المودودى ....من هو مؤسس فكرة الحاكمية وفى اى ظرف تاريخي تأسست وكيف انتقلت الى العرب وتحولت لمنهج دينى (الجزء الثالث)

كتب :

لا يزال لفظ الحاكمية من أكثر الألفاظ التي أثارت جدلا في الأدبيات السياسية بالرغم من ان اللفظ نفسه لا ينتمي للغة عربية صحيحة ولا يعرف احد حتى الان كما تماهي أشخاص يشار لهم بأنهم مفكرون في التأسيس النظري لما يشار له في أدبيات الإسلام السياسي ب " مفهوم الحاكمية" بالرغم من أن لفظ الحاكمية لا ينتمي للغة عربية صحيحة، ولكن المفارقة التي يمكن الانتباه لها بقليل من الفهم هو أن أبو الأعلى المودودي عندما تحدث عن لفظة Governance، وهو اللفظ الذي وضعه أبو الأعلى المودودي في سياق ديني ونسبه ونقله سيد قطب للغة العربية بكلمة " حاكمية" فإن أبو الأعلى المودودي كان يحاول وضع مقابل إسلامي للمفهوم الغربي democratic governance بأن يضع هذا المفهوم في سياق يناسب ثقافة المجتمع الإسلامي في الهند، وهو بالمناسبة مجتمع أكثر انفتاحا على الغرب من المجتمعات العربية بحكم عدم تأثر هذه المجتمعات بالثقافة البدوية، لكن أبو الأعلى المودودي في سياق رفضه للمفهوم الغربي democratic governance لم يكن ينطلق من دافع ديني بالرغم من أن الفكرة كلها وضعها في سياق ديني يناسب ثقافة الأقلية الدينية في الهند، لكن أبو الأعلى المودودي كان يحاول تأسيس رفض شعبي للمفهوم الإنجليزي democratic governance ليبرر الرفض الإسلامي لإجراء انتخابات على النسق الغربي بسبب وضع المسلمين كأقلية عددية وسط أكثرية هندوكية في الهند قبل أن تقسم وتخرج منها باكستان، وحيث تخوفت الصفوة السياسية المسلمة في الهند خلال هذه الحقبة المفصلية من تاريخ شبه الجزيرة الهندية من أن أى انتخابات طبقا للقواعد الغربية ووفقا لمفهوم democratic governance سوف يفرز حكومة هندوكية الأغلبية فيها لغير المسلمين من الهندوس، وسوف يرسخ استمرار المسلمين كأقليه مضطهدة الحقوق وفقا لرؤية الصفوة السياسية المسلمة في ذلك الوقت، وهى رؤية قد يكون لها مبرراتها التاريخية التي أسبغ عليها أبو الأعلى المودودي صبغة دينية، فلجأ أبو الأعلى إلى إسقاط لفظ democratic واستخدم فقط لفظ governance ، وهو اللفظ اعتبر سيد قطب أنه يعني الحاكمية وأسس لها نظريا ، بالرغم من أن أبو الأعلى المودودي نفسه عندما استقلت مناطق المسلمين في باكستان عن الهند ترشح هو نفسه في الانتخابات وفقا لصيغة democratic governance التي رفضها وهو في الهند.

لكن سيد قطب قد يكون أسقط عن عمد التحول النظري الذي حدث لأبو الأعلي المودودي عندما ترشح في انتخابات على النمط الغربي في باكستان وفقا لمفهوم democratic governance ، لكن قد يكون مبرر سيد قطب في إسقاطه لهذا التحول عند أبو الأعلى المودودي هو أن المودودي نفسه لم يشير في أى مصدر مكتوب إلى أنه تحول عن رفضه لمبدأ democratic governance وأنه ترشح في انتخابات ديمقراطية على النسق الغربي وفقا لهذا المبدأ، خاصة أن توظيف أبو الأعلى المودودي للاستخدام الديني للشطر الذي أسس عليه رؤيته وهو شطر governance بدون أن يلحق به شطر democratic قد قد حاز على درجة كبيرة من" الصدقية" honesty في أوساط المسلمين الهنود الذين أصبحوا بعد ذلك مواطنين في دولة باكستان الجديد، وهي " الصدقية" honesty التي قد يكون أبو الأعلى المودودي قد خشي من أن يفقدها إذا تراجع عنها، خاصة وأن بعض المتشيعيين لفكرة أبو الأعلي المودودي من أنصاره السياسيين بالغوا في إظهار التأييد للمودودي من خلال وصف ما طرحه عن الحاكمية بأنها " عقيدة الحاكمية " وهذا هو أخطر ما في الموضوع

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
إعلام إسرائيلي: تل أبيب تدرس الاستئناف على قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو