ما زال أهالي قرى محافظة بني سويف يتفقون فيما بينهم على «شبكة الفرح» التى تُحسب بالجرامات وليست بالمبالغ المالية، على الرغم من صعوبة المعيشة، وانتشار البطالة بين الشباب إلا أن مشروع شبكة الفرح من الخطوط الحمراء التى ترفض الأسر خاصة الريفية التفاوض عليها، وأصبح الصراع على من هى أغلى شبكة داخل القرية والعائلة، فالحد الأدنى لها 100 جرام وليس لها حد أقصى، فأحيانًا تصل لـ300 و500 جرام، حسب قدرة أسرة العريس.
ومن أهم هذه العادات والتقاليد، استمرار تمسك أهالي بعض القرى بإهداء العروس نصف ما يقدم العريس «شبكة» للعروس، فضلاً عن ما يسمى بـ«الواجبات الأسبوعية» والتي يشترط أن تتكون من خروف بلدى وأجولة كاملة من الدقيق والسكر والأرز.. إلخ، وتقدمه أسرة العروس للعريس وأسرته صباح كل خميس ولمدة 3 شهور عقب حفل الزفاف، على أن تنتهي الشهور الثلاث بمقابلة رجال عائلة العروس لابنتهن بتوجههم لمنزل الزوجين يحملون الواجب مضاعفًا يتقدم رأس ماشية «عجل أو بقرة» جاهزة للذبح .
وانتشار ظاهرة العنوسة، بسبب المغالاة فى الشبكة، دفع عدد من شباب المحافظة في تدشين مبادرة «بلاها شبكة» ولاقت المبادرة استجابة الأهالي بعدد من قرى المحافظة، بهدف تخفيف نفقات المقبلين على الزواج والحد من المشكلات التي تتسبب في تأخير سن الزواج، ومواجهة الظاهرة، خاصة مع الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب، وبدأت عائلات القرى في الاتفاق بينهم على تكاليف الزواج التى تجنبت شراء الذهب، واكتفت بـ«دبلة وخاتم» وتدوين ما يتم الاتفاق عليه بقائمة الزواج، بعد أن اقتنع كبار العائلات بالموافقة على المبادرة للتيسير على الشباب المقبلين على الزواج .
محمود موسى، موظف بالزرعة، أحد المستجيبين للمبادرة، أكد أنه منذ متابعته «بلاها شبكة» وبدأ في التفكير في كيفية توعية المواطنين بالفكرة عمليًا، قائلا: «حبيت أطبق الفكرة على نفسي أولا وقررت تنفيذها على ابني أحمد بالاتفاق مع والد عروسته، على إلغاء الشبكة والتسهيل في نفقات الزواج، وعقد قرانهم وسط سعادة أهالي القرية بالمبادرة وإشادتهم بموقفي الداعم لها»، مؤكدًا أن أهالي قريته اتفقوا على إلغاء شراء الذهب والاستغاضة عنه بخاتم فقط في الخطوبة، وإلغاء حفل الزواج ومشتملاته، فضلًا عن التشاور فى إلغاء «الواجبات والنيش والكعك والبسكويت والدي جي»، فضلاً عن الاتفاق على ألا يتعدي مبلغ مؤخر الصداق الـ15 ألف جنيه.
أما مينا عادل، بائع بمحل مجوهرات ذهبية، فيقول إن الاستجابة لتلك الحملات يعتبر محدود جدًا، رغم أن فكرتها جيدة جدًا، ولكن تنفيذها صعب للغاية في ظل تمسك الأهالي بالعادات والتقاليد، خاصة في ظل وجود أصحاب رأي وهم كبار السن ووالدة العروس التي تتحكم في هذا الأمر، قائلا: «إحنا بنتكلم كتير وعند الجد مبنعملش بالكلام ده»، مشيرًا إلى أن الأهالي لن تلتزم بتلك المبادرات، وهناك اختلاف بين بعض القرى والبعض الآخر، لافتًا إلى أن سكان المدينة لا يشترون الذهب بكميات كبيرة مثل القرى، فالمشكلة الكبرى تكون عند أهالي القرى.
من جانبه قال الشيخ بشير نادي، القيادي بمديرية الأوقاف ببني سويف، إن الشبكة دائمًا تقف حائلًا كبيرًا بين الشباب والإقدام على الزواج، مشيرًا إلى أن الأحاديث النبوية تؤكد أن الشبكة ليست شرطًا أساسيًا من شروط إتمام الزواج، لافتًا إلى أنه يتواصل مع الوزارة لتخصيص خطبة الجمعة عن هذا الموضوع، مطالبًا الأهالي بالتعاون فيما بينهم لتخفيض تكاليف الزواج للتيسير على الشباب ومواجهة ظاهرة العنوسة التى بدأت تستشري في المجتمع.