ربما انهار الكيان الإرهابي وتنفس الجميع الحرية عقب سقوط المعزول محمد مرسي وجماعته ولكن ظلت الأيادي مكبلة بأحكام القضاء التي توجهت صوب النشطاء السياسيين الراسمين لحياة الحرية والمطالبين بإسقاط الجماعة الإرهابية قبل أحداث 30 يونيو.
ونرصد في تلك اللحظات أهم الأسماء الحالمة بالحرية في الذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو:
كان أحمد ماهر الناشط السياسي ومؤسس حركة 6 أبريل من أبرز تلك الأسماء التي لعبت دورا هاما في حركة الشارع أثناء "25 يناير" و"30 يونيو".
وبعد الأخيرة، عرضت حركته على السلطة الذهاب في جولة إلى أوروبا لإقناع الغرب أن ما حدث بمصر ثورة وليس انقلابا، وتوقع له كثيرون أن يكون في مقدمة الشباب الذين ستتيح لهم السلطة الجديدة شغل مواقع قيادية، لكنه انتهى به المطاف سجينا بتهمة خرق قانون التظاهر، ومعه بعض نشطاء الحركة، واعترف في مقال كتبه داخل زنزانته بأن عزل مرسي كان أمرا مدبرا.
ويعد الناشط أحمد دومة هو سجين كل العهود منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك هاجم دومة الرئيس المعزل محمد مرسي كثيرًا حتى وجهت له تهمة إهانة الرئيس، وحكم عليه بالسجن 6 أشهر، وغرامة 5 آلاف جنيه، ووصفه بأنه لم يعد رئيسًا بل رئيس عصابة، وقاتل، ومجرم، وهارب من العدالة، وهو ما دفعه إلى الانضمام لحملة تمرد للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
شارك في ثورة 30 يونيو، ووصفها بأنها صورة شعبية مصرية، وأن من يصفها بالانقلاب ليس إلا أحمق، معتبرًا أن المعركة بعد 30 يونيو تراهن على حرية مصر كوطن حر مستقل لكل المصريين.
وسعى دومة من كونه عضو تنسيقية 30 يونيو، إلى التأكيد على أن موجة 30 يونيو لم تكن انقلابًا، فقال خلال المؤتمر الصحفي الذي أقامته التنسيقية بعد عدة أيام من تظاهرات 30 يونيو، أن هذه الموجة ليست انقلابًا إنما هي ثورة شعبية على الإطلاق، تفوق في مقاومتها ثورة 25 يناير.
وعندما تولى المستشار عدلي منصور، رئاسة البلاد مؤقتًا وأصدر قانون تجريم التظاهر، اعترض دومة عليه مع عدد من الشباب في وقفة احتجاجية أمام مجلس الشورى، فتم اعتقله مجددًا مع أحمد ماهر، ومحمد عادل، ووجهت لهم تهم التعدي بالضرب على مجندي الأمن المركزي المكلفين بتأمين محكمة عابدين، ما أدى إلى إصابة 6 منهم.
فكان الحبس 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه مصيره ومع ذلك أعلن دومة في تصريحات له من داخل محبسه، عدم ندمه على مشاركته في 30 يونيو، مؤكدًا أنه لو عاد الزمن به لشارك بها مرة أخرى.
أما ماهينور المصري كان لها حكاية أخرى، لقد كانت مصابة في إحدى عينيها إصابة جعلتها تفقد الإبصار بها إلى الأبد، حين كانت مراهقة صغيرة تستقل سيارة والدها فى شارع مزدحم، فسمعت سيدتين فقيرتين تتحادثان، قالت إحداهما للأخرى: شوفى شوفى البنت دى يا عينى متصابة فى عينيها، ردت الأخرى عليها: بس دى راكبة عربية، يا ريت ياخدوا عينى واركب عربية زيها، ماهينور بدأت حياتها العملية فى مجال العمل التطوعى، وأدركت سريعا أن المشكلة أكبر من مجرد مساعدات عابرة لفقراء تجعلهم دوما ممدودى الأيدى، بل إن المشكلة فى سلطات فاسدة جعلتهم فى هذا الحال من الفقر.
منذ ظهور حركة كفاية نشطت ماهينور فى الحركة وأصبحت أحد أهم رموزها من الشباب فى مدينة الإسكندرية رغم سنوات عمرها القليلة، وضد تعديل نظام مبارك، وبمقتل الشاب خالد سعيد فى يونيو 2010 كانت ماهينور أحد أهم الوجوه التى قادت الاحتجاجات ضد مقتله، مما جعلها دوما فريسة سهلة فى يد السلطة التى ألقت القبض عليها مرات متعددة.
يعرف كثيرون ماهينور المصرى كمحامية من عشرات المحامين الحقوقيين المتطوعين بلا أجر، لكنّ القليلين قد يعرفون عنها أنها من قلائل المهتمين بتأثيرات التغير المناخى والاحتباس الحرارى على فلاحى الدلتا، شاركت ماهينور فى دراسة هامة عن أثر التغير المناخى على مصر أجريت فى أحد مراكز الأبحاث فى السويد.
فى نهاية عام 2013 أصبحت ماهينور المصرى من أوائل ضحايا قانون التظاهر، حيث ألقى القبض عليها بتهمة التظاهر أمام جلسة محاكمة قتلة خالد سعيد، حكم على ماهينور بالسجن لعامين خففت فى الاستئناف إلى ستة أشهر، وفى خلال فترة حبسها نالت جائزة «لودوفيك تراريو» الدولية التى يمنحها اتحاد محامى أوروبا للمحامى الأكثر تميزا فى مجال حقوق الإنسان على مستوى العالم، وهى الجائزة نفسها التى نالها نيلسون مانديلا من قبل، مما دفع المحكمة إلى إخلاء سبيلها بعد أربعة أشهر من حبسها لتذهب لتسلم الجائزة.
من جديد عادت ماهينور للسجن فى قضية قسم الرمل، وارتدت الأبيض لتختفى محامية الغلابة خلف القضبان، لكن البسمة التى ميزتها دوما لم تذهب عن شفتيها.
محمد عادل أيضا لم يسلم من السجون عقب 30 يونيو.
ووفي مارس 2013 ومع بداية ظهور ما يعرف بميلشيات الإخوان في الشارع قام أعضاء الجماعة فى الإسكندرية بالقبض على ثلاثة من النشطاء بحجة قيامهم بتصوير مقر الإخوان فى منطقة فليمنج، وسلموهم إلى قسم الرمل وعمل محضر لهم بتهمة محاولة إثارة الشغب وزعزعة النظام.
وحينما توجه مجموعة من المحامين للقسم للاطمئنان على هؤلاء الشباب، رفض الضباط دخولهم القسم، ثم وقعت مشادة بين المحامين وضباط الشرطة الذين اعتدوا على عدد منهم، على أثر تلك الأحداث المتصاعدة تجمع أمام القسم عدد من النشطاء ومن بينهم المحامية ماهينور المصرى، وسرعان ما ألقت الشرطة القبض على النشطاء والمحامين، واتهمتهم بمحاولة اقتحام القسم وبعرض المقبوض عليهم على النيابة صباح اليوم التالى أخلت سبيلهم.
بعد ثورة 30 يونيو ورحيل نظام الإخوان، ظن الجميع أن القضية قد انتهت تماما، إلا أن هؤلاء النشطاء فوجئوا بإعادة فتح القضية من جديد فى مارس 2014، إذ أحالت النيابة القضية لمحكمة الجنح للنظر فيها بدلا من حفظها، واستمرت إجراءات التقاضى فيها لأكثر من عام، إلى أن حكم فيها فى فبراير الماضى بالسجن لـ11 ناشطا لمدة عامين، على رأسهم ماهينور المصرى، والصحفى يوسف شعبان، ولؤى القهوجى أحد مصابى أحداث مجلس الوزراء، مع كفالة خمسة آلاف جنيه لحين الاستئناف.