«أنا الحكومة» ربما أتت تلك الكلمات في مشهد من فيلم «الجزيرة» على لسان الفنان أحمد السقا، الذي قرر أن يأخذ حقه بيده متخطيا بذلك حدود القانون والدولة ووزارة الداخلية، يبدو أن البلطجة أصبحت سمة هذا العصر ومن أنجح المهن التي بدأ يتجه نحوها شباب المصريين.
وفي هذا السياق قام عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بتدشين صفحة أطلق عليها «صفحة سراج لأعمال البلطجة واستخلاص الحقوق» علي فيسبوك، تلك الصفحة التي نجحت في حصد عدد من المعجبين وصل إلى حوالي 100 ألف في أسابيع قليلة.
قامت الصفحة بمغازلة المتابعين وجذبهم من خلال الكلام الناعم والعروض، حيث قدمت الصفحة عروضًا بمناسبة شهر رمضان، بتقديم خدماتها للمواطنين بأسعار مخفضة؛ كل ما عليك هو تسجيل بيانات الشخص المطلوب الانتقام منه أو أي معلومات متاحة عنه، بالإضافة إلى الصورة التي ترغبها في الانتقام، كأن تطلب إهانة وسب شخص ما وتكلفتها 500 جنيهًا مصريًا (45 دولارًا)، أما الإهانة وتكسير السيارة فربما تكلفك 1500 جنيهًا مصريًا (135 دولارًا)، أما استعادة السيارة المسروقة فيكون حسب المعلومات ومكان اللصوص، واسترداد حقك في حال الاعتداء عليك من أي شخص في الشارع، بتكسيره وضربه مقابل 1500 جنيهًا، وتبلغ تسعيرة ضرب وطرد عامل الجراج أو "السايس البلطجي" من المنطقة 1000 جنيهًا.
قامت الصفحة بتوسيع شعبيتها من خلال التركيز علي «المستبد العادل» أو «الفتوة» الذي يستد حقوق البسطاء والضعفاء مقابل أجر، ظهرت الصفحة بشكل ساخر أثار التفاعل بين جمهور الشبكات الاجتماعية، الذين بدأوا في سرد مواقف قاسية تعرضوا لها خلال سنوات حياتهم، بدايةً من المشاجرات مع سائق الميكروباص وصولًا إلى سرقة السيارات والتعرض للنصب والاحتيال.
قامت الأجهزة الأمنية بملاحقة الصفحة ومن قاموا بتأسيسها وهو ما دفع أعضاء الصفحة إلى النزول ببيان ختامي نص علي الآتي: «منذ أن بدأنا في استقبال الطلبات أمس، جاءنا أكثر من 920 رسالة وتتزايد بشكل كبير، ولكن يوجد أشياء لن نستطيع عملها فعلا مثل استعادة جزيرتي (تيران وصنافير) التي طالبنا بها أحد المواطنين بأي مقابل».
"وكذلك لن نستطيع جعل مواطن يرى ابنه المسجون من أكثر من 6 أشهر، وكذلك أشخاص آخرين طلبوا ان نعثر لهم على مكان في مستشفى للعلاج دون واسطة".
وتابعت الصفحة: "كنا نريد تعويض غياب الداخلية، ولكن بعد تلك الرسائل نحن مطالبين بتعويض غياب جميع أجهزة ووزارات الحكومة"، موضحةً أنه تم تقديم 4 بلاغات للنائب العام ضد الصفحة، رغم أن صاحبها من خارج مصر وتابعة لشركة " Outsourcing Marketing"
واختتمت الصفحة، "رغم أننا أغلقنا صفحتنا على فيسبوك، إلا أننا سنساعد من وعدناهم في الرسائل، مع العودة في وقت لاحق".
وبالفعل، بعد ساعات قليلة من إغلاق الصفحة القديمة، عادت الصفحة من جديد لتبدأ في استقبال طلبات "المظلومين" مرة أخرى بنفس الاسم القديم.
وتعود فكرة "الصفحة" الي تعرض مؤسسها للظلم من قبل سائق الميكروباص الذي رفض أن يرجع إليه حقه الذي يبلغ 2 جنيه فقط، فقرر مؤسس الصفحة الاتصال بأصدقاء من البلطجية لانتظاره في مكان محدد وقاموا بتكسير السيارة للسائق وإهانته والانتقام منه.
يقول مؤسس الصفحة المجهول إن الأمر كلفه ما يزيد عن هذا المبلغ الزهيد بالتأكيد، ولكنه شعر براحة نفسية حينما استرد حقه المعنوي، ومن ثم تعهد باستخلاص الحقوق للمظاليم عن طريق البلطجة، خاصة أن المواطنين لا يشعرون بالأمان في ظل التقصير الأمني الحالي، والذي انعكس في صورة انتشار للجرائم اليومية من سرقة وخطف وابتزاز للأفراد.