الناقد السينمائي محمود عبد الشكور: أؤيد تجسيد الصحابة والأنبياء في الدراما.. وفيلم "الضيف" به مشكلات في السيناريو والإخراج.. وأحمد الفيشاوي أفضل موهبة في آخر 10 سنوات (حوار)

ما أجمل أن تتحدث عن الفن والأدب، مع ناقد متخصص، واسع الاطلاع، فضلا عن الدقة والتواضع، لتضبط نفسك متلبسا فى الصمت، كى تستمع لما يقول فقط، لجمعه بين الموهبة والممارسة، فهو حكاء ماهر، فى لغة بسيطة رشيقة، يأخذك إلى عوالم عديدة من الثقافة، محمود عبد الشكور، ناقد سينمائى وأدبى مصرى من مواليد ديسمبر 1965، تخرج فى كلية الإعلام قسم الصحافة عام 1987، عضو نقابة الصحفيين، وعضو جمعية نقاد السينما، يشغل الآن منصب نائب رئيس تحرير مجلة «أكتوبر»، مؤلف للعديد من الكتب النقدية، التى تعد مرجعًا لكل باحث.. «أهل مصر» استضافته للحديث عن مؤلفاته، وآرائه النقدية عن الدراما المصرية، من خلال الحوار التالي..

ـــ بمناسبة معرض القاهرة الدولى للكتاب.. بماذا تقيم الدورة الحالية للمعرض؟

دورة المعرض هذا العام استثنائية بكل المقاييس، وأرى أن القائمين عليه، نجحوا فى الاحتفال باليوبيل الذهبى للمعرض، رأيت هناك زحام منظم، فضلا عن الظاهرة البديعة خلال هذا العام فى المعرض، هى التواجد الكثيف للأسر، مقر مشرف جدًا، كنا نحرج فى المكان السابق، لكننا فى هذه الدورة نشعر بفخر حقيقى واعتزاز، المكان الجديد أثبت جدارته بكل المقاييس.

ـــ مارأيك فى اختيار ثروت عكاشة وسهير القلماوى شخصيتين لمعرض الكتاب هذا العام؟

ثروت عكاشة هو الوزير المؤسس لمعرض القاهرة للكتاب، فضلا عن دوره فى إنقاذ آثار أبو سمبل، إنشاء أكاديمية الفنون، وسهير القلماوى أستاذة الأساتذة، السيدة العظيمة، صاحبة الدور الأبرز فى تأسيسه، ولكن ما أحزننى هو عدم إعطاء إسلام شلبى حقه بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى يوبيله الذهبى، لأن هذا الرجل كان عظيمًا جدًا، ويستحق إطلاق اسمه على الأقل على إحدى البنايات.

ـــ شاركت ضمن الفعاليات الفنية المختلفة مثل تكريم حسن الإمام وتحية كاريوكا؟

بالنسبة لحسن الإمام كتبت مقالا كبيرا فى مجلة المعرض هذا العام تكريما له، أما تحية كاريوكا فهى شخصية استثنائية، ولم تكن مجرد راقصة فقط، وكان السادات يعرفها معرفة شخصية.

ـــ حدثنا عن كتابك الأخير.. كيف تشاهد فيلمًا سينمائيًا؟

فى الحقيقة أن بدأت بمجموعة منشورات على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، وتلقيت اتصالا من صاحب دار النشر، يطلب منى تجميع تلك المنشورات فى كتاب، وفى الحقيقة لم أكن أنتوى ذلك، يحتوى الكتاب عن ما يقرب من مائة صورة، ولم أكن أتوقع على الإطلاق هذا النجاح الذى وصل إليه الكتاب.

والكتاب عبارة عن خلاصة ما جمعته فى مجال تذوق الأفلام، ويحتوى على ردود عن كل أسئلة هواة السينما وعشاقها، فضلا عن الشباب الذى يسعى لصناعة أفلام.

ـــ لو أردنا التطرق لفكرته الأساسية ماذا نقول؟

الفكرة الأساسية فى الكتاب، أن الفيلم ليس هو «الحدوتة»، ولكنه بناء سمعى وبصرى مركّب ينقل فكرة ما، من خلال الدراما، استخدمت أسهل أسلوب لشرح ذلك، وضربت أمثلة كثيرة من أفلام مصرية وعالمية، الكتاب ببساطة يصطحبك فى جولة لاكتشاف السينما، قصتها، وكيفية صناعة الأفلام، مكونات الفيلم، كيفية تفكيك عناصر العمل بالنسبة للمشاهد العادي، فضلا عن كيفية إعادة تركيبها، بالإضافة إلى معايير تقييم كل عنصر من العناصر.

أتحدث بالتفصيل خلال الكتاب عن معنى الدراما ومكوناتها، عن القصة والمعالجة والسيناريو والحوار، عن المخرج وتوظيفه لعناصر الفيلم، وعن طرق السرد المختلفة، وأتوقف بالتفصيل عند تكوين الصورة السينمائية، ودلالات هذه التكوينات، من خلال عدد كبير من الصور، وأتكلم أيضًا عن فن الممثل، وكيفية تقييم آدائه بشكل صحيح، بالإضافة إلى تقديم نماذج للطريقة التى يمكننا من خلالها قراءة الفيلم، ومعرفة الطريقة الصحيحة لتقييمه، سواء بتفكيك عنصر واحد وتحليله، أو بتجميع كل العناصر فى رؤية نقدية واحدة، وفى النهاية، أقدم اقتراحات للقارئ، ثلاثون عنوانًا لكتب سينمائية قديمة وحديثة، يمكن أن تكون نواة لمكتبة سينمائية جيدة، بحيث يكون القارىء فى نهاية الكتاب، قادرًا على تذوق فن السينما، وقراءة الأفلام بشكل أفضل، وأعمق، وأكثر إمتاعا.

ـــ بمناسبة الصورة.. ما رأى الفنان سعيد شيمى فى الكتاب؟

سعدت جدًا برأى الأستاذ الكبير سعيد شيمى، وأعتبر حديثه عن الكتاب شهادة أعتز بها بلا شك، ممتن جدا بكلامه عنى، وبالمناسبة نحن نتلقى الخبرة منهم، ودورنا نقلها للأجيال اللاحقة لنا.

ـــ وماذا عن علاقتك بالأستاذ محمد خان خاصة وأنك كتبت كتابًا كاملا عنه؟

الكتاب جاء بناءً على طلب من رئيسة مهرجان الإسكندرية 2016، حينما طلبت منى كتابته، تزامنًا مع تكريمه فى المهرجان، فأعدت مشاهدة أفلامه وبدأت فى الكتابة التى استغرقت ما يقرب من ستة أشهر، ولكن المحزن فى التجربة، هو وفاة محمد خان، قبل أن أفرغ من الكتابة، وأضفت بالفعل فصلا عن رحيله.

ـــ كيف استقبلت خبر وفاته؟

الصدمة كانت كبيرة جدا، مع إيماننا بحقيقة الموت الثابتة والراسخة، إلا أن خبر وفاته كان مؤلما جدًا، نظرًا لأنه لم يشكو من شىء، فضلا عن كونه مقبلا على الحياة دائمًا، رحل بجسده ولكن تبقى أعماله التى قدمها، خالدة فى وجدان كل مصري.

ـــ وبالنسبة لكتابك «وجوه لا تنسى»؟

هذا الكتاب صدر عن دار الشروق، ولم أكن أصدق أنه يصلح لكتاب فى الحقيقة، لأنه من نواة «فيسبوك»، وقد أهديت أصدقائى فى هذا الفضاء الإلكترونى الشاسع مقدمة الكتاب، كانت بدايته عبر صفحتى الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى، وأذكر أن أول شخصية كتبت عنها حينها، كانت الفنانة الجميلة نسرين، وبلا أدنى ترتيب، كنت أكتب كل يوم عن شخصية مختلفة، إلى أن وصلت إلى 175 شخصية تقريبًا، ووجدت حينها صدى وإقبالا غير عادى على المنشورات.

وطلب منى الكثير من الأصدقاء، تحويل تلك المنشورات إلى كتاب، واستجبت لهذا الرأى بدعم كبير من الأستاذة أميرة أبو المجد وقتها، وفى الحقيقة هى لم تغير شيئًا سوى ترتيب الشخصيات بالحروف الأبجدية، وخرج الكتاب للنور، قدمت من خلاله «بورتريهات»، لممثلين من الكبار والصغار، النجوم والكومبارس، كانت هناك معلومات عنهم بالطبع لكن ما أريد الإشارة إليه أن أساس الفكرة، هى ذكرياتى الشخصية.

ـــ من أين أتت فكرة كتاب «كنت صبيا فى السبعينيات»؟

بين وفاة عبد الناصر واغتيال السادات، شهدت مصر والعالم تحولات مهولة، انقلبت السياسة، وتبدل الاقتصاد، وتطورت التكنولوجيا، فتبدلت حياة الأسرة المصرية، وفى الحقيقة كان مقصودا بهذا الكتاب فى البداية، مشهدين أساسيين، مشهد وفاة عبد الناصر، واغتيال السادات، وبكل صدق عندما طلب منى كتابة هذا الكتاب لم يكن فى ذهنى سوى هذين المشهدين، وهذا أول درس مهم أنقله لكل من أعرفه، أكتب ثم أكتب، بمجرد ما أنا بدأت فى الكتابة، ضبطت نفسى محملا بذكريات رهيبة مخزنة، بدأت فى الخروج على الورق، مع البدء فى الكتابة، اكتشفت مدى تعلقى بوالدى وحبى الشديد له، أخذت الأفكار تنهمر دون توقف، وأصبحت أحتاج إلى إحجامها والتحكم فيها، بعد أن كنت أبحث عنها فى البداية، وخرج الكتاب إلى النور، والحمد لله لاقى استحسانا من الجميع.

ـــ فى كلمات موجزة.. حدثنا عن أهم محاور الكتاب؟

الكتاب يتناول فترة السبعينيات بكل زواياها، سواء فيما يختص بطريقة الملبس، التى كانت تتميز حينها بالشارلستون والفساتين القصيرة، ظهور التلفزيون الملون، أفلام الحقبة مثل خلى بالك من زوزو، مقتل سلوى حجازى، حرب أكتوبر، محمود الخطيب، حسن شحاتة، وفاة فريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الحليم، المغامرون الخمسة، جماعة التكفير والهجرة، مدرسة المشاغبين، ويمبلدون، كأس العالم، ماما نجوى وبقلظ، بروس لى والكاراتيه، برنامج العالم يغني، نجم والشيخ إمام، السادات فى الكنيست، انتفاضة يناير 1977، فوازير نيللى، معاهدة السلام.

ـــ نستطيع القول أنه كتاب تأريخى لحقبة مصرية؟

حرصت منذ البداية توضيح أن الكتاب يبتعد عن التأريخ الأكاديمى الجاف، ويجعل القارئ يعيش داخل أسرة، تكاد تكون نموذجًا لعديد من العائلات المصرية وقتها، ففى سرد حى، ذكرت هذه السنوات الثرية، من خلال تصوراتى أنا وحياتى أنا، طفولتى ومراهقتى بين القاهرة والصعيد، كيف عاشت العائلة المصرية، كيف كان التعليم فى المدارس، ماذا كان الناس يقرأون فى السبعينيات، وماذا كانوا يشاهدون فى التلفزيون والسينما والمسرح، حكايات شخصية تربط بين العام والخاص، تسرد قصة جيل كامل وعصر مثير ملىء بالحيوية والإبداع.

ـــ لماذا اتخذت هذا الموقف الهجومى لفيلم الضيف؟

الموقف الدرامى الأساسى فى فيلم الضيف، لا يحتمل مناظرات، ولا محاكمات، شاب يذهب للخطوبة، لا يعقل أن يتطرق لقضايا خلافية عن الإرهاب وخلافه، الفيلم مليىء بالمشكلات الخاصة بالسيناريو والإخراج وغيره.

ـــ أهو عيب السيناريست أم المخرج؟

عيب السيناريو، وطبعا الإخراج يتحمل المشاكل الخاصة بأداء الممثلين، وأظن أن أكبر مشكلة هى محاولة تقليد إبراهيم عيسى فى برامجه التى يقدمها فى التليفزيزن خلال أحداث الفيلم، وهذا خطأ ساذج جدًا، ولكنه فى النهاية اجتهاد مهم، يحارب الأفكار الظلامية الهدامة، وهناك رسالة يريد أن يوصلها إلى المتلقى، ولعلنا تابعنا تلك الأفكار الإرهابية وما فعلته من تدمير وخراب وحروب، وتشتت لشعوب كاملة.

ـــ ألم تخش غضب إبراهيم عيسى منك وهو من أصدقائك؟

إبراهيم عيسى من أصدقاء العمر، فنحن دفعة واحدة، ضمت إبراهيم عيسى، عبد الله كمال، معتز صلاح الدين، وغيرهم الكثير لكى لا أنسى أحدا، وبالمناسبة، رواية القتلة الأوائل أجمل ماكتب كعمل روائى، عمل بديع بكل المقاييس.

وأنا أعرف إبراهيم منذ عام 1983، وهو حاد الذكاء، وموهبة مصرية حقيقية، وقارئ نهم، وأشهد أنه مهموم بهذا البلد منذ صغره، وبالمناسبة لا يملى أحد عليه أيا كان كلاما معينا أو اتجاها أو رأيا محددا، وهو يعشق السينما من صغره، هو فنان بكل المقاييس رغم اختلافى معه فى كثير من الأمور، فضلا عن كونه يقود ولا يقاد، ولم ينضم لحزب فى يوم من الأيام.

ـــ هناك أفلام عالجت ظاهرة الإرهاب من قبل مثل الإرهاب والكباب.. ما الفرق بين التناول السابق والحالى؟

بكل تأكيد الإرهاب والكباب كان أعلى بكثير، فضلا عن معالجته العظيمة، لقضية السلطة، وأرى أن شخصية عبد العظيم عبد الحق فى الفيلم هى أهم شخصية فى الفيلم، لأنه ضمير الفيلم، والمعانى وصلت لجمهور عريض من الناس، فضلا عن النقاد، الذين أشادوا بالفيلم جدا.

ـــ وكيف ترى تجسيد الصحابة والأنبياء فى الدراما؟

بالطبع أؤيد تجسيدهم دراميا وبشدة، ولا أرى ما يمنع ذلك على الإطلاق، نحن نقول أن هذا تمثيل، الفكر الإسلامى أوسع وأرحب من ذلك المنظور تجسيدهم دراميا، ولا أجد غضاضة فى ذلك، لأن هدفها نبيل، وهو توصيل الفكرة بطريقة درامية، ورفضه فكرة طفولية عن الدراما.

ـــ أترى أن هناك نقادا فى مصر فى الوقت الحالى؟

مصر مليئة بالنقاد بكل تأكيد، كونهم يعيشون فى الظل، وأن الصحف لا تستكتبهم، فهذه مشكلات الصحف، وليست مشكلة النقاد، رأس مال الناقد موضوعيته واسمه، الناقد الذى يفقد موضوعيته بلا أدوات، الناقد ينظر إلى الفيلم بمنظور فنى بحت، بعيدا عن كل الحسابات الأخرى، مصر تمتلك المواهب فى كل المجالات.

ـــ أفضل فيلم من وجهة نظرك؟

فيلم كريم عبد العزيز الأخير «نادى الرجال السرى»، وأرى أن البطل الحقيقى فيه هو بيومى فؤاد وماجد الكدوانى.

ـــ أفضل ممثل؟

أحمد الفيشاوى، أفضل موهبة ظهرت خلال السنوات العشر الأخيرة، يليه محمد رمضان، الذى أدى دورًا عظيمًا فى فيلم الديزل.

ـــ أفضل مسلسل درامى؟

«ليالى أوجينى» فى العام الماضى.. و«أبو العروسة» مسلسل جيد وأعاد الأسرة إلى الدراما التليفزيونية من جديد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً