دون أن يعلموا ودون أي قصد قدم بعض من أصحاب العقارات بالمدن الجديدة والأحياء الشعبية وملاك الشقق المفروشة، يد العون لعدد من الإرهابيين، عندما اكتفوا بدفعهم المبالغ المالية المطلوبة، ونسوا جمع المعلومات الصحيحة عنهم، أو إبلاغ الأجهزة الأمنية ببياناتهم لفحصها والتأكد من هوياتهم، فإذا بتحقيقات نيابة أمن الدولة العليا تثبت أن "أبناء الشيطان" يتخذون قبل قيامهم بالعمليات الإرهابية والتفجيرية من الشقق السكنية المفروشة وكرا لهم يخزنون بداخلها الأسلحة النارية والعبوات والأحزمة الناسفة المعدة للتفجير استعدادًا لاستخدامها، ومن هنا وجدت وزارة الداخلية ضرورة توعية المواطنين بخطورة عدم التعاون مع رجال الشرطة ومناشدتهم سرعة الإبلاغ عن بيانات مستأجري الشقق حديثًا ليساهموا في منع وقوع تلك الجرائم الإرهابية مبكرًا.
جاءت، اليوم، ندوة "الشعب والشرطة في صناعة الأمن - نحو مجتمع لا يأوي الإرهاب والجريمة" بمقر مركز بحوث الشرطة، حضرها رئيس أكاديمية الشرطة ومدير معهد الدرسات الاجتماعية والجنائية وعدد من قيادات الأمن الوطني بالوزارة.
تناولت الندوة عددًا من المحاور أبرزها مشكلة إيواء العناصر الإرهابية في الشقق المفروشة، واللامبالاة في ملاحظة الغرباء، والتأكيد على إبراز دور المواطن في التعاون مع الأجهزة الأمنية المعنية، ودور الإعلام في نشر ثقافة التعاون مع الأجهزة الأمنية، وجهود وزارة الداخلية في مواجهة المشكلة.
وتناولت الندوة موقف القانون المصري من إلزام المؤجرين بإخطار الجهات الأمنية ببيانات المستأجرين، ورؤية الوزارة نحو إحكام الرقابة على العقارات المستأجرة، ودور مجلس النواب في مواجهة المشكلة ومدى إمكانية التدخل تشريعيا لتنظيم إجراءات إخطار الجهات الأمنية ببيانات المستأجرين.
وأوضح مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة اللواء دكتور أحمد إبراهيم، خلال كلمته أن مصر تواجه خطر الجماعات الإرهابية، وتتصدى لمحاولة هدمها، وأنه انطلاقا من حرص وزارة الداخلية فى متابعة العناصر الإرهابية والقضاء عليها فقد رصدت الأجهزة الأمنية اتخاذ تلك العناصر عدد من الشقق المستأجرة والتي يتخذونها مكانا للانطلاق لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، مؤكدا أن المواجهة لم تعد عملا أمنيا فقط ولكن عملا جماعيا يجب أن يتعاون فيه كافة مؤسسات الدولة والمواطنين بتعاونهم مع الأجهزة الأمنية للقضاء على تلك الجماعات المتطرفة.
وأكد اللواء محمود السبيلي، مدير المباحث بقطاع الأمن العام، أن حل مشكلة الشقق المفروشة، بعد ثورة 25 يناير كان مطلبا مهمًا، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث تمثل الشقق المفروشة والإيجار الجديد تهديدا للأمن في مصر، ويتخذها الإرهابيون وكرا لتصنيع العبوات المتفجرة وأوكار لاختبائهم.
وأضاف أن الشقق المفروشة ليست مقتصرة على محافظة القاهرة بل تمتد إلى كافة محافظات الجمهورية، ومن أبرزها في منطقة البيطاش في الإسكندرية، التي اتخذها 3 عناصر إرهابية وكرا للاختباء، وتعاملت معهم قوات الشرطة.
كما حذرت الدكتورة سعاد عبد الرحيم مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، من اتخاذ العناصر الإرهابية الأماكن الشعبية ملجأ لهم، وشددت على أصحاب العقارات تأجيرهم الشقق المفروشة دون جمع المعلومات عن المستأجرين الجدد، مشيرة إلى أنه قد يكون إرهابيا ضمنهم، مشددة على ضرورة توعية المواطنين بخطورة تواجد عناصر مشبوهة تنوي تنفيذ عمليات إرهابية قد يقطنون بمحيط سكنهم.
وقال الخبير الأمني خالد عكاشة عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب، إن هناك عناصر تقدم الدعم اللوجستي للعناصر الإرهابية لتنفيذ عملياتهم، وتقوم باستخدام سيدة أو عنصر لا يظهر عليه انتمائه للجماعات الإرهابية لاستئجار شقة بالأماكن العشوائية أو المدن الجديدة، لإدارتها في مراجعة مخطاتاطهم قبل تنفيذها، مضيفا أنه للأسف أصحاب العقارات أو السماسرة لا يقومون بدورهم بإبلاغ قسم الشرطة التابعين له عن مستأجري الوحدات.
وأضاف "عكاشة" لـ"أهل مصر" أن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية تقوم بدورٍ كبيرٍ لإحباط مخططات تلك الجماعات، داعيًا المواطنين للتعاون بشكل كافٍ مع الشرطة.
"تكاتف جميع الجهات للتصدي لتأجير الشقق دون إبلاغ الأمن".. ذلك كان ملخص أهم التوصيات التي خرجت بها الندوة "الشعب والشرطة في صناعة الأمن نحو مجتمع لا يأوي الإرهاب والجريمة، وضرورة سن تشريعات قوية لمنع تأجير الشقق دون إبلاغ الجهات المعنية، وأهمية توعية المواطنين من خلال الإعلام بخطورة تأجير الشقق المفروشة دون إبلاغ الجهات المعنية مع وضع بنود قانونية لحماية وسرية المواطن المُبلغ.