في حواره مع الأندبندنت "بندر بن سلطان" يكشف أسباب انهيار العلاقات بين إيران والسعودية.. واسرار عن صعود "الخميني" للحكم

بندر بن سلطان
كتب : سها صلاح

خلال لقاء امتد لـ14 ساعة، حاورت صحيفة الأندبندنت رئيس المخابرات السعودي الحالي وسفير الرياض في واشنطن سابقاً الأمير "بندر بن سلطان" للكشف عن أسرار تكشف لأول مرة حول خفايا الشرق الأوسط و كواليس لقاءات بالزعماء والرؤساء وملفات شائكة في المنطقة.

وجرت المقابلة في قصره بمحافظة جدة، والقضية الفلسطينية كان لها نصيب كبير خاصة ما يخص رئيس السلطة الفلسطينية ياسرعرفات، وكيف ارتكب جريمة بحق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية حين لم يقبل بمشروع السلام في عهد الرئيس الأميركي "بيل كلنتون".

-اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد

منذ عهد الملك عبدالعزيز، تعتبر السعودية البلد الوحيد حيث تريد الدولة أن تتقدم بينما ترفض الغالبية ذلك، والمثال على ذلك "تعليم البنات" الذي كان ممنوعاً في السعودية، الدولة كانت تريد فتح مدارس لتعليم البناتوكذلك موضوع التلفزيون وإطلاق البث التلفزيوني، تعرض لمقاومة شرسة،وباتخاذ محمد بن سلمان هذا القرار، حافظ الملك سلمان على استقرار السعودية، لعشرين عاماً للأمام على أقل تقدير، كثيرون من أبناء الملك عبدالعزيز تجاوزوا الستين من عمرهم وليس هم فقط، بل حتى الأحفاد وأنا واحد منهم، وقد اتخذ الملك سلمان قراره بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد على هذا الأساس".

إيران والشاه والخميني

بدأ الأمير بندر حديثه بعد السعودية الجديدة عن إيران، وحين بالتفصيل استخدم المثل الشهير"عدو عاقل خير من صديق جاهل"، ويرى أن آخر حكام إيران قبل الثورة الخمينية عام 1979 وهو شاه إيران محمد رضا بهلوي عدو عاقل، وأن الجهل هو ما يمكن أن يتصف به النظام الحالي في طهران.

كان للأمير بندر مصادفة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، دون ترتيب، بسبب خطأ ومصادفة حدثت، ولأول مرة يتحدث الأمير بندر عن هذه المصادفة ففي لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين والتي بدأت بعد عودته من واشنطن عام 2003 ويقول : "شاه إيران لم يكن صديقاً، كان لديه طموحات ويرى نفسه شرطي المنطقة لكنه كان عاقلاً، والمثال على ذلك، أنه حين طالب بضم البحرين إلى حكمه، جرت اتصالات بينه وبين الملك فيصل، الذي قال له بأنه لا مصلحة لشاه إيران بمعاداة جميع العرب، كيف يفكر بأخذ البحري؟

نصيحة الملك فيصل للشاه

العلاقة بين إيران والسعودية، في عهد الشاه وقبل عهد الخميني، لم تكن علاقة شد وجذب، ، بل كان لها جانب إيجابي،ويسرد الأمير بندر قصة حدثت بين ملك السعودية والشاه محمد رضا بهلوي يقول : "وقبل الحديث عن إيران والسعودية، هناك حادثة مهمة نذكرها عن مراسلات بين شاه إيران والملك فيصل، ووقتها بدأ الشاه ثورة بيضاء لتحديث إيران فكرياً واجتماعياًعام 1963م، وكان من ضمن أفكار ثورته منع الحجاب، وهناك فرق بين أن تقول "ممنوع" أو "لكِ الخيار".

الخميني والصعود للحكم

ويوضح "بندر" كيف تعاملت الرياض مع صعود روح الله الخميني للحكم" يقول "كنا ننتظر كيف ستتطور الأمور هناك لكن في الوقت ذاته كانت السعودية أول من أرسل تهنئة للخميني وأرسل الملك خالد بن عبدالعزيز وقتها مبعوثاً يهنئ الإدارة الإيرانية الجديدة ونظام الحكم فيها، وبعد فترة، بدأت التصفيات الجماعية للمثقفين والسياسيين وقادة الجيش، وخرجت آلية ولاية الفقيه وأصبح الحكم في يد شخص واحد هو المرشد الأعلى "الولي الفقيه"، وصحيح أن هناك انتخابات ورئاسة جمهورية، لكن لا قيمة لها".

-لماذا العداء بين السعودية وإيران؟

قال "بندر" حين توسطنا بشكل سري بين العراق وإيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كنا نجتمع في نيويورك، علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني السابق، ووزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز، بحضور الأمين العام السابق للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار، وجاءني خبر أن بعض الإعلاميين الأميركيين بدأ يصلهم علم بذلك، فقررنا وقتها الانتقال إلى سويسرا، وانتقلت المفاوضات لإيقاف الحرب، إلى بيت الأمير سلطان بن عبدالعزيز في جنيف.

وكانت الإجابة بقصة: "بدأ الخميني بالتصريحات العدائية وبمهاجمة العراق، ولسخرية القدر أنه كان هناك في بغداد تحت الإقامة الجبرية في عهد أحمد حسن البكر.

وقد الشاه طلب من صدام حسين حيث كان هو من يمسك بزمام الأمور في العراق، طرد الخميني الذي كان يقيم لديهم وإلا سيأخذ شط العرب، وذلك بسبب تحريضه وإصداره لأشرطة "كاسيت"تستنهض الشيعة وتحرض عليه، الفكرة لم تعجب صدام حسين وقال بأنه قادر على إيقاف هذه الأشرطة، فرفض الشاه، وقام صدام بالاستجابة لرغبته بإخراج الخميني الذي اتجه إلى فرنسا، ذكر شاه إيران في مذكراته أنه حل مع صدام لاحقاً في قمة أوبك بالجزائر كل الأمور المتعلقة بشط العرب عام ١٩٧٥، وهناك فتح الخميني بابه للإعلام الغربي وبدأ يلتقي بالمستشرقين الغربيين والأحزاب الإيرانية المختلفة، الحزب الشيوعي والليبرالي وغيرها، واجتمعت الأحزاب الإيرانية على كره الشاه، وهنا بيت القصيد وبداية الإشكالية السعودية-الإيرانية.

وتابع "بندر" قائلاً: "نعرف جميعاً أن صدام حسين حاكم مجرم وسفاح بمعنى الكلمة، لكن الخميني أعلن في خطاب له أنه سيحرر العراق أولاً، ثم يتوجه لتحرير دول الخليج بالقوة،ولم يكن أمام القيادة السعودية سوى خيارين: السيء والأسوأ، فاختارت السيء، وتفسير القيادة السعودية للخلاف الذي يشعله الخميني أنه ليس خلافاً سنياً - شيعياً أو سياسياً، بل خلاف تاريخي فارسي - عربي وذو نظرة عنصرية من الخميني، ومثال بسيط على ذلك، أنه في الحرب العراقية الإيرانية 80% من الجيش العراقي كانوا من الشيعة وكانوا يحاربون ضد إيران، لأنهم لم يكونوا يحاربون "ولاية الفقيه" أو إيران الشيعية، بل الفارسية وكان صدام حسين يقنعهم بذلك".

-حسن نصر الله

وكشف "بندر بن سلطان" عن دور إيران الواضح في المنطقة بقوله : "في لبنان مثلاً، حدثت اشتباكات بين حزب الله وبقية الأحزاب في 2007،وكلفني الملك عبدالله أن أذهب إلى إيران وأقنعهم بإيقاف حزب الله عن القتال، ونحن نضمن المسيحيين والسنة، واقتنعوا أخيراً، وكان شرطنا أن يذهب السفيران السعودي والإيراني إلى مكان حدوث الاشتباكات، وبالفعل ذهبا وانسحب حزب الله بعد نصف ساعة أو ساعة، وهنا كانت السخرية حين يقول حزب الله إن إيران لا تتحكم بتحركاتهم".

قال لي خامنئي "لماذا لا تجلس يوماً إضافياً؟" فقلت له: "لدي موعد مع الشيطان الأكبر"، فقال "من الشيطان الأكبر"؟ وأجبته "الولايات المتحدة الأميركية، لدي موعد مع الرئيس"،وكسر خامنئي حدة تعابير وجهه بضحكة وقال "كيف تصفهم بذلك؟ أليسوا أصدقاء لكم؟" فقلت "نعم وأصدقاء استراتيجيين كذلك، لكن خشيت أن أقول لك سأذهب إلى أميركا فتسألني أميركا الجنوبية أو الشمالية؟ فاستخدمت المسمى الذي تستخدمونه".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً