الكثير من الشد والجذب، يلف كل قضية تتعلق بالمرأة في هذا العصر، كثير من الآراء الرافضة يقابلها من يعترضون على الرفض، لتصبح المرأة بين فريقين كلاهما من الرجال يستميتون في إثبات وجهات نظرهم، فريق منهم يحاول أن يستخدم النصوص لإعطاء المرأة حقوقها، وآخر يستخدم نصوصًا أخرى ليمنعها عنها.
رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبو القمصان، تقول إنه يتم استخدام «ناقصات عقل ودين» للانتقاص من المرأة على الرغم من أنها جملة مجتزئة من حديث النبي، فاستخدام الرسول لجملة ناقصات عقل ودين، هي قاعدة في اللغة العربية معروفة باسم المدح بالذم، وليس المقصود منها الذم.
وتابعت: «جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أضحى أو في فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال:"يا معشر النساء.. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»، مضيفة أن البعض استغل هذا الحديث بشكل مهين للمرأة، لانه لا يريد للنساء أن يكن ذوات مكانة في المجتمع، لذلك يدعون أنهن ناقصات عقل ودين، من خلال اجتزاء الحديث من سياقه وعدم استكماله.
وفي خطوة جديدة، لإعطاء المرأة حق ممارسة أفعال شرعية- كانت ممنوعة سابقًا- أصبح بإمكان المرأة الفتوى، حيث أفتى أقدم أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبدالله المنيع بجواز عضوية المرأة في هيئة كبار العلماء، بشرط عدم الاختلاط، ورأى المنيع في حديث للصحيفة أن المرأة المؤهلة للإفتاء وإبداء رأيها في الهيئة وهي جالسة في غرفة ثانية مجاورة لغرفة اجتماع الأعضاء الرجال، استيفاء لشرط عدم الاختلاط.
وكرر المنيع موقفه القائل بإباحة العباءة الملونة، لكن بشروط: "أن تكون ساترة وأن تكون مستكملة أسباب حجاب المرأة، وأن تكون ليست بالضيقة وفي نفس الأمر ليست شفافة أو قريبة أن تكون شفافة، إضافة إلى أن لا تكون ذات تصنيع من شأنه أن يلفت النظر".
ورغم جواز الفتوى للمرأة، والتي حصلت على الحق فيه، بعد سنوات من مطالبات، مازالت هناك قضايا عالقة منها: إمكانية تولي المرأة منصبًا قضائيًا، والتي أجاب "المنيع" بالنفي لأسباب منها أن مجموعة كبيرة من العلماء لا تقبل شهادة المرأة، على حد تعبيره.
وتعد قضية إمامة المرأة للصلاة، إحدى القضايا الشائكة، التي مازالت تلقى قبولًا ورفضًا، والتي فجرتها امرأة تدعى جميلة الزيني ، حيث أعلنت إمامة المصلين رجالًا ونساء مجتمعين لتأدية صلاة العيد، في أحد المساجد في ولاية لوس أنجلوس الأميركية، حيث يظهر في الصفوف أن الرجال يقفون بجوار النساء ويوجد من بينهم نساء غير محجبات، ولاقى الأمر استياء العديد من المغردين في تويتر والزوار على اليوتيوب أيضاً لعدم جواز ذلك الفعل على الإطلاق.
وتختلف الآراء في أحقية المرأة، بإمامة الصلاة، ورغم أن فريقًا من الموافقين على إمامة المرأة للصلاة لا يجدون نصًا قرآنيًا أو حديثًا نبويًا يمنع إمامة المرأة، إلا أن فريقًا آخر يرى أنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء وتصلي بهن الفريضة والتراويح، ولا تتقدم على الصفوف كالرجال بل تتوسط الصف الأول، وإذا كانت المأمومة واحدة وقفت عن يمين من تؤمها، لما روي أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، أمتا نساء فقامتا وسطهن قال الإمام النووي حديثا إمامة عائشة وأم سلمة رواهما الشافعي في مسنده، والبيهقي في سننه بإسناد حسن، المجموع للنووي (4/187)، هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم في إمامة المرأة للنساء.
على أن هذه المسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من منع ذلك، ومنهم من أجازه، قال الإمام ابن قدامة: اختلفت الرواية هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة، فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة، وأم سلمة، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وروي عن أحمد رحمه الله - أن ذلك غير مستحب، وكرهه أصحاب الرأي وإن فعلت أجزأهن.
قال الشعبي، والنخعي، وقتادة لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة. وقال الحسن وسليمان بن يسار: لا تؤم في فريضة ولا نافلة، وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً، المغني لابن قدامة ( 2/35)، وقال الإمام ابن رشد: (واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك). بداية المجتهد (1/280)، وبناء على ما تقدم: إن بإمكان المرأة أن تؤم النساء في الصلاة لثبوت ذلك عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
وبرغم أن أكثر الآراء أجازت للسيدات إمامة النساء، إلا أن إمامتها للرجال مازالت محل جدل، وبعد إجازة الفتوى للنساء تنتظر السيدات أمرًا باتًا في حكم إمامة الصلاة.