، لا يخرجون عن ملكه وقدرته وإرادته سبحانه ، وأفعاله لا تدخل تحت حصر ، ولا يحصرها عدد ، وكل تلك الخصائص هي حق له وحده لا شريك له ، لا يستحقها أحد سواه ، ولا يجوز نسبتها ولا إثبات شيء منها لغير الله عز وجل .
الثاني : أن الله تعالى منزه عن صفات النقص والعيب مطلقاً،كالنوم والعجز والجهل والظلم وغير ذلك ، كما أنه تعالى منزه عن مماثلة المخلوقين ، فيلزم نفي ما نفاه الله عن نفسه ونفاه الرسول عن ربه مع اعتقاده أن الله موصوف بكمال ضد ما نفى عنه ، فإذا نفينا عنه السِنة والنوم فنفي السِنة فيه إثبات كمال القيومية ، ونفي النوم فيه إثبات كمال الحياة ، وهكذا كل نفي عن الله عز وجل ، فهو يتضمن إثبات كمال ضده ، فهو الكامل وما سواه ناقص .
والإيمان بأسماء الله وصفاته وأفعاله : هو الطريق الأوحد لمعرفة الله وعبادته ، وذلك أن الله غيّب عن الخلق في الحياة الدنيا رؤيته عياناً ، وفتح لهم هذا الباب العلمي الذي من خلاله يعرفون ربهم وإلههم ومعبودهم ، ويعبدونه وفق هذه المعرفة الصحيحة السليمة ، فالعابد إنما يعبد موصوفه ، فالمعطل يعبد عدماً والممثل يعبد صنماً ، والمسلم يعبد الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً.
أركان الإسلام وأركان الإيمان
ومن أركان الإسلام التوحيد بالله سبحانه وتعالى، وحيث يشهد المسلم أنه لا إلا إلا الله وأن محمد رسول الله، وأن يثبت المسلم لله الأسماء الحسنى، وينبغي أن يراعى عند إثبات أسماء الله الحسنى الأمور الآتية :
1 ـ الإيمان بثبوت جميع الأسماء الحسنى الواردة في القرآن والسنة من غير أن يزاد عليها أو ينقص منها .
2 ـ الإيمان بأن الله هو الذي سمى نفسه ولا يسميه أحد من خلقه، وهو عز وجل الذي مدح نفسه بهذه الأسماء ، وليست محدثة مخلوقة.
3 ـ الإيمان بأن أسماء الله الحسنى دالة على معان في غاية الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، فيجب الإيمان بتلك المعاني، كما يجب الإيمان بتلك الأسماء .
4 ـ وجوب احترام معاني تلك الأسماء وعدم التعرض لها بالتحريف أو التعطيل .
5 ـ الإيمان بما يقتضيه كل اسم من تلك الأسماء من الأحكام وما يترتب عليها من الأفعال والآثار .
ولتوضيح هذه الأمور الخمسة نضرب مثلاً على ذلك باسم الله (السميع) فيجب فيه مراعاة ما يأتي :
أ ـ الإيمان بثبوت اسم "السميع" اسماً من أسماء الله الحسنى لوروده في القرآن والسنة .
ب ـ الإيمان بأن الله هو الذي سمى نفسه بذلك وتكلم به وأنزله في كتابه العزيز .
ج ـ الإيمان بأن "السميع" تضمن معنى السمع وهو صفة من صفاته .
د ـ وجوب احترام صفة السمع التي دل عليها اسم (السميع) ، وعدم تحريف معناها أو تعطيله .
هـ ـ الإيمان بأن الله يسمع كل شيء ، وأن سمعه وسع جميع الأصوات والإيمان بالأثر المترتب على ذلك الإيمان من وجوب مراقبة الله وخشيته وخوفه، واليقين التام بأن الله عز وجل لا تخفى عليه خافية .