«يا أبو الريش أطفالنا تعيش».. تلك هي الرسالة التي تقوم عليها مستشفى أبو الريش الياباني، ذلك الصرح الكبير الذي يخدم قرابة النصف مليون طفل سنويًا، ليصبح أكبر مستشفى أطفال في الشرق الأوسط، يستقبل الحالات من مصر ودول عربية مجاورة، ويكون طاقة النور الوحيدة التي تمد يد العون لهؤلاء الأطفال، «أهل مصر» حاورت الدكتورة رانيا حجازي، مدير المستشفى، والتي كشفت عن آلية العمل داخل المستشفى، والخدمات التي يقدمها لآلاف الأطفال المترددين عليه يوميًا. وإلى نص الحوار..
- ما عدد الأسرة التي يحتويها المستشفى؟
لدينا 450 سريرًا، 128 في الرعاية المركزة، يقدمون خدمة تضاهي كل المستشفيات الخاصة الموجودة في مصر، و9 غرف عمليات وعنايات مركزة في جميع التخصصات، كالباطنة والعظام والقلب والمخ والأعصاب والرمد والمسالك البولية، وافتتحنا مؤخرًا غرف العزل، وهي خدمة جديدة تقدمها أبو الريش، في جراحة القلب والصدر، كل هذا سيساعد في الانتهاء الجذري من قوائم الانتظار.
- ما أبرز الخدمات التي تقدمها المستشفى للمرضى؟
الخدمات تتمثل في العيادات الخارجية ويبلغ عددها 13 عيادة، تعمل بشكل يومي، وهي في تخصصات طب الأطفال المعقدة، مثل أمراض القلب والوراثة والكبد وجراحات التخصصات العالية كجراحات القلب والصدر والمخ والعظام، والمسالك البولية، ولذلك نحن مستشفى عالية التخصص.
لدينا أيضًا قسم أشعة قوي جدًا، به جهاز رنين مغناطيسي، بحوالي 26 مليون جنيه، هذا الجهاز عمل طفرة لدينا في التشخيص وعلى مراحل كثيرة من العلاج، يحتوي القسم أيضًا على الأشعة المقطعية، وخدمات متقدمة في المعامل والتحاليل.
المستشفى به أيضًا قسم طوارىء يعمل طوال الـ24 ساعة، و9 غرف عمليات، فنحن المكان الوحيد في مصر الذي يعمل به عمليات الطوارىء بشكل متواصل طوال الـ24 ساعة، أيضًا ننفرد بوحدة حضانات الأطفال المولودة بعيوب خلقية، وتحتاج إلى تدخل جراحي.
- ماعدد العمليات الجراحية التي تجريها المستشفى يوميًا؟
المستشفى تقوم بـ90 عملية جراحية يوميًا، و15 ألف عملية جراحية بالمجان سنويًا، و1500 قسطرة قلبية، نحن فخورين بتلك الأرقام الكبيرة في العمليات، والتي تميزنا عن غيرنا.
- كم عدد المرضى المترددين على المستشفى يوميًا؟
حوالي 2000 طفل يوميًا من جميع محافظات مصر، وليس سكان القاهرة فقط، ونخدم نصف مليون طفل سنويًا، وتمثل الفيوم وأسيوط ومحافظات الصعيد أكثر المترددين على المستشفى.
- ما آلية التعامل مع المرضى بالمستشفى؟
تبلغ سعر تذكرة الدخول للمرضى في العيادة الخارجية 5 جنيهات فقط، شاملة الكشف والتحاليل والعلاج، أما المريض في حالة الطوارىء فالتذكرة مجانًا 24 ساعة، شاملة التحاليل والأشعة والأدوية.
وفي حالة العمليات فيتم إنهاء الأوراق الخاصة بها من قبل التأمين الصحي، ما عدا عمليات الطوارىء فيتم التعامل معها في الحال.
- ما عدد قوائم الانتظار؟
قوائم الانتظار انخفضت بشكل كبير في بعض التخصصات، أهمها جراحة المخ والأعصاب وصلنا لصفر، فلم يعد لدينا أي قوائم انتظار فيها، أيضًا في طب العيون والرمد والقسطرة القلبية تم الانتهاء من قوائم الانتظار، ولكن ما زال لدينا مرضى في قوائم الانتظار في العظام يقدر عددهم بـ500 مريض لمدة 3 شهور مقبلة.
