الحديث النبوي أو السنة النبوية عند أهل السنة والجماعة ، و تجميعات الحديث وما يتصل بذلك من تخريج الحديث هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن. وذلك أن الحديث خصوصا والسنة عموما مبينان لقواعد وأحكام الشريعة ونظمها، ومفصلان لما جاء مجملا في القرآن، والحديث والسنة مرادفان للقرآن في الحجية ووجوب العمل بهما، حيث يستمد منهما أصول العقيدة والأحكام المتعلقة بالعبادات والمعاملات بالإضافة إلى نظم الحياة من أخلاق وآداب وتربية. قد اهتم العلماء على مر العصور بالحديث النبوي جمعا وتدوينا ودراسة وشرحا، واستنبطت حوله العلوم المختلفة كعلم الجرح والتعديل وعلم مصطلح الحديث وعلم العلل وغيرها، والتي كان الهدف الأساسي منها حفظ الحديث والسنة ودفع الكذب عن النبي وتوضيح المقبول والمردود مما ورد عنه. وامتد تأثير هذه العلوم الحديثية في المجالات المختلفة كالتاريخ وما يتعلق منه بالسيرة النبوية وعلوم التراجم والطبقات، بالإضافة إلى تأثيره على علوم اللغة العربية والتفسير والفقه وغيرها.
الحديث وتخريج الحديث و تجميعات الحديث
مر تدوين الحديث النبوي الشريف عبر العصور بمراحل كان مهده الأول عصر النبوة، ثم استشعر الصحابة بعده ثقل المسؤولية في توثيق القرآن الكريم أولا مع الرعي يبالغ الاهتمام توثيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم باعتبارها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وكونها متممة للقرآن الكريم من حيث البيان لكن خلال هذه الحقبة كانت موانع شديدة من بعض الخلفاء الراشدين في عدم الإكثار من كتابة السنة خوف اختلاطها بشيء من القرآن الكريم، ومع هذا فقد كانت هناك بعض الكتابات من الصحابة لبعض الأحاديث، ثم بقيت المحاولات الفردية في التدوين هنا، وهناك إلى عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز فكان الأمر بتتبع أحاديث الرسول من أفواه الحفاظ، والنسخ، و المدونات، وهو ما يتصل به أيضا تخريج الحديث و تجميعات الحديث .
الحديث وتخريج الحديث و تجميعات الحديث
وعند تناول مسائل الحديث وتخريج الحديث و تجميعات الحديث نجد أن السنة النبويَّة عموماً هي المبيِّنة الشارحة للقرآن الكريم، المؤكِّدة لمضمونه، الموضِّحة لأحكامه، المفصِّلة لمجمله، المقيِّدة لمطلقه، المفسِّرة لمبهمه، المخصِّصة لعامِّه، فضلاً عن أنها ـ بحكم منزلتها من التشريع ـ قد تأتي بأحكام جديدة سكت عنها القرآن الكريم. ومن نافلة القول أن القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة مكملان لبعضهما وحياً وتشريعاً، لحديث: (ألا إني أوتيت القرآنَ ومثلَه معه، فلا يُتصور عقلاً أن تُخالف السنَّةُ الصحيحة الثابتة القرآنَ، ولا أن تعارض محكَمَه أو تناقضَه، لأنه الأصلُ الذي تتفرَّع عنه، والمرجعُ الذي تستند إليه، وبالتالي فكلُّ حديث تظهر فيه المعارضة للقرآن الكريم، أو غيره من الأحاديث الثابتة فلا بدَّ فيه من أحد أمور ثلاثة؛ إما أن يكون الحديث غير ثابت ولا صحيح ـ أي موضوع أو ضعيف ـ، أو أن يكون التعارض ظاهرياً، يمكن لدى أهل التخصص في هذا الميدان من أهل الذكر أن يُزيلوا هذا التعارض، وذلك بردِّه إلى الأصول العلمية والمنهج التطبيقي.