تحل اليوم الذكرى 44 لوفاة كوكب الشرق السيدة أم كُلثوم أو كما كان يُلقبها جمهورها بـ "الست"، واسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي ولدت في الدقهلية سنة 1898، وبدأت مشوارها الفني وهي في سن الطفولة.
فاطمة بنت الشيخ إبراهيم.. كما كانت معروفة في كُتاب القرية، حفظت القرآن عن ظهر قلب وتفننت في تلاوته، وأحبت الغناء أثناء تعليم والدها لأخاها خالد ليُغني معه في الإحتفالات، وعندما سمعها وهي تُغني ما تعلمته منه ومن شقيقها، انبهر والدها بصوتها وضمها إلي دروس الغناء في سن 12 سنة.
بدأ يذيع صيتها وذهبت مع والدها إلى القاهرة لتُحيي ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وذلك في عام 1922، وأعطتها سيدة القصر خاتمًا ذهبيًا وتلقت 3 جنيهات أجرًا على الليلة التي أحيتها.
بدأت تستقر في القاهرة، وتعرفت على محمد القصبجي ليبدأ مشوارها الحقيقي معه، حيثُ أسس لها أول "تخت" فرقة موسيقية وكان وقتها يتسابق المطربين في تمكنهم من غناء قصيدة لأكثر من لحن، ونجحت أم كلثوم في أداء "أراك عصي الدمع" مرة لألحان السنباطي ومرة أخرى من ألحان عبده الحامولي، حتى أنتجت أول اسطوانة لها "وإن كنت أسامح وأنسى الأسية" وحققت الاسطوانة مبيعات عالية ولاقت نجاح كبير، وحين أنشئت الإذاعة المصرية كانت أم كلثوم هي أول من غنت فيها.
وفي عام 1935 غنت من ألحان الشاب رياض السُنباطي "على بلد المحبوب وديني" لتحقق نجاح كبير ويكون هو مُلحنها في تلك الفترة ظل بعدها يلحن لها لمدة 40 سنة.
حملت أغنيات أم كلثوم التي أثرت بها مكتبة الموسيقى العربية توقيع أكثر من ملحن وحققت معهم نجاح لم تراه فنانة في جيلها، إذ لحّن لها محمد عبد الوهاب أجمل أغانيها مثل "إنت عمري" و"ألف ليلة وليلة" و"فكروني"، بخلاف أغانيها مع رياض السنباطي والموجي وبليغ حمدي الذي كان أداة لتطوير أغانيها لمواكبة العصر.
شخصية "الست" القوية
كانت تتميز شخصية السيدة أم كلثوم بالقوة وعدم غفران أي خطأ يقلل مه هيبتها ففي أحد حواراتها في الإذاعة المصرية غضبت من أحد الأسئلة التي وُجهت لها عن أكلتها المُفضلة وهي الملوخية، وكان حريصة أثناء حديثها عن العادات الخاصة بها والتي لا تُحب أن يعرفها جمهورها، وأيضًا خلافها مع الصحفي الخاص بها "فاروق إبراهيم" بعد أن التقط لها صورة أثناء سقوطها على المسرح في الحفل الذي أحيته في فرنسا حين تسبب أحد المُعجبين الجزائريين في عرقلتها ووقوعها.
تجلت شخصية الست القوية خاصةً لتقربها من السلطة في كل زمن عاشته، حتى اعتبروها فناني وسياسيي تلك الفترة بأنها "خط أحمر"، ومن دلائل ذلك طلب الرئيس عبد الناصر إعتذار عبد الحليم حافظ لها بعد أن تسبب في إحراجها بأحد الحفلات التي أحيوها سويًا، بخلاف قسوتها أحيانًا مع بعض الملحنين والمؤلفين وتطويعهم لها.
حكايتها مع القصبجي وسر خلافها معه
ظل فترة طويلة يمارس القصبجي دوره المُعلم والأستاذ لتلميذته العبقرية أم كلثوم، ولكنها بعد أن تعاونت مع زكريا أحمد والسُنباطي في بعض الأغنيات التي مال مزاج "الست" لها لحُبها في نوعية الغناء الذي يميل إلى الإنشاد كما إعتادت، أوقفت العمل مع القصبجي، وهو ما ضايقه بشدة وكان وقت ظهور "أسمهان" الوجه الجديد اليذي فرض نفسه على الساحة بصوت قوي ينافس أم كلثوم وحضور طاغي.
تعاون القصبجي مع أسمهان وحقق نجاحات معها، حتى أن غضبه من أم كلثوم جعله يصنع أشهر أغنيات السينما في هذه الفترة "أنا قلبي دليلي" لليلى مُراد، انزعجت أم كلثوم كثيرًا وقاطعته خاصة بعد تعاونه مع أسمهان لأنها رغم عدم ميلها لألحانه إلا أنها كانت تحب أن تستأثر به وحدها.
وبعد نزاع حاد نشب بينهما، لم يضع القصبجي لها سوى أغاني قليلة منها "مادام الحُب"، ولحنين في فيلم فاطمة عام 1947، لتُطبق عليه عقوبة عمره وظل عازف عود في فرقتها قبل سنوات قليلة من موته، حتى رحل عام 1966.
زيجاتها
تزوجت أم كلثوم 3 مرات، والمرة الوحيدة التي أحبت فيها كان "محمود الشريف" الذي فشل في التلحين لها لكنه الوحيد الذي نجح في كسب قلبها وهذه كانت المرة الأولى.
والمرة الثانية من الكاتب الصحفي الشهير مصطفى أمين، كما كتب رجاء النقاش فى مقال له بجريدة الأهرام أن أحد الضباط الأحرار شاهد عقد زواج أم كلثوم بمصطفى أمين وحينما ذكر ذلك لعبدالناصر عنفه لأن هذه حياة شخصية لأم كلثوم ويجب احترامها وعدم الخوض فيها.
أما المرة الثالثة والمعروفة لدى الجميع هو زواجها بالدكتور حسن الحفناوى الذى تعرفت عليه فى عيادته عندما كان يعالجها من الغدة، والغريب أن الذى وصفه لها هو العازف محمود الشريف دون أن يدرى أنه يكون الزوج الوحيد لأم كلثوم أمام الناس، فعاش معها حتى توفيت فى ٢ فبراير ١٩٧٥