"كثير من الأحلام ولدت معنا، وعاشت فينا لتبقى أحلامًا فقط، مجرد أحلام تسكن القلوب وتطل من العيون، وقد نشيخ نحن وتظل هى داخل قلوبنا بعمرها الفتى الشاب، تشد ظهرنا وتدغدغ أحزاننا، وتعدنا بالمستحيل، فنحيا فى نومنا عالمًا جميلا، ونستيقظ لنواجه قبح الواقع بالجد وشراسة المقاتلين فى طرقات الحياة".. تصف هذه الكلمات التي كتبتها الكاتبة غادة العليمى، حياة أكثر من 25 أسرة تقطن منطقة "عين الحياة" بحى الخليفة بالقاهرة القريبة من ميدان السيدة نفيسة، فهؤلاء البسطاء والكادحون يقف سقف أحلامهم عند حد توفير مسكن ينتشلهم من معاناة مشاركة الموتى الحياة، ويطمحون إلى من يمد لهم يد العون، ويستمع إلى مشكلاتهم، ومن ثمَّ يوفر لهم عيشًا كريمًا مثلهم مثل باقى أبناء الوطن.
وأطلق موقع "أهل مصر" حملة "أهالينا الطيبين"، لنقل كل الجوانب الإيجابية والسلبية فى أحياء ومناطق محافظتى القاهرة والجيزة، وتركز بشكل أكبر على المناطق العشوائية التى ربما لا يعرف عنها المسئولون شيئًا.
حملة " أهالينا الطيبين" هى صوت البسطاء والكادحين من أبناء هذا الوطن، الذى تنقله "أهل مصر" بكل حيادية، وهى فى الوقت ذاته مشاركة منَّا للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى يوجه دومًا جميع وزراء ومسئولى حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، بمراعاة الفقراء والاستماع إليهم، والعمل الفورى على حل مشاكلهم.
منذ 60 عاما غيرت الحشرات نظام معيشتهم وأجبرتهم على سهر الليل، فإن غفوت فستكون ليلتك الأخيرة، ولن يكون هناك صباح، وبدلت "عين الحياة" أحلامهم لتصل إلى أن يكون حلمهم مياها نظيفة ليشربوا، و4 جدران لتسترهم وتحميهم من لدغات العقارب والثعابين.
حُرم من يقطن "عين الحياة" من ملذات الحياة، فهم يقضون حاجتهم فى الخلاء، ويعيشون فى بيوت ليس لها سقف يحميهم من أمطار الشتاء، حياتهم تفتقد كل معانى الإنسانية والمعيشة الآدمية التى ينعم بها غيرهم كثيراً من بنى جلدتهم. سيناريو حياة "عين الحياة" أشبه بالقصص الدرامية التى تجسد كل معانى الفقر والذل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
"عين الحياة" التى لا علاقة لاسمها بها يعيش سكانها فى "ذل الحياة" يشربون من صنبور مياه خاص لرى الأرض المجاورة لهم، سببت لهم الفشل الكُلوى والحساسية وكثيرا من الأمراض، ويعيش كثير منهم فى غرف صنعوها من الخشب أشبه بعشش الفراخ، فإذا جاءت الأمطارغرقوا جميعا.
إذا غابت الشمس فى "عين الحياة" وحل الليل بدأت المأساة، وخرجت الأسر جميعا إلى الشارع لإشعال النيران والجلوس حولها حتى الصباح؛ خوفا على أنفسهم وعلى أطفالهم من الحشرات التى تهاجم المكان ليلا.
ولدغت عقربة أحد السكان بالأمس القريب، كما هاجم ثعبان أحد البيوت، وخرجت الزوجة مفزوعة إلى الشارع، وظلت 5 ساعات تنتظر حتى عاد زوجها من العمل، وتتكرر هذه الحوادث ليل نهار، وإذا نجوا من العقارب التى تحاصر المكان، ينتظرهم الخطر الأكبر، وهو بئر عمقها أكثر من 30 مترا تهددهم بخطر سقوط الأطفال بها.
كل هذا في منطقة توجد في موقع استراتيجي على طريق صلاح سالم، لذا فإن الحال يتبدل في لحظة بمجرد زيارة وجود موكب لوزير أو غيره من الشخصيات الهامة، حيث يوضع ساتر من الزهور والأشجار أمام المنطقة ليخبئها، كما أنهم يحرمون بالقوة من الخروج من منازلهم ونشر ملابسهم أو حتى توصيل أبنائهم إلى مدارسهم أثناء الموكب.