علي غرار فليم أمير الظلام، الذي تناول شخصية الكفيف، التى جسدها الفنان عادل إمام، وأنه يرى بقلبه، كل ما يدور حوله بوضوح بدلا من بصره، نجد مثل هذه الشخصية الفريدة، داخل إحدى قرى مركز أبو قرقاص جنوب المنيا، يعقوب نادي البالغ من العمر 32 عاما، خرج إلى الدنيا في ظلام تام منذ والدته، ولم يعلم والده إلا بعد عامين من مولده، وبدأ الطريق نحو محاولة علاجه، باحثا عن أمل في عودة نظر نجله، لكن كانت الصدمة أكبر، بعد أن أكد جميع الأطباء، أنه لا فائدة في عودة بصره إليه، لتقتنع الأسرة في النهاية بقدر الله، في بقاء ابنهم كفيفًا.
ليكون لـ"يعقوب"، رأي آخر في تحدي فقدانه لبصره، بالعمل في المجال الزراعي بكل براعة، والتعامل مع أهالي القرية، ومشاركتهم في كافة أعمال الزراعة، ومحاربة هذا الظلام، ويفتح نور قلبه على الحياة، ويمارس حياته بشكل طبيعى، بداية السابعة صباحًا، في كل يوم يذهب إلى الحقل، ويقوم بأعمال اعتبرها الكثير خارقة، بسبب أنه كفيف.
العمل في الحقل
"أهل مصر" رصدت ما يفعله يعقوب، وعند دخولنا القرية، أكد الأهالي أن يعقوب في الحقل يساعد والدته، فذهبنا إليه، وتحدثنا معه، وكنا نتخيل أنه ذهب إلى الحقل، برفقة أحد من أهله، لكن كانت الحقيقة عكس ذلك، لنجده يركب حماره قادما إلينا مرحبا بنا، بعد المكالمة الهاتفية التى أجريناها لمعرفة مكان تواجده وسط الحقول الزراعية، لنجد الشاب الثلاثينى مجيدا لفنون الزراعة، وعمل جميع احتياجاتها، من رى وحرث وتربية المواشي، ومعرفة كافة الخطوات التى تحتاجها المحاصيل الزراعية.
وأكد أنه تعلم تشغيل ماكينة الرى دون الخوف منها، وفكها وعمل صيانة لأى ماكينة يحدث بها عطل لدى جيرانه، وتعلم حصاد البرسيم والقمح، ولم يكتفي بذلك، بل تعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل، وتزوج منذ 4 سنوات، وأنجب طفلين.
وعندما تحدثنا معه عن معاملة أهالي القرية، أكد أن المعاملة في القرى تختلف عن المدن، فتجد جميع أبناء القرية، يقدمون لي المساعدات في الأعمال التى لا أقدر عليها، خاصة ضبط ماكينة الري قبل التشغيل لري الأرض الزراعية.