مشكلة قديمة ظهرت في فيلم «حياة أو موت» ولعل جملة «الدواء فيه سم قاتل» تحضر في أذهان الجميع عند التحدث عن مشكلة صرف الأدوية بالروشتة خاصة إذا كانت مكتوبة بخط اليد ويشوبها الغموض وعدم الوضوح والتي تؤثر سلبًا وتودي بحياة الكثير من المرضى، إذا خجل الصيدلي من الإفصاح بعدم قدرته على القراءة أو مراجعة الطبيب مرة أخرى خاصة في حالة التركيبات والدواء الوصفي الذي يعتمد على تحديد جرعات معينة لا يمكن أن تزيد بواحد ملي لخطورتها على جسم الإنسان.
ومن هنا جاءت أهمية مناداة الصيادلة بتطبيق الروشتة الإلكترونية للحفاظ على حياة المرضى كدليل على تطوير آليات تقديم الخدمات للمواطنين ومن ناحية أخرى بالمساواة مع دول عربية وآخرها العراق التي بدأت إطلاق تحذيرات بمنع صرف الأدوية الموجودة بروشتات طبية مكتوبة بخط اليد وتطبيق نظام الروشتة الإلكترونية.
في البداية، أوضحت الدكتورة أماني قريطم، صيدلانية حرة وباحثة في علم الكيمياء الحيوي، أنهم كصيادلة طالبوا عدة مرات بتطبيق الروشتة الإلكترونية أو على الأقل وجود طابعة في العيادات لدى الأطباء كما هو موجود في الصيدليات لطبع بيانات أسعار الأدوية، كما أنها ليس مسألة صعبة التحقيق، فممكن عمل «إسطمبات» معينة من الروشتات لوجود حالات تتشابه ولا يكلفه سوى طبع الورقة وإعطائها للمريض، مشيرة إلى وجود طبيب يُدعي محمد سرحان في محافظة البحيرة كان يعمل بالآلة الطابعة في كتابة الأصناف الدوائية والجرعات بخط اليد حسب الفئة العمرية قائلة: «هو الشخص الوحيد الذي شوفته طول حياتي بيعمل كدة».
وأشارت «قريطم» إلى أن فكرة تطبيق الروشتة الإلكترونية مهمة لأنها تمنع أي خطأ يمكن أن يحدث في اسم دواء معين يقرأه الصيدلي عن طريق الخطأ لوجود أصناف دوائية كثيرة ذات الأسماء المتشابهة والتي تختلف في حرف أو حرفين ويمكنها قلب الموازين، فيمكن أن يسجل الطبيب المعالج دواء للحساسية ويتم إعطاء المريض علاج للكبد وهي كارثة تؤثر على صحة المرضى، لأن الطبيب يكتب الروشتة في عجالة من أمره نظرًا لتعرضه لضغوط العمل.
وكشفت عن مشكلة خطيرة تؤثر سلبًا على صحة المرضى وتبرر أهمية اللجوء لتطبيق الروشتات الإلكترونية بوجود بعض الصيادلة أو المساعدين تخجل من الاتصال بالطبيب عندما تعاني من عدم القدرة على قراءة الروشتة الطبية، مؤكدة أنها تعرضت لمواقف كثيرة مشابهة في البداية والنزول إلى تدريب على قراءة الروشتة وكيفية التعامل مع المريض، فإذا كان الصيدلي الموجود في الصيدلية أمين عندما يجد خطأ ما في أحد الأدوية أو تعارض بينها أو لم يستطع قراءة خط الطبيب جيدًا يتصل به فورًا ليسأله، ولكنه شيء غير عملي ولا يفيد لأن الطبيب يعاني من وجود ضغط في العيادة «مش هيبقى بيكشف على عيان ويفتكر اللي قبله»، فالأفضل الروشتة الإلكترونية، كما أن الجرعات في التركيبات تكون محسوبة لأن تقليل وصفة وزيادة أخرى يسبب مشكلة كبيرة وإذا لم نكن كصيادلة متأكدين من اسم الوصفة أو الجرعات نقلل الكمية حفاظًا على صحة المرضى، فمثلاً اختلاف «موليكولار ويت» بين «ثيوفيللين» و«أمينو فيللين» وهي تركيبات خاصة بالشعب الهوائية والصدر فيمكن أن يؤثر على التركيبة وفعاليتها.
وعلق الدكتور محمد عبد الحميد، عضو مجلس نقابة الأطباء، أنه شيء عظيم أن يتم تطبيق الروشتة الإلكترونية ولكن ليس كل الأطباء في المحافظات والقرى لديهم أجهزة كمبيوتر أو طابعة وبالتالي فهي غير مهمة، فالصيادلة يعرفون الأدوية جيدًا عند كتابة أول حرف من الدواء وليست ظاهرة، وإذا كان هناك خطأ فهو قليل الحدوث، مشيرًا إلى أن هناك عدد كبير من الأطباء يملكون خط سيئ للغاية وهو واحد منهم ولكن الصيادلة يعرفونه، ولكن الأخطاء بسيطة لأن من الطبيعي أن الروشتة الطبية معروف مصدرها وتخصص الطبيب سواء كان جراح أو نسا وتوليد وهكذا، وبالتالي لا يمكن أن يعطي الصيدلي لمريض المسالك البولية أدوية مخ وأعصاب، ولكن الكارثة الحقيقية هي من يجلسون في الصيدليات ليسوا صيادلة ولا يفقهون شيئًا في الأدوية، لأن الصيدلي في حالة وجود خطأ أو مشكلة يعود للاتصال بالطبيب للتأكد منه.
وأوضح الدكتور سمير علي توني، عضو مجلس الأطباء، أن الأساس هو التشخيص الصحيح وكتابة العلاج المناسب سواء كان من خلال روشتة بخط اليد سواء بالقلم الجاف أو الرصاص أو عن طريق روشتة إلكترونية فهي ليست ذات قيمة، فهي شكليات لا تؤثر كثيرًا على التشخيص أو العلاج، مؤكدًا أن كتابة الروشتة بشكل إلكتروني هو إجباري الحدوث مع تطور المنظومة ولكن هو ليس الركن الأساسي.