في مفاجأة هي الأولي من نوعها، وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، بغالبية أعضائها، على مقترح اللواء كمال عامر، رئيس جهاز المخابرات الحربية السابق رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الحالي، الذى يقضي باستمرار تواجد القوات المسلحة في الشارع لحماية المنشآت العامة مع وزارة الداخلية حتى عام 2019.
جاء ذلك مع طلب اللجنة الاقتصادية بالمجلس تشكيل لجنة من الإدارة الهندسية للقوات المسلحة لرصد مخالفات التوريد الوهمي للقمح، وجرد وحصر المخزون الفعلي من القمح في الشون، وبعد ساعات قليلة من مطالبة نواب لجنة التعليم بالبرلمان بإسناد كافة إجراءات تنظيم امتحانات الثانوية العامة إلى القوات المسلحة.
وتضمن مقترح "عامر" تعديل القانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية الذي سبق وأصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 27 أكتوبر 2014، لإسباغ صفة المؤسسة العسكرية على غالبية المنشآت العامة والحيوية، ووفقًا للمقترح يكون للقوات المسلحة الحق في التواجد في الشوارع لحمايتها لمدة 5 سنوات بدلًا من سنتين، كما كان في قانون السيسي، الذي يُنهي تواجد القوات المسلحة في الشوارع وخارج ثكناتها في 28 أكتوبر المقبل، لكن وفقًا للمقترح الجديد ستمدد فترة تواجدها حتى ذلك التاريخ من عام 2019.
بعد 4 أشهر من تولي السيسي الحكم وبالتزامن مع حادث العريش الذي راح ضحيته 33 من أفراد الجيش والشرطة، أصدر القانون رقم 136 لسنة 2014، متضمنًا مادتين: الأولى نصت على أن "تتولى القوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، بما في ذلك محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقوق البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها، وتعد هذه المنشآت في حكم المنشآت العسكرية طوال فترة التأمين والحماية".
أما المادة الثانية فنصت على "إخضاع الجرائم التي تقع على هذه المنشآت لاختصاص القضاء العسكري، وإلزام النيابة العامة بإحالة القضايا المتعلقة بهذه الجرائم إلى النيابة العسكرية المختصة".
القرار الجمهوري وقتها حدد مدة للعمل بنصوص هذا القانون بسنتين، من 27 أكتوبر 2014 إلى 28 أكتوبر 2016.
اللافت أن طلب تعديل القانون لم يأت من جانب حكومة شريف إسماعيل، ولا من جانب وزارتي الدفاع والداخلية المعنيتين بالأمر.
ما حدث هو أن رئيس البرلمان علي عبد العال تلقى طلبًا من النائب كمال عامر و13 آخرين، أغلبهم ضباط سابقون بالجيش والشرطة، بتعديل القانون لتصبح مدة سريانه 5 سنوات بدلًا من سنتين، وأحال عبدالعال الطلب إلى لجنة الاقتراحات التي أقرته بعد موافقة وزارات الدفاع والداخلية والعدل على التعديل، ومن المفترض أن يعرض في وقت لاحق على الجلسة العامة للبرلمان ليحصل على موافقة أغلبية النواب حتى يدخل حيز التنفيذ.
وكان الهدف من ذلك التعديل وفقًا لتصريحات اللواء كمال عامر أن تطبيق هذا القانون أدى إلى تراجع فى الجرائم التي ترتكب على المنشآت العامة والحيوية بالدولة، إضافة إلى وجود ضرورة قصوى لمد العمل بهذا القانون أطول فترة ممكنة، ليتمكن القضاء العسكري من الفصل في قضايا مازالت متداولة أمامه، فضلًا عن معاونة القوات المسلحة للشرطة في مواجهة الجرائم التي ترتكب خلال الفترة القادمة، وسرعة الفصل فيها بأحكام رادعة".
واعتبر النائب همامي العادلي، رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان، أن استمرار تواجد القوات المسلحة في تأمين البلاد من الداخل إلى جانب دورها في تأمينها من الخارج ضمانة للمواطنين، لافتًا إلى أن "المقترح الذي تلقته اللجنة من النواب كان يتضمن مد العمل بالقانون لمدة عامين آخرين، إلا أن اللجنة قررت بعد الاستماع إلى رؤية وزارتي الدفاع والداخلية مد العمل بالقانون لمدة 3 سنوات جديدة للقضاء على الإرهاب وردعه".
جدير بالذكر أن عدد من المنظمات الحقوقية، على رأسها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قد طالبت "السيسي" عام 2014 بسحب القانون وإلغائه والالتزام بنصوص الدستور، وحسب المحامي بالمبادرة عادل رمضان فإن إقرار القانون منذ أكتوبر 2014 حتى الآن تبعه مثول آلاف المواطنين العاديين أمام القضاء العسكري، الذي يفتقر إلى معايير المحاكمات العادلة والمنصفة، "كما أن الدستور المصري ألزم بمحاكمة المتهم أمام قاضيه الطبيعي، ولا يوجد الآن ما يبرر استمرار هذا الإجراء الاستثنائي".