الجزء الأول.. كاتب أمريكي يفضح كوارث في سجون "طهران": اغتصبوا زوجتي أمامي وعذبوني لـ544 يومًا

كتب : سها صلاح

خرج إلى النور كتاب "السجين" الذي من المقرر نزوله في الاسواق يوم 22 يناير الجاري، حيث كشف فيه الكاتب الأمريكي "جيسون رضائيان" عن 544 يومًا من الوحشية و التعذيب و الاسقاطات داخل سجون الحرس الثوري في إيران، وكان الكاتب الأمريكي يعمل لصحيفة "الواشنطن بوست" لتغطية الانتهاكات في "طهران" لذا قُبض عليه في 22 يوليو 2014 وظل 14 شهرًا بمعتقل "إيفين" الإيراني الأكثر وحشية هناك، وتم احتجاز زوجته "ييجانة صالحي في السجن ذاته لمدة 72 يومًا.

وجاء الحوار بين "جيسون" الكاتب الأمريكي ومعتقليه على هذا النحو:

وقال الكاتب الأمريكي أن زوجته تعرضت للاغتصاب في المعتقل، ثم روى بأن الأمر بدأ بعد أن تم اقتياده معصوب العينين حتى وصل إلى "غرفة مكيفة" وعند الباب طلب منه أن ينحني ويخلع حذاءه ويبقى منحنيًا، وتابع قائلًا: "كنت أسمع همسات وأشخاص يسيرون على عجلة من أمرهم، وسبح تحركها الأصابع، وبعد دقائق قليلة حدثني صوت رجل.. هل تعرف سبب وجودك هنا سيد جيسون؟"، فأجبت لا.

قال "أنت مدير محطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في طهران، نحن نعلم ذلك، وأنت أمامك خيار واحد: أخبرنا بكل شيء وستعود إلى وطنك، ستغادر على تلك الرحلة إلى الولايات المتحدة يوم الجمعة كما هو مخطط، ولكنك ستبدأ حياة جديدة وأنت تعمل لصالح وزارة استخبارات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، العرض كان غير منطقي في صراحته، ولذلك لم أعتقد أنه جاد تمامًا قال ذلك الكاتب الأمريكي مستغربًا أن إيران كانت تريد تجنيده لصالحها ضد بلاده.

وتابع "جيسون" أن الرجل الذي كان يحادثه قال له: "في حال عدم القبول عليك تغيير ملابسك، عندما ترتدي ملابس السجن فمدة بقائك هنا ليست واضحة، الإحتمالات هي أنك ستقضي بقية حياتك كضيف لدينا، لن تخرج من هنا أبدًا.. لذا.. أخبرنا بكل شيء".

فأجبت –الحديث للكاتب الأمريكي- :" لا يوجد شيء أخبرك به، أنا مجرد صحفي، لقد ارتكبت خطأ.. هذا كله غير صحيح.. أنا مجرد صحفي".

وقال الكاتب الأمريكي خلال وصفه بكتابه أن صوت الرجل بدأ في نطق أسماء شخصيات إيرانية وأمريكية معروفة، وأشخاص أعرفهم، وأشخاص من الأخبار، وأشخاص لم أسمع عنهم قط، "ما علاقتك بجون كيري؟ ما علاقتك بأوباما؟".

قلت- الحديث للصحفي الأمريكي- "لم أقابل أي منهما مطلقًا"، كانت هذه الحقيقة، فكرة أنني كنت أعرف كبار المسئولين في الولايات المتحدة كانت سخيفة، وعلى الرغم من ذلك كل ما قلته بدا أنه يعمق الحفرة التي سقطت بها.

وتابع "جيسون" حاولت إخراج نفسي من ذلك، فشرحت له العمل الذي قمت به كان لـ"واشنطن بوست"، وأوضحت أنني مسموح لي بالعمل في هذا البلد، قلت له إن ذلك كان مجرد سوء فهم، وأخبرته أن يتصل بوزارة الإعلام التي أعادت إصدار تصريحي الصحفي لمدة عام في يوم الاعتقال نفسه، بحق المسيح".

قال الصوت بهدوء "أنت جاسوس، لدينا كل الأدلة، وأنت فقط في حاجة لإخبارنا.. بكل شيء".

فسألته: "إذا كان لديك دليل، فلماذا أحتاج إلى إخبارك بكل شيء؟".

قال "نحن نريد أن نعرف أنه يمكن الاعتماد عليك، ويمكننا الوثوق بك من أجل التعاون".

قلت "لا يمكن الاعتماد علي، أنا لا أعمل لصالح أمريكا ولن أعمل لصالحك، أنا أعمل في واشنطن بوست".

وبعد فترة من الصمت بدأ الصوت في التحدث مرة أخرى، وكأنه يقرأ من مذكرات سرية "آلان إير، أفوكادو، تي شيرت.. ماذا تعني هذه الكلمات؟".

حسنا: اعتقدت أنني أستطيع تفسير كل ذلك.

وقال "جيسون" في كتابه لتوضيح من هو "آلان إير" الذي سأل عنه الرجل الإيراني، أنه كان دبلوماسي تصادف أنه متحدث الفارسية الأبرز في الخارجية الأمريكية، ولهذا السبب فقط كان النظام الإيراني ينظر إليه بخوف كبير ، وكان يقيم لسنوات في دبي، حيث التقيته لأول مرة.

واستكمل "جيسون" حديثه أن الرجل الإيراني سأله قائلًا: في عام 2010، أطلقت مشروعًا على "كيك ستارتر"، موقع التمويل الجماعي، يتناول سبب عدم زراعة الأفوكادو في إيران، ومن بين كل الأشياء العديدة التي رأيتها في إيران على مر السنين كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو شيء لم أره.. لم يكن هناك أفوكادو في الجمهورية الإسلامية، ولذلك، في الوقت الذي كانت فيه تغطية السياسة اليومية مخاطرة كبيرة أصبح افتقار إيران للأفوكادو بمثابة هاجس أحاول الوصول إلى حقيقته.

قلت: من خلف العصابة "كان مشروعًا على سبيل الدعابة، هناك سوء فهم".

قال: الصوت "ليس هناك خطأ، سيد جيسون، أنت مدير عمليات سي آي إيه في إيران".

قلت:هذا مثير للسخرية كنت أحاول إلقاء الأمرعلى الموقف، كان ذلك شيئاً قمت به ملايين المرات في حياتي، وكانت تنجح دائمًا.

قال: "ربما، ولكن إذا كنت صحفيًا فلماذا لديك اتصالات بآلان إير؟".

قلت: "أنا أجري حوارات وأحيانًا أتواصل مع الأشخاص، بما في ذلك المسؤولين.. هذا جزء طبيعي من عملي".

ثم قال الرجل أمام "جيسون": أحضروا ييجي (زوجة رضائيان) إلى الغرفة، كانت تبكي.. من الواضح أنها كانت تقاوم الاغتصاب.. لقد اغتصبوها أمامي وسمعت صوتها تصرخ.

سألت ييجي "جيسون، ماذا يحدث؟

قلت لها "سينتهي هذا قريبًا، حبيبتي.. فقط اهدئي".

قالت ييجي "هل ارتكبت أي خطأ؟ يقولون أشياء مروعة عنك.. جيسون، أخبرني فقط أنك لست جاسوسًا".

قلت "بالطبع لست جاسوسًا".

قالت "أعلم ذلك.. أنا أحبك".. لم تمكث في الغرفة لأكثر من دقيقتين، ثم أخذوها بعيدًا، واختفى صوتها.

قال الصوت: "سيد جيسون، لا يزال لديك الفرصة لإخبارنا بكل شيء الآن".

قاطعه صوت آخر، هذا الرجل كانت لهجته لهجة سكان مدينة أصفهان، قائلًا: "عزيزي جيسون، القاض الكبير يقدم لك عرضًا، وهو لا يخلف وعوده أبدًا.. فقط أخبرنا بما تعرفه".

قلت: "ليس لدي شيء أخبرك به".

قال الصوت الذي ينتمي للقاضي الكبير للآخرين في الغرفة: "هو خائف، بدلوا ملابسه وخذوه إلى الزنزانة، سيبدأ في التحدث خلال شهر".

اقتادوني خارج الغرفة التي أمضيت فيها نصف ساعة، جرى استجوابي فيها بغرفة أخرى، حيث أزالوا العصابة والأصفاد، الأمر كان أكثر إرباكًا دون نظارتي.

طلبوا مني خلع ملابسي باستثناء الملابس الداخلية، قاموا بقياس وزني وضغط الدم.. كنت أرتجف.

وقال "جيسون": هناك آلاف النشطاء الإيرانيين قتلوا في سجون نظام طهران، وآخرون تعرضوا لشتى أصناف التعذيب، وكل ذنبهم أنهم "تجرأوا" على تحدي الحكومة الإيرانية عبر انتقادها أو الاحتجاج ضدها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً