كتب: شيماء السمسار ـ مورة زنون ـ رشا الجمال ـ أسماء ناصر ـ أحمد فتحي ـ أيمن الجرادي
فى جو تسوده المحبة، ويغرِّد القمر على أغصانه يعيش المسلمون جنبًا إلى جنب فى المنازل والأراضى الزراعية، فمساجدهم تعانق كنائسهم، والأجراس تصدح مع الأذان، باعثة الطمأنينة فى نفوس الجميع، وكانت الوحدة الوطنية حائط الصد الأول لمصر فى وجه الكثير من مؤامرات الشر، ومحاولات اختراق البلاد عبر البوابة القبطية، لكن وطنية المسيحيين هزمت كل تلك المؤامرات، وذهبت «الوحدة المصرية» لأبعد من ذلك، فظهرت مشاهد التلاحم والتعاطف بين الأقباط والمسلمين، ووصلت لحد قيام كل طرف بالتبرع لبناء دور عبادة للآخر فى أبهى صور التسامح الديني، فضلا عن مشاركة المسلمين فى احتفالات الأقباط بأعيادهم واحتفاء الأقباط بالمناسبات الدينية للمسلمين.. وترصد «أهل مصر» فى سطور هذا الملف بعضًا من نماذج التلاحم بين المسلمين والأقباط.
بنى سويف.. المسلمون يشيِّدون كنيسة.. والأقباط يبنون مساجد: «عاش الهلال مع الصليب»
تعتبر علاقة المسلمين والمسيحيين بمحافظة بنى سويف نموذجًا يؤكد عمق العلاقة المتينة بين عنصرى الأمة، ومدى التسامح الدينى بينهما، والمواقف بينهما تاريخية، بداية من «عوض عريان»، الذى شيد مسجدًا للمسلمين بـ«حى مقبل»، مرورًا بمشاركة المسلمين للمسيحيين فى بناء كنيسة بمركز الفشن، وصولًا إلى مشاركة الكنيسة الأرثوذكسية بقرية «بنى بخيت»، التابعة لمركز بنى سويف، فى إعادة بناء «إحلال وتجديد» المسجد الكبير بالقرية.
ووقف القمص يعقوب لبيب، راعى الكنيسة الأرثوذكسية، كتفًا بكتف مع الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، والمهندس شريف حبيب، محافظ بنى سويف، خلال افتتاح المسجد، مؤكدًا لكافة وسائل الإعلام أن علاقة الأقباط والمسلمين بالقرية علاقة أخوية تسودها المحبة والتقدير والاحترام.
وقال القمص يعقوب إنه أصر على مشاركة وزير الأوقاف والمحافظ فى افتتاح المسجد الكبير بالقرية، بصحبة العديد من الأقباط الذين علقوا لافتات الترحيب بفضيلة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف.
وأضاف راعى كنيسة القرية «عرضنا على الإخوة المسلمين المشاركة فى بناء المسجد، إلا أن المتبرع رفض مشاركة أى شخص، سواء مسلم أو قبطى، فى التبرع بالأموال لبناء المسجد»، مؤكدًا أن المسجد الذى تم إعادة بنائه وافتتاحه بُنِىَ منذ سنوات عديدة، فى وقت كان عمدة القرية أحد الأقباط، وشارك وقتها فى عملية البناء، مشيرًا إلى أن المسلمين عرضوا عليهم كثيرًا المشاركة فى إعادة ترميم كنيسة القرية.
وأكد أن علاقة المسلمين والأقباط فى القرية تعتمد على روح الفريق الواحد، فالكل شارك فى بناء المدرسة الإعدادية، كما أن الكنيسة أرسلت «أسمنت»؛ للمشاركة فى بناء مصلى داخل المدرسة ذاتها.
وروى راعى الكنيسة مواقف عدة تربطه بمسلمى القرية، منها تسابق المسلمين فى دفع الأجرة له داخل وسائل المواصلات التى تربط القرية بمدينة بنى سويف، وهو يفعل مثلهم ذلك، مؤكدًا غلبة المحبة والتآخى فى تجاوز إحدى المشاجرات التى شهدتها القرية منذ عام، وكان لكبار رجال العائلات من المسلمين والأقباط دور كبير فى تجاوز تلك المحنة، مضيفًا أنه فى العيدين الفطر والأضحى يقوم بالمرور على منازل الإخوة المسلمين؛ لتقديم التهنئة بالعيد وتناول الكعك والبسكويت، ويبادلون الأهالى ذلك بالقدوم للكنيسة فى أعياد القيامة؛ لمشاركة الأقباط الاحتفال بالأعياد.
وأردف القمص يعقوب «لقد تتلمذت على يد مدرسين مسلمين داخل مدارس مدينة الفشن مسقط رأسى، أمثال الأستاذ عبد الهادى مدرس الدراسات الاجتماعية، الذى قابلته منذ فترة قليلة، وأخذنى بالأحضان، وجلسنا نتذكر أيام الدراسة»، متابعا: «كنت فى الشهادة الإعدادية أذاكر فى منزل صديقى أحمد حتى صلاة الفجر؛ ليذهب أحمد وأصدقاؤه المسلمون لأداء صلاة الفجر، وأذهب أنا لشراء الخبز لهم؛ لنواصل بعده المذاكرة».
وأكد راعى الكنيسة أن علاقات المسلمين والأقباط من أهالى القرية نجحت فى إدخال مشروع الصرف الصحى للقرية ورصف الطرق والمشاركة فى تقديم المساعدات للأقباط والمسلمين.
المنوفية.. دماء الأقباط تسير داخل أجسام المسلمين: «دمنا واحد»
«المسجد كالكنيسة دار لعبادة الرب».. هكذا بدأ الأنبا «بينامين» مطران المنوفية حديثه، مؤكدًا أنه تبرع بمبلغ ٢٥ ألف جنيه لبناء مسجد «سيدى محمد عبد الرحيم» بمركز الشهداء؛ لأنه لم يجد المساجد الكافية بالمركز؛ لاتساع المسلمين أثناء صلاتهم، وأيضًا لتعزيز الوحدة فيما بينهم، وتأكيدًا للعالم أجمع بأن الدين لله فقط، و«نساهم فى الحفاظ على بعضنا بعضًا من خلاله»، مضيفًا أنه يرى أن المسجد مكان للصلاة للرب، والكنيسة تقوم بذات الأمر.
لم يتوقف العطاء فى دور العبادة عند هذا الأمر، بل قام أهالى مدينة الشهداء المسلمون بالتبرع لإقامة كنيسة داخل المدينة، ووضع حجر الأساس لها؛ وذلك للتأكيد على تواجد الوحدة الوطنية بين الجميع، ولإظهار للعالم أجمع أنه لن ينجح أحد فى التفرقة بين المسلمين والمسيحيين داخل مصر على الإطلاق.
ولم ينحصر العطاء فى ذلك، بل أقام نشأت جورج، طبيب صيدلى، احتفالية للمولد النبوى الشريف هذا العام داخل كنيسة مركز أشمون، مؤكدًا «رأيت أنه باستطاعتنا عمل احتفالية داخل الكنيسة؛ وذلك للتأكيد على الوحدة الوطنية، فالوطن لنا جميعًا».
وروى جورج أحد المواقف التى مر بها، والتى تؤكد مدى قوة الترابط والألفة بين المسلمين والمسيحيين، حيث قال إنه يعمل طبيبًا صيدلانيًّا، وأثناء عمله مع زميلته، وتدعى «آية»، فوجئ بتلقِّى زميلته اتصالاً هاتفيًّا بأن والدتها تخضع لعملية قلب مفتوح، وأنها تحتاج إلى «نقل دم»، وعندما علم أن فصيلة دم والدتها تطابق فصيلة دمه، توجه مسرعًا إلى المستشفى، وتبرع بالدم لها، مؤكدًا «وها أنا دمائى تسير بداخلها»، مضيفًا أن هذا الموقف أكبر دلالة على أن المسلم والمسيحى واحد، ولا يوجد اختلاف سوى فى الدين الذى هو خاص بين العبد وربه.
وفى هذا السياق قام أهالى قرية «طليا» التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية من المسلمين بتطهير مقابر الأقباط؛ وذلك للتأكيد على الوحدة الوطنية.
فى البحيرة.. جزار يخفض أسعار اللحوم احتفالا بأعياد الأقباط: «اللى يقدر على حاجة يعملها»
وفى لفتة وطنية تظهر مدى قوة الألفة بين نسيجى الأمة، قام أحد الجزارين بمدينة دمنهور، وتحديدًا على ناصية دوران شبرا، بتزيين اللحوم بزينة عيد الميلاد، ووضع شجرة الكريسماس داخل المحل، وخفض أسعار اللحوم الحمراء للإخوة الأقباط خلال أيام أعياد الميلاد.
وقال جابر سويسة، أو «جزار الوطنية» كما يطلق عليه أهالى المنطقة، إنه قام بتزيين المحل وتخفيض أسعار اللحوم الحمراء للإخوة الأقباط؛ لمشاركتهم فرحة العيد وإدخال البهجة والسرور على الزبائن، مضيفًا «إحنا مش بيبقى عندنا عيد كل يوم، والمفروض إن اللى يقدر على حاجة يعملها علشان نفرَّح بعض».
وأكد سويسة أهمية التعاون والمشاركة بين المسلمين والمسيحيين فى كافة المناسبات الدينية والوطنية؛ للحفاظ على الوطن من الفتنة الطائفية، وأيضًا الحفاظ على العادات والتقاليد المصرية التى كانت ولا تزال تميز المواطن المصرى عن باقى المواطنين فى دول العالم، مضيفا «مش هيقدروا يزرعوا بينَّا الفتنة الطائفية فى مصر طول ما طبق الكحك بيروح للست ماريا فى العيد، والعم جرجس بيفطر مع الحاج محمد على القهوة كل فجرية».
وناشد كل مواطن مصرى أصيل أن يتمسك بالعادات والتقاليد المصرية والمشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وتربية الأجيال القادمة على نشر الحب والاحترام بين جميع المصريين، مشدِّدًا على أنه لا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي، قائلاً «الدين لله والوطن للجميع. حافظوا على الوطن؛ لأنه لو ضاع مش هيتعوض».
فى الفيوم.. «فرش» و«ميكروفونات» المساجد بأموال قبطية: «كلها بيوت ربنا»
ومن المواقف التى تجسد تلك الملحمة الوطنية فى محافظة الفيوم توفير عضو مجلس النواب القبطى اللواء أشرف عزيز، 450 متر فرش سجاد من وزارة الأوقاف لمسجد «عمر بن الخطاب» بناحية فواز بقرية الغرق مركز أطسا؛ تيسيرًا على المصلين، ولتوفير سبل الراحة لهم أثناء التواجد والصلاة فى بيوت الرحمن.
وعلاوة على ذلك حصل عضو مجلس النواب القبطى على موافقة وزير الآثار، بعد عناء شديد ومحاولات كبيرة تكللت بالنجاح، كان آخرها طلب إحاطة فى مجلس النواب؛ لترميم مسجد قايتباى الأثرى بمعرفة الوحدة الإنتاجية بإدارة المشروعات فى وزارة الآثار المصرية، التى تتولى أعمال التقويم والترميم والبناء بنفسها؛ نظرا لطرح الأمر لـ 3 مناقصات، وعدم تقدُّم أحد، فجاءت الخطوة العملية بمساعدة النائب أشرف عزيز، وتدخلت الوحدة الإنتاجية بمقايسة للبدء فى أعمال الترميم خلال الفترة المقبلة؛ ليعود المسجد ويفتح أبوابه مرة أخرى أمام المصلين، بعد أن أغلقها منذ سنوات كثيرة.
وأوضح النائب أن اهتمامه بالمسجد لكونه نائبًا لكل فئات وطوائف الشعب، وتجسيد لروح الوحدة الوطنية الجميلة بين نسيج الوطن الواحد «مصر».
كما تبرع أحد المواطنين الأقباط، ويدعى محروس نجيب، صاحب محل أجهزة كهربائية، بمكبر صوت «ميكروفون» لمسجد بقرية «عتامنة المزارعة» فى مركز أطسا بمحافظة الفيوم، بعد أن تعطل المكبر الخاص بالمسجد، ولم يجدوا ميزانية لشراء ميكروفون آخر جديد أو إصلاح القديم الذى انتهى عمره الافتراضى، فأصبح من الصعب رفع الأذان فى كل صلاة دون مكبر الصوت.
وفوجئ الأهالى صباح اليوم التالى بـ«عم محروس نجيب» قادمًا ومعه الميكروفون هدية منه للمسجد، ورفض كل المحاولات لتقسيط مبلغ المكبر الجديد، وأكد أنه على نفقته الخاصة لبيت من بيوت الله.
ومن المظاهر أيضًا التى توضح مدى الترابط بين المسلمين والأقباط بالفيوم قيام أحد الأسر القبطية، والتى تسكن فى «حى الفوال»، بتخصيص مكان لصناعة فوانيس شهر رمضان المبارك، وكانت بدايته منذ أكثر من 7 سنوات، وبالتحديد فى شهر رمضان عام 2011، ومن وقتها وحتى الآن وهم احترفوا هذه الصنعة، التى رأوا فيها مظهرًا من مظاهر الحب المتبادل بين المسلمين والمسيحيين، واشتُهِروا بذلك داخل وخارج الفيوم، وعرف بهم تجار من محافظات أخرى وقريبة، فتعاقدوا معهم لشراء كميات؛ لجلب الفرحة على أطفال المسلمين فى الشهر الفضيل، خاصة لحرفيتهم وإتقانهم، وتصميماتهم المميزة التى عُرفوا بها دون الآخرين، فذاع صيتهم بين أقرانهم، بل وتخطوا، إلى أن أصبحوا الأكثر شهرة.
أيمن إيميل، أحد أفراد الأسرة القبطية، قال إنهم يحرصون على مواكبة تصميماتهم للعصر والحداثة، خاصة فى «الفوانيس»، حيث يستغلون جهاز الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعى وشبكة الإنترنت فى الاطلاع على كل جديد، ويقومون بتقليده وصناعة الأكثر إبداعًا وجمالاً، وبأنواع وفورمات مختلفة، بتقنية متميزة وأسعار فى متناول الجميع، فأصبح الطلب عليهم أكثر.
وهذا التربوى والمعلم بالتربية والتعليم سامى حنا، موجه اللغة الإنجليزية، المواطن القبطى الأصيل الذى يتبرع بوقته وجهده فى شهر رمضان من كل عام؛ ليتطوع بتجهيز وتهيئة إحدى الخيم الرمضانية، مائدة الرحمن، التى توفر قرابة 300 وجبة إفطار صائم يوميًّا بمدينة الفيوم، بمعرفة جمعية صلاح الدين الأيوبى، حيث يشارك فى تقديم الوجبات والعصائر السائلة والمياه والتمر واللحوم وكافة احتياجات الصائم من أكل؛ تعويضًا عن يوم شاق للشباب والرجال فى المكان الخاص بهم، وللسيدات فى المنطقة التى حددوها لهن؛ منعًا للزحام ولراحة الصائم.
«فرحنا وحزننا واحد».. شاب محلاوى: «أردت أن أكون سفيرًا للإسلام.. واتهمنى البعض بتغيير دينى»
شاب محلاوى أصيل، رغم أنه مسلم محافظ على صلواته وعاداته، إلا أنه أخ لمسيحيى منطقته، يشاركهم أفراحهم وأعيادهم وأحزانهم، وهم أيضًا يبادلونه ذلك الشعور،حيث يدعونه للإفطار فى شهر رمضان المبارك، ويشاركون فى عزاء والدته داخل المسجد، وهو يحتفل معهم داخل الكنيسة.
الشاب محمد النمورى يقول إنه عانى كثيرًا من سوء فهم الكثيرين، بل واتهموه بتغيير دينه الإسلام، على الرغم من أنه مسلم موحد بالله وكتبه ورسله، وهو الأمر الذى غاب عن البعض، مضيفًا أنه ببساطة شديدة يبرهن بأفعاله على سماحة الدين الإسلامى، ومؤمن بوجود النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ومنفذ لكلام الله بأن القرآن سبقه الإنجيل والتوراة والزبور، وأنه يعيش على الفطرة.
وأضاف النموري «أنا ماشى بمبدأ أحِبُّوا أعداءكم، وأفشوا السلام بينكم، وهو مزيج بين وصايا الرسولين، حيث إن أحِبُّوا أعداءكم من وصايا المسيح عليه السلام، وأفشوا السلام بينكم من وصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأنا من منطقه أبو الحسن، وهى من أكثر المناطق الشعبية المشهورة بوجود الإخوة الأقباط، فعلمتنى والدتى أن جيراننا هم أخوة أيًّا كانت اتجاهاتهم السياسية أو الدينية، فنحن إخوة فى الإنسانية، لذلك عندما توفيت رحمها الله، حضر وفد من كنيسة الشهيد مارجرجس المجاورة للمنزل، برئاسة القمص داود رامزى، وقدموا واجب العزاء، وهو الموقف الذى أثر فىَّ كثيرًا، فذلك الرجل خير مثال على الإنسانية والمحبة، كما حضر كتب كتاب أخى بمسجد أبو الحسن، ولم يترك أى مناسبة للمسلمين إلا وزار المساجد المجاورة، وأولها مسجد أبو الفضل بالمنطقة، وقدم الهدايا، حتى إنه فى إحدى المرات اشترى صك أضحية من ماله الخاص لفقراء المسلمين، فقلت فى نفسى: لِمَ لا أكون إنسانًا سفيرًا لدينى بالود والمحبة؟ ومن هنا بدأت علاقتى بكافة الإخوة الأقباط، فوجدت مِن قِبَلهم مودة وإنسانية».
وتابع أن الكنيسة وجهت إليه الدعوة أكثر من مرة لحضور قداسات الأعياد، وأنه يشاركهم أحزانهم وأفراحهم، حتى إنه قبل ذلك حضر قداس عزاء وجنازة «البابا شنودة»، وودعه الوداع الأخير، وعندما افتتح مشروعه الخاص، أرسل له القمص «يسطس لبيب»، كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم ووكيل الكلية الإكليريكية، برقية تهنئة، وأرسل «الأنبا كاراس» رئيس إيباراشية المحلة وسمنود بوكيه وردًا، مضيفًا «كل تلك المواقف سأرويها لأولادى وأحفادى؛ لنشر السلام وغرس روح التسامح».
سوهاج ترفع شعار«الدين لله».. «رومانى» يشارك المسلمين أعيادهم ويحرسهم أثناء صلاتهم: «بيوتنا واحدة»
فى سوهاج هناك العديد من المواقف التى تظهر مدى ترابط المسلمين والمسيحين وتعاونهم كنسيج واحد، ومن بين تلك المواقف ما قام به المواطن القبطى المسن «وديد خلف شنودة»، البالغ من العمر 50 عامًا، من أبناء نجع الشيخ حمد فى سوهاج، حينما شاهد أبناء قريته يهدمون المسجد على نفقتهم الخاصة والتبرع بالمال والطوب والأسمنت والحديد وغيرها؛ لإعادة بنائه، ولأن ظروفه لا تسمح بأن يتبرع بالمال، لم يقف مكتوف اليدين، وقرر المشاركة مع إخوته من شباب النجع المسلمين فى أعمال بناء المسجد جنبًا إلى جنب، يحمل الطوب والأسمنت لأيام طويلة، حتى فرغوا من بناء المسجد؛ ليبعث بذلك رسالة قوية لأعداء مصر فى الداخل والخارج أن المصريين - مسلمين ومسيحيين - من الصعب اختراقهم وإضعاف وحدتهم، التى روتها مياه النيل، وأرضعتها الأرض المصرية الأصيلة.
وفى نفس السياق يقول مينا حسنى، شاب قبطى فى العقد الرابع من عمره، إنه يواظب على مشاركة الإخوة المسلمين فى أفراحهم وأحزانهم، ولا يمكن أن يفوته حضور صلاة عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى برفقتهم، حيث ينتظر بجوارهم حارسًا لهم أثناء صلاة العيد فى الاستاد الرياضى، ويقوم بتهنئتهم، ويخرج معهم لزيارة الآخرين من المسلمين، مضيفًا أنه فى كل المناسبات يقوم وزوجته وأبناؤه بزيارة المسلمين وتقديم الواجب، سواء كان فرحًا أو حزنًا، ويخرجون سويًّا بصحبة أسرهم إلى المتنزهات والحدائق العامة لتناول الوجبات والتنزه فى المناطق الأثرية، متابعًا أنه إذا حدث مكروه عند أحد من أصدقائه، مثل حالة وفاة، يقوم بالإعلان عنها على صفحات «الفيسبوك»؛ ليلفت نظر الغير لتقديم واجب العزاء له.
أما رومانى نصر، قبطى فى العقد الثالث من عمره، ويقطن بقرية شطورة فى طهطا، ويعمل بهيئة إسعاف سوهاج، فيقول إنه يعيش فى بيوت المسلمين منذ صغره، يأكل ويشرب ويلهو معهم، حتى أبناؤه بعد زواجه يعيشون فى بيوت المسلمين أكثر من بيته، مضيفًا أن له صديقًا مسلمًا يدعى السيد على عبد الكريم يلازمه الليل والنهار، ويجلسان سويًّا معظم الوقت، ويكوِّنان فريق عمل تمثيليًّا على موقع «اليوتيوب»، ويظل فى منزلهم ساعات طويلة، وقد يبيت كل منهم عند الآخر، مشيرًا إلى أن والد صديقه هذا تُوفِّىَ منذ أيام قليلة، وكان هو أول من وقف فى العزاء طَوالَ الـ 3 أيام، يستقبل الناس، ويودعهم عند الخروج من العزاء، بالإضافة إلى أنه يقدِّم الأكل والشرب لمشايخ القرآن بمقر العزاء.
نقلا عن العدد الورقي.