قال الحاكم مسعود مخرج عرض "سلالم يعقوب" الذي يلتقي به جمهور مهرجان المسرح العربي غدا الثلاثاء إن العرض نتاج توءمة بين الهيئة العربية للمسرح ونقابة الفنانين الأردنيين، مشيرا إلى أنه شارك في المهرجان الأردني الأخير ضمن عشرة عروض تم اختيارها من بين 45 عرضا قُدِّم للمهرجان، لافتا إلى أن العرض حصل على عدة جوائز في المهرجان، منها أفضل عمل جماعي متكامل، وجائزة السينوغرافيا، فضلا عن تتويجه بالمشاركة في المهرجان العربي.
وأضاف مسعود في المؤتمر الصحفي الذي أقيم صباح اليوم الاثنين 14 يناير، وحضره من فريق العمل الممثل عماد الشاعر، والموسيقى عبد الرزاق مطرية، أن العرض يدور حول عالم فيزيائي متفرغ لعمله ومنعزل، توصل إلى اختراع فيزيائي هو سلالم يعقوب، وأشار إلى أنه يواجه بما يعطل طاقاته ومشروعاته العلمية، ويلاقي عقبات شديدة من المجتمع الذي يعيش فيه، تبدأ من بيته، فيتحول إلى أداة انتقامية من هذا المجتمع المحبط والقامع للعلم ولحرية التفكير، مشددا على أن العرض بهذا الفعل الأخير يسعى لإيجاد بيئة مناسبة للإبداع، تتيح فرصا للجميع لأن يقدموا ما لديهم من إبداع علمي وفكري.
وعن الاقتراح الجمالي الذي قدمه المخرج في العرض قال إنه يقدم نصا بصريا، طرح خلاله رؤيته الإخراجية في مشاهد تشرح وتختزل الحكاية عبر تضافر لغة الجسد مع لغات الموسيقى والإضاءة وبقية العناصر المسرحية الأخرى.
الفنان عماد الشاعر أحد أعضاء فريق العرض قال إن النص المسرحي عادة ينتمي إلى حقل الأدب، وحين يتعرض له المخرج فإنه يحوله لنص عرض، مؤكدا أن المخرج لا يقوم بتنفيذ النص الأدبي، إنما يصنع نصه هو مستندا على النص الأدبي. وعن أسباب مشاركته قال: لأنها تجربة جديدة بالنسبة لي. حيث أميل إلى ما أسميه بمسرح الصورة، الذي يتم فيه سرد الحكاية عن طريق الصورة، ليصبح الأمر أكثر اقترابا من السينما، ولكن بلغة وشروط المسرح.
وأضاف الشاعر أن هذا النوع من المسرح لا يحتمل الوسطية، فإما أن ينجح تماما إذا ما قدم بشكل متقن، وإما أن يسقط تماما إذا لم يقدم شيئا منضبطا، مشيرا إلى أن ضوابط مسرح الصورة أعلى وأكثر تعقيدا وحساسية من المسرح الدرامي الذي يعتمد على نص لغوي، وأكد أنه يسعى دائما إلى حد اللهاث بحثا عن تجارب من هذا النوع من أجل المشاركة فيها، وهو ما حققه له هذا العرض، لا سيما وأن مخرجه على درجة عالية من التمكن والعلم والثقافة.
أما مؤلف موسيقى العرض عبد الرزاق مطرية فقال إنها فرصة جيدة بالنسبه له كموسيقي أن يجلس على المنصة، التي اعتاد الجلوس عليها المسرحيون من ممثلين ومؤلفين ومخرجين، وفرصة مهمة لأن يتحدث عن الموسيقى.
وأوضح مطرية أن الموسيقى في الكثير من العروض المسرحية تعد عنصرا ثانويا، حيث تستخدم إما كفاصلة من الفواصل أو في الافتتاحية والختام، وهو ما لا يليق بدور الموسيقى، مشيرا إلى أن الموسيقى في عرض سلالم يعقوب تعد عنصرا مهما ولغة أساسية في صياغة الرؤية الإخراجية، مضيفا أن عروض الصورة تتيح فرصة أوسع لتلعب الموسيقى دورا أكبر ورئيسيا في العرض، عكس النصوص الأخرى.
وتابع أن الموسيقيين في بدايات العمل المسرحي كانوا يخافون من المشاركة في العروض؛ لأنه يهمشهم وهم المؤلفون الموسيقيون الكبار، الذين طالما ألفوا موسيقى عظيمة في نصوص الأوبرا وغيرها، وصنف مطرية توظيفات الموسيقى في العروض إلى عدة تقسيمات، هي: أن تصبح نصا أساسيا، وتشكل خطا موازيا بنوتة كاملة، كما هي موسيقى تشايكوفسكي في بحيرة البجع، أو أن تصبح عنصرا مرافقا للحدث، تمثل ما يقوله المشهد، ثم عنصرا متناغما ومهما في النصوص البصرية، حيث تتناغم مع التعبير الجسدي والإضاءة في جو اختزالي، يصل بالفكرة أو بالمعنى مجردا للجمهور. ودعا مطرية مخرجي المسرح لأن يتيحوا للعنصر الموسيقي في عروضهم مساحة أوسع وأكبر، تليق بأهمية ما تقوم به الموسيقى وما تقدمه، ومن أجل أن يكون هناك موسيقيون متخصصون في المسرح، وأشار مطرية إلى أنه بالفعل يوجد موسيقيون متخصصون في المسرح، ولكنهم قلة، ومن المهم أن يزيدوا، ولا يخافوا من إهدار موهبتهم.
وردا على سؤال بنخبوية عروض الصورة قال مخرج ومؤلف العرض د. الحاكم مسعود إنه بحث في هذه المنطقة، وسعى لدراسة علاقة الفضاء الدرامي بالمتفرج، وأقام في الصين حوالي 15 عاما، وهم الذين يمتلكون تقنيات جسدية عالية، وخرج من بحثه بأنه لا يوجد جمهور لا يفهم وأن لغة الجسد تصل للجميع، حيث يمتلك كل شخص مرجعيات ومخزونا ثقافيا يفهم من خلاله ما يقدم له من صور وانفعالات جسدية، مشيرا إلى أن المسرحية، من خلال عروضها السابقة التي وصلت لثمانية عروض، نجحت في الوصول إلى المتفرجين، مشددا على أن الانفعال الجسدي من طبيعته أن يصل إلى الجميع، حيث يتصل بالذاكرة الإنسانية المشتركة، فيضحك ويبكي ويغضب الجميع بالطريقة ذاتها.
فيما قال الممثل عماد الشاعر إن اللغة على أهميتها في التواصل تعد عنصرا معوقا للتلقي في المسرح ، نظرا للاختلاف اللغوي بين صناع العرض والكثير من المتفرجين ، بينما تشكل لغة الجسد لغة عالمية وإنسانية تصل للجميع ، حيث تحاول بلورة التعبير الإنساني في انفعالات مكثفة كما هي في الحياة ، ومن ثم يصبح وصولها لعدد أكبر وفئات بشرية أوسع .
وشدد الشاعر على أنه لا يعترف بالنخبوية في التلقي، معتبرا أن مصطلح نخبوي لا أخلاقي، مشيرا إلى أن الفن لا يعرف النخبوية نظرا لاستعداد الجميع للتلقي، غير أن الفرق يكمن في أن المتلقي العادي لا يدرك الفروق بين الجيد والخطأ، وهو ما يتفوق فيه من يمتلك ثقافة أوسع، مؤكدا أن العمل الذي تقدمه الفرقة قادر على التواصل مع الجميع، كل على قدر ما يمتلك من مرجعيات.