في المسالك البولية لدينا حوالي 200 مريض على قوائم الانتظار لشهر ونصف، والعدد الأكبر في قوائم الانتظار في تخصص القلب والصدر.. «مش أقل من 700 مريض»، ونواجه تلك المشكلة بتزويد القدرة على العمل بشكل مضاعف.
- كم تبلغ الميزانية التي تحتاجها المستشفى سنويًا؟
الدولة تقف معنا فهي التي تقوم بدفع جميع مرتبات العاملين، وتمدنا بميزانية تقدر بـ15 مليون جنيه سنويًا، نحن نحتاج ضعفين من تلك الميزانية، أي حوالي 45 مليون جنيه سنويًا.. «عشان نقدر نشتغل صح»، وحتى نستطيع أن نخدم الأعداد الغفيرة من الأطفال.
- كيف تساعد التبرعات في دعم المستشفى؟
إلى الآن احتياجات الأطفال متوفرة بفضل التبرعات، والمساعدات التي تأتي من جهات مختلفة، بداية من وزارة التعليم العالي، لرئيس جامعة القاهرة، للمجتمع المدني كله، وكل بنوك مصر تمدنا بالتبرعات والعديد من المؤسسات الخيرية، فهناك صحوة في المجتمع المدني وإحساسه بقيمة أبو الريش التي تخدم نصف مليون طفل سنويًا، وبالتالي التعاون بين المجتمع المدني وأبو الريش يظهر بوضوح على الأطفال.
هناك أيضًا تبرعات عينية، عن طريق التبرع بأجهزة ونحن في الفترة الحالية احتياجاتنا من الأجهزة انخفضت بشكل كبير، وهناك جهاز نقوم بتجميع ثمنه حاليًا يقدر بحوالي 2 مليون جنيه، لكن ما عدا ذلك لدينا اكتفاء ذاتي من الأجهزة.
- لماذا لا تلجأ المستشفى للإعلانات؟
ليس لدينا ميزانية للإعلانات «معندناش فلوس للأدوية عشان نعمل إعلانات»، نطلب أحيانًا من بعض الجهات التتبرع لنا بإعلان، وأحيانًا أخرى تقوم تلك الجهات بتصوير الإعلان داخل المستشفى.. «بعدها بنقعد نتحايل على القنوات لتذيع الإعلان، فحتى لو عندي الإعلان مببقاش لاقية الوسيلة اللي هذيعه عليها».
- كيف يتم التبرع للمستشفى؟
لدينا حسابات بنكية في CIB، ممكن أيضًا التبرع بشراء الأدوية التي تحتاجها المستشفى، أو بتوفير الأجهزة المطلوبة، والمستشفيات الحكومية عليها بعض العوائق التي تتمثل في توحيد رقم حساب التبرع في كل البنوك، لكن نأمل أن يتم تطبيقه في المستقبل.
- ماذا عن القسم الاقتصادي بالمستشفى؟
لدينا قسم اقتصادي يحتوي على 8 حضانات و14 سرير، الفرق بينه وبين العادي أن المريض يدفع أموال نظير الخدمة، فله ميزانية خاصة وليست كبيرة، وأحيانًا المريض عندما لا يجد له مكان في العادي، يطلب الانضمام في القسم الاقتصادي، والجدير بالذكر أن القسم الاقتصادي لا يقارن بالمبالغ الطائلة التي تدفع في المستشفيات الخاصة.
- ماذا عن المرضى الأجانب في المستشفى؟
لدينا اتفاقية بعلاج المرضى الأطفال من السودان واليمن وليبيا، ويعاملوا معاملة المصريين بنفس سعر العلاج الاقتصادي وليس مجانًا، وأعدادهم ليست كبيرة، ولكن موجودين في المستشفى.
- كيف أثر تعويم الجنيه على المستشفى؟
طبعا.. أثر بشكل كبير وذلك لأن مستهلكاتنا وأجهزة المستشفى كلها مستوردة، فلما حصل التعويم الأسعار تضاعفت، وكان هناك اتفاقيات مع شركات كثيرة أنها ستورد لنا حاجات بأسعار محددة، لأن إجراءات الحكومة مطولة، فبعد التعويم للشركات رفضت التوريد لنا، مما أحدث مشكلة كبيرة، وجعلنا نقوم بحملة كبيرة أعلنا فيها أن لدينا نواقص كثيرة في المستشفى.
- كيف يتم التعامل مع شكاوى الأهالي من المستشفى؟
لدينا رقم موحد لاستقبال الشكاوي، لدينا أيضًا قسم العلاقات العامة، وقسم للخدمة الاجتماعية، ونتعامل مع كل شكوى على حدة، ونحاول نطور من أنفسنا.. «عمرنا ما قلنا إننا معندناش مشاكل، عندنا بالفعل مشاكل تنجم عن الزحمة الرهيبة، وبنحاول نحل مشاكل المرضى ونوفر احتياجاتهم».
من ضمن المشاكل أيضًا تزاحم الأهالي ونومهم على الرصيف بالرغم من أننا وفرلنا لهم سكن بالاتفاق مع مصر الخير، بتوفير مواصلات وشقة لأهالي المرضى المقيمين بالمستشفى بالمجان، ومع ذلك الكثير من الأهالي يرفض ترك أبنائهم، ويجلسون داخل المستشفى وعلى الأسوار من الخارج.
- ما الذي تحتاجه المستشفى في الفترة الحالية؟
وصلنا ولله الحمد إلى مكانة جيدة، تخطينا المشاكل التي عانينا منها من عامين.. «كنا بنشحت عشان نوفر سرنجة»، ولكن كل خوفي من أننا لا يوجد لدينا طريقة لضمان استمرارية الدعم المقدم حاليًا.. «إحنا وصلنا المرحلة دي لأن الناس افتكرتنا وعارفانا وواثقة في أبو الريش، بأنها لما تتبرع لينا هتوصل للمريض الفقير والغلبان، أكبر خوف وقلق ليا هو إن الناس هتنسانا بعد شوية، لأننا معندناش طريقة نوصلهم بيها لعدم وجود إعلانات، لو الناس نسيتنا هنرجع لنقطة الصفر من جديد».
الوقت الحالي لا يوجد لدينا احتياجات ملحة رهيبة.. «لكن لو الناس والمتبرعين بعدوا عننا ونسيونا هنرجع نشحت عشان السرنجة تاني».
- هل تؤخذ ضمانات من الأهالي في الحالات الخطرة؟
طبعا.. لدينا موضوع الإقرار الطبي أساسي قبل أي عملية جراحة أو قسطرة، أو أي إجراء تداخلي، فمن حق المريض أن يعرف نسبة نجاح العملية وأنه قد يكون معرض لأشياء أثناء العملية، فالإقرار يحفظ حق المريض والمستشفى، حتى لا يأتي المريض بعد ذلك ويقول إنه لم يكن يعلم أن هذا الإجراء خطيرًا.
- عدد حالات الوفاة بالمستشفى؟
كل يوم هناك حالة وفاة أو ثلاث بالمستشفى، وأحيانًا لا تحدث وفاة، على حسب الحالات، ونحن معروفين بأننا نأخذ أصعب الحالات، يعني لو لدينا حرية الاختيار بين الحالات السهلة والصعبة فنحن نختار الحالات الصعبة.. «لأن محدش غيري هيقبلها» وبالتالي نسبة الوفيات موجودة، وتكون نتيجة أن الحالة كانت خطيرة ولديها مرض خطير، أو جاءت إلى المستشفى في حالة متأخرة، فنحن نعالج أمراض القلب والمخ والأعصاب التي يرفضها غيرنا، فنحن نستقبل أسوأ الحالات وأصعبها، ولا يوجد لدينا شبهة الخطأ الطبي في الوفاة.
- هل يوجد شكاوى من الأطباء والعاملين؟
طبعًا.. فهم يعملون في ظروف ليست مثالية، وعدد الأطباء يفوق عدد الغرف المخصصة لهم، مما يضطرهم إلى الاشتراك في أماكن للسكن، أيضًا لا يوجد لدينا مطعم جيد بالمستشفى، والمرتبات أيضًا ضئيلة، ولكن في المقابل هم يتعلمون من كبار الأساتذة الموجودين بالمستشفى، ولذلك فهم متقبلين العمل داخل المستشفى لأنهم سيسجلون في «السي في» الخاص بهم أنهم عملوا بمستشفى أبو الريش.
نقلا عن العدد الورقي.