قال المخرج الأردني حكيم حرب إن عرضه " جنونستان" يتحدث عن دولة افتراضية خيالية، لاتمت بصلة للواقع، تمتلئ بالفساد والديكتاتورية، ونقدمها من خلال الكوميديا السوداء، ونحب أن نقول من خلالها إن التخلص من الفاسد أو الديكتاتور لا يكون بالقضاء عليهما، لأنهما يمتدان ويتناسلان في الواقع، إنما يتم القضاء على الديكتاتورية وكل مظاهر الفساد بتغيير ثقافتنا، بمحاربة الديكتاتوروالفاسد الموجود داخل كل واحد فينا.
وأضاف "حرب" في المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر اليوم الأحد 13 يناير ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة من دورات المهرجان العربي ، أنه تأثر عند كتابته لنصه " جنونستان " بنص كاليوجولا لألبير كامي، و يوليوس قيصر لوليم شيكسبير، غير أنه حول هاتين المآساتين إلى كوميديا ساخرة وكبارية سياسي، يتصل أكثر بالمواطن العربي، متضمنا ما حدث بعد ما سمي بالربيع العربي ، مشيرا إلى أنه استعان بأشكال المسرح الشعبي ، والظواهر المسرحية التي سبقت الدراما في بدايات المسرح العربي، مثل الأراجوز، والحكواتي، وخيال الظل.
وأشار "حرب" إلى أنه استعان أيضًا بأغنيات الشيخ "إمام"، حيث يقدم سبعة أغان من خلال مغنية العرض والكورال، مضيفًا أنه استعان في الكورال ببعض المصريين لقلة عدد أفراد الكورال الذين حضروا معه.
وقدم مؤلف ومخرج العرض المشتغلين معه اسما اسما وأشاد بهم جميعا، ومن بينهم الممثلة نهى سمارة، وهاني الخالدي اللذين حضرا المؤتمر الصحفي إلى جانب حكيم .
وأشار حرب إلى أن العرض من إنتاج وزارة الثقافة الأردنية، وتم تقديمه في مهرجان المسرح الأردني الأخير، وأنه يضاف إلى الكثير من العروض التي قدمتها فرقة رحالة التي أسست في بداية التسعينيات القرن الماضي، و منها المتمردة، الأراجوز، هاملت يصلب من جديد، ، ميديا وملهاة عازف الكمان، كوميديا حتى الموت، سيمفونية الدم، مـأساة المهلهل، نيرفاناعن نص الألماني هيرمان هيسة، و ذكر حكيم حرب أن الفرقة حصلت على الكثير من الجوائز في أكثر من مهرجان عربي .
حرب ختم مداخلته الأولى بتقديم الشكر للهيئة العربية المسرح التي أتاحت له ولفرقته المشاركة في المهرجان العربي ، الذي اعتبره علامة مهمة في تاريخ المهرجانات العربية ، لما يمثله المهرجان من حالة ثقافية وحضارية، مشيرا إلى أن المشاركة في المهرجان العربي تشكل إضافة مهمة لفرقة رحالة، تفخر بها .
د. عقيل مهدي المخرج والمنظر المسرحي قدم التحية لنقابة الفنانين الأردنيين وللفن والفنانين الأردنيين، مشيرا إلى أن المسرح الأردني يسعى دائما للعمل في إطار مدني وحضاري وأنه تأثر كثيرا بالمسرح الغربي،
أضاف أن المؤلف والمخرج حكيم حرب من المسرحيين الواعين أصحاب التجارب المهمة ، وأن عنوان مسرحيته " جنونستان " يستعيدنا للنقد الساخر ويبشر به .
في إجابة عن سؤال د. زهرة عن مدى حضور الجمالي فى العرض ،لافتة إلى مداخلة مخرج العرض ومؤلفه التي ركزت على الربيع العربي والقضايا الاجتماعية والسياسية قال: قدمنا نحن فرقة رحالة العديد من الاقتراحات والتجارب الجمالية المختلفة منها ما هو أسطوري وما هو فانتازي، وغير ذلك من اشكال مسرحية واقتراحات جمالية، ولكنا وجدنا ربما منذ " مع أحداث العراق" أن الواقع العربي أصبح اكثر تراجيدية ومأساوية من الكثير من التراجيديات التي قرأناها وشاهدناها لسوفوكليس وشكسبير وغيرهما،
وأشار إلى أن فرقة " رحالة" قررت منذ تلك اللحظة وحيال مأساوية الواقع العربي ألااتعود إلى تقديم المأساة، وقد شبع منها المواطن العربي الذي امتلأ بالخيبات وبالموت العبثي،
و أضاف أنه وفرقته رأوا أن الأنسب لمعالجة مثل هذا الواقع هي السخرية المريرة، مؤكدا أن التراجيدا التي تحدث على الخشبة أقل بكثير مما يحدث في الواقع .
تابع مخرج ومؤلف العرض : لابد أن نعترف بأن المسرح العربي في معظمه لم يستطع خلال 30 عاما خلق جمهور حقيقي، ولازلنا ندور في فلك العروض المهرجانية ، ورغم أهمية المهرجانات إلا أنها لم تنجح في خلق جمهور دائم، لذلك فكرنا في تقديم مقترح جمالي بسيط وقريب من الجمهور، يصل إلى البسطاء،
وقال أن البساطة لاتعني المباشرة وضرب مثلا بقول غسان كنفاني " ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقدة ، كما ليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة سطحية" مشددا أن جوهر العملية المسرحية هو أن نقول الأشياء العميقة ببساطة .
وردا على سؤال حول مفارقة حدوث العرض في مدينة خيالية وكونه يستعين بأغاني الشيخ إمام ويتوجه للمواطن الأردني .. والمسافة التي يمكن أن يرى خلالها المتلقى العرض أجابت نهى سماره: التغيير يحدث بالتراكم ، و العرض ببساطته يصل إلى المشاهد ويغير فيه ، و المسرح بشكل خاص من أكثر الأدوات المؤثرة في المجتمع ، عبر التجارب المختلفة والمتراكمة، فالمسرح عمود أساسي في التغيير .
وعن دورها في العرض قالت إنها أول مرة تعمل مع حكيم حرب، وإنها استمتعت كثيرا بالعمل معه، وإنها تفخر بأن تكون من بين المشاركين في العرض.
حسين الخطيب نقيب الفنانين الأردنيين قدم التحية للهيئة العربية للمسرح وأعرب عن سعادته بالمشاركة في المهرجان بعرضين من إنتاج وزارة الثقافة الأردنية، مشيرا إلى أن ذلك على قدر ما يسبب الفرح بقدر ما يثير القلق لأنه يحمل المسرح الأردنية مسئولية كبيرة.
ولفت إلى أن حكيم حرب يقدم اقتراحات جمالية يراعي فيها الاقتراب من وجدان الوطن والتأثير في الشارع .
هاني الخالدي الممثل بالعرض فال : نعمل على نصوص كثيرة ونقدمها في أكثر من مكان ، ومن خلال مراقبتي لدرجة تلقي هذا العرض وجدت أنه يتماس بشكل كبير مع الناس، ويقترب منهم ويلمسهم ببساطته وخطابه الذي يستعين بعناصر شعبية.