ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، كلمةً نيابة عن الرئيس السيسى، أمام مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول "إيجبس 2019" فى دورته الثالثة، والذى يعقد تحت رعاية الرئيس، بحضور مسئولى المنظمات البترولية الدولية، والمهندس طارق الملا، وزير البترول، وعدد من الوزراء المصريين، ووزراء البترول فى عدد من الدول، ورؤساء عدد كبير من شركات البترول.
وفى مستهل كلمته، رحب الدكتور مصطفى مدبولى بالحضور ووصفهم بالشركاء فى التنمية وبناء مصر الجديدة، التى ترسى قواعد دولتها الحديثة على أساس علمى وعملى وبنهج اقتصادى واضح.
وقال رئيس الوزراء: "إنه لمن دواعى سرورى أن أتحدث إليكم، اليوم، فى افتتاح مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول "إيجيبس" فى دورته الثالثة والذى أصبح محفلاً مهماً يضم نخبة من الوزراء وكبار المسئولين المعنيين بشؤون الطاقة لبحث المتغيرات الإقليمية والدولية، التى تمثل تحدياً كبيراً تؤثر وتتأثر بها صناعة البترول والغاز، من خلال الحوار والنقاش بين خبراء هذه الصناعة الاستراتيجية وتبادل الرؤى والأفكار للتوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات وإعطاء دفعات للانطلاق بالأنشطة البترولية التى تشهد تطوراً مستمرا".
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: "شاء الله أن يهب لهذا الوطن العزيز مُعطيات مُميزة، وحضارة عريقة تمتد لآلاف السنين، وكانت تلك الهبات مقترنة بالعديد من التحديات، حيث يشهد تاريخ مصر على سجلٍ حافلٍ من قصص النضال والنصر كُتبت بدماء أبنائها التى روت أرضها الطاهرة، وبعزيمة شعبها الذى أصرّ على مواجهة كافة التحديات وقهرها، وأبداً لم تُضعف التحديات الصعبة عزيمتهم، واستطاع الشعب المصرى العظيم أن يجتاز دوماً معركة البناء والتنمية من أجل بناء وطنهم الحبيب".
وأشار إلى أن القيادة السياسية، متمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى، ارتأت أن مواجهة هذه التحديات باتت واجبة لا تحتمل تأخيراً أو تسويفاً، واضعاً نُصب عينيه مصلحة هذا الوطن وإعلاء شأنه، مضيفا: "أود أن أنتهز هذه الفرصة لأشكر سيادة الرئيس على قراراته الجريئة التى حتماً ستمثل فارقاً فى مستقبل هذا الوطن".
وأوضح رئيس الوزراء أن ملف الإصلاح الاقتصادى على أولويات أجندة الحكومة، وأن الدولة بمؤسساتها وخبرائها تمكنت من وضع استراتيجية ورؤية متكاملة فى هذا الشأن، وبدأت فى تنفيذ برنامجٍ للإصلاح وتحسين كفاءة مؤسسات الدولة يراعى الجوانب الاجتماعية ويحقق العدالة والتنمية المنشودة.
ونوّه بأن فلسفة مسار العمل الوطنى فى هذه الرؤية قائمة على أهداف عدة، هي: توفير فرص عمل لملايين الشباب المصرى لتقليل نسب البطالة واستيعاب حجم التدفق الهائل على سوق العمل، وتقديم مصر بصورة جديدة إلى العالم، كساحة عمل وبناء فى كافة المجالات، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة صلبة للبناء الصناعى من أجل تحويل مصر إلى مركز صناعى دولى متقدم من خلال توفير البنية الأساسية اللازمة لتحصين الدولة المصرية فى مواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر، وتعزيز عناصر القوة الشاملة للدولة.
وأضاف: "لم يشغلنا الحاضر وتحدياته عن العمل فى إطار رؤية بناء المستقبل وصياغته، بما يُمهد الطريق من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة، حيث عملنا على تحقيق متطلبات الغد من خلال تحليل وحل مشاكل اليوم، وكانت رؤية "مصر 2030" هى الرؤية الوطنية التى تشمل كافة مجالات العمل الوطني، وانطلقنا فى تنفيذها بعزمٍ وإصرارٍ، ليأتى الجيل التالى الذى سيحمل مسئولية البلاد ويستكمل خطواتها ومراحلها ويرفع بناء مصرنا الجديدة".
وذكر الدكتور مصطفى مدبولي، خلال كلمته، أنه وبعد أن قطعنا شوطاً كبيراً فى عملية الإصلاح، وتخطت مصر المراحل الأصعب، بدأت تجنى ثمار هذه المجهودات من خلال تحقيق مؤشرات اقتصادية جيدة، شهدت بها تقارير إيجابية صادرة عن المؤسسات الدولية، وهو ما يُدلل على أن الحكومة تسير على الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن احتياطى مصر من النقد الأجنبى ارتفع من حوالى 15 مليار دولار ليتخطى 42 مليار دولار حالياً، مُسجلاً أعلى مستوى حققته مصر فى تاريخها، كما ارتفع معدل النمو الاقتصادى من 2% منذ خمس سنوات ليصل إلى 5.5%، كما ارتفعت تدفقات النقد الأجنبى إلى مصر والتى وصلت إلى حوالى 163,5 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذى من شأنه تغيير واقع الحياة فى مصر ووضعها على طريق انطلاق اقتصادى سريع يحقق ما نتمناه لوطننا الغالي.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه لم يكن من الممكن تحقيق خطط التنمية المنشودة فى البرنامج الاقتصادى دون الارتكاز على المحرك الرئيسى للتنمية، وهو قطاع البترول باعتباره حجر الزاوية فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمصر، لما له من دورٍ حيوى فى الدفع بعجلة الإنتاج وإمداد المشروعات الاقتصادية والتنموية باحتياجاتها من الطاقة اللازمة لتشغيلها، مؤكداً على أن الحكومة المصرية أعطت الأولوية فى استراتيجية عملها لتهيئة المناخ الاستثمارى الجاذب وتحويل التحديات إلى فرص استثمارية، والالتزام بسداد مستحقات الشركاء الأجانب، بما ساهم فى زيادة جاذبية صناعة البترول والثروة المعدنية، لتشجيع تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف فى مختلف مناطق مصر البترولية البرية والبحرية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن تعزيز الموارد المصرية من الطاقة وفى مقدمتها البترول والغاز يُشكل أحد المحاور الرئيسية فى برنامج الحكومة وجهودها الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادى المنشود، لما لهما من دور حيوى فى دوران عجلة الإنتاج وإمداد المشروعات الاقتصادية والتنموية باحتياجاتها من الطاقة اللازمة لتشغيلها.
ولفت إلى أن قطاع البترول، خلال السنوات الماضية، حقق إنجازاتٍ غير مسبوقة فى عدة مجالات يأتى على رأسها إنهاء عصر استيراد الغاز والوفاء بالالتزامات التعاقدية للتصدير، وهو الأمر الذى تحقق نتيجة إنجاز مشروعات تنمية وإنتاج الغاز الطبيعي، وخاصة حقول الغاز الكبرى بالبحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج.
وأضاف فى هذا الصدد أن عام 2018 شهد الانتهاء من مراحل جديدة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعى من 4 حقول كبرى فى البحر المتوسط، ووضعها على خريطة الإنتاج، وذلك فى كل من حقول ظُهر وشمال الإسكندرية ونورس وآتول، والتى يبلغ إجمالى استثماراتها أكثر من 27 مليار دولار، وستصل معدلات الإنتاج القصوى منها مع اكتمال كافة المراحل إلى ما يقرب من 6,5 مليار قدم مكعب غاز يومياً.
وأكد أنه فى ظل تطلع الدولة لتنفيذ مشروعات قومية تحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومى وتدعم النمو الاقتصادى لجذب المزيد من الاستثمارات، انطلقت وزارة البترول والثروة المعدنية فى اتخاذ خطوات جدية تقود تحويل مصر إلى مركزٍ إقليمى لتداول وتجارة الطاقة؛ نظراً للمقومات المتميزة التى وهبنا الله إياها، كما بدأت بالتعاون مع الجهات ذات الصلة لإعداد كل ما يلزم من بنية تحتية وخطط تطوير شاملة تضمنت الموانئ وخطوط النقل ومعامل التكرير والصناعات الكيماوية، بالإضافة إلى الكوادر البشرية.
ونوّه رئيس الوزراء بأن الحكومة المصرية تعمل بالتوازى على مد جسور التعاون بين مصر بكافة مؤسساتها وأجهزتها، وبين دول العالم لتحقيق تنمية فعالة اقتصادياً واستثمارياً، فتشرف مصر برئاسة الاتحاد الإفريقى هذا العام، وبهذه المناسبة يحضر الرئيس عبد الفتاح السيسى اجتماعات القمة الإفريقية بأديس أبابا، وأود أن أنقل لكم تحياته وتمنياته بنجاح مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول "إيجبس" فى دورته الثالثة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن مصرستسعى لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك لآفاق أرحب، وتحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، وهو الأمر الذى من شأنه أن يرسخ الدور المصرى المحورى فى إفريقيا بما لديها من أدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة.
وقال رئيس الوزراء: "إن الحكومة على ثقة بأن هذا المؤتمر يمثل فرصة سانحة للتفاعل الإيجابى بين قطاع البترول المصرى والشركات العالمية والمستثمرين والخبراء فى مختلف أنشطة صناعة البترول والغاز؛ لتعظيم الاستفادة من فرص الاستثمار البترولى فى مصر، والعمل المشترك على مواجهة التحديات ونقل التكنولوجيات الجديدة".
وفى ختام كلمته أكد رئيس مجلس الوزراء أن مصر تعد أرض الفرص الواعدة التى ما زالت تحمل الكثير من الخير فى باطنها، وفى عقول شبابها وعمالها الأوفياء، متمنياً للحضورمؤتمراً ناجحاً مثمراً وإقامة طيبة فى مصر.