بطرس غالي يكشف كواليس اختياره وزيرًا للدولة في عهد السادات

كان لبطرس غالي وزير الدولة الأسبق والأمين العام للأمم المتحدة، الكثير من القصص المثيرة التي وثقها هو في أكثر من كتاب، ولعل المرحلة الأهم في حياته كانت في كواليس كامب ديفيد حين تولى وزارة الدولة، ويكشف في مذكراته عن تلك الفترة والتي حملت اسم «الطريق إلى القدس» كواليس اختياره وزيرًا.

ويقول في البداية «يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 1977 بدا كأي يوم عادي في حياتي الجامعية، في الصباح الباكر ذهبت إلى مقر كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وهي الكلية التي شاركت في تأسيسها سنة 1960 وبعد فترة صغيرة توجهت الى مبنى الاهرام في شارع الجلاء إلى مكتبي في مركز الدراسات الاستراتيجية الذي كنت اتولى إدارته، وشرعت في وضع اللمسات الاخيرة على عدد يناير 1978 من المجلة الفصلية السياسة الدولية الذي كان قد تأخر بالفعل عن موعد إرساله للمطبعة».

ويضيف «في عصر ذلك اليوم زرت معرضا للوحات الزيتية ثم توجهت إلى مطار القاهرة الدولي لمقابلة زوجتي التي كانت عائدة من إيطاليا، وعندما دخلت مبنى المطار لمحتني من بعيد هدايت عبدالنبي الصحفية بالاهرام فركضت نحوي منفعلة وهي تقول إن رئاسة الجمهورية كانت تبحث عنك في كل مكان أين كنت، الف مبروك يا دكتور على الوزارة، وبمجرد أن وصلت زوجتي ورأت التعبير الذي علا وجهي سألتني ماذا حدث فأجبتها اني مهدد بمصيبة يمكن أن تقلب حياتي وحياتها رأسا على عقب، وفي طريقنا للعودة إلى منزلنا في الجيزة اخبرت زوجتي بأني سأعتذر عن عدم قبول منصب الوزارة ولم أشعر بأي تردد في اتخاذ قراري فقد كانت حياتي مرتبة بشكل يرضيني للغاية اذ اقوم بعمل اكاديمي جاد واسافر كثيرًا وعضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي العربي وكان الاستقرار والاحترام والتنوع متوفر بشكل متوازن في حياتي».

ويكمل بطرس غالي «دخلت المبنى القائم في قصر الدوبارة، استقبلني ممدوح سالم رئيس الوزراء ولم اكن التقيته من قبل وهو رجل طويل القامة ذو شخصية مؤثرة معروف بالامانة وضبط النفس وقلة الكلام بجانب كونه رجل امن، وأخبرني أن رئيس الجمهورية قرر

تعييني في الوزارة الجديدة التي طلب منه تشكيلها، وظهرت مشاعري الحقيقية عندما ابديت له العقبات العديدة التي تحول دون هذا التعيين فقلت، كيف يمكن أن أقبل مثل هذا المنصب أن جميع القوانين الاشتراكية قد طبقت علي من قانون الاصلاح الزراعي الأول حتى الثالث وأجابني ممدوح سالم «نحن نعرف ذلك».

ويتابع «وقلت إن ثروة زوجتي وضعت تحت الحراسة والحارس الحكومي يدفع لها مرتبا شهريا ضئيلا وقد تعرض افراد عائلتي لمعاملة مماثلة وعلى ذلك نحن لا نتمتع بسمعة سياسية طيبة لدى من قاموا بالثورة، وأجاب ممدوح سالم : نحن نعرف ذلك، وكان الوقت قد اقترب من منتصف الليل ولم أكن اعرف أن ممدوح سالم ظل يعمل منذ 12 ساعة وقلت له، إن قوانينكم جعلتني عدوا للشعب وليس من مصلحة مصر أن تعرض علي هذا المنصب فقال نحن نعرف ذلك».

واختتم قصته بالقول «أكدت قولي انني عضو في لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية وهي أشبه بمحكمة دولية فهي مسئولة عن تقييم مدي التزام الدول باتفاقات العمل الدولية كما إني عضو في لجنة الحقوقيين الدوليين التي ترصد ممارسات الدول في مجال حقوق الانسان واذا قبلت منصب وزاري علي أن استقيل من الهيئتين وانا لست مهتم سوى بأن يكون لمصر عضو فيهما ومضيت فشرحت مدى اهتمامي بالعمل الأكاديمي وكان ممدوح سالم يستمع في صبر على الرغم من تأخر الوقت وقال : تستطيع أن تحتفظ بتلك المناصب بجانب منصبك الجديد».

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً