"أردوغان" يتغير ربما تتغير الأحوال وتتبدل الظروف ولكنها لعبة السياسة بكل ما تحمل فما بين عشية وضحاها قرر الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان أن يقضي علي القطيعة التي بينه وبين روسيا ومصر وإسرائيل في بادرة هي الأولي من نوعها ففي ظل التطورات السريعة لفت أنظار صناع السياسة في العالم ما قام به الرئيس التركي.
وفي هذا الاطار كتب أونور آنت، محرر شؤون اقتصادية في موقع "بلومبيرج" عن ورود أخبار المصالحة بين موسكو وأنقرة بعد ساعات قليلة من اتفاق بين تركيا وإسرائيل لترميم علاقات تأثرت بشدة بعد الهجوم على سفينة "مافي مرمرة" عام 2010 ما أدى إلى مقتل تسعة أتراك.
وأوضح آنت، أن الخلافات التي تحاول تركيا إنهاءها متشابكة ومعقدة، فقد تكثفت المحادثات مع إسرائيل الغنية بالغاز بعد إسقاط تركيا المقاتلة الروسية، وسعي أنقرة إلى وقف اعتمادها على النفط الروسي، وفضلًا عن المكاسب الاقتصادية الموعودة، قد يعزز التقارب الثنائي مكانة الحكومة التركي التي تهمش دورها بشكل متزايد وسط محاولاتها لإنهاء صراعات إقليمية، خاصة في سوريا، حيث لموسكو اليوم اليد الطولى، وهي اللاعب الدولي المهيمن هناك.
ويلفت آنت إلى تصريحات وزير الخارجية التركي، بن علي يلدريم، لتلفزيون تي آر تي التركي، وحيث قال" نتخذ اليوم خطوات لإنهاء الأزمة، وسوف يتبعها تعاون اقتصادي، سنتظاهر بأن ما جرى خلال الأشهر الست الأخيرة لم يحدث، وسوف تستأنف روسيا وتركيا عمليات التبادل التجاري والتعاون السياحي".
ويشير آنت أيضًا لمكاسب فورية لأسهم شركات تركية، كالخطوط الجوية التركية، الناقل الرئيسي الرسمي، والتي ارتفعت فجأة بنسبة ٣،٩٪، على أمل التعويض عن خسائرها في العام الماضي الناجمة عن فرض موسكو عقوبات سياحية وتجارية على أنقرة. كما أدى وقوع هجمات إرهابية نفذها داعش ومنظمات إرهابية كردية، في استطنبول وأنقرة، ومناطق تركية أخرى، لتراجع قيمة الليرة التركية، والحركة السياحية، والتي تشكل عماد الاقتصاد التركي.
وفي الوقت الذي أعادت فيه أنقرة تطبيع العلاقات مع تل أبيب، فجر الرئيس التركي أردوغان، مفاجأة من العيار الثقيل، بتقدمه باعتذار رسمي إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عن إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية لاختراقها المجال الجوي التركي في نوفمبر الماضي.
وفي بيان للمتحدث باسم الرئاسة التركية، بعث أردوغان برسالة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أعرب فيه عن حزنه العميق حيال حادثة إسقاط المقاتلة الروسية، وقال له: “أتقاسم أوجاع ذوي الطيار الذي قُتل في الحادثة، وأتقدّم بالتعازي لهم، وأقول لهم: لا تؤاخذونا”.
وبعد إسقاط الطائرة الروسية قرب الحدود السورية التركية تدهورت العلاقات بين الجانبين، وفرضت روسيا قيودًا تجارية على أنقرة، وقال بوتين إن القيود لن تلغى إلى أن يعتذر أردوغان عن الحادث.
من جهتهم، مراقبون أرجعوا سياسة الارتداد التركية إلى أن حكومة رئيس الوزراء التركي الجديد، بن علي يلدريم، ترغب في فتح صفحة جديدة مع دول الجوار كافة، بما فيها مصر.
وأكد المحلل السياسي التركي، محمد زاهد غول، المقرب من الحكومة التركية أنه "مع وصول بن علي يلدريم لرئاسة الوزراء بدأ بانتهاج سياسة أكثر واقعية مع ملفات المنطقة، لا سيما سوريا ومصر وإسرائيل".
ويبدو أن مصر لن تكون بعيدة عن الأجواء، فتركيا دخلت عهد المصالحة وعودة العلاقات مع الدول العربية والإقليمية، لا سيما بعد التطبيع مع إسرائيل، الذي أنهى ست سنوات من القطيعة بينهما.
وتشير بعض التقارير إلى الاتجاه التركي نحو إعادة العلاقات مع مصر أيضًا، فربما تنهي هذه المؤشرات عهد التحدي الذي مارسه الرئيس التركي خلال السنوات الأخيرة ضد الانقلاب العسكري في مصر.
وقالت العديد من وسائل إعلام الاحتلال الصهيوني إن اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل مقدمة لاتفاق مصالحة آخر بين مصر وتركيا.
وذكرت القناة الثانية في التليفزيون الصهيوني أنه في ظل اتفاق المصالحة الذي أبرمته كل من أنقرة وتل أبيب، فإن السعودية تحاول قيادة عملية أكثر شمولًا، تبدأ باتفاق مصالحة مماثل بين مصر وتركيا، اللتين تشهد العلاقات بينهما توترًا كبيرًا.
وتابعت القناة في تقريرها، أن التقديرات تشير إلى أن مصالحة إسرائيلية– تركية، ومصالحة تركية– مصرية سوف تشكل كتلة من 4 دول قوية بالمنطقة يمكنها التعاون سويًّا حتى إن لم يكن بشكل رسمي، كحلف ضد إيران في محاولة لوقف نفوذها في المنطقة.