اعلان

حكاية حي في أروقة القاهرة الفاطمية.. "الجمالية" سميت على اسم وزير "المستنصر" بعد أزمة الجوع .. لتكون مسقط رأس الزعماء

يحمل كل حي في أروقة القاهرة الفاطمية القديمة لمحة من عبق التاريخ، وأصالة ناسها، حيثُ يضم إطار الأحياء القديمة الواقعة في قلب منطقة المُعز وأطرافها، ويضم حي الجمالية 18 شياخه أهمها شياخة الجمالية وبرقوق وقايتباى والبندقدار والمنصورية والدراسة والعطوف وقصر الشوق والخواص وباب الفتوح وخان الخليلى والخرنفش وبين السورين.

وترجع تسمية حي الجمالية بهذا الاسم، نسبة إلى بدر الدين الجمالي الاستادار وزير الخليفة المستنصر، ويضم مسجدي الحسين وخان الخليلي وغيرهما، إلا أن أهالي المكان وزواره لا يستخدمون اسم الجمالية كثيرا في معاملاتهم اليومية فكل أجزاء هذا الحي شهيرة في حد ذاتها.

بدر الدين الجمالي

أمير الجيوش ووزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وصاحب مشهد الجيوشي القابع فوق جبل المقطم. استدعاه الخليفة المستنصر من الشام ليوليه الوزارة في عام 1073 حتى يستعيد السيطرة على الأمور وللخروج من الأزمات التي كادت تودي بدولة المستنصر بالله. 

وبعد ظهورالغلاء بمصر واشتداد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفساد، أكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دون تليس دقيق وعم مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات برًا وبحرًا إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء، وبيع أردب قمح بثمانين دينارًا ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير. 

أعاد بدر الدين الجمالي بناء سور القاهرة لتقويته ولزيادة مساحتها، وأصبحت القاهرة مدينة دفاعية مسورة لصد هجمات السلاجقة المحتملة عليها، وقد بقيت أجزاء من هذا السور، وبعض أبوابه الشهيرة، باب النصر، باب الفتوح، وباب زويلة. 

حي الجمالية يتمتع بشهرة تاريخية وعالمية لإنه يعتبر مجمع تراث القاهره من وقت بنائة، فيه الأزهر، وجامع الحاكم بأمر الله، والجامع الأقمر وغيرها، وفيه أسوار القاهرة، وبواباتها، والمدارس الأيوبية والمملوكية، وخان الخليلي، والصاغة، والنحاسين. كما يقع مسجد الحاكم في نهاية الشارع لننتقل إلى مكان آخر يحمل حكايات من التاريخ العريق. 

حكاية مسجد الحاكم بأمر الله

في نهاية شارع المعز يقع مسجد الحاكم بأمر الله وهو ثاني المساجد التي أقامها الفاطميون في مصر، حيث بدأ الخليفة الفاطمي العزيز بالله ثاني الخلفاء الفاطميين بمصر في أعمال بناء المسجد عام 380 هجرية (990 ميلادية) وبعد وفاته استكمل ابنه الحاكم بأمر الله بناء المسجد حيث استغرق 22 عامًا وسماه باسمه "مسجد الحاكم بأمر الله". 

تتعدى مساحة المسجد 13 ألف متر مربع، ويتكون من صحن كبير لا يعلوه سقف وعلى يمينه ويساره ممران يؤديان إلى القبلة، وفي مقدمة المسجد مساحة كبيرة مغطاة بسقف ذي رسوم وزخارف وفي منتصف الصحن تقع مسقاة للوضوء. 

وللمسجد مئذنتان متوسطتا الطول مبنيتان من الحجر تقع على أطراف المسجد من الخارج عند بابه الرئيسي، ومقامتان على برجي المسجد الشمالي والجنوبي، لا يرى الإنسان منهما من الخارج سوى الجزء العلوي المجدد إبان حكم السلطان الناصر بن قلاوون. لكن الشكل الحالي للمسجد من الداخل والخارج تغير كثيراً عما كان عليه، فعند إنشائه لم يكن المسجد داخل مدينة القاهرة الفاطمية إلى أن قام بدر الجمالي بإقامة السور الشمالي لها الذي يقع بين بابي النصر والفتوح. 

تتميز جدران المسجد بالكتابات الكوفية خصوصا أسفل سقفه، أما شبابيكه المفرغة فتزينها رسومات وأشكال هندسية تسمح بدخول أشعة الشمس من معظم الجهات. 

مسجد الحُسين

لم يكن مسجد الحاكم المرتبط بحي الجمالية فحسب، بل أن جامع الحُسين الأشهر بجوار الجمالية، فعندما تسأل أهل الجمالية عن طقوس المكان يؤكدون أن أصوات الذكر والإحتفالات الدينية تصل إليهم ويُشاهدونها من نوافذ شُرفات الحي التي تحمل تصاميم قديمة. 

وسمي المسجد بهذا الاسم لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام الحسين مدفونا به، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق به في مكانه الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل بطلبه وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن في مكانه الحالي، وأقيم المسجد عليه. 

مسجد الحسين هو عمر القاهرة وكل مرحلة في تاريخ مصر تم تسجيل ملامحها على جدرانه من المظلة الفاطمية أول جزء تم بناؤه في المسجد، مرورًا بباب قايتباي الذي يمثل اهتمام دولة المماليك بالجامع، ثم مظلة الأتراك الموجود بها حاليا المنبر والقبلة والتي تم بناؤها في عهد العثمانيين، بالإضافة إلى اللافتات المحفورة على جدران الجامع وتدل على مدى اهتمام أبناء أسرة محمد علي في القرنين التاسع عشر والعشرين بعمارة وتجديد الأزهر. 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً