إن
نعم الله على الإنسان لا تُعد ولا تُحصى، ومن بين نعم الله الكثيرة علينا نعمة
البصر، ولكن هناك من لم يمن الله عليهم بتلك النعمة، ومن بين من لم يمن الله عليهم
بتلك النعمة الطفلتين مريم وجودي، اللتان عوضهما الله بنعمة "البصيرة"،
فلم يؤثر فقدانهما البصر على موهبتهما وصنعهما نجاح تلو الآخر، ليبرعا في العزف
على البيانو ويشتركا في الفعاليات المختلفة.
عدسة
"أهل مصر" زارت الشقيقتين في منزلهما بمحافظة بورسعيد، والذي من الوهلة تشعر
وكأنك في منزل فنان من نجوم الزمن الجميل، ففور دخولك إليه تجد البيانو وأعلاه العديد من
الأوسمة ودروع التكريم التي حصلتا عليها خلال مشاركتهما في الحفلات المختلفة.
وعن
قصة الطفلتين مريم وجودي، قالت هويدا أحمد عبد الهادي، أم الشقيقتين لمراسل
"أهل مصر": "رزقني الله سبحانه وتعالى بمريم واكتشفت أنها كفيفة
عندما كانت تبلغ من العمر 5 أشهر، من خلال متابعتي لنظراتها إلى ما حولها وتكيفها
مع الألوان مقارنة بشقيقها الأكبر منها بسنة، خلال مروره بنفس المرحلة العمرية،
وأكد لي الدكتور ذلك ومنحنا الله تعالى الرضا والصبر".
وتابعت
الأم: "قررنا أنها ستكون مثل شقيقها في التربية وكل شيء لدرجة أنها عرفت أنها
كفيفة في عمر 7 سنوات من تلقاء نفسها نتيجة أننا لم نشعرها أنها مختلفة عن أحد،
وتعلمت طريقة برايل بشكل خاص في المنزل عن طريق مدرس يعلمها القراءة والكتابة بهذه
الطريقة كما تعلمت معها برايل حتى أتمكن من مساعدتها في مذاكرة دروسها".
ولفتت الأم إلى أن كل المواد والمقررات التعليمية الخاصة بها يتم كتابتها على الكمبيوتر "ورد" ثم يتم تحويلها إلى كتابة برايل"، مضيفة: "هي الحمد لله متفوقة دراسيًا وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة بالشهادة الابتدائية، وحققت إنجازات عديدة في حياتها وفي الوقت الذي اكتشفنا فيه أن لديها موهبة العزف.. تجهزنا لتنمية موهبتها على الفور".
وعن
الطفلة جودي، أضافت الأم: "خلال تلك الفترة رزقنا الله تعالى بجودي شقيقتها
الصغرى، وهي أصغر من مريم بتسع سنوات، وبعد ولادتها بشهر اكتشفت أن لديها نفس
المشكلة وأنها كفيفة مثل شقيقتها، وتقبلنا الوضع أيضًا وكانت بداية مرحلة جديدة في
حياتنا بإصرار آخر، وطبعا كانت ثقافة المجتمع عائقًا أمامنا وكيف أجعل كل من يرى
أن ينظر إليهما بدلًا من الشفقة إلى الإعجاب والإشادة، فلقد وقفت جودي وهي لديها 3
سنوات على المسرح، وأبهرت الجميع وشبهوها بسعاد حسني وفيروز حيث إنها تقلد فطوطة
ومريم ومستمرة في طريقها لتعلم البيانو من خلال الدراسات الحرة بكلية التربية
الموسيقية، وتحلم بالالتحاق بكلية الإعلام بينما جودي لم تتشكل شخصيتها بعد، وأرى
أن لديها مواهب عديدة، ولقد شاركتا في حفلات عديدة ومؤتمرات، آخرها مؤتمر مصر
تستطيع الخاص بالتعليم، والجميع انبهر بها والحمد لله حولنا المحنة إلي
منحة".
ومن جانبها تحدثت مريم محسن عبد الناصر 14 سنة لعدسة "أهل مصر" قائلةً : "بدأت أعزف على الأورج وأنا في الصف الثالث الإعدادي، وكان وقتها لدي حوالي 8 سنوات ونصف والبداية كانت من أورج الأطفال الذي كان يحضره لي أبي ومن خلاله بدأت أقوم بعدد من الألحان فاستمعت والدتى لذلك وأعجبت به، فطالبتها بمساعدتي في تعلم الموسيقى كخطوة جديدة في حياتي، وبالفعل بدأت أتعلم وأشعر بتحسن مستواي يوم تلو الآخر، وهو الأمر الذي شجعني لتحويل وجهتي إلى البيانو بدلا من الأورج".
وأضافت "مريم": "لقد تم تكريمي في العديد من الفعاليات وشاركت
بمسابقة إبداع، وحصلت على المركز الثاني على مستوى الجمهورية، كما تم تكريمي من
رئاسة الجمهورية وحصلت على درع ملتقى أولادي لذوي القدرات الخاصة، كما شاركت
بحفلات على مسرح الأوبرا والجيش الثالث الميداني، ودائما كنت أقول لنفسي أنني لست
مختلفة وأستطيع أن أفعل كل شيء، وأتمنى في المستقبل أن أكون إعلامية بجانب حبي
للموسيقى، كما تعلمت استخدام الكمبيوتر والتعامل معه كشخص طبيعي".