كتب: أحمد أبو الدهب ـ شيماء الهواري ـ شيماء السمسار ـ أيمن الجرادي مروة زنون ـ أسماء ناصر ـ مدحت عرابي
«سترة البنات»، هذه الكلمة ما زالت السبب الأساسى فى جريمة زواج القاصرات فى المجتمعات الريفية، فكم من فتاة ماتت على قيد الحياة بسبب الخوف من العادات والتقاليد أو الخوف من شبح العنوسة، فتيات صغيرات حرمن من أبسط حقوقهن فى التمتع بطفولتهن، وبين ليلة وأخرى، أصبحن زوجات يتحملن مسؤولية منزل بأكمله، فأصبح زواج القاصرات ظاهرة منتشرة فى القرى الريفية وقرى الصعيد، وهو عمل يجرمه القانون والمجتمع، وترصد «أهل مصر» فى هذا الملف عددا من قصص زواج القاصرات بالمحافظات.
◄فى الغربية.. من «الدار» لـ«النار».. فتيات بأولادهن تحت «الكبارى».. أمنية: «مش عارفة أعالج ولادى»
جلست «أمنية» ذات السبعة عشر ربيعا، بمحافظة الغربية على أحد الكراسى، كـ«كومة عظام» داخل إحدى العبايات الرثة، تحمل رضيعا على ذراعها والآخر يمسك بطرف ثوبها ويختبئ فيها، تظهر على وجوههما أثار المرض والاصفرار، بدأت كلماتها قائلة: «تشتهر قريتى بزواج البنات الصغار وخاصة من العرب، بياخدوا البنت من الدار للنار»، لتتحمل مسئولية بيت وأسرة وزوج ، وسرعان ما تحمل وتلد للدنيا طفلا لا ذنب له غير أنه ناتج عن علاقة مدفوعة الأجر تحت اسم الزواج، لتصبح طفلة مسئولة عن طفل».
وأضافت «أمنية»، أنا كنت ضحية عملية بيع، فبعد وفاة والدى، أرادت أمى الزواج وكنت أنا العائق الوحيد أمامها، ولا نملك من الأهل من يتحمل مسئوليتنا، فزوجتنى أمى عرفيا لأحد الرجال بقرية أخرى، كان متزوجا ولديه من الأطفال ثلاثة، متهرب من نفقتهم، وعليه أحكام بالسجن، ولم أتجاوز حينها الـ13 عاما، لتبدأ رحلتى مع الشقاء والإذلال بمنزل أهله، كنت أخدم الجميع بلا كلل أو تعب، وبعد عام حملت فى طفلتى «ساجدة»، ولأنى لا أملك بطاقة أو حتى عقد زواج، لم أستخرج لها شهادة ميلاد، وكنت أعطيها التطعيمات كلما مرت الحملة على المنازل، وحملت فى طفلى الثانى والثالث، وهم أيضا غير مقيدين فى سجلات الحكومة، وبعد أن ثقل الحمل عليه، سرق عقد الزواج العرفى وهرب مرة أخرى، ولم تتحملنا والدته، فطردتنى وأولادى فى الشارع.
وتابعت كلماتها باكية: عندما ذهبت للاستنجاد بأمى، كان ردها الوحيد: «جوزى مش هيصرف عليا وعليكوا روحى اشتغلى مش مشكلتى أنه طفش منك»، بعد أن اسودت الدنيا فى وجهى وأغلقت كافة الأبواب أمامى استقبلنى الشارع أنا وأولادى ولم أتجاوز 16 عاما، جلست فى البداية أسفل كوبرى «محلة زيادة» أبيع المناديل، ودلنى البعض على أحد الجمعيات الأهلية، التى توفر لى ولأولادى وجبة كل يومين أو ثلاثة، وتعطينى بعض الملابس المستعملة من حين لأخر، لكن الطامة الكبرى عندما مرض طفلى «أحمد» وذهبت به لمستشفى المحلة العام، وأخبرونى أن علاجه بمستشفى المنصورة الجامعى لأنه يعانى من قصور بالكلى وفيرس بالكبد وبدء فى النزيف، فركبت القطار وذهبت به إلى هناك، لكنهم لم يستلموه وذلك لأنه غير مقيد بالسجلات ولا نملك شهاده ميلاد، وحاول أحد الأطباء مساعدتى وإنهاء إجراءات علاجه على نفقة الدولة لكنى لا أملك قسيمة زواج أوحتى بطاقة، وحدثت تلك المشكلة أيضا مع طفلتى «ساجدة» عندما ارتفعت حرارتها وذهبت بها إلى المستشفى ليشخص الطبيب حالتها على أنها اشتباه بسرطان النخاع، ولا أستطيع علاجها فى مركز الأورام لأنى لأ أملك شهاده ميلاد، كل ما جنيته من زواجى أطفال مريضة وهشاشة عظام، والتسول فى الشوارع، ولا أملك البديل، كل ما أطلبه قسيمه زواج وبطاقه لإثبات أولادى، وسأتحمل كل ما يصيبنى على الرغم من أنى لست السبب فيه، وأطالب الأباء والأمهات بالحرص على أبنائهم «تجوع فى بيت أبوها ولا الغرب يقهروها».
