مشهد من الصمت، خلت الشوارع من المواطنين وتجمع الكبير والصغير حول شاشات التلفاز في انتظار بيان الثالث من يوليو وسط حالة من الترقب الشديد الجميع يرفع كفيه بالدعاء مطالبين المولي بالستر، وعلي الجانب الآخر يظهر مشهد من نوع آخر ينتظر فيه الشباب بفارغ الصبر البيان يبحثون فيه عن الامل لنجاح ثورتهم، في حين ظهر البطل كما وصفه المصريين ليقضي علي نظام الجماعة الإرهابية من جذوره، ومن خلال بيان 3 يوليو ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي ليقضي علي آمال نظام حكم المرشد الذي استمر لمدة عام من الخسائر والدماء هنا وهناك.
فما بين المعجزة والحرية والثورة عاش المصريين في انتظار خطاب 3 يوليو، وتلخصت مشاهد ما قبل بيان 3 يوليو في عدة نقاط، فنجد في المشهد الأول جماهير غاضبة تصيح بصوت عالي لتزعزع كيان دولة المعزول وجماعته امتلئت الميادين بالهتافات التي تطالب المعزول بالرحيل وكانت النتيجة لتلك التظاهرات سقوط عدد من القتلى والمصابين بعدما تم إحراق مقر جماعة الإخوان بالمقطم وهو ما أسفر عن سقوط عشرة قتلى.
المشهد الثاني "تمرد" تجوب الشوارع والميادين تبث روح الامل في المتظاهرين وتحصد التوقيعات التي وصلت حد 22 مليون توقيع وعلي الجانب الاخر يظهر "المعزول" متجاهلا كل ما يحدث في الشارع ويتمسك بكلمة" الشرعية الشرعية " تلك الكلمة التي كان يتلوها في خطاباته لأكثر من مرة وكأنه يحاول أن يقنع نفسه بأنه رئيس فعلي للبلاد.
وفي مشهد آخر تظهر حركة "تجرد" التي تدعو الي دعم نظام الجماعة الإرهابية معلنة انها جمعت حوالي 26 مليون توقيع في مقارنة أمام حركة تمرد اليت أعلنت انها حصلت علي 22 مليون توقيع لعزل مرسي من كرسي الحكم.
بينما علي الجانب الآخر أعلن ما يسمى بـ "التحالف الوطني لدعم الشرعية" رفضه ما زعم أنه محاولات الانقضاض على الشرعية والانقلاب على الإرادة الشعبية، فيما أعلنت وزارة الداخلية مساندتها لمطالب الشعب المصري وتضامنها مع بيان القوات المسلحة.
المشهد الخامس كان في الأول من يوليو والذي أعلنت فيه القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا أعلنت فيه منح كافة القوى السياسية مهلة لا تتعدى 48 ساعة كما ذكر البيان نصا "إنه في حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها" لتجتاح شوارع الجمهورية شعارات "الجيش والشعب إيد واحدة" في الوقت ذاته الذي رد عليه الرئيس المعزول بخطاب يدافع فيه عن شرعيته مرددا "أنا الرئيس الشرعي".
وفي مشهد آخر يظهر أنصار الجماعة الإرهابية في تحدي مريب للمتظاهرين يدعون الي الخروج من أجل تظاهرات مؤيدة للمعزول وجماعته الإرهابية رافعين شعارات تدعو الي دعم الشرعية كما يدعون.
المشهد السادس ظهر فيه المعزول متحديا رغبة الشعب في خطاب وصف بأنه ممل وطويل دعا فيه الي مبادرة قدمتها اليه بعض الأحزاب تضمنت عدة نقاط منها: تشكيل حكومة كفاءات، وتشكيل لجنة لمراجعة الدستور، وأخرى للمصالحة الوطنية، واتخاذ إجراءات لتمكين الشباب في السلطة التنفيذية، ووضع ميثاق شرف إعلامي، معلنا أنه موافق عليها بجميع نصوصها، إلا أن بعض المراقبين اعتبروا خطابه بمثابة شرارة بدء لبعض مؤيديه بالتحرك المسلح في عدة مناطق كما ظهر في الكثير من مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب".
الي أن جاءت لحظة الحسم التي توقفت فيها مهلة القوات المسلحة للنظام الإرهابي وما بين الخوف علي المستقبل والخوف من المجهول ترقب المصريون البيان وانتظر الجميع في لحظات الصمت الحاسمة ما ستسفر عنه الساعات القليلة المقبلة، في اليوم نفسه، أعلن العقيد أحمد محمد على، المتحدث العسكري، أن قيادة القوات المسلحة تجتمع بقيادات سياسية ودينية وشبابية، موضحا أن هناك بيانا سيصدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة عقب انتهاء الاجتماع.
وعقب اجتماع دام لعدة ساعات وفي تمام الساعة التاسعة مساء 3 يوليو 2013 تلي الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة آنذاك البيان الذي قامت قنوات التليفزيون باذاعته عقب انتهاء اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة ومجموعة كبيرة من النخبة السياسية.
وفي مشهد البيان ساندت القوات المسلحة رأي الشعب المصري معلنة انتهاء حكم المعزول محمد مرسي وجماعته الإرهابية وأعلنت حزمة أخرى من الإجراءات، اتفق عليها جميع الحضور على رأسها تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، حتى يمكن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إضافة إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتشكيل لجنة من التيارات السياسية وخبراء الدستور لمراجعة دستور 2012 الذي عطل مؤقتًا، كما جاء في البيان أيضا دعوة المحكمة الدستورية العليا إلى سرعة إصدار قانون انتخابات مجلس النواب، لتنتهي بذلك أحلام الخلافة التي طالما انتظرتها الجماعة طوال الثمانون عاما الماضية.