عندما تُذكر السينما المصرية فحتمًا لابد أن يُذكر اسم فاتن حمامة، الفنانة التي لُقبت بـ "سيدة الشاشة" لنضجها الفني الذي ساهم بشكل كبير في جعلها مركز إهتمام أصحاب الأقلام، وجعها أيضًا مُحاطة بأكبر الكُتاب والمُبدعين في تلك الفترة منذ خمسينات القرن الماضي حتى فترة الثمانينات.
ذكرى وفاة فاتن حمامة
واليوم تحل الذكرى الرابعة على وفاة أيقونة الفن التي جسدت خلال مسيرتها الفنية أدوار كثيرة محفورة في أذهاننا جميعًا، حيث شاركت "فاتن" أكبر نجوم الفن على الساحة الفنية في بدايتها في الأربعينات ولعبت دور الفتاة البريئة الرقيقة، والمسكينة أحيانًا والمغلوب على أمرها، ومع نضوجها سنًا وفنًا عملت دور الطبيبة وبنت الأكابر والطالبة واليتيمة المسكينة والصحفية والعاملة والصحفية أيضًا.
اقرأ أيضًا:
شاهد صور نادرة للراحلة داليدا والكليب الأصلي لـ"حلوة يا بلدي".. في ذكرى ميلادها الـ86
أما في فترة السبعينات لم تقم بأداء أدوار سوى الزوجة والأم كما في فيلمها الشهير إمبراطورية ميم، واستطاعت أن تنجح في أدوار البراءة هذا اللون الذي تمردت عليه فنانات كثيرات على الساحة وقتها، ولكنها لعبت دور الغموض والشر في فيلم "لا أنام" بمشاركة كوكبة كبيرة من نجوم الفن منها عماد حمدي وعمر الشريف وهند رستم، وفي الخيط الرفيع بعد عودتها لمصر في السبعينات، جسدت دور المرأة المنحرفة ولكن بأداء مُختلف عن المعتاد تقديمه لكنها ببراعة أوصلت فكرة الفيلم دون إبتذال فهي إمرأة تُقيم علاقة غير شرعية مع رجل يرفض الزواج خوفًا من المجتمع والذي لعب البطولة أمامها محمود ياسين الذي نجحت معه في تقديم الفيلم الإجتماعي أفواه وأرانب.
اختارت إحسان عبد القدوس ورفض التمثيل معها
نجحت في فترة الستينات رواية شهيرة "أيام معه" للكاتبة السورية كوليت خوري، وكانت الرواية تستهجن ترسيخ المجتمع العربي للأفكار الذكورية السليطة في تلك الفترة، وكانت الكاتبة تحكي قصتها وهي تُجسد جميع النساء بها في قصصهم مع الحياة، ونجحت الرواية رغم النقد اللازع الذي واجهته وتمت طباعتها أكثر من مرة.
وفي جانب آخر، كانت هذه الفترة تؤدي فيها فاتن حمامة دور المرأة "الفيمينيست" بعناية، الفتاه التي تحاول كسر قيود المجتمع الذكوري كما فعلت في الباب المفتوح، وهذا ما شجّع المنتج السينمائي رمسيس نجيب على عمل فيلم سينمائي يُحاكي قصة الرواية وبعد موافقة الكاتبة، أرسل نجيب الرواية لنجمته فاتن حمامة.
أعجبت فاتن بتفاصيل الرواية وفكرتها، بل اختارت إحسان عبد القدوس الكاتب الشهير لعمل دور البطولة أمامها، لأن الدور البطل كاتب وروائي كبير، استغرب المخرج بركات هذا الإختيار، ورغم إختياره هو ورمسيس نجيب لشكري سرحان أو أحمد مظهر على عمل دور بطل الرواية، إلا أن الأخير وافق على إختيار فاتن لإحسان عبد القدوس، ورآه مناسب جدًا، إذ أنه بخلاف كونه كاتب له اسمًا كبيرًا في عالم الأدب والرواية، لكنه أيضًا ابن السيدة روزاليوسف كبيرة ممثلات الشرق، ووالده محمد عبد القدوس أحد رواد فن التمثيل المسرحي، وبالتالي ورث هذه الجينات منهما، غير أنه وسيم جدًا وسيحدث ضجة لأنه العمل السينمائي الأول له.
عُرض الدور على إحسان عبد القدوس، كان قلقًا بداية الأمر لكنه وافق بعد إلحاح من رمسيس نجيب، ولكن بعض زملاءه أخافوه من محاولة التمثيل لأنه إذا فشل سيخسر جماهيرية كبيرة لديه وهو كاتب له وضعه.
لذا قرر إحسان عبد القدوس رفض الفيلم، وتم ترشيح أحمد مظهر بدلا منه، لكن الفيلم توقّف بسبب سفر فاتن حمامة فترة كبيرة خارج مصر، وعادت بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، لتقوم بأداء أول دور لها في السبعينات في "الخيط الرفيع".
اقرأ أيضًا:
أسباب هروبها خارج مصر
ابتعدت الراحلة فاتن حمامة عن الأنظار في نهاية الستينات فترة حوالي 3 أو 4 سنوات، وذلك بسبب ذهاب رئيس جهاز المخابرات لها في منزلها هي وعمر الشريف لمحاولة إقناعهما بضرورة الإدلاء على أي معلمومات خاصة تخص بعض زملائهما في الوسط، وهذا الأمر واجهته فاتن حمامة بالرفض، وتزامنت هذه الفترة سفر "الشريف" إلى هوليوود ليشق طريقه إلى العالمية وأصرّت الفنانة الراحلة على الإقامة في بيروت وهو قرر الإقامة في هوليوود طوال فترة السبعينات حتى تم الإنفصال.