◄ فى البحيرة.. أمهات يرفعن شعار «ستر بنتك بدري قبل ما تعنس جنبك».. إحسان: تزوجت للهروب من فقر والدى لأقع فى بيت دعارة يتزعمه زوجى
فى محافظة البحيرة، روت «إحسان. م. ط»، «أن القرية التى تعيش فيها لديها عادات وتقاليد تحكم على البنت التى تبلغ 14 عاما أن تتزوج بحجة سترها، وأنها بالفعل تزوجت عندما كان عمرها 16عاما من رجل يبلغ من العمر 40 عاما، بعقد عرفى، لعدم وصولى السن القانونى للزواج ورفض المأذون إتمام الزواج لصغر سنى، رغم عن ذلك أصر والدى إتمام الزواج مثل شقيقاتها الثلاثة».
وأوضحت إحسان، أنها كانت ترغب أن تتزوج مثل إخوتها لتهرب من ضيق المعيشة التى يعانى منها والدها، ولكن كانت لم تتوقع أنها تهرب من الفقر لتذهب إلى بيت دعارة، قائلة: «اكتشفت بعد أسبوع الأول من زوجى أن زوجى متعاطى مخدرات وأنه يقوم باصطحاب أصحابه إلى البيت ليلاً لاستكمال سهرة تعاطى المخدرات ولم يقتصر على ذلك بل كان يأمرها بلرتداء قميص نوم والرقص لأصحابه».
وأكدت إحسان، أنها أدركت بعد فترة أن زوجها يتاجر بها وأنه يتحصل على مخدرات مقابل رقصها لأصحابه ليلاً، لافتة إلى أنها قامت بالذهاب إلى بيت والدها وطلبت الطلاق لكن رفض الزوج الطلاق وظلت على هذا الوضع حتى الآن.
وروت «منار. ف. س»، إحدى فتيات محافظة البحيرة، أنها تزوجت وهى تبلغ من العمر 16 سنة، وكانت الفتاة الوحيدة التى بلغت هذا العمر دون أن تتزوج فجميع الفتيات اللاتى يعيشن فى القرية المقيمة فيها يتزوجن عند بلوغهن 12 عاما وأكبرهن عندهم بلغت 15 عاما، ولكن هى كانت تريد أن تكمل تعليمها لتصبح مهندسة.
وأشارت، إلى أنها رفضت الارتباط وهى فى المرحلة الإعدادية وبسبب رفضها حدثت مشاجرات بينها وبين والدها بسبب ضغط أهالى القرية والأقارب عليه، بسبب عدم ارتباطى حتى الآن، وأنها إذا أكملت المرحلة الثانوية دون الزواج ستظل عانسا دون زواج طول حياتها، وظل الوضع كما هو عليه حتى تفاجئت بتحديد موعد خطبتها من شاب كان يعمل مع والدها فى مهنة السباكة، وبالفعل تمت الخطوبة وبعد انتهاء فترة امتحانات المرحلة الإعدادية من عام تم تحديد موعد الزواج، لافتة إلى أنها تزوجت دون أن تكمل حتى المرحلة الثانوية وتحصل على شهادة الدبلوم.
وأوضحت «منار»، أن هناك العديد من الفتيات فى قريتى والقرى المجاورة تعانى من جهل العادات والتقاليد والخوف من كلام الناس والخوف من العنوسة ويتم زواجهن بـ«الغصب» لتخلص من تلك المخاوف، قائلة: «أنا عايشة وكأنى ميتة اللى مصبرنى على الحياة هى بنتى اللى فى بطنى، ولما أولد هربى بنتى وأخليها تتعلم اللى مقدرتش أعمله وتحقق حلمها وحلمى وأكون سبب أنى أوقف سلسال زواج القاصرات».
◄فى المنوفية.. زواج القاصرات «تزوير فى أوراق رسمية»: «بنات حقها ضايع»
وتشهد بعض قرى محافظة المنوفية تفشى ظاهرة زواج القاصرات أيضا، ورصدت «أهل مصر» الضحية الأولى «م. ر. س»، 17 عاما، من قرية «بوهة» التابعة لمركز أشمون، لم تكمل تعليمها الفنى فاصدمت بالواقع حيث إن والدها يعمل سائقا ووالدتها ربة منزل، تقول «ش. ص»، والدة الضحية: أحضر أحد أقاربنا شابا فى الـ 17 من عمره ووالده يعمل فى مجال المقاولات، وأكدوا لنا أنه ذو خلق طيب وسيرة حسنة فضغطنا على ابنتنا وقمنا بتزويجها، وليتنا ما قمنا بذلك، بعد زواج ابنتى بعدة أشهر اكتشفت أن ابنتى حُبلى فكان يجب أن يتم توثيق العقد، حاولنا توثيق العقد ومع الضغط على المأذون وافق على ذلك، ولما علم والد الزوج رفض ذلك حتى بعد معرفتة أن ابنتى حامل فأصر على طلاقهما.
فى البداية رفض الزوج، ولكن بعد الضغط قاما بالذهاب للمأذون وأخذا الورقة التى تضمن حق ابنتى والتى تضمن حقها بـ 105 آلاف جنيه وطلقها بالفعل، وبعد إنجاب ابنتى حاول إنكار نسبه بالطفل، ولكن قام عليه الآهالى ففعل دون رغبة منه ومازالت ابنتى مطلقة، وهى مازالت 19 عاما ولم نصل إلى حق ابنها حتى الآن.
هذا وقد رصدنا الضحية الثانية والتى رفضت كتابة اسمها بوثيقة الزواج، «ح. س. أ»، 37 سنة، مقيم بمركز الشهداء بمحافظة المنوفية، حيث تم خطبتهما لمدة 4 أشهر ومن ثم الزواج، وذلك لأن والدة العريس تصر على زواج ابنها لتقدم عمرة، حيث تم كتابة قائمة بقيمة 150 ألف جنيه.
وتقول «ث. م»، والدة العروس، تتزوجت ابنتى ولم يمر سوى أيام حتى حملت ابنتى ولكنها كانت تعيش المرارة حيث كان يتم ضربها كثيرا ومن كثرة الضرب نزفت بشكلٍ حاد وقامت بالمجىء إلينا فتوجهنا مسرعين إلى المستشفى، وعندما علم الطبيب عمرها أصر إبلاغ الشرطة، ولكننا أكدنا أن ابنتنا ليست مخطئة بل متزوجة عرفيا لعدم بلوغها السن القانونى، وأصر الطبيب على عمل محضر إجهاض لأن حالتها خطيرة، وروت ابنتى كيف تم إجهاضها بالكرة، وأكد الطبيب أنه إهمال لأنه قد حدث إجهاض لتبنتى مما جعلها تتمزق وتصل لحالة عدم الإنجاب مرة أخرى.
وأضافت، «الوثيقة التى لدينا ليس بها اسم ابنتى للمرة، لذلك ذهبنا للزوج لأخذ حقوق تبنتى وإشهار زواجها، ولكن أنكر العريس الزواج، ولكن المحامية أثبتت الزواج بصور الفرح والمعازيم وبعد إثبات الزواج تم تطليق ابنتى ولم تتزوج حتى الآن وذلك لأنها لا تنجب».
◄أسيوط.. آباء ظلمة.. وأطفال فى «غرف الولادة»
تقول «أ. م» بمحافظة أسيوط: «تزوجت وعندى 14 سنة بالإجبار لأذهب إلى جحيم منزل الزوج وتستقبلنى أم الزوج وتستغلنى بعمل المنزل وكأننى جارية دون رحمة، وعندما تكلمت وقولت حرام نشبت المشاجرات بينى وبين زوجى وأسرته حتى تعددت المواقف والمشاجرات وتركت منزل الزوج وذهبت لمنزل أبى وكنت حاملا فى الشهر الرابع وكادت أن تصل المشاكل بين الأسرتين للثأر والقتال ولكن أحمد الله لم يحدث شىء».
وأضافت «س. م»، «وعند أخذ رأى عم الزوج أو كبير عائلتهم قرر عدم دخولى منازلهم مرة أخرى والطفل الحامل به مش ابنهم وتم طلاقى أو تركونى، وبعد الولادة رفضوا كتابة الطفل باسم الأب، بعد تدخل العديد من أهل الخير ولكن أصروا على ذلك، والآن الطفل عنده 5 سنوات وغير مكتوب باسم الأب، وأنا تزوجت من آخر وتركت الطفل مع أمى الأرملة التى تعول 5 أولاد غير طفلى».
وأردفت «س. م»، «ظلمنى الأب وحطم أحلامى ليحلم هو بكسب المال من ورائى وكأنى سلعة رخيصة ليزوجنى وأنا بالمرحلة الإعدادية ويمنعنى من دراستى والتعلم ويزوجنى من هو أكبر منى سنا بـ20 عاما ويعمل بدولة الإمارات العربية ومعه فلوس وارتدى الفستان الأبيض، وأدخل مع شخص آخر داخل حجرة مغلقة قمة الرعب والخوف، ولم يرحمنى أحدا من أن أخوض تجربة قاسية لن أنساها طوال حياتى وأصبحت حاملًا، وعند ولادتى صرخ الطبيب فى أبى حرام عليكم دى طفلة إزاى تتجوز كانت هتموت أثناء الولادة».
◄سوهاج.. الأمهات: «زواج البنت سترة».. والفتيات: «كلها عيشة والسلام»
تروى «مديحة. م»، 17 عاما، إحدى فتيات قرى محافظة سوهاج، أنها تزوجت من «أحمد. ن» 30عاما، رغبة لإرضاء والديها، وساعد فى ذلك ضيق حال أسرتها والفقر الشديد الذى يحيطهم، ورغبة منها فى الانتقال إلى بيئة غير التى نشأت بها، حيث ترى أنها بيئة سيئة من كل الجوانب التى تحيط بها ومعاملة إخوتها لها.
وتضيف والدتها «بخيتة. م» 50 عاما، أنها وافقت لأن «زواج البنت سترة كبيرة»، وكل أم تتمنى أن ترى ابنتها مستورة فى بيت زوجها، مؤكدة أن ابنتها ليست جميلة و«محدش كويس هيجيها، فكده أحسن تتستر مع راجل، أفضل من بلاش».
وأكد أخيها، أنه وافق على زواجها لأنها غير متعلمة، ولا يرغب بها كثير من الشباب فى الزواج، لأن الشباب يرغب فى المتعلمات، أو على الأقل من تجيد القراءة والكتابة، للمساعدة فى تعليم الأبناء بالمنزل.
بينما تقول «بديعة. ع»، 62 عاما، أرملة، أن فقدان زوجها وضع على عاتقها حملا كبيرا جعلها تبحث عن ستر بناتها مثل بنات الجيران، وأن بقاء البنت ليس محبوبا فى عادات القرية وتقاليد الصعيد، لذا زوجت ابنتها صغيرة 15 عاما.
وبالتواصل مع ابنتها «تهانى. ن»، أكدت أنها تعيش حياة غير مستقرة، حيث المشاكل بينها وبين أسرتها وبسبب رغبتها بالحمل، على عكس رغبتهم.
ويقول «زهدى. ع»، 52عاما، أنه زوج ابنته «هند» 17 عاما، صغيرة لأن الشيخ قال له زى ما قالوا مشايخنا «السيدة عائشة اتجوزت النبى وهى عندها 9 سنين فمفهاش حاجة لما بناتنا تجوز فى سن أكبر من 9 سنين بكثير».
وتلتقط ابنته هند أطراف الحديث قائلة: «يا سيدى خليها على الله ماحدش واخد منها حاجة ظل راجل ولا ظل حيطة وكلها عيشة والسلام، وأدينا واكلين وشاربين، عايزين إيه تانى ،وكل واحد يأخذ نصيبه».
وأكد «عبد الرحيم»، 55عاما، مدير جمعية، أن الأب يقوم بتزويج ابنته مبكرا، ويقوم بتأمين تلك الزيجة من وجهة نظره بإيصالات أمانة على بياض أو مبالغ كبيرة، حتى يتم بلوغها 18 عاما ويكتب عليها عند المأذون شرعيا.
وأضاف، أن طفلة تزوجت من مسن وقبل إتمامها السن القانونى توفى وكانت حاملا، وبالتالى وقع أهلها فى مشكلة كبيرة، وحدثت مشاكل بينهم وبين أبناء زوجها على الميراث وكتابة المولود، فلماذا نضع أنفسنا فى مثل تلك المواقف ونظلم أبنائنا، ونحرمهم من التعليم.
◄ مأساة القاصرات في ساحات محاكم الأسرة: «إهانة ليلة الدُخلة.. ومفيش إثبات نسب»
تشهد أروقة المحاكم العديد من دعاوى الطلاق والخلع، التي كان بطلها في كثير من الأحيان القاصرات، الذين وجدوا أنفسهم ضحية زواج في سن مبكر، فأمام محكمة الأسرة أقامت نيرمين دعوى قضائية تحمل رقم 2521 لسنة 2018 أحوال شخصية لإثبات عقد زواجها ونسب طفلها، بعد أن تعدى عليها زوجها بالضرب والإهانة ناكرا زواجه منها، عندما طلبته بتوثيق عقد القران بالمحكمة وتسجيل اسم المولود.
قالت نيرمين: «كنت ابلغ 16 عاما تقدم إلى خطبتي شاب يكبرني بـ 5 أعوام ووافق أهلي على الزواج منه بعقد عرفي دون توثيق لأنى لم أبلغ السن القانوني، رغم اعتراضي ولكن صمموا وجعلوني اترك المدرسة وبالفعل تزوجت ولم أكن أعي معنى الحياة الزوجية، ولكنى حاولت التأقلم حتى حملت في طفلي الأول وهنا وجدت زوجي ينقلب رأسا على عقب عندما علم بحملي».
وأضافت: «عندما علم بالأمر صرخ في وجهي قائلا إحنا عارفين نأكل نفسنا عشان نجيب عيل»، وامتنع عن تحمل النفقات ولكنى تحملت حتى وضعت طفلي وطلب منه أن يوثق عقد الزواج ويثبت نسب الطفل فانهال عليا ضربا وطردني من البيت ناكرا زواجي منه رغم شهود الأهالي فلم أجد أمامي سوى محكمة الأسرة لرفع دعوى إثبات نسب بمحكمة الأسرة وما زالت الدعوى منظورة أمام القضاء.
◄ريهام: «أتجوزت عشان ألبس فستان»
«أنا مكنتش اعرف حاجة عن الجواز غير إن البس فستان وطرحة وأحط أحمر شفايف زى البنات الكبيرة».. جاءت هذه الكلمات على لسان ريهام وهى داخل محكمة الأسرة بشمال الجيزة لرفع دعوى متعة من زوجها تحمل رقم 435 أحوال شخصية بعد أن أجبروا زوجها على توثيق عقد قرانهما.
قالت ريهام: «تزوجت من شخص يكبرني بـ15 عامًا بعد أن قرر أهلي أن أتزوجه كنت فرحة فقط لأننى سأرتدي فستان عروسة وما أن انقضى الفرح حتى وجدت شخص يفترسني في غرفة النوم حاولت الصراخ ولكن لم أجد أحد ينقذني منه حيث كان كالمسعور، وفجاءة علت الزغاريط والطبول والكل يقوم بحضني وأنا لم أشعر ألا بأوجاع كثيرة وأصبح المعتاد لزوجي كل يوم حتى كرهت نفسي وتمنيت أن أعود إلى بيت أهلي مرة أخرى».
وأضافت: «ووجدت أهله يطلبون مني أن أقوم بكل متطلبات المنزل بالرغم من جسدي النحيل، حتى سقطت مغشيا علي من فرط العمل، وتحملت على هذا الوضع 3 سنوات حتى أكملت السن القانوني وطلبت منه تسجيل عقد الزواج فرفض فقام أهالي المنطقة بإجباره على توثيق الزواج وطلقني بعدها في نفس اليوم فجئت إلى محكمة الأسرة لرفع دعوى نفقة متعة وما زالت الدعوى منظورة أمام القضاء».
◄الشريعة والقانون: المتهم الرئيسي والد القاصرة.. والدين حرم «المُعاشرة قبل البلوغ»
يقول أحمد فؤاد قاسم المحامي بالنقض إن زواج القاصرات جريمة تزوير في محرر رسمي وهى جناية حسب وصف قانون العقوبات، والمأذون شريك في الجريمة حيث إنه يتم عمل تسنين للقاصر بجعل سنها ورقيا أكبر من سنها الفعلي والواقعي والمأذون يمكن له إدراك ذلك وكذلك الطبيب الذي قام بعملية التسنين شريك أيضا أما المتهم الرئيسي في زواج القاصر هو ووالدها أو وكيلها لأنها غير مكتملة الأهلية ولم تبلغ سن الرشد وتعامل قانونا طبقا لقانون الأحداث.
من جهته أكد المجلس القومي للأمومة أنه تم إرسال مشروع قانون لمكافحة زواج القاصرات لمجلس الوزراء ونائبات البرلمان ويتضمن تعديل وإضافة مواد في قانون العقوبات وقانون رقم 118 لسنة 1952 بشأن الولاية على النفس وقانون الإجراءات المدنية وقانون الطفل وقانون الأحوال المدنية، كما تم تدشين حملة طرق الأبواب بالمحافظات خلال العام الماضي وبلغ عدد المستفيدين مليون و102 ألف في 991 بجميع محافظات ونحج في توثيق عقود زواج قبلي ل 2264 حالة زواج بجنوب سيناء.
وتقول إسراء سالم أستاذة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، إن الأحكام الشرعية تبنى على تحقيق مصالح العباد وتعطيل المفاسد وتجنب كل ما يؤدى إليها فالزواج شعيرة مباحة في الشرع مقننة حسب عادات وثقافات الناس وبيئتهم وقدرتهم بما لا يكون فيه ضرر لأي من أطراف هذه المنظومة، وعليه فالأصل في سن الزواج ما جاء به الدين الحنيف بما يتوافق مع قدرة واستطاعة الخلق .
وأشارت «سالم» إلى أن زواج القاصر يتغير الحكم فيها بتغير الأعراف وأحوال الناس وظروف البيئة فما كان سائغا في زمان قد يكون منكرا في غيره، إضافة إلى ضرورة التفريق بين الزوج كمجرد عقد فقط وبين الزواج كدخول وعلاقة حميمة ففي الشرع الحنيف لا يجوز للرجل أن يعاشر التي عقد عليها حتى تبلغ وتستطيع تحمل تبعات هذه العلاقة.
وأكدت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- تزوج بعائشة، وهي بنت ست أو سبع سنوات، ودخل بها وهي بنت تسع سنوات، ففي الصحيحين - واللفظ لمسلم-: عن الأسود عن عائشة قالت: «تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي بنت ست، وبنى بها، وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة»، فلماذا انتظر ثلاث سنوات كاملة ليدخل بها، هذا دليل على أنه لم يدخل بها أو يجامعها أبدًا، وهي غير قادرة أو مؤهَّلة لذلك فالمقياس هو البلوغ.
◄ نفسيون: زواج القاصرات يقتل الطفولة.. و70 ألف حالة سنويا
تقول الخبيرة النفسية أميرة طنطاوى أن زواج القاصرات هو مأساة حقيقية تقتل طفولة الأطفال وأن أول عارض نفسي هو الصدمة وربط الألم بالعلاقة الحميمة، ناهيك عن الحمل والولادة والرضاعة ورعاية طفلة لأطفال، وأن القاصرات هن الأكثر عرضة للعنف الأسري والاغتصاب الزوجي وينتج عن تلك العلاقة العديد من الأمراض التناسلية والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى وفاة الطفلة، كما أن القاصر تتعرض لعدة أمراض نفسية تبدأ بالتوتر والقلق والخوف الذي يصل إلى حد الرهاب بل والوسواس القهري.
وأضافت طنطاوي أن المتزوج من قاصر عادة ما يكون الزوج كبير السن كامل النضج، فالذي يدفعه للزواج من طفله أن هذا بحد ذاته يعتبر مرضا نفسيا ويجرم هذا الفعل في العديد من الدول الأوروبية، وأنهم بتلك الشعوب فئة منبوذة من المجتمع، بل لا يشفق عليهم مجتمعهم حتى بإرسالهم لمصحات لإعادة التأهيل.
من جهتها تقول أمينة إبراهيم، الأخصائية النفسية إن الفتيات تواجه الكثير من أضرار الزواج المبكر على جميع جوانب حياتها، منها المشكلات النفسية وأكبرها تعرضها للاكتئاب والعزوف وعدم الرغبة في ممارسة أي من تفاصيل الحياة، كما تعاني الفتاة من مشكلات صحية لعدم اكتمال النضج الكامل للجسم من مخاطر الحمل والولادة فأظهرت الإحصائيات أنه يوجد 70 ألف حالة وفاة سنويا بسبب الزواج المبكر.
◄أخصائي نفسي: الطفلة تصاب بفتور جنسى بعد الزواج
ويرى عائض لطيف، أخصائى الطب النفسى، أن الفتيات ضحايا الزواج المبكر عرضة للطلاق أكثر من مثيلاتهن فوق السن، وذلك لعدم إدراكهن معنى العلاقة الزوجية والإنسانية، كما أنهن لا يتناقشن مع أزواجهن فيما يخص العلاقة، وبعد فترة تصاب تلك الطفلة بفتور جنسى، وتتكون لديها الفكرة عن كون تلك العلاقة عقاب على كونها أنثى، ولا تستطيع أن تربى أطفالها لصغر وحداثة سنها وعدم استطاعتها التفرقة بين الصح والخطأ.
◄مأذون: الأب يهدر حق ابنته فى حياة أسرية
يقول الدكتور خلف، مأذون، إنه يجب معاقبة الأب الذى يقوم بتزويج ابنته مبكرا ،لأنه بذلك يهدر حقها فى حياة أسرية سعيدة ومتكافئة، بالإضافة إلى المخاطر النفسية والبدنية.
وأضاف، للحد من هذه الظاهرة أجبرنا عدم إشهار أى من هذا الزواج فى المساجد إلا فى وجود قسيمة زواج رسمية.
◄أخصائية نساء وتوليد: يسبب أضرار صحية ونفسية
كشفت الدكتورة سهير عمار، أخصائية أمراض نساء وتوليد، عن الأضرار الصحية و النفسية الناتجة عن زواج الفتيات قبل بلوغ السن القانونى للزواج، أو اكتمال النمو الجسدى للفتاة، وأن أبرزها تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له من آثار الجماع واختناق الجنين فى بطن الأم نتيجة القصور الحاد فى الدورة الدموية مما يودى إلى وفاة الجنين أو الأم.فى ذات السياق، قال الشيخ أحمد عبد المؤمن، وكيل الأوقاف بالمنوفية، إن زواج القاصرات فيه ضياع لحقوق الزوجة والأولاد وتحمل فتاة صغيرة مسؤولية أسرة يترتب عليه مشاكل عدة منها عدم مقدرة إثبات حقوق الزوجة الشرعية فى نسب الأولاد أو الميراث أو أحقيتها فى المعاش.
◄طبيب: الطفل الأول عرضه للموت بسبب قلة العناصر
وعلى صعيد متصل يقول الدكتور محمد السجينى، أخصائى أمراض نساء وتوليد، إننى خلال عملى بالمستشفى العام تفاجئت بعدد كبير من الأمهات تحت سن 18 عاما، حتى إنى فى أحد المرات فوجئت بطفلة حامل، ظننت فى البداية أنها نتيجة اغتصاب، لكنى علمت أنها متزوجة فى قرية من قرى مركز المحلة وتم تسنينها فى الوحده الصحية بأكبر من السن الحقيقى بـ6 سنوات أوأكثر، كما تتعرض الأمهات للإجهاض بنسبة كبيرة وذلك لضعف أنسجة الرحم التى لا تتحمل الجنين فيلفظه الرحم لا إراديا للخارج، كما أن الطفل الأول عرضة للموت بسبب قلة العناصر ونقص الوزن وغيره، وذلك لأن الأم نفسها فى مرحلة النمو وبناء الجسم والطفل يستنفذ عناصر البناء من جسدها.
◄مستشارة قانونية للتحكيم الدولي: زواج القاصرات جريمة جنائية يقع فيها الأب والمأذون.. والزواج العرفى يحرم المرأة من حقوقها
ارتفعت نسبة الطلاق وانخفاض عقود الزواج خلال السنوات الأخيرة الماضية بشكل مخيف، كما جاءت أغلب القضايا بسبب "الخلع"، فيما تأتى قضية الزواج المبكر ضمن أخطر القضايا التى تواجه المجتمع المصرى حيث يهدد زواج الصغيرات استقرار الأسرة والمجتمع، وقد حظيت تلك القضية باهتمام بالغ والتي ألقت بظلالها علي المجتمع في الآونة الأخيرة، وسط مطالبات بسرعة تجديد الخطاب الدينى وحملة توعية مكبرة للتصدى للظاهرة، الأمر الذي استدعي تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي دعا لضرورة الحفاظ على البنات القاصرات من ظاهرة الزواج المبكر.
وفي هذا الصدد، توضح المحامية دينا المقدم مستشارة قانونية للتحكيم الدولى، لـ«أهل مصر»، إجابات لبعض التساؤلات القانونية الشائعة الخاصة بأمور الطلاق والخلع وزواج القاصرات، وحكم القانون في حقوق الزوجات.
-هل من الممكن للزوجة أن تطلب الخلع حتى ولو لم يكن الزوج موافقا؟
إن الشرع الشريف جعل الخلع من طرق حل عُقْدة الزوجية، وذلك فى مقابل عوض تلتزم به المرأة، قال الله تعالى: ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).
وقد أخذ بذلك قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000، ونص فى المادة 20 منه على أنه (للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه، وأقامت الزوجة دعواها بطلبه، وافتدت نفسها وخلعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وردت عليه الصداق الذى دفعه لها، حكمت المحكمة بتطليقه).
-هل يرتب الزواج العرفى الذى تم إنكاره من أحد الطرفين الحق فى الميراث بين الزوجين؟
لا يرتب الزواج العرفى المنكور توارث بين الزوجين، وهذا من سلبيات الزواج العرفى الذى يحرم الزوجة من جميع حقوقها.
-هل تجب النفقة للزوجة غير المدخول بها؟
نعم تجب النفقة للزوجة غير المدخول بها من تاريخ عقد الزواج، لأن عدم دخول الزوج بزوجته ليس مانعًا من فرض نفقتها.
-هل يجوز للزوجة أن تشترط فى عقد الزواج حق الدراسة أو العمل؟
يحق للزوجة أن تضع فى عقد الزواج جميع الشروط التى ترغب بها مادامت لا تخالف الشرع أو القانون أو الآداب العامة.
-هل المطلقة بحكم المحكمة تستحق المتعة؟
نعم يحق للمطلقة بحكم من المحكمة الحصول على تعويض المتعة، باعتبار أن الحكم الصادر بالطلاق يعد دليلا على أن الطلاق تم بغير رضا الزوجة أو بسبب يرجع إليها أو بسببها.
-هل هناك عقوبة على المأذون فى حالة عقد قران ماهو دون السن؟
لم يكن هناك عقوبة محددة على المأذون، خاصة وأن ما يتم من عقود قران القاصرات لا يتم فيه إيضاح البيانات الخاصة بالسن، ويتم التلاعب فى المعلومات إلا ان الحكومة وضعت قانونا جديدا لتنظيم عمل المأذونين، من المنتظر أن يوافق عليه البرلمان، فى ظل مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة سن تشريع صارم يحظر زواج الأطفال وغلق الثغرات الموجودة فى القوانين الماضية.
ويتكون مشروع قانون المأذونين الجديد من مادتين؛ الأولى «حظر قيام المأذون بمباشرة عقد الزواج أو المصادقة عليه ما لم تكن سن الزوجين 18 عاما وقت عقد القران»، والثانية تحديد سبيل تعرف المأذون على بلوغ أحد الزوجين السن القانونية وهى بطاقة الرقم القومى أو جواز السفر ومنع الاعتماد أو قبول أى شهادة طبية لتجديد السن لأى من الزوجين.
-وما هى عقوبة الأب؟
زواج القاصرات جريمة جنائية يقع فيها الأب والمأذون الذى يقوم بتحرير عقود الزواج بين الطرفين ويعرضهم للحبس والغرامة، وذلك لأنهم قاموا بالتزوير والنصب والاحتيال لأنه لا توجد مادة صريحة فى القانون تعاقب المسئولين عن زواج القاصرات.
-وهل الزوجين عليهما عقوبة فى القانون؟
لا توجد عقوبة فى القانون المصرى تنص على معاقبة الزوجين بسبب زواج القاصرات، ولكن يمكننا معاقبتهم بنفس التهمة وهى النصب والاحتيال على نهج الأب المأذون.
نقلا عن العدد الورقي.