منذ أيام هدد وزير الدفاع الإيراني حاتم أميري إسرائيل بأنه قادر على توجيه الحشد الشعبي الشيعي الموالي لنظام الخامنئي ضد إسرائيل، وذلك على خلفية قصف مواقع إيرانية داخل سوريا من قبل القوات الإسرائيلية.
للوهلة الأولي يظن الجميع أن أسلوب التهديد المباشر الذي اتبعه "أميري" في فحوى رسالته إلى إسرائيل،مبني على ثقة تامة في حلفاءه، واستنادا إلى أتباعه السياسين من نفس التيار الشيعي من أهل العراق والذي وصف ضخامة أعدادهم بكلمة "حشود" ، ومالبث بعدها أن تراجع خطوة إلى الوراء مستخدما تهديدا جديدا من نوع أخر يظهر فيه إمكانياته العسكرية، وينطوي على رسالة خبيثة مفادها أن إيران وإن بدأت الحرب فلن تنهيها ،واتضح ذلك في قوله "إن القدرات الصاروخية لبلاده غير قابلة للتفاوض".
لقد علم "حاتم أميري" أنه أخطأ وتسرع عندما راهن على من أسماهم أتباعه، وخص بهم الطائفة الشيعية في العراق، وأسرع بتغيير نوع التهديدات الإيرانية مستخدما ما يملكه من أدوات فعلية وليست حسابات مزورة تمكنه من مهاجمة إسرائيل ،فلم يجد غير القدرات الصاروخية التي يتمتع بها جيش النظام الخامنئي،وهذا ما يدعونا للتفكير بعمق أكبر لنحلل السبب الرئيسي لتغيير نبرة التهديد الإيراني لإسرائل في غضون أيام معدودة فصلت بين التصريحات الخاصة بوزير الدفاع الإيراني.
ان نظام الخامنئي يعلم جيدا أن أغلبية الطوائف الشيعية داخل الوطن العربي غير موجهة وغير مرتبطة بأنظمة سياسية،بل هي مذاهب دينية بحتة، لذلك فإن نظام الولي الفقيه ركز في مخططه الإستعماري لغزو الدول العربية بدءا من منطقة الخليج العربي على نشر فكر التشيع السياسي، بتطبيق فكر المرجعية الدينية والولاء المباشر لنظام الخامنئي في إيران ،حتى أننا يمكننا أن نجزم بأن نسبة الشيعة المواليين لنظام الخامنئي في العراق هي نفس عدد العناصر العسكرية التي تم إرسالها من قبل إيران إلى العراق لتقيم فيها بعد إنسحاب القوات الإمريكية منها،ولم تكتفي إيران بهذا العدد ممن أرسلتهم من جنودها إلى العراق بل ضاعفت تلك الأعداد بزعم انها تشارك في محاربة تنظيم داعش وتطهير العراق من الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وهذا ما يؤكد تزوبر إيران للحقائق وإدعائها النفوذ، وأن لها تيار ديني وسياسي شيعي قوي موالي لنظام الخامنئي في العراق.
ولم اتفاجئ وأنا أتفقد ما تعرضه المحطات التليفزيونية وأرى قناة تبث علي القمر الصناعي المصري "نايل سات" اسمها "فدك" وهي قناة شيعية عراقية تعرض برنامج يقدمه مذيع عراقي شيعي يهاجم التيار الشيعي السياسي الموالي لنظام الخامنئي في إيران، ويسبهم ويكفرهم بل ينكر عليهم كونهم تيار إسلامي من الأساس،موضحا هذا المذيع العراقي أن الطائفة الشيعية في بلده رافضة بشكل قطعي لنظام المرجعية الدينية الإيرانية،معلقا على تصريح الخامنئي "من ليس منا فحلال دمه" ،ويقصد بذلك أي طائفة شيعية في الوطن العربي لا تتبع نظام الولي الفقيه في طهران.
فالشعب العراقي بإختلاف طوائفة لن ينسى أبدا الدور الإيراني في الغزو الأمريكي للعراق، وما تبع حرب إيران من خسائر اقتصادية عظيمة هزت أرجاء الدولة العراقية، وأطاحت بالعديد من الأبرياء من أبناء الشعب العراقي.
وفي حقيقة الأمر فإن رئيس الوزراء الإسرائليي "بنيامين نتنياهو" لم يكن ساذجا إلى هذا الحد الذي يجعله لا يلاحظ تهديدات إيران المتضاربة وغير المتزنة كل ساعه،مترددة وكأنها غير مـتأكده وواثقه فيما تهدد به من أدوات تهاجم بها إسرائيل، فحلفائها من الحشد الشيعي المزعوم في العراق هم جنود ايرانيين مرصود أعدادهم الفعلية من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلية،لذلك قرر "نتنياهو" أن يوصل رسالة إلى نظام الخامنئي فحواها ان إسرائيل تعلم جيدا أن النظام الإيراني لا يقف على أرض صلبه ويهدد بأدوات حرب قد لا يمتلكها في الوقت الراهن ،فهو غير متأكد من إمكانياته وقواه الفعلية وجاء ذلك في قوله " لا نتجاهل التهديدات الإيرانية ، لكنها لا تؤثر علينا لأننا نعلم قوتنا في الدفاع والهجوم".