ترامب يريد الانسحاب من الشرق الأوسط و"الكونجرس" يمرر قانون للبقاء.. فلمن ستكون الكلمة؟

بينما يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن: "الدول الكبرى لا تخوض الحروب التي لا نهاية لها"، يقدم مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون مشروع قانون يحث الرئيس الأمريكي على البقاء في سوريا وأفغانستان،هذا ما استهل به المحللين السياسيين من أصل سوري "غسان قاضي" و"كريستوفر أسد" حديثهما إلى وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" حول توقعاتهما بشأن ما إذا كان المشرعون الأمريكيون سيتفوقون على ترامب أم لا.

ففي 5 فبراير، أقر مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون مشروع قانون يوجب على "دونالد ترامب" فرض عقوبات جديدة على سوريا ويحث الرئيس الأمريكي على عدم الانسحاب من سوريا وأفغانستان، وكان التصويت قبل ساعات فقط من "خطاب حالة الاتحاد" الذي يلقيه "ترامب" الذي أشار فيه بوضوح إلى أنه ملتزم بوعده بالانسحاب. حيث ذكر الرئيس الأمريكي أن "الدول العظمى لا تخوض حروباً لا نهاية لها".

وقبل بضعة أيام، غرد ترامب: "لقد ورثت فوضى عارمة في سوريا وأفغانستان، وحروب لا نهاية لها وبإنفاق غير محدود وموت،وخلال حملتي الانتخابية، قلت بقوة، إن هذه الحروب يجب أن تنتهي نهائياً"،ولأنها ليست المرة الأولى التي يشير فيها الرئيس الأمريكي إلى أنه سينفذ وعده الانتخابي، فقد قرر الجمهوريون علانية في النهاية أن يوبخوا ترامب ويعنفوه.

ففي 31 يناير، صوت مجلس الشيوخ لصالح إقرار التعديل الذي أجراه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "ميتش مكونيل" بتعديل خطط الرئيس دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان وسوريا. ويحذر تعديل "مشروع قانون حول استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط" من أن الانسحاب "المتهور" للقوات الأمريكية من البلدين "يمكن أن يسمح للإرهابيين بإعادة تنظيم صفوفهم، وزعزعة استقرار المناطق المضطربة، وإنشاء فراغات يمكن أن تشغلها إيران أو روسيا، على حساب مصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائنا".ويقول "قاضي" معلقا على تعديل "ماكونيل": "الوضع مع المشرعين لا يختلف كثيراً، ويبدو ترامب هدفاً سهلاً لكل من المشرعين وأفراد المخابرات، كما أن استخدام مصطلحات مثل: " عواقب "متهورة" و "على حساب مصالح الولايات المتحدة " قوي للغاية، خاصة عندما تأخذها وسائل الإعلام على عاتقها وتوظفها.

ومع ذلك، وفقا للمحلل السياسي، "وبغض النظر عن هذا الاستهلاك السياسي، فإن هذه التعليقات ليس لها تبرير كبير على أرض الواقع، لأنه في الواقع الوجود الأمريكي في سوريا والعراق هو الذي يسمح ل"داعش" بإعادة التنظيم، وليس العكس".ومن جانبه، لفت "الأسد" الانتباه إلى حقيقة أن "الانقسام بين السلطة التنفيذية والكونجرس الأمريكي كان واضحًا منذ بداية رئاسة ترامب".فقال: "المشكلة في السياسة الداخلية للولايات المتحدة هي أنها تنعكس على الدوام في سياستها العالمية المهيمنة والغير مدروسة، حيث أراد الرئيس سحب القوات الأمريكية وإنهاء الصراعات في العديد من المناطق، في حين كان الكونجرس ومجلس الشيوخ يحاولان تقويض هذه الجهود بتأكيد دورهما كمراقبين للرئيس في رؤيته العالمية".ترامب ينسحب من سوريا ويحول تركيزه إلى فنزويلا:لطالما كان هناك جدل حول خطة انسحاب ترامب، حيث تكهن مسؤولو الإدارة في سبتمبر 2018 بأن القوات العسكرية الأمريكية "لن تنسحب بحلول نهاية العام". ولكن في 20 ديسمبر، أعلن الرئيس الأمريكي فجأة الانسحاب من سوريا، مؤكداً أن أنقرة ستتعامل مع التهديد الإرهابي المتبقي.ومع ذلك، في 2 يناير، أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة سوف تغادر سوريا "على مدى فترة من الزمن"، مشددًا على ضرورة حماية المقاتلين الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة.يبدو أن الرئيس التركي "أردوغان" لا يشعر بالقلق من تقلبات ترامب بشأن سوريا، وخاصة نيته في حماية الميليشيا الكردية، التي تعتبرها أنقرة تابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. وقد دعا "أردوغان" مرارا واشنطن إلى الانسحاب من سوريا.فيقول القاضي: "أردوغان كان منذ فترة طويلة يحاول الحصول على الأفضل من أمريكا وروسيا على حد سواء، وعلى الرغم من تصريحاته العديدة لأمريكا بأنها لا يمكن أن تكون داعمة لتركيا والأكراد في نفس الوقت، فهو ما زال غير قادر على استقبال الدعم الأمريكي الذي يرغبه. مضيفا: "السخرية هنا هي أن علاج الأذن الصماء الذي تقدمه أمريكا له يدفعه أكثر إلى حضن روسيا". وهو يعتقد أن الولايات المتحدة سوف تنسحب في نهاية المطاف، على الرغم من معارضة الكونغرس و "مع أو بدون اتفاق مسبق مع تركيا".ووفقا لـ"الأسد": "يمكن تبرير وجهات نظر الكونجرس ومجلس الشيوخ المعارضة على أساس الإيديولوجية، في حين أن ترامب يمكنه المضي قدما لتنفيذ رؤيته القائمة على البراجماتية"،حيث يرى: "من وجهة نظري، يرى ترامب أن العلاقة مع تركيا أكثر أهمية من فقدان جميع الممتلكات التي بنتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على مدى نصف القرن الماضي، وهذا يجعل التحول إلى التركيز على نفط فنزويلا هو استراتيجية أكثر فائدة بكثير من الاضطرار إلى إعلان الهزيمة الكاملة للإمبراطورية في سوريا والعراق وأفغانستان.ويبدو أن ترامب يواجه معارضة متنامية في الكونجرس الأمريكي. وبصرف النظر عن تشريع مجلس الشيوخ الأخير، كان مجلس النواب قد مرر في وقت سابق مشروع قانون يمنع في الواقع الانسحاب المحتمل لترامب من حلف الناتو،قال "الأسد" في تعليقه على هذه القضية: "مثل هذا الانقسام السياسي هو نموذج لنظام حكم الحزبين في الولايات المتحدة، حيث لا يمكن للناخبين في الانتخابات إجراء أي تمييز يذكر. فقد تمكن "ترامب" الماكر من الانطلاق إلى النصر معتمداً على القاعدة الجماهيرية الجمهورية القوية، وهي نفس القاعدة الشعبية التي يعتمد عليها في التمسك بفترة توليه منصبه".

في هذه الأثناء، لفت "القاضي" الانتباه إلى "الدولة العميقة" المراوغة "التي يبدو أنها "مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الأقوياء الذين لديهم نفوذ على المشرعين ". فقال: "أنا لا أتفاخر بكوني خبيرًا في السياسة الأمريكية، ولكن بالطريقة التي أراها بها، فإن الساسة الأميركيين في الحزبين بينهما اتفاق غير مكتوب، يجعلهم خاضعين ل" الدولة العميقة ".ولذلك وعلى ما يبدو، سارع مشرعون جمهوريون إلى معارضة ترامب، الذي يتحدى الوضع الراهن بقراره بالانسحاب من سوريا وأفغانستان، وفقا لما ذكره "القاضي".مضيفاً:"أحب ترامب أو إكرهه، فهو بالتأكيد رئيس غير تقليدي من عدة أوجه: فإنه يتحدى" الدولة العميقة"، وعلى خلاف الرؤساء السابقين، فهو يحاول جاهداً أن يكون القائد الأعلى الفعلي وفقاً لحقه الدستوري".واختتم "القاضي" حديثه بقوله: "من الطبيعي بالنسبة للديمقراطيين أن يعارضوا فعليا أي شيء يدعمه رئيس جمهوري، لكن المعارضة المناهضة لترامب تعبر الخطوط الحزبية، ومن وجهة نظري، فإن جذورها تنبع من رؤية ترامب لرئاسته، مقارنة بكيفية رؤية نظرائه السابقون لها ".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً