نقص أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة التي تعرض حياة الكثيرين من المرضى للوفاة، تتجدد مرة أخرى في اختفاء أدوية مرضى "الوهن العضلي"، وتعريض حياة 18 ألف مريض لخطر للوفاة يوميًا، وهو ما يضر بمنظومة الصحة في مصر، ويهدد بحياة المرضى عند تأخر تناول الأدوية، والذي يؤكد المسئولين اختفاءه تمامًا من الأسواق، وسيطرة السلاسل عليه بمضاعفة سعره.
وأعربت سالي الإبياري، وهي تعاني من مرض الوهن العضلي في حديثها مع "أهل مصر"، عن حزنها ومعاناتها منذ سنوات عديدة، وكان متوفر بالصيدليات ولكن منذ 5 سنوات في معاناة صعبة، لعدم إيجاد "المينستنون"، قائلة "العلبة الواحدة بقينا نستخدمها أكثر من سنة حتى نجد البديل"، مشيرة إلى أنها تعتمد على شرائه من الخارج، عند سفر أحد الأقارب أو الأصدقاء، سواء من إيطاليا أو السعودية، رغم صعوبة حمل كمية كبيرة منه أثناء السفر، كما أن الدواء المصري المتوفر منه أصبح غير موجود، وعند توفير بالإسعاف يتم النزول بالروشتة الطبية للحصول عليه، قائلة "يا نلاقي يا منلاقيش"، لأن الجميع يقبل عليه نظرًا لصعوبة توفيره فيتم سحبه منذ أول أسبوع، وتعود مشكلة اختفاءه من جديد ولا يجده المرضى القادمين من المحافظات الأخرى البعيدة، لافتة إلى أنه متوفرًا بشكل رئيسي في صيدلة "العزبي"، لوجود شريك مستورد توفره بهده الصيدلية فقط، والآن لم يتم توفيره.
وأوضحت أن المستورد كان عبارة عن 150 قرص بمبلغ 190 جنيه ومنذ فترة اختفى تمامًا ونزل الأسواق 150 قرص بـ369 جنيه، كما أن المصري 20 قرص كان ب23 جنيه والآن ب40 جنيه، كما أن هناك دواء أخر مستورد ولكن غير متوفر سوى بصيدليات معينة وكل منها تبيعه وفقًا لأسعارها الخاصة، سواء كانت العبوة الواحدة بمبلغ 400 – 500 جنيه لأنها مهربة من الخارج ويعلمون حاجة المرضى لهذه الأدوية، مشيرة إلى أن الدواء المصري المكون من 20 قرص لا يكفي سوى 4 أيام، والأفضل لنا هو المستورد 150 قرص ولكن نعاني من مشكلة حقيقية في توفيره بالصيدليات.
كما أكدت "سالي"، أنها منذ عدة سنوات، أرسلت شكوى وعليها توقيعات مرضى الوهن العضلي إلى وزارة الصحة، وتم الرد علينا بتوفير الدواء وبالفعل تم توفيره وبسبب وجود حالة من الفزع والذعر لدى المرضى، اختفى الدواء بعد أسبوعين فقط، وظهرت المشكلة من جديد، قائلة "بنتصل دايمًا برقم الشكاوي الخاص بوزارة الصحة ومحدش بيرد علينا".
كما اشتكى محمد عبد العاطي، مريض بالوهن العضلي بمحافظة قنا، من اختفاء دواء "المينستنون"، وعدم وجوده بالصيدليات وأنه كان يسافر شهريًا إلى القاهرة ويذهب لكل الصيدليات حتى يجد الدواء، والآن يرسل أقاربه لعدم قدرته على الحركة، موضحًا أن الكمية الموجودة بالصيدليات قليلة جدًا ولا تكفي جميع المرضى وأن العبوة الواحدة المستوردة 150 قرص بمبلغ 369 بعدما كان بـ190 جنيهًا.
وأكد أن المشكلة ظهرت منذ عام 2014 وبدأ استغلال الصيدليات وتخزينهم للدواء حتى يتم رفع سعره قائلًا "أصبحنا مش لاقينه بالسعر القديم ولا الجديد.. ميبقاش مرض واختفاء الدواء"، ونادى المسئولين بتوفير هذه الأدوية الحيوية في كل المحافظات والتي تكلف حياة الكثير من المرضى يوميًا.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن هناك مأساة حقيقية يتعرض لها ١٨ الف مريض يموتون يوميًا، وهم مرضى الوهن العضلي أو الضمور العصبي، والذين يشكون حالتهم الصحية واختفاء الدواء منذ عامين، مؤكدًا أنه تحدث مع كل صاحب قرار لحل هذه الأزمة، وهي مازالت موجودة دون حلول فعلية حتى الآن.
وأشار "فؤاد" في حديثه مع "أهل مصر"، إلى أن دواء مرضى الوهن العضلي أو الضمور العصبي، معروف باسم "مينستنون" وهو نوع من 11 نوع دواء، ومختفى تمامًا من الصيدليات ويُعرض 18 ألف مريض لفقدان حياتهم كل يوم، موضحًا أن الدواء يتم إنتاجه لصالح شركة حكومية، وهي الاسكندرية للأدوية، وأن البديل يتم استيراده لصالح شركة مالتي فارما، المملوكة للدكتور أحمد العزبي رئيس غرفة صناعة الدواء، ويتم تهريبه وبيعه في السوق السوداء.
وأضاف المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن هناك بديل مصري لدواء "مينستنون" واسمه "بيستنون"، والمريض يتلقى في الجرعة الواحدة 5 أقراص وهو اختفى نهائيًا، مضيفًا "هو لما يبقي في مواطن في الجمهورية مش لاقي الدواء بتاعه من سنتين مفروض يعمل ايه ويروح لمين، يعني نبعت شكوي لمين مثلا يمكن يرحم الناس دي ويرحم أهاليهم؟"، كما نادى بضرورة توفير الأدوية للمرضى.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد عز العرب، مؤسس وحدة أورام الكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، أن "الميستنون 60" ليس مختفى تمامًا ولكن هناك نقص كبير فيه، مشيرًا إلى أن الدكتور محمود فؤاد مدير المركز المصري أطلق عدة صيحات لوجود استغاثات من المرضى لعدم توفير هذا الدواء وهذا ما يجعلنا نريد القضاء على أي سياسة احتكارية.
وأشار "عز العرب"، أن سوق الدواء الدولي مفتوح، ففقي عام 2016 كان هناك مبادرة رئاسية و186 مليون دولار وتم استيراد أكثر الأدوية الحيوية التي نحتاج إليها كما أن السوق العالمي به كل الأدوية و"الميستنون" موجود في عدة مصادر بنفس الجودة وبه اعتمادات ولكن المشكلة الحقيقية في السياسة الاحتكارية لأن الشركات المنتجة تريد دائمًا رفع الأسعار فتلجأ إلى نقص وتعطيش السوق من المنتج مؤكدًا إنه إذا كان الأمر مقبولًا في المنتجات الاستهلاكية فهو غير مقبول تمامًا في مجال الأدوية التي تؤثر على صحة الإنسان، مطالبًا بتوفيره من عدة مصادر وفتح استيراده لأنه دواء أساسي لوهن العضلات.
أكد الخبير الدوائي والصيدلي هاني سامح، أن قائمة نواقص الأدوية في السوق المصري التي تصدرها وزارة الصحة كل عام في نشرة دورية لا تزيد عن 25 صنف دوائي، ولكن الوزارة لم تقم بإصدارها حتى الآن كما أن عدد النواقص الفعلية تزيد قليلًا، في حين أن نقابة الصيادلة وغرفة صناعة الأدوية تصدر كل عام قائمة "اعتباطية" بوجود 1500 صنف دوائي من النواقص فليس هناك كفاءة لإصدار قائمة فعلية للنواقص، حيث أوضحت منظمة الصحة العالمية أن النواقص تعني نقص المادة الفعالة وليس "الكريمات والشامبو والمكملات الغذائية".