تحل اليوم ذكرى ميلاد اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات الأسبق، المثير للجدل والعائد من الموت كما رآه البعض وأطلقوا عليه قائلين: "الجنرال حي وسوف يعود".
عرف عن الجنرال أنه رجل المهام الصعبة خاصة في لعب الأدوار الهامة في الحياة السياسية فلقب بثعلب الصحراء.
عمل بجوار الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، باعتباره المسئول عن القصر الرئاسي لمدة 25 عامًا كرئيس للإدارة المركزية لرئاسة الجمهورية، وهو ما جعله ملمًا بالأمور السياسية وكواليسها، وعلى صلة وثيقة بصانعيها.
كانت حياته غير عادية مليئة بالأسرار والخبايا، كان قريبا من دوائر صناعة القرار، كل ذلك أتاح له أن يكون مصدرًا للمعلومات التي لا تتوافر لدى الكثيرين، علاوة على ما يملكه من رؤية وقدرة كبيرتين على التحليل.
تدرج في العديد من المناصب منها رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة، ومدير المخابرات العسكرية، ورئيس جهاز المخابرات العامة، بدءًا من عام 1991 وحتى تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك.
انضم سليمان إلى الجيش عام 1954، ثم أرسل في بعثة ليتلقى العلوم العسكرية في أكاديمية فرونزي بموسكو بالاتحاد السوفيتي السابق.
وله العديد من المؤهلات العلمية والعسكرية، وحاصل على ماجستير في العلوم العسكرية، إضافة إلى ماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وبدأ عمله في مجال الاستخبارات منتصف ثمانينات القرن الماضى، عندما عين قائدًا للمخابرات العسكرية، ليتسلم بعد ذلك رئاسة جهاز الاستخبارات العامة سنة 1991.
ظل "سليمان" معروفًا لفترة طويلة في أوساط المخابرات المصرية المختلفة، ليبدأ منذ عام 2000 ظهوره العلني عبر سلسلة من الجولات الخارجية بين غزة ورام الله والقدس وتل أبيب ممثلا للوساطة المصرية في القضية الفلسطينية.
كما أدى كذلك أدوارا دبلوماسية من خلال عدد من المحطات، منها زيارته لسوريا بعد مقتل رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريري.
وقاد وساطات عديدة أخرى بين حركتي حماس وفتح، وقام بالوساطة أيضًا سنة 2006 لحل قضية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عبر الاتصالات المتعددة مع كل من إسرائيل والحكومة الفلسطينية وقيادة حماس، ويعتبر هو المسئول عن ملف إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مصر.
احتدم السباق بين الإخوان وسليمان عقب إعلانه عن خوضه السباق الرئاسي عقب إسقاط نظام مبارك واتهم سليمان الجماعة بالتهديد بقتله لإبعاده عن الترشح.
بينما رد الإخوان بإعلان رفضهم بشدة محاولات إنتاج النظام السابق في شخص سليمان، مهددين بالنزول إلى الشارع لمواجهة أي محاولة لسرقة الثورة أو تزوير الانتخابات، وانتهى الصراع بخروج سليمان من السباق الرئاسي.
أبدى "عمر سليمان" دهشته من مهاجمة الإخوان له، قائلًا: "إن العلاقة بينهم طيبة كثيرا، كما أن جهاز المخابرات كان الصدر الحنون للإخوان، نتيجة الضغط الذي كانت تمارسه الأجهزة الأخرى عليهم، وكنا على اتصال بهم وننصحهم ونتشاور معهم".
كما فجر "سليمان" مفاجأة من العيار الثقيل أنه عند تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية اتصل على الفور بالإخوان، لأنه كان على علم أنهم كانوا "يقودون الميدان في ذلك الوقت"، كما التقى اثنين من كبار قادتهم، وهما محمد مرسي الرئيس المعزول وسعد الكتاتني للتفاهم معهما على "حل" للأزمة السياسية.
وأكد سليمان أن حكم الإخوان كشف للجميع أكذوبة أنهم المضطهدون والمعذبون، كما أكد أن قياداتهم للبلاد بلا خبرة سياسية أو إدارية، فقط يحتمون بأمريكا، ويعتمدون على دعمهم المالي من قطر وإيران.
ووصفه وزير الجيش الإسرائيلي السابق بنيامين بن إليعازر خلال لقاء مع الإذاعة الإسرائيلية قائلا: "إن عمر سليمان رجل مناسب لإسرائيل، من ناحية تفكيره المخابراتي العالي".
وقال عنه أيضًا "جورج تينيت" رئيس المخابرات الأمريكية: "إنه رجل صادق تمامًا في عالم ملىء بالضلال.. فهو شخص قوى جدًا وصلب ذو مظهر مهيب.. يتحدث بتمهل شديد وجذاب صادق تمامًا، وصريح.. عمل بعيدًا عن الأضواء في محاولة صادقة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبين الفلسطينيين بعضهم البعض".
كانت وفاته غير عادية وأثارت الشبهات الكثيرة حول ملابسات وفاته، فقد توفي في أحد مستشفيات "كليفلاند" بالولايات المتحدة الأمريكية، وأشار البعض إلى أن هناك شبهة جنائية في وفاته، على الرغم من أن المستشفى الذي تلقى به علاجه أصدر بيانا عقب وفاته أفاد فيه أنه توفى على إثر مرض وراثي في الدم.