طالب سامح عاشور، نقيب المحامين، بإنشاء أقسام للمحاماة والقضاء داخل كليات الحقوق، لأن الثقافة القانونية وحدها ليست كافية لإعداد قضاة ومحامين يخدمان رسالتهما لتحقيق العدالة.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان القضاء والمحاماة في الدستور والقانون، نظمتها الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، اليوم الثلاثاء، بقاعة المحاضرات بمقر الجمعية في شارع رمسيس.
وأكد عاشور أن المحامي والقاضي يحتاجان لتهيئة، نفسيا وقانونيا وعمليا، من أجل أن يكون هناك توازن نفسي لدى القاضي، وإدراك قيمة وجوده على المنصة، والحكم بين الناس، وكذلك إدراك المحامي لرسالته وأهميتها، وأن إهماله قد يتسبب في ضياع الحقوق والحريات، بل والأرواح أيضا.
وأضاف نقيب المحامين أنه أثار ذلك الاقتراح داخل لجنة القطاع القانوني بالمجلس الأعلى للجامعات، بصفته عضوا به، مشيرا إلى أنه "لا يوجد سبب يمنع تنفيذ ما أطرحه لإخراج أجيال قادرة على تنفيذ رسالة العدالة في ظل قضاة ومحاماة مستقلين".
وأوضح عاشور أن المجتمع المصري ليس في حاجة لمئات الآلاف من المحامين والقضاة، بل في حاجة إلى نخبة منهما تحقق العدالة، لافتا إلى أن هناك تلازما بين القضاء والمحاماة قبل وضع الدساتير، فلا يستطيع القاضي الحكم بالعدل بدون دفاع، ولا يستطيع أن يؤدي المحامي دوره بدون قاض مستقل وواع.
ونوه نقيب المحامين إلى أن هناك تلازما في الميلاد والنشأة والمسئولية بين المحاماة والقضاء، فأول رئيس لمحكمة النقض كان نقيبا للمحامين، هو عبد العزيز باشا فهمي، وهو ما يؤكد التلازم بين أسرتي المحاماة والقضاء.
متابعا: "عقب الحرب العالمية الأولى، ارتفعت الأسعار، وظلت رواتب القضاة على حالها، ومن طالب برفعها هم المحامون، لأنه من مقتضيات تحقيق العدالة توفير الحد الاقتصادي الذي يجعل القاضي مستقلا يحكم بين الناس بالعدل".
في سياق متصل، قال عاشور، الذي كان عضوا بلجنة الخمسين لوضع الدستور، إن دستور 2014 شهد الكثير من المفارقات الصعبة، وولد في ظل ثورة مركبة، ومناخ معقد، واستحقاقات فئوية ضاغطة شهدتها كل أروقة لجنة الخمسين، كما كان هناك صراع مجتمعي للوجود في الدستور.
وأعرب عن إيمانه بأن هذا الدستور لم يكن دائما، وإنما دستور لمرحلة انتقالية، تتضمن مواءمات لتلك المرحلة الحرجة، وشهدت تفصيلا قد يمثل إخلالا بالمبادئ الدستورية، ولذلك كان هناك تدقيق في كتابة التفاصيل للوصول للغاية التي نريدها من المواد الدستورية.
وأردف عاشور: "بعض مواد الدستور لم تفعل حتى في صورة قوانين، ولذلك يجب النظر فيها لتفعيلها وتضمينها في البنية التشريعية"، مؤكدا ضرورة الحفاظ على المكاسب الدستورية للقضاء والمحاماة في الدستور في ظل أي تغيير مرتقب، سواء للدستور الحالي، أو غيره.
وطالب عاشور بأن تفعل المادة 198 من الدستور، التي نصت على أن المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً وتشريعيا من خلال تضمينها بالقوانين، كي تحقق أهدافها.
وناشد إدارة الجمعية تبني سلسلة من الحوارات والندوات المتتالية للحديث عن القضاء والقانون في الدستور، وعوائق العدالة في مصر لتحقيق أكبر فائدة لمصلحة المجتمع.
شهدت الندوة حضور الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس الجمعية، والمستشار محمد عبد العزيز سالمان، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، والمستشار أحمد منصور، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور رابح رتيب، نائب رئيس الجمعية، وعدد من أعضاء الهيئات القضائية، وأعضاء مجلس نقابة المحامين، ونخبة من القانونيين، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